الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسا: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ولا ذهبا» .
سادسا: «من لبس الذهب من أمتي فمات وهو يلبسه حرم الله عليه ذهب الجنة» .
(آداب الزفاف ص 214)
تحريم خاتم الذهب ونحوه على النساء
واعلم أن النساء يشتركن مع الرجال في تحريم خاتم الذهب عليهن ومثله السوار والطوق من الذهب؛ لأحاديث خاصة وردت فيهن فيدخلن لذلك في بعض النصوص المطلقة التي لم تقيد بالرجال مثل الحديث الأول المتقدم آنفا وإليك الآن ما صح من الأحاديث المشار إليها:
= وقد ذهب إلى ما أفاده هذا الحديث أحمد وابن راهويه رحمهما الله فقال إسحاق بن منصور المروزي لأحمد: الخاتم من ذهب أو حديدي يكره؟ فقال: إي والله قال إسحاق كما قال كما في مسائل المروزي ص 224. وانظر تعليقنا على الحديث المتقدم ص 215.
وبه قال مالك كما رواه ابن وهب في الجامع غنه 101 وهو قول عمر رضي الله عنه كما في طبقات ابن سعد 4/ 114 وجامع بن وهب 100 ورواه عبد الرزاق والبيهقي في الشعب كما في الجامع الكبير 13/ 191/1.
ولا مخالفة أيضا بين الحديث وبين مارواه معيقيب رضي الله عنه قال:
«كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم حديدا ملويا عليه فضة قال: وربما كان في يدي فكان معيقيب على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم).
رواه أبو داود 2/ 198 والنسائي 2/ 290 بسند صحيح وله شواهد ثلاثة مرسلة في طبقات ابن سعد 1/ 2/163 - 164 أوردها الحافظ في الفتح 10/ 265 وشاهد رابع في الطبراني 1/ 206/2.
أقول: لا مخالفة بينها وبين الحديث لأنه يمكن الجمع بحمل المنع على ماكان صرفا كما قال الحافظ على أن القول مقدم على الفعل كما سبق فالأخذ به أولى من الأخذ بحديث معيقيب عند تعذر الجمع. والله أعلم.
وأما مارواه النسائي 2/ 290 من طريق داود بن منصور قال: ثنا ليث بن سعد عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبي البختري عن أبي سعيد الخدري قال:
أقبل رجل من البحرين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فلم يرد عليه وكان في يده خاتم من ذهب .. فقال صلى الله عليه وسلم: «إنه كان في يده جمرة من نار! .. ) قال فماذا أتختم: قال: «حلقة من حديد أو ورق أو صفر).
فهو حديث ضعيف [ثم فَصل الإمام الكلام على علته إلى ان قال]: هذا وفي الحديث أيضا جواز اتخاذ خاتم الفضة وإطلاقه يقتضي إباحته ولو كان أكثر من مثقال وأما حديث: «
…
ولا تتمه مثقالا) فضعيف كما بينته في الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة وقد نشر منها حتى الآن ألفا حديث في أربع مجلدات ولدي أضعافها.
الأول: «من أحب أن يحلق حبيبه (1) بحلقة من نار فليحلقه حلقة (2)
من ذهب ومن أحب أن يطوق حبيبه طوقا من نار فليطوقه طوقا من ذهب ومن أحب أن يسور حبيبه سوارا من نار فليطوقه طوقا وفي رواية: فليسوره سوارا من ذهب ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها [العبوا بها العبوا بها]».
الثاني: عن ثوبان رضي الله عنه قال:
جاءت بنت هبيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها فتخ [من ذهب][أي خواتيم كبار] فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب يدها [بعصية معه يقول لها: «أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار؟ ! »] فأتت فاطمة تشكو إليها قال ثوبان: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة وأنا معه وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب فقالت: هذا أهدى لي أبو حسن تعني زوجها عليا رضي الله عنه وفي يدها السلسلة - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا فاطمة! أيسرك أن يقول الناس: فاطمة بنت محمد في يدها سلسلة من نار؟ » [ثم عذمها (3)
عذما شديدا] فخرج ولم يقعد فعمدت فاطمة إلى السلسلة فباعتها
(1) فعيل بمعنى مفعول وهو يشمل الرجل والمرأة كما يقال: رجل قتيل وامرأة قتيل وهذا معلوم في اللغة وقد جاء في رواية: «حبيبته) بصيغة التأنيث في حديث أبي موسى الآتي الإشارة إليه قريبا إن شاء الله.
(2)
هو الخاتم لا فص له كذا في «النهاية» .
