الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزيادة مقابل الأجل (التقسيط)
السائل: بالنسبة للبنوك، طبعا الآن في بنك التمويل وفي البنك الإسلامي، طبعاً في ناس بيفتوا بالنسبة لموضوع بيع الأجل وخاصة عندنا في الكويت، خاصة في بنك التمويل، ويحتجوا أن لابن تيمية رحمه الله شيخ الإسلام قول بهذه المسألة، بالنسبة للقرض للفرس يعني أنت مثلاً إذا كان عندك فرس يجوز لك أن تبيعه بمائة دينار وبمائة وسبعون بالأجل، فهذا القول هل هو صحيح بالنسبة لقول شيخ الإسلام هل قال ذلك شيخ الإسلام يعني؟
الشيخ: شيخ الإسلام يقول بجواز هذا، لكن ذِكْرك الفرس ما هو المقصود بذاته، لكن كمثل يعني.
المسألة أولا: يجب أن تعلموا جيدا أن المسألة خلافية من عهد التابعين، أي أخذ الزيادة مُقابل الأجل، مسألة فيها خلاف منذ القديم، منهم من يجيزه ومنهم من يمنعه، ونحن مع هؤلاء المانعين؛ وذلك لسببين اثنين: السبب الأول: -وهو الأصل في الموضوع- أن هناك أحاديث تنهى عن بيعتين في بيعة، وتنهى عن عن بيعٍ وسلف، وحديث آخر أوضح من كل ما جاء في هذا الباب، وهو قوله عليه السلام:«من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا» الأحاديث الأولى «نهى عن بيعتين في بيعة» جاء تفسيره من أحد رواة الحديث وهو سماك بن حرب، قيل له: ما بيعتين في بيعة؟ قال: أن تقول أبيعك هذا بكذا نقداً وبكذا وكذا نسيئة، بيعتين في بيعة، أن تقول أبيعك هذا بكذا نقد وبكذا وكذا أي زيادة نسيئة.
وقد صح أن الرسول عليه السلام نهى عن أن تُباع حاجة واحدة بسعرين مختلفين.
الاختلاف جاء بسبب الدَّين النسيئة، ثم اختلف العلماء ما هو علة هذا النهي، الذين يذهبون إلى جواز بيع التقسيط يقولون النهي هو لجهالة الثمن؛ لأن البائع عرض ثمنين ثمن النقد وثمن الأجل، فالنهي هو بسبب جهالة الثمن.
وهذا التأويل مردود بدليلين اثنين، الدليل الأول: -وهو الأهم- أنه مُعارض للتعليل المنصوص في الحديث الأخير «من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا» .
فإذاً: العلة الشرعية هي علةٌ ربوية، وليست علة جهالة الثمن. هذا هو السبب الأول.
السبب الثاني: أن الواقِعَ يشهد بأن هذا التعليل باطل؛ لأن الشاري والبائع حين ينفصل أحدُهما عن الآخر، خاصةً في هذا الزمن الذي نُظِّم بيع الأجل بما يسمى اليوم بالكمبيالات، فلا ينفصل أحدهما عن الآخر إلا وقد تحدد أحد الثمنين، فأين الجهالة التي يَدَّعونها؟ ! مافي جهالة في الموضوع أبدًا.
ولذلك بنوا على هذا التعليل المنقوض من الناحيتين الشرعية والنظرية الواقعية، بنوا على ذلك صورة شكلية، يعني ممقوتة جدا؛ لأنها تشبه حِيَل اليهود، يقولون للشاري: أنت لما بدك تشتري بالتقسيط، لا تروح عند التاجر مثلا بَيَّاع السيارات، قل له قد أيش السيارة نقدا وقد أيش التقسيط، لأنه هيك تقع في مخالفة الحديث في الظاهر، لكن قل له قد أيش هذا السيارة بالتقسيط، هنا ما في ثمنين هيك زعموا ما في ثمنين.
طيب، لو أنه واحد وجد هذا السعر غاليا، فبيقول وقد إيش أنت بتبيع بالنقد؟ هذا لف ودوران، خاصةً إذا تذكرنا قول الرسول عليه السلام «فله أوكسهما» أي: أنقصهما ثمنا أو الربا يعني الزيادة، هذا شيء.
شيء ثاني في الموضوع -وهو قوي جدًا- فيما إذا تَجَرَّد الإنسان عن العادات والفتاوى التي تصدر عن بعض أهل العلم، شو الفرق بين إنسان يأتي عند الغني غنيٌ ما وما نقول البنك لأنه سيفهم البنك يعني بصورة أتوماتيكية، فيأتي رجل ما عنده ثمن السيارة عند الغني، بيقول له: أنا أُريد أشتري سيارة، وأنا بحاجة إليها، وثمنها مثلا أربعة آلاف دينار فأقرضني إياها وأنا باعطيك مثلا مكافأة مائة دينار، لا، هذا ربا هذا حرام هذا ما يجوز، بس أنا مضطر الله يرضى عليك، بيقول: أنت
روح اشتري السيارة اللي بدَّك إياها وأنا بادفع لك ثمنها، بس تدفع لي بدل أربع آلاف أربعة آلاف وخمسمائة هذا جاز.
