الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم البيع المعروف بـ (ضع وتعجل)
مداخلة: شيخنا، بالنسبة للبيع المشهور عند الفقهاء بـ «ضع وتعجل» ؟
الشيخ: ضع وتعجل.
مداخلة: ما هي صورته، وما هو المحرم والجائز إن كان هناك جائزاً أو محرماً منه يعني: التفصيل فيه.
الشيخ: الصورة المباحة رجل مدين، وليس ميسوراً لوفاء ما عليه من الدين، غريمه يلاحقه، فهنا يرد هذا الذي سميته قاعدة وهو حديث
…
(الهدى والنور /140/ 09: 00: 00)
سداد الدين بسعر يوم الدين أم يوم السداد
؟
مداخلة: لقد حازت قضية نزول الدينار على اهتمام كثير من الناس وقليل جداً هم الذين اهتموا بهذه الناحية من ناحية شرعية.
الذي استدان من إنسان ما مبلغاً من المال، فهل يُسَدِّده بقيمته الأولى، أم بعدد الدينار في هذا اليوم؟
الشيخ: السؤال مفهوم لكنه خطأ؛ لأنك حينك تقول: يُسَدِّده بقيمته الأولى، مفهوم من هذا قيمته الشرائية، وأنت ما تعني هذا.
مداخلة: قيمته الأولى، بكم كان يساوي سابقاً.
الشيخ: أنت تعني العدد وليس القيمة.
مداخلة: لا، أنا أعني القيمة، يعني الدينار
…
الشيخ: إذاً: أنت مخطئ.
مداخلة: وجه الخطأ؟
الشيخ: القيمة معناها القيمة الشرائية؛ لأنه يطلع الجواب الآن، نعم يُسَدِّده حسب القيمة الشرائية يومئذٍ، وليس بنفس العدد يومئذٍ، هذا الجواب الذي تريده أنت.
مداخلة: سيدنا معليش، أريد شيئًا من التفصيل.
الشيخ: أنا استدنت منك ألف دينار قبل خمس سنوات، والآن أريد أن أُعطيك إياها، هل أُعطيك إياها ألف دينار وإلا خمسة آلاف دينار؟
هذا هو السؤال، بل هذا هو المثال.
أنا كنت من زمان أتكلم في هذه المسألة، قبل أن ينزل الدينار، أن هذه العملات الورقية ليس لها قيمة ذاتيه؛ ولذلك فلا يجوز المتاجرة بها، ولا يجوز التعامل بها صرفاً.
وهؤلاء الصَرّافين الذين كانوا ثم أغلقت محلاتهم، كان المفروض في رأيي أنا أن تُغْلق والدينار في قوته؛ لأن شراء العملات الورقية بالورق هذه في الحقيقة عملية ربوية؛ لأننا إذا تصورنا هذه الحقيقة وهي: أن هذه العملات الورقية ليس لها قيمة ذاتية، من حيث أنها ورق؛ لكن لها قيمة اعتبارية.
هذه القيمة الاعتبارية تكون في زمن لها قيمة عالية، وفي زمن تهبط هذه القيمة، كما هو واضح الآن في دينارنا وكما كان واضحاً في اللِّيرة السورية وفي الدينار العراقي.
فشراء عملة ورقية بعملة ورقية، ليس كما لو اشتريت ورقًا من قياس طويل بورق من قياس قصير؛ لأن هذه ليست من الأمور الربوية التي لا يجوز فيها التفاضل، وأنه يجب فيها التساوي مثلاً بمثل ويداً بيد، أعني الورق البياض.
أما هذه العملية الورقية فالتبادل فيها هو عين الربا؛ لأن قيمتها مربوط بالذهب.
فإذا لاحظنا أن الأمر هكذا، أي: العملة الورقية قيمتها ليست في ذاتها، وإنما باعتبار ارتباطها بالذهب، فلما أنت تشتري عشرة بأحد عشر، معناها مثلما اشتريت عشرة جنيهات ذهبية بإحدى عشر ذهبية، وهذا لا يجوز بنص الحديث.
وانكشف الأمر انكشافاً واضحاً، بسبب هبوط الدينار الأردني في الأيام القليلة هذه، وهنا تَحَرّك بعض الناس.
بينما المسألة كانت من قبل واضحة جداً، أن المتاجرة وتعاطي عملية الصرف بالعملات الورقية سواء كانت عربية أو كانت أجنبية، لا يجوز فيها.
