الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم بطاقات الإئتمان
مداخلة: .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فضيلة الشيخ حفظك الله! يقول السائل: ما حكم استخدام بطاقات الائتمان والتي تصدر من قبل المؤسسات المالية مقابل دفع أجور سنويًا ثابتة على البطاقة حوالي مائة وعشرين دولار سنويًا، وهذه البطاقة تخول حاملها لشراء حاجياته دون دفع مبلغ، ثم بعد ذلك ترسل له الفواتير كما هي عادة قيمة الشراء الفعلية، فما حكم التعامل بمثل هذه البطاقات؟ أرجو التوضيح وجزاك خيرًا.
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد:
فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه الكريم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله آكل الربا
وموكله وكاتبه وشاهديه» فكثير من الأحكام الشرعية منوطة ومربوطة بهذا المبدأ الذي أسسه ربنا عز وجل في الآية السابقة، وفَصَّلَ شيئًا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ذكرته آنفًا، وهناك أحاديث أخرى تدندن حول هذا البيان لهذه الآية الكريمة كحديث لعنه صلى الله عليه وسلم في الخمرة عشرة، وعدهم عليه الصلاة والسلام فذكر في أول قائمة: شاربها وذكرا ساقيها ومستقيها، وحاملها والمحمولة إليه وغير ذلك ممن كلهم يجتمعون على التعاون على المنكر.
وإذا عرفتم وتذكرتم هذه الحقيقة من تلك الآية الكريمة ومن الأحاديث النبوية حينذاك تعلمون أن القاعدة أنه لا يجوز التعاون على المنكر وإنما على البر والتقوى، وإذ الأمر هكذا فالبطاقة التي ذكرتموها آنفًا لها حالتان اثنتان:
إما أن تكون من باب التعاون على الخير وتيسير أعمال الناس وقضاء مصالحهم دون رضا مما يسمونه اليوم: فائدة أي: دون فائدة مادية وهي الربا بعينها، إما أن تكون هذه البطاقات لا يقابلها شيء من الربا فحينذاك لا نرى فيها شيء منكرًا، وإنما هي تكون على الأصل والأصل في المعاملات الإباحة كما كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يقول كلمتين هامتين جدًا: الأصل في التعبديات المنع، والأصل في العاديات الإباحة .. الأصل في العبادات المنع إلا بدليل، فمن أراد أن يتعبد الله فلا بد له من دليل، فعلى العكس من ذلك فالأصل في العادات الإباحة إلا بدليل، وهذا التعامل بهذه البطاقة لا يخفى على أحد أنها ليست من العبادات وإنما هي من المعاملات، وعلى ذلك فإن لم يوجد في الشرع ما يمنع من التعامل بها فهي مباحة وإلا نظر إلى ما قد يكون فيها من مخالفة للشرع.
وقد أتيح لي أن أتباحث مع بعض الإخوان الذين ابتلوا أو اقتضتهم أسفارهم وتجاراتهم أن يتعاملوا بهذه البطاقة وأن يشتروا بها حوائج تبلغ أثمانها الألوف المؤلفة إن لم نقل الملايين المملينة، ففهمت منه بأن الأسعار التي تباع بهذه البطاقة ليست هي الأسعار التي يدفعها كل شار، وإنما يضاف عليها نسبة معينة هي التي يحصلها البنك مصدر هذه البطاقة .. يحصلها مقابل تيسيره لمثل هذه المعاملات، فإن كانت