الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم أخذ الضرائب
السؤال: هل الضرائب حلال؟
الشيخ: الضرائب هي مكوس، وهي مما لا يجوز في الإسلام، وفرض الضرائب هو مثال صالح لفهم قاعدة المصالح المرسلة، ومتى تكون حادثة من الحوادث مصلحة مرسلة يجوز تبنِّيها ويجوز التمسك بها.
أحسن ما قرأت بهذه المناسبة كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو يؤكد عموم قوله عليه السلام:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» .
تعرض هنا لتفصيل لما قد يحدث بعد الرسول عليه الصلاة والسلام من حوادث، وأنه لا يمكن أن يقال عنها كلها بأنها بدعة ضلالة، وإنما لابد من التفصيل فيها.
هذا التفصيل تفصيل رائع جداً، يقول: ما أحدث فيما بعد الرسول عليه السلام ينظر إن كان الدافع على ذاك الإحداث، المقتضي عليه كان قائماً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم هو لم يَسُنّها للناس، فلا يجوز لنا نحن أن نتخذ ذلك الحادث وسيلة لتحقيق مصلحة شرعية؛ لأنها لو كانت مشروعة لسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما لا يخفى من القاعدة المعروفة بأن الشريعة كاملة لا حاجة إلى التذكير بها.
أما إن كان الحادث الذي حدث، وهو يحقق مصلحة مرسلة، إلا أن المقتضي لذلك لم يكن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، هنا يقول: ننظر: إن كان الدافع على إحداث هذه الحادثة التي تحقق مصلحة مرسلة، هو تقصير المسلمين في جانب من جوانب الشريعة في تطبيقها، فقاموا بهذا المحدث وجعلوه وسيلةً لتحقيق تلك الغاية التي جعل الشارع الحكيم لها وسائل مشروعة، فلما أهملها المسلمون لم تتحقق تلك المصلحة، فأوجدوا بديلاً عن تلك الوسائل المشروعة، فهنا نقول: هذه ضلالة لا يجوز التمسك بها، وتدخل في عموم الحديث السابق:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» .
أما إن كان الحادث حدث، والمقتضي لم يكن قائماً في عهده عليه السلام، ولم يكن تقصير المسلمين هو السبب في إحداث هذه الحادثة؛ لتحقيق مصلحة مرسلة، فهي التي يجوز الأخذ بها؛ لأنها تحقق مصلحةً شرعية، دون مخالفةٍ ما، لما سبق من النوعين:
النوع الأول: المقتضي كان قائماً في عهد الرسول، والرسول ما سنّ ذلك، فهذا خلاف، أو المقتضي وجد بعد الرسول عليه السلام، لكن السبب هو تقصير المسلمين.
أما النوع الثالث إذا لم يكن هذا ولا ذاك، وهو يُحَقِّق مصلحة مرسلة، فيجوز تبنِّي ذلك لتحقيق مصالح للمسلمين.
فإذا عرفنا هذا التفصيل، استطعنا أن نأخذ الجواب في حكم الضرائب في الإسلام.
لا شك أن هذه الضرائب التي تُفرض يقصد بها تحقيق مصالح للأمة، مع شيء من التسامح في التعبير؛ لأن كثيراً من هذه الضرائب تُصْرف فيما يضر الأمة، تصرف على الأقل فيما فيه إسراف وإضاعة المال ونحو ذلك.
فنقول: هذه الضرائب ما سنَّها أو قَنَّنها من فرضها على الشعوب المسلمة، إلا حينما أعرضوا عن التشريعات التي سنها الشارع الحكيم في الإسلام، والتي هي سبب لتكديس الأموال في خزينة الدولة المسلمة.
فلما أعرض الحكام عن هذه الوسائل المشروعة، خلت بيوت المال من المال، فماذا يفعلون؟
سنُّوا من عندهم تلك الضرائب، فهي مُكُوس وهي لا تجوز؛ ولذلك يُفَصَّل في خصوص الضرائب، يُفَصِّل «الإمام الشاطبي رحمه الله» في كتابه العظيم:«الاعتصام» يفصِّل الكلام تفصيلاً حسناً حول هذه الضرائب، فيقول: يجوز للوالي والحاكم المسلم أن يفرض ضرائب على الشعب المسلم، لحل مشلكةٍ طارئةٍ لا يفي