فإذا كان السؤال كما جاء مع المثال السابق، فأنا أقول: إن من استدان قبل سنة أو أكثر ألف دينار أردني، والألف الآن من حيث القيمة الشرائية يساوي خمسمائة دينار مثلاً، فعلى المدين الذي استلف من الدائن ألف دينار أن يسلمها مضاعفة، وليس هذا من الربا في شيء، وإنما هو داخل في عموم قوله عليه السلام:«خيركم خيركم قضاءً، وأنا خيركم قضاءً» .
وواضح جداً أن الذي أقرض أخاه المسلم منذ سنة مثلاً ألف دينار قد أحسن إليه، فالمقرض إذا أراد أن يُوَفِّيه اليوم ألف دينار، وهي في القوة الشرائية تساوي خمسمائة أو نحو ذلك، ليس مهم الدقة هنا، أنه يسيء إليه.
والشرع أقام المعاملة على مثل قوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]، وقوله صلى الله عليه وسلم:«أحب للناس ما تحب لنفسك» .
وقوله: «لا يؤمن أحدكم، حتى يُحِب لأخيه ما يحب لنفسه» .
فهذا المدين الذي يصعب عليه الآن أن يدفع بدل الألف ألفين، ليقلب الوضع فكرياً ونظرياً، ليفترض أنه كان هو الدائن ودائنه كان اليوم مدينا، ماذا يفعل؟ يرضى بأن يقبل بدل الألف الألف عيناً، مع أن قوته الشرائية هبطت إلى النصف، بلا شك لا يرضى ذلك.
فهنا يأتي الحديث المذكور آنفاً: «لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» .
ومن هنا أُخِذ المثل العاميّ السائر المعروف: «حط إصبعتك بعينك» مثلما توجعك بتوجع غيرك.
فتعاونوا على هذا الأساس من الحب للخير، كما جاء في بعض روايات الحديث:«لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه، ما يحب لنفسه من الخير» .
هذا الأساس في التعامل هو الذي يجب أن تقوم علاقات بعضنا مع بعض.
فهذا هو جواب ما سألت بالضبط.
الشيخ: افترض الآن أن الدينار استمر بالنزول والنزول حتى تَعَطَّل، وأُلغي بالمرة، كما أصاب ألمانيا في زمانها في ماركها، فإذا كان رجل كان مديناً بمليون مارك، بعد ما تعطل المارك يقول له: خذ المليون. هذا شيء واضح، مكشوف أنه فيه ظلم للدائن، بدل الإحسان إليه، والإحسان في الوفاء يتطلب الزيادة في الوفاء وليس النقص، والحديث السابق قوله عليه الصلاة والسلام:«خيركم، خيركم قضاءً، وأنا خيركم قضاءً» .
قاله الرسول عليه السلام حينما وَفَّى الرجل بدل الجمل جملين.
هذا ليس من الربا في شيء، هذا من حسن المعاملة.
الربا: هو أن يشترط الدائن على المدين الزيادة، أما أن يُوفِّي المدين الدائن زيادة عما استدان منه، فهذا ليس من الربا في شيء، بل هو كما قال عليه السلام:«من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تستطيعوا أن تكافئوه، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كأفائتموه» .
الشاهد قوله عليه السلام: «ومن صنع إليكم معروفاً، فكافئوه» .
أنت استقرضت اليوم مائة دينار، ووفيته غداً مائة وخمسة، وما عليك ملامة إطلاقاً؛ بل أنت محسن وكريم. فما بالك من سنين استقرضت من هذا الرجل
الطيب ألف دينار، بدك توفيه الآن ديناراته بنفس العدد، مع أن القيمة الشرائية هبطت إلى النصف أو قريباً من ذلك، فأين الإحسان، وأين قوله عليه السلام في الأحاديث السابقة، وفي الحديث الأخير:«ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه» أي: مكافئة مادية.
ولذلك أنا أقول لكثير من الناس من إخواننا، حينما يحسنون إليَّ: جزاهم الله خيراً، إحساناً مادياً فأنا أُريد أن أُقابل إحسانهم بإحسان، ماذا يقولون: يا أخي يكفينا منك الدعاء، أقول لهم: أنا لست بالعاجز، «فإن لم تستطيعوا أن تكافئوه، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه» .
