الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الرشوة لإخراج حق مغتصب
السؤال: هل تجوز الرشوة لإخراج حق مغتصب أو لا يعطى الحق؟
الشيخ: الحقيقة هذه مسألة لها صور، فيجب أن تُحَدّد السؤال، لأنني أعتقد أنه لا يجوز في أكثر الأحيان، ما هو المال المغتصب مثلاً في كلامك، صورة؟
السائل: يعني: الصورة رجل عنده حق في دائرة فما يعطيه الموظف، إلا إذا أُعطيه فلوسًا؟
الشيخ: ما وضحت لي المسألة، يعني: هذا الموظف له مال في الدولة؟
السائل: لا، أنا عندي حق في دائرة في الدولة.
الشيخ: لك مال أم ماذا؟
مداخلة: في الجمارك ما تطلع البضاعة إلا تعطيه رشوة حتى يخرجها، إذا ما أعطيته رشوة ستتأخر البضاعة، ويمكن هذه تضرك، يعني: كلما تتأخر ستتضرر.
الشيخ: هذا مثال؟ طيب، إذا كان المقصود من هذا المثال أن البضاعة لا تخرج من الجمارك إلا برشوة تدخل لجيب الموظف، فهذا يجوز.
أما إن كان المقصود لا تخرج إلا بدفع الضريبة التي فرضتها الدولة، فلا يجوز إعطاء الرشوة للخلاص من الضريبة، واضح الصورتان؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: يعني: لا نستطيع نحن الآن وبخاصة بالنسبة لهذه القوانين القائمة في هذا الزمان، لا نستطيع نحن أن نُطوِّر القوانين الوضعية دفعة واحدة، وكل واحد منا حسب رأيه واجتهاده، هذا لا يمكن أبداً؛ لأن قسماً من هذه القوانين لا يمكن لعالمٍ فقيه إلا أن يعترف بصلاحها للأمة، قسماً منها، وفي الوقت نفسه لابد أن يعترف أن هناك ضرائب لا ينبغي أن تشرع، ولكن من الذي يستطيع أن يُمَيّز هذه من هذه، عامة الناس؟ عامة المكلفين؟ لا.
إذاً: فيما يتعلق مثلاً بالجمارك والضرائب التي تضرب، إذا كان هناك نظام عام مفروض على كل الناس الذين يدخلون ببضاعة ما، أن يُفْرض على هؤلاء الناس ضريبة عامة من قِبَل الدولة، فهنا لا يجوز أن يدفع المسلم لأحد الموظفين من أجل أن يخالف النظام الذي تبنته الدولة؛ لكي هو يرتاح من هذه الضريبة، لأن هنا سيترتب منها أمران اثنان: الأمر الأول: ما أشرت إليه آنفاً، أنه يا أخي أنت ما أدراك أن هذه الضريبة ظلم، يمكن يكون عدل، فما يجوز أن نفتح الباب لكل فرد من أفراد المسلمين، أن يتحكموا بالقوانين حسب آرائهم إن لم نقل حسب أهوائهم.
الشيء الثاني: أنك بدفعك الرشوة لهذا الموظف عَوَّدته على أن يخون وظيفته، ثم الوظيفة هذه تارة لا يكون فيها ظلم إجماعاً.
أنا أضرب لكم مثلاً سهلاً سمحاً، مثلاً: رجل يُريد أن يُقَدِّم طلباً في أمر ما، ووجد أمامه عشرات الأشخاص، فهو يرشي الموظف ليُقَدِّمه على الآخرين، هذه رشوة مفروع من أنها محرمة، وأن تَجَاوُزَه هو نظام الترتيب الذي يأمر به الإسلام يعني كما يقال في حديث معناه صحيح ومبناه غير صحيح:«من سبق إلى مباح فهو له» فأنت تُصَوّر أنك كنت الأول لتُقَدّم طلبك، فجاء العاشر وبطريقة ملتوية مخالفة لنظام الشرع صار هو الأول، أيرضيك ذلك؟ طبعاً، لا، والرسول عليه السلام يقول:«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» فإعطاء هذا المسلم الرشوة لذاك الموظف لكي يقدم معاملته على معاملة السابقين له، هذه رشوة محرمة بلا شك، لا يجوز للراشي أن يُقَدّمها للمرتشي، كما أنه لا يجوز للمرتشي أن يأخذها.
ففتح باب الرشوة بمخالفة القانون القائم، والماشي على الناس جميعاً فيه مفسدة أخرى وهي تعويد الموظفين على قبض الرشوة، وهنا نقع في مخالفة قوله تبارك وتعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] على هذا النظام يمكن أن تأخذ جواب سؤالك السابق.
(الهدى والنور/472/ 22: 52: 00)