الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: نعم.
الشيخ: ليس هناك مانع.
(الهدى والنور / 593/ 38: 45: 00)
التكسب من وراء ريع الكتب
مداخلة: شيخ هناك سؤال فرعي، لكن وردت فيه الإجابات عرضاً أو جزء من إجابته، ولكن أحببت أن أسمعه مباشرة، وهو التكسب بالكتب، أو ليس أقول التكسب، يعني: ما حكم ريع الكتب يقرأها الإنسان ويؤلفها، هو ألفها قصده ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، وهذه القضية التي نسأل عنها أما غيرها فهذا شيء آخر.
الشيخ: نعم.
مداخلة: فهو إذا كان ألَّف كتاباً أو رسالة يبتغي بذلك وجه الله جل وعلا .. ؟
الشيخ: هو المسألة حقيقةً فيها دِقَّة متناهية؛ لأنه من المعلوم عند جميع العلماء، بل وطلاب العلم، أن الله عز وجل لا يقبل من العمل الصالح إلا ما كان خالصاً لوجهه.
ومعلوم ما جاء في الكتاب والسنة مما يدور حول هذه المسألة الهامَّة، من ذلك مثلاً قوله تبارك وتعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5].
ولا شك ولا ريب أن طلب العلم هو كما جاء في بعض الأحاديث مؤكّداً لكونه من العبادات ومن العبادات التي تفوق في فضلها كثيراً من أنواع العبادات المَحْضَة، حيث قال عليه الصلاة والسلام:«فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع» .
فإذاً: فالعلم لا يستفيد منه طالبه ولا ناشره، إلا إذا كان يبتغي من وراء ذلك وجه الله عز وجل.
وعلى ذلك فلا يجوز للمسلم أن يتقصد في تعليمه العلم الشرعي للناس كسباً مادياً، ومن أجل ذلك نجد في تراجم بعض حُفَّاظ الحديث، فضلاً عن بعض رواة الحديث، أنهم كانوا يُعَيِّرونهم بأنه كان يأخذ على تحديثه أجراً، ويقولون عن بعضهم إنه كان لا يقبل بالتحديث إلا مقابل حديث بدرهم أو درهمين.
يذكرون هذا في تراجم بعض المتقدمين وأنه حافظ وثقة وضابط وما شابه ذلك، لكن عيبه أنه كان لا يُحَدّث إلا مقابل أجر، ثم نجد بعض الحفاظ المتأخرين يدافعون عنه بـ «لعله كان فقيراً» كان محتاجاً .. إلى آخره.
فالذي لا شك ولا ريب فيه، أنه لا يجوز للمسلم أن يقصد بطلبه العلم ونشره للعلم شيئاً من حطام الدنيا.
لكن هنا وهنا الدقة، كتب الحديث التي الآن بدأ نشرها بطريقة التصوير بهذه الآلات العجيبة، هي نُسخت، ولا شك أن الذين كانوا ينسخون هذه الكتب أكثرهم كانوا ينسخونها بأجر يتفق صاحب الكتاب مع الناسخ.
ولذلك نجد بعض الكتب المخطوطة أو المُصَوَّرة من الخطوط المتعددة الأنواع والأشكال، السبب: أن الذي طلب النسخ وجد ناسخاً، واتفق معه على شيء، ثم لسبب أو آخر انتهى هذا الناسخ من النسخ، فتجد الخط اختلف فيما بعد، وهكذا ربما تجد في كتاب واحد وليس بالكتاب الكبير نحو ثلاثة أو أربعة خطوط، من ذلك مثلاً الكتاب الذي أظن وبهذه المناسبة هل علمتم بأن كتاب «الأنساب» لدمج (1) هذا، تم طبعه؟
مداخلة: تم.
الشيخ: تم نهائياً.
مداخلة: تم نهائي.
(1) يشير الشيخ إلى السيد أمين دمج الذي قام على نشر كتاب الأنساب كاملاً الجزء الذي حققه العلامة المعلمي وباقي الأجزاء التي حققها ثلة من الأساتذة. [قيده جامعه].
الشيخ: كتاب «الأنساب للسمعاني» كان منذ سنين بدأ أحد الناشرين اللبنانيين الصوفيين وهو المعروف بدمج، هذا الكتاب أصله مصور في أوروبا، وعندي أنا صورة منه، تجد عديداً من الخطوط، وهو عبارة عن ثلاث مجلدات أجزاء ما هي بالكبيرة هكذا.
فالشاهد: الآن نسخ الكتاب، هذا هو غير العلم، فأخذ الأجر مقابل هذا النسخ ليس كأخذ الأجر مقابل التحديث بحديث مقابل درهم أو ما شابه ذلك.
فمادام دخل هنا عامل جديد وهو النسخ، ويلحق به الآن الطبع، ويلحق به الأصل وهو التأليف.
لكن هنا يقال: «إنما الأعمال بالنيات» ، كما في الحديث المستفيض، هذا الذي ألف كتاباً من كتب العلم الشرعي، ولو كان تفسيراً أو حديثاً أو فقهاً، لابد من النظر على الباعث الأساسي الذي حمله ودفعه على هذا التأليف، إن كان يبتغي من وراء ذلك وجه الله تبارك وتعالى والأجر في الآخرة فهو ونيته، ولا يخدج في نيته حينذاك أن يأخذ مقابل نسخه وتأليفه أجراً.
لا فرق عندي إذاً: بين هذا المؤلف وبين ذاك الناسخ وهذا الطابع، علماً أن سلفنا الصالح رضي الله عنهم اختلفوا في أخذ الأُجْرَة بالنسبة لمن ينسخ المصحف، هل يجوز له أم لا؟
قولان: منهم من كره ذلك، ومنهم من أجاز ذلك، وفي هؤلاء من قال: إنه من أفضل الأعمال، وأنا أرى هذا الرأي الأخير؛ لأنه يُساعد على نشر كتاب الله تعالى، فهذا الذي يبدو لي بالنسبة لسؤالك وبارك الله فيك.
مداخلة: بارك الله فيكم وفي علمكم.
الشيخ: نعم.
(الهدى والنور / 599/ 11: 30: 00)