يعني: إذا عجزتم، ولم تستطيعوا مقابلة الإحسان بالإحسان، فعلى الأقل ادع لهذا المحسن، حتى يغلب على ظنك أنك قد كافأته، فهذا أمر غيبي.
معناها: ينبغي أن تظل دائماً وباستمرار تدعو لهذا الذي أحسن إليك.
لكن الخطوة الأساسية أن لا تلجأ إلى الدعاء؛ لأن هذا سلاح العاجز، أنا أقول، وإنما تُقابل الإحسان بالإحسان، فكيف أنت تريد أن تقابل المحسن بالسوء، أعطاك ألف دينار مفعولها اليوم خمسمائة دينار، تريد أن تعطيه ألف دينار، هذا هو الظلم بعينه.
والذين يقولون: لا، مثلما قبض بِدّه يدفع أو يُوَفِّي، هؤلاء بلا شك منطقهم منطق من ينتمي إلى مذهب أهل الظاهر، الذين لا ينظرون إلى معاني ومقاصد الألفاظ الشرعية، وبخاصة الأحاديث النبوية، ينظرون إلى اللفظ، أما ما وراء اللفظ من المقاصد ما ينظرون إلى ذلك.
فهؤلاء كما أقول أنا بالنسبة للذين يُفَرِّقون بين التصوير اليدوي فهو عندهم حرام، وبين التصوير وأُعبر بتعبير جديد وبين التصوير اليدوي الآخر؛ وهذا الأول حرام، والتصوير الثاني حلال، وبيقعدوا يفلسفوا لك إياها، بيقول لك: هذا ما صَوّر، أما مكابرة عجيبة جداً، لوما أخذ الجهاز أو الآلة المُصَوِّرة الكاميرا، لو ما
أخذها ووجهها نحو الهدف، كان بيصور الهدف ما بيصوره، لوما كبس هالكبسة هاي، ما كان تطلع الصورة.
كيف تأتوا وتفلسفوا الموضوع بشكليات لا ينظر إليها الإسلام، صحيح أن الذي بيعمل هكذا وهكذا، ويمكن يكون ليلاً نهاراً، حتى يتقن الصورة، هذا العمل غير ذاك العمل، هذاك ملخص مختصر جداً؛ ولاشك؛ لأنه تلك الآلة من يوم اخترعها المخترع الأول الجهود للعشرات والمئات من المبتكرين والمخترعين مُنْكَبَّة على هذا الجهاز، حتى وصلوها أنه لا بده تحميض الفيلم ولا بده شيء، في نفس اللحظة تطلع الصورة كما هي، هذه كله عمل يدوي، لكن لا، فرقنا بين العمل اليدوي الذي أخذ من شخص معين زمن طويل، وبين العمل اليدوي الذي أخذ من أشخاص زمناً طويلاً وطويلاً جداً، لكن جهزوا الجهاز لشخص واحد في لحظة واحدة.
يُفَرِّقون بين هذه الصورة، وبين هذه الصورة، هذه حرام وهذه حلال، هذه ظاهرية مقيتة، ظاهرية بغيضة، أشبه بظاهرية من يقول: أنه إذا بال في الإناء وفيه ماء، هذا نهى الشارع عنه؛ لأنه نص الحديث نهى عن البول في الماء الراكد، لكن إذا بال في إناء ثم أراق هذا البول من هذا البول إلى الإناء الذي فيه الماء، هذا جاز؛ لأنه ما صدق عليه أنه بال في الماء الراكد، هو بال في الإناء الفارغ، لكن النتيجة أنه أخذ هذا البول من الإناء الفارغ، وصَبَّه في الإناء الممتلئ ماءً، كل الدروب على الطاحون.
نجد من قال: أن الصورة الأولى هي المحرمة، نهى عن البول في الماء الراكد يعني مباشرة، أما إذا بال في الإناء الفارغ ثم أراق ما في الإناء الفارغ، في إناء الماء هذا يجوز، لِمَ؟ لأنه ما بال في الإناء الممتلئ ماءً، هذه ظاهرية مقيتة بغيضة جداً.
الآن في العصر الحاضر توجد مثل هذه الشكليات تماماً، ومنها الذي هو بحث الساعة، أعطاه ألف دينار من خمس سنين من أقل أكثر، بيوفيني إياها ألف دينار، يا