الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه أمثلة طبعاً ليست مقصودة بالذات وإنما المقصود بها تقريب المسألة.
(الهدى والنور /209/ 22: 39: 00)
حكم تصرف المرأة بمالها بغير إذن زوجها
مداخلة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة أن تنتهك من مالها شيئاً إلا بإذن زوجها» ويقول في الحديث آمراً للنساء «تصدقن وأكثرن الاستغفار» وحديث المرأة التي أعطت النبي صلى الله عليه وسلم كوب اللبن، جمعاً بين هذه ..
الشيخ: أعطت المرأة ماذا؟
مداخلة: كوباً لبناً.
الشيخ: نعم.
مداخلة: يقول النووي رحمه الله بجواز تصدق المرأة من مالها الخاص جمعاً بين هذه النصوص، فما هو توجيه الحديث الأول مع الحديث الآخر؟
الشيخ: أولاً: أنا لا أستحضر الآن تقديم المرأة كوب الماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هو تَصَرّف من تصرفات النساء الكثيرات الثابتة في السنة، فلا يهمنا الآن الوقوف عنده.
ثانياً: كيف الجمع؟ السؤال مُوَجه للذي نقل هذا عن شرح مسلم للنووي، كيف الجمع بين تَصَرُّف النساء في أموالهم وتَصَدّقهن؟ .. كيف الجمع بين هذا وبين الحديث الأول؟ هل هذا جمع، أم هو ترجيح وتقديم لنص على نص آخر دون جمع، هل يعرف السائل الجواب؟
مداخلة: هو غير موجود.
الشيخ: نعم؟
مداخلة: غير موجود.
الشيخ: غير موجود، أقول: هذا ليس جمعاً بل فيه تعطيل لنص الحديث الأول الذي يفيد صراحةً أن المرأة لا يجوز لها أن تَتَصرف في مالها إلا بإذن زوجها، فإذا أردنا أن نجمع بين هذا الحديث والأحاديث الأخرى التي فيها أن النساء يتصدقن في مناسبة أو في أخرى بأموالهن بين يدي الرسول عليه السلام أو في غيبته، الجمع أن يقال من وجوه:
الوجه الأول: إذا كانت النصوص المشار إليها أو غيرها صريحة -وهي ليست كذلك- في تصرف المرأة في مالها بغير إذن زوجها فذلك قد يكون قبل مجيء النهي عن تصرف المرأة في مالها بغير إذن زوجها، ذلك لأن الأحكام الشرعية دائماً وأبداً إنما تأتي على التدرج، ولا تأتي فجأة هذا أمر معروف.
وشيء آخر أيضاً هو معروف أن الشرع أول ما بدأ بالوحي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنما بُدئ به بالأمور الهامة {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5] لم تكن في أول الإسلام الأحكام التفصيلية، حتى الخمر التي معلوم ضررها بالمشاهدة قبل مجيء الشرع بتحريمها .. ما بادر الشرع إلى تحريمها في أول الأمر، ما حُرّمت إلا بعد عشر سنوات وزيادة في المدينة، فماذا كان حكم الخمر قبل التحريم؟ كان على الأصل وهي الإباحة.
فإذا جاءنا حديث أن فلاناً شرب الخمر، نحن نؤول هذا النص: شربه في العهد الأول قبل التحريم، إذا جاءنا نص بأن فلاناً من الصحابة لبس الحرير في العهد الأول .. ، وهكذا، فحينما يأتي نص بتحريم شيء فمعنى ذلك أن هذا الشيء لم يكن محرماً أصالةً، بل كان مباحاً على الأصل، وهكذا نحن نقول هنا، فتصرف المرأة في مالها هو الأصل فحينما تأتي نصوص كثيرة بأن النساء تصدقن بين يدي الرسول، وما هناك مجال لأخذ الإذن من أزواجهن، فإذاً الخبر يفيد تصرف المرأة بغير إذن زوجها، نقول: كان الأمر كذلك، لكن هذا التصرف كان في العهد الأول، أي العهد الذي لم يكن قد جاء حديث النهي للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها، هذا الجواب رقم واحد.
الجواب رقم اثنين، وهذا خاص بالنسبة لحديث تَصَدُّق النساء بين يدي الرسول عليه السلام، هنا نقول شيئاً قد يكون جميلاً، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم بنص الحديث الصحيح.
فإذا الرسول أمرهن بأن يتصدقن، وكان هذا الأمر بعد نهي الرسول للنساء أن يتصدقن إلا بإذن أزواجهن فأمره مقدم على أمر الأزواج، وهذا جواب واضح جداً.
بقي جواب رقم ثلاثة، وهو يشمل جميع تصرفات النساء في أموالهن بحضرة نبيهن أو بغيبته عليه السلام؛ لأن ذلك يمكن أن يُحمل على محملين:
المحمل الأول: قائم على حسن الظن بالنساء، وهو أنهن كن قد أخذن الإذن من أزواجهن بأن يتصرفن في أموالهن في حدود معينة .. تصدقي مثلاً بدرهم، بدينار، بخمسة، بعشرة على حسب وضع المرأة غنىً، وسعةً، وفقراً .. ، ونحو ذلك؛ هذا إذا حملنا تصرف النساء على المحمل الحسن وهذا هو الواجب، يمكن وهنا نكتة أرجوا الانتباه لها بخاصة الذي أمامي؛ لأنه كنا في حديث معه سابقاً.
يمكن يكون هذا التصرف من باب الاجتهاد ممن لا يجوز له الاجتهاد هاه؟ فتقول: صحيح زوجي نهاني لكن أنا أرى أنه هنا في ضرورة وفي كذا .. ! إلى آخره، ما فيه مجال لأخذ إذن من زوجي إلى آخره، فكان اجتهاداً منها خطأً بطبيعة الحال؛ لأنه لا يجوز الاجتهاد في مورد النص، لا يجوز للمرأة أن تجتهد وقد نهى زوجها عن شيء و {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34] هذا هو الجواب عن هذا الحديث، وبذلك يظهر أن الجمع يكون هكذا، وليس بإبطال هذا الحديث بسبب الأحاديث الأخرى التي فيها تصرف النساء في أموالهن، وليس هناك نص صريح أنهن أخذن الإذن من أزواجهن.
(الهدى والنور /213/ 27: 42: 00)