طيب، ما الفرق بين الصورة الأولى والصورة الأخرى، لف ودوران، يعني: حَطّ البيع وسيلة لأكل الربا مباشرة، قال له: ما بيجوز هذا تأخذ مني أربعة آلاف تعطيني إياهم أربعة آلاف ومية هذا ربا، لكن روح اشتري السيارة وأنا بادفع لك ثمنها وبتعطيني أربعة آلاف وخمسمائة.
نفس القضية، غير أنها اختلفت في الشكلية، ونحن نعلم من قواعد الشريعة: أن الشارع الحكيم ما بينظر إلى الشكل، ينظر إلى المضمون كما يقولون اليوم، يعني الغاية والأمور بمقاصدها، هذه عبارة أصولية.
الرسول صلى الله عليه وسلم أُوْحِيَ إليه القران الكريم، قصة اليهود تحريم الشارع الحكيم عليهم الصيد يوم السبت، وكيف عَوَّضوا ما فاتهم من الصيد ليس بالصيد، وإنما بسد أبواب الخلجان، هذا احتيال لف ودوران، صحيح ما اصطادوا يوم السبت، لكن تعاطوا وسيلة ليعوضهم ما فاتهم من الصيد يوم تحريم الصيد وهو يوم السبت.
وزاد الرسول بياناً لحديثه عليه السلام حيلة أخرى لليهود؛ لكي يزداد المؤمنون بصيرة بحيل اليهود ولا يقعون في مثلها، فقال عليه الصلاة والسلام:«لعن الله اليهود حُرِّمت عليهم الشحوم» فجملوها أي ذوبوها، ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حَرَّم أكل شيء حرم ثمنه.
إذًا: هؤلاء اليهود حُرِّمت عليهم الشحوم، فما صبروا على الحكم الإلهي، علما بأنه حكم عاجل لا شك ولا ريب يليق بهؤلاء الذين كانوا يقتلون الأنبياء بغير حق، فعاقبهم الله عز وجل بمثل هذه العقوبة كما قال عز وجل {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160].
من هذه الطيبات الشحوم، فما صبروا على هذا الحكم الإلهي العادل، فأخذوا الشحوم وضعوها في القدور وأوقدوا النار من تحتها، فتغير شكل الشحم صار
سائلاً، ثم أخذ في جموده شكلا غير الشكل الطبيعي، لكنه شحم شحم لا يزال، لكن أيش الشكل اختلف. لذلك أنا بقول بهيك مناسبة: تغيير شكل من أجل الأكل، يعني أكل الحرام بتغييرالشكليات هذه.
فنحن إذًا أمام شكلية آنفا، يحتاج من الغني قرضا، ويقول أعطيك مثلا: إكرامية أو اسم ما بيسميه ربا وما بيسميه فائدة حتى بلغة العصر الحاضر، يقول لا هذا حرام ما بيجوز لكن روح
…
إلى آخر القصة كما عرفتم ما في فرق بين هذه وتلك إلا اختلاف الشكل تماما.
كذلك نعلم أن الله عز وجل أباح للرجل أن يتزوج بإذن الولي وشاهدي عدل، لكنه حَرَّم النكاح التحليل، وقال عليه السلام:«لعن الله المُحَلِّل والمُحَلَّل له» نكاح التحليل ما صورته؟ هو النكاح المباح: إذن الولي موجود، شاهدي عدل موجود، لكن الزوجين على ماذا اتفقا على التحليل، أي: أن هذه المرأة التي طلقها زوجها طلاقا باتًا لا رجعة له إليها، إلا بعد أن تنكح زوجا غيره، فتستعير زوجا كما سَمّاه الرسول بالتيس المستعار، فتتفق هي وإياه، ثم يدخل عليها ثم يُخَلِّي سبيلها؛ من شان هي أيش تعود إليه.
فشروط النكاح هنا توفرت، وهي: إذن الولي، رضا الزوجين، شهود الشاهدين إلى آخره، لكن هذا شكلية، فالشارع الحكيم نظر إلى الغاية من هذا العقد ومن هذا النكاح، ما هي الغاية؟ تحليل ما حرم الله:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
مش تيساً مستعارا، زوجا غيره، يعني زوجا شرعيا كما قال تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
هذا الزوج لا يكون كذلك أبدًا، هذا الزوج كالتيس يجي عليها ويقضي وطره منها، ثم يخلي سبيلها لتحل للزوج الأول:«لعن الله المُحَلِّل والمُحَلَّل له» لماذا؛ لأنهم احتالوا على استحلال ما حرم الله.
إذاً: هذا لف ودوران، تأخذ ربا مباشرة مقابل القرض هذا حرام، لكن بلف