الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: على إطلاقها.
(رحلة النور: 04 ب/00: 17: 40)
حكم التأمين
مداخلة: [حكم التأمين]؟
الشيخ: أنا لا أشك بأن التأمين بكل صوره لا يجوز؛ لأنه نظم للمخاطرة والمقامرة، والمخاطرة والمقامرة هو الميسر بعينه الذي حرمه الله عز وجل في كتابه في الآية المعروفة:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] وتأيد ذلك ببعض الأحاديث الصحيحة منها قوله عليه الصلاة والسلام كما في مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: «إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والكوبة، والكوبة الطبل» .
ولا شك أن الميسر وإن شئت قلت المقامرة لها صور عديدة وبخاصة في العصر الحاضر حيث تعددت صوره وتنوعت أشكاله، وكما قيل:
تعددت الأسباب والموت واحد.
فكلها تلتقي فيما حرمه الله من الميسر، من ذلك ما يسمى اليوم باليانصيب، ومنه ما يسميه بعضهم: باليانصيب الخيري زعموا، فأسماء يغيرونها [للتغرير] بالناس البسطاء ولتضليلهم كما جاء في الحديث الصحيح:«ليكونن في أمتي أقوام يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها» ولذلك يقول أهل العلم: تغيير الأسماء لا يغير من حقائق المسميات، فالخمر خمر ما دامت أنها تسكر مهما تنوعت الأسماء التي يطلقونها عليها، ومن هذه الأسماء الخبيثة المشروبات الروحية.
إذا عرفنا القمار والميسر عدنا إلى ما يسمى اليوم بالتأمين على الحياة أو السيارة أو العقارات أو نحو ذلك، وكل ذلك مخاطرة ومقامرة لا تقوم على أسباب تتعاطاها شركات التأمين، وإنما هو اليانصيب، فمن المعلوم أن كثيراً من الذين يؤمنون على
سياراتهم وبعض عقاراتهم ومخازن بضاعاتهم ونحو ذلك يمضي على بعضهم السنين الطويلة وهو يدفع في كل سنة المبلغ المرسوم مقابل لا شيء سوى التأمين، كالمؤمن على سيارته مثلاً، وهذا وقع من بعضهم كثيراً مما علمنا مضى عليه نحو ثلاثين سنة وهو يدفع فلم يقع له حادث مطلقاً، فهذه المبالغ التي دفعها لم يدفعها مقابل شيء إطلاقاً سوى اسم التأمين، وعلى العكس من ذلك قد يتفق أحياناً أن بعض المؤمنين أول قسط يدفعه على سيارته الجديدة مثلاً فتصاب السيارة بحادث فتحطم فتقدم الشركة لهذا المؤمن سيارة أختها جديدة مقابل ماذا؟ القسط الأول الذي دفعه.
يا ترى! أولاً: من أين جاءت الشركة بهذا المال الذي اشترت لهذا المؤمن سيارة جديدة.
وثانياً: مقابل ماذا دفعت قيمة هذه السيارة الجديدة مقابل قسط واحد، قد يكون مبلغ مائة أو ألف أو أكثر أو أقل ليس هذا هو المهم.
ومن الواضح جداً أن ثمن هذه السيارة التي اشتُرِيَت للمُؤَمِّن هي من أموال المشتركين الآخرين الذين أمَّنوا على سياراتهم ولم يقع لهم حادث، هذه هي المقامرة وهذه المخاطرة والشركات كما تعرفون جيداً وبخاصة بعد ارتفاع الكمبيوتر هذا الحاسب الدقيق ليتمكنوا من الحسابات الدقيقة جداً بحيث أن كل إقليم مثلاً يعملون الحسابات كم حادث يمكن أن يقع، وكم قيمة هذه الحوادث بالتقريب، فهم يضعون من الضرائب على المشتركين بقدر ما يعوضون هذه الحوادث إن وقعت على أعلى تقدير ثم تبقى لهم بقية هي المكاسب التي يأخذونها مقابل حبر على ورق ولا شيء وراء ذلك.
قد يحسن بهذه المناسبة أن نذكر بأن من هذا النوع بعض الجوائز التي تقدم لبعض الذين يشترون حاجات معينة، فقط يبيعون في بعض العلب الكراتين بطاقة مكتوب عليها مكافئة وجائزة بكذا، وأبسط شيء القوارير الشراب البيبسي أو ما شابه ذلك الذي يخرج له ماركة معينة من الداخل له كذا وكذا، هذه المكافئات يمكن أن تكون من نوع المقامرة أيضاً ويمكن أن تكون من نوع جعالة، والفرق بين
هذا وذاك أن ننظر إلى هذه المكافئة هل خرجت من جيب الشركة الخاص بها أم أضيفت هذه الجوائز قيمتها على سعر تلك البضاعة فحينئذٍ هذه تكون مقامرة ومحرمة ولا شك؛ [لأنها لا تقوم] على تجارة، ولا على شيء إنما هو مجرد الحظ على حساب جيوب الشراة الآخرين الذين لم تخرج لهم هذه الجوائز، وبلا شك الشركة حينما تضع هذه الجوائز وعلى حساب الشارين وليس على حساب جيبها تعمل أيضاً حساب كم قيمة هذه المكافئات لنفترض ألف أو آلاف مؤلفة فهذا يقسم على ثمن البضاعة ويضاف عليها فيكون هذه إضافة على حساب الشارين وليس على حساب الشركة، وهنا يقال أيضاً كما قلنا من قبل:
تعددت الأسباب والموت واحد.
كل هذه الأسباب تؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل؛ ولذلك فأنا أعتقد أنه لا يجوز المشاركة في شركات التأمين ولا التعاون معها إلا ما اضطررتم إليه، فهناك نوع من التأمين على السيارة في بعض البلاد يرغم أصحابها على التأمين ما يسمى في بعض البلاد بالتأمين الجزئي، أما التأمين الكلي فيبقى على الاختيار، فمن اضطر إلى التأمين الجزئي فهي كالضرائب التي تفرض في بعض البلاد لا مناص للمخالفين أن يدفعوها وإلا تعطلت حياتهم لا يستطيعون مثلاً أن يبنوا كناً يأوون إليه؛ لأن هناك ضرائب مسقفات يسمونها .. وما أدري أشياء أخرى وأخرى، فما دام الإنسان ليس مخيراً لدفع نوع من هذه الضرائب فهذا هو مجبور على ذلك من قِبَل الدولة، فمن ذلك أيضاً يدفع التأمين الإجباري المتعلق بالسيارة، أما أن يشترك الإنسان باختياره فهذا لا يجوز لما تبين من الكلام السابق أنه قمار وميسر ولا يجوز ذلك لتحليل ذلك، ولا ينبغي أن نغتر بتسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقة.
هذا ما لدينا حول هذا السؤال.
(رحلة النور: 05 ب 00: 18: 11)