قلت: وقد توضع الحلقة في الأذن وتسمى حينئذ قرطا كما يأتي فالظاهر أن الحديث لا يشمله لكن رويت أحاديث تقتضي التحريم فيها ضعف فانظر ما يأتي.
هذا وقد يظن الناس أن الحديث وارد في الذكور دون الإناث والجواب من وجوه:
الأول: ماتقدم أن ما كان على وزن فعيل يدخل فيه النساء أيضا وقد أشار لهذا ابن حزم في المحلى 10/ 84 إلا أنه خص الحديث بالرجال لحديث حل الذهب للنساء ويرد عليه الوجهان الآخران الآتي ذكرهما وحديث الحل هو المخصص عندنا من الحديثين الآتيين فإنهما أخص منه ولو صح عند ابن حزم لما خالفنا وسيأتي بيان خطئه فيهما.
الثاني: أن فيه ذكر الطوق والسوار من الذهب والمعروف أن هذا من زينة النساء لا الرجال - في ذلك الزمان! - فيكون المراد بالحديث النساء أيضا والرجال من باب أولى.
الثالث: أن فيه إباحة المذكورات إذا كانت من الفضة وهذا ما لا يقول به الجمهور الذين يبيحون الذهب مطلقا للنساء لأنهم يحرمون استعمال الفضة على الرجال كتحريم الذهب عليهم فتعين أن المراد بالحديث النساء وثبت المراد.
وأما ادعاء نسخ الحديث فسيأتي الجواب عنه مفصلا إن شاء الله تعالى.
(3)
أي: لامها وعنفها والعذم: الأخذ باللسان واللوم كذا في «اللسان» . =
فاشترت بها نسمة فأعتقتها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار» .
الثالث: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد عائشة قلبين ملويين من ذهب فقال: «ألقيهما عنك واجعلي قلبين من فضة وصفريها بزعفران» .
الرابع: عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
جعلت شعائر (1) من ذهب في رقبتها فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنها فقلت: ألا تنظر إلى زينتها فقال: «عن زينتك أعرض» [قالت: فقطعتها فأقبل علي بوجهه]. قال: زعموا أنه قال: «ما ضر إحداكن لو
جعلت خرصا (2) من ورق ثم جعلته بزعفران» (3).
= واعلم أن ابن حزم 10/ 84 هذا الحديث من طريق النسائي فقط التي ليس فيها زيادة: (من ذهب) ولا قوله صلى الله عليه وسلم لبنت هبيرة: (أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار؟ ! ) ولذلك أجاب عن الحديث بقوله: (أما ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم يدي بنت هبيرة فليس فيه أنه عليه الصلاة والسلام إنما ضربها من أجل الخواتيم ولا فيه أيضا أن تلك الخواتيم كانت من ذهب).
قلت: وهذا كلام ساقط لا قيمة له فالحديث بالزيادتين المذكورتين نص قاطع على أن الضرب كان من أجل الخواتيم بدليل تعقبه صلى الله عليه وسلم الضرب بهذا التهديد الشديد: «أيسرك أن يجعل اله في يدك خواتيم من نار؟ ! ).
وأنا أقطع بأن ابن حزم رحمه الله لو وقف على هاتين الزيادتين لما تردد مطلقا في تحريم الخاتم على النساء ولجعله مستثنى من حديث حل الذهب لهن لأنه أخص منه كما هو مذهبه وهو الحق.
وهذه المسألة مثال من جملة الأمثلة الكثيرة على أهمية هذه الطريقة التي تفردنا بها في هذا العصر - فيما أعلم - من تتبع الزيادات من مختلف الروايات وجمع شملها وضمها إلى أصل الحديث مع تحري الثابت منها فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
و«القلبين» : السوارين. «ملويين» : مفتولين.
(1)
جمع «شعيرة» وهي ضرب من الحلي على شكل الشعيرة.
(2)
الخرص بالضم والكسر: الحلقة الصغيرة من الحلي. وهو من حلي الأذن. «نهاية» .
(3)
أي: صفرته بزعفران.
وفي هذا الحديث وما قبله دلالة واضحة على تحريم السوار والطوق والحلقة من الذهب على النساء وأنهن في هذه المذكورات كالرجال في التحريم وإنما يباح لهن ماسوى ذلك من الذهب المقطع كالأزرار والأمشاط ونحو ذلك من زينة النساء ولعل هذا هو المراد بحديث النسائي 2/ 585 وأحمد 4/ 92 و 95 و 99:
(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الذهب إلا مقطعا) وسنده صحيح وعليه فهو خاص بالنساء. وكلام ابن الأثير عليه يشعر بأنه عام للنساء والرجال فيجوز لهم جميعا عنده الذهب المقطع فإنه قال: =