الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صرف العملة لا يكون إلا للضرورة ولا يُتَّخذ تجارة
الشيخ: ولذلك فالإنسان أنا أقول لا يمكن إنسان يعيش في بلد له علاقة في بلد آخر إلا أنه يضطر يُحَوّل عملة، لكن القصد إنه ما يتخذ ذلك تجارة؛ لأنه هنا يقال في حكم الضرورات، يعني وإلا خسر ماله، وخسر تجارته كلها إذا كان ما بدو يعمل هاي المبادرة الضرورية.
(الهدى والنور /18/ 2.: 2.: .. )
حكم التجارة بالعملة الورقية وحكم التعامل بأسهم الشركات
سؤال: هل التجارة بشراء العُمْلة كالصيارفة ونحوهم أهو حلال أم حرام، وكذلك أسهم الشركات في السوق المالية؟
الشيخ: لا نرى التجارة بالعملات الورقية، ولا بالأيش الأسهم التجارية والسبب في ذلك بما يتعلق بالعملات الورقية؛ أن العملات الورقية، كما نعلم جميعا، ليس لها قيمة ذاتية.
وأعني بالقيمة الذاتية: أن أيَّ شئ من المادة في الدنيا له قيمة، ولكن هذه القيمة تتفاوت، قيمة القطعة من الحديد قيمة القطعة من النجف قيمة القطعة مثلا من المعدن الألمنيوم هذا النحاس الفضة، كل هذه المعادن لها قيمة ذاتية قَلَّت أو كَثُرَت، الورقة البيضاء التي يمكن الاستفادة منها بالكتابة عليها، فهذه أيضا لها قيمة ذاتية، ثم تختلف أيضا بالنسبة لسماكتها ثخانتها متانتها صقالتها ونحو ذلك.
لكن العملات الورقية ليس لها قيمة ذاتية، حتى في حدود الاستفادة من الكتابة عليها، وإنما قيمتها قيمة اعتبارية، فأنتم ترون -مثلاً- هذه الأوراق العملات، قد تكون من حيث الحجم والقياس متقارب جدًا، لكن من حيث القيمة متفاوت جدا جدا، قد تكون ورقة أصغر حجما، لكن أغلى قيمةً، وهكذا، من أين
جاءت هذه القيم ومن أين جاء هذا التفاوت؟ من عُرْف الدولة التي طبعت هذه العملة وطرحتها للتعامل في العالم كله.
وأصل هذه العملات حينما ابتدعها من ابتدعها؛ لتسهيل التعامل لخفتها، كانوا قد جعلوا لها نصيبًا من الذهب، وكان كل ورقة لها قيمة خاصة من الذهب في بنك تلك الدولة، وكان من الممكن يومئذ فعلا؛ لِتَيَسُّر وتوفر الذهب في خزانة الدولة، إذا أراد الإنسان أن يستبدل الذهب بالورق، تيسر له ذلك.
فقيمة إذًا هذه العملات هي مربوطة لما تَقَدَّر لها من المُخَبّأ من الذهب في خزانة الدولة، حينما يأخذ الإنسان الآن -مثال واقعيٌ- الدينار الأردني يساوي اليوم ثلاثة دنانير عراقية، كان قبل الحرب العراقية الدينار العراقي أغلى من الدينار الأردني، أصبح الآن القضية معكوسة تماما وبتفاوت كبير.
فحين يشتري المتاجر بالعملة يشتري سابقا دينار عراقي بدينار أردني زائد، كذا الآن يشتري ثلاثة دنانير عراقية بدينار أردني، هل يشتري ورق بورق؟
الجواب: لا، لأن هذا الورق ليس له قيمة، إذًا ماذا يشتري؟ يشتري القيمة المقدرة بهذا العملات، لكنه يرى أن هذه القيمة تنزل وترتفع وتنخفض وتعلو وهكذا.
إذًا: قضية الورق هذا، ليس هو الذي يعلوا وينزل، لكن الذي يعلوا وينزل هو ما يتعلق -كما هو معروف لدى الجميع- بالأنواع الاقتصادية التي توجد فيها الدولة ..
فأصبح هذه العملات أشبه ما تكون أولاً: بالقمار، حظك ونصيبك، ولذلك المتاجرة بها ليست متاجرة ذهب بذهب عينا بعين، وهذا له شروط كما تعلمون، ولا هو ذهب بفضة وإن تفاضل فيجوز شرعا، ولا فضة بفضة فيجوز متماثلا وهكذا.
إنما هو شئ إلى اليوم ما تستطيع أن تأخذ جوابا صريحا، ما هو سبب الهبوط والنزول من الناحية المادية، وهذا له صلة بنفس الأسهم التي جاء السؤال فيها.
السهم الآن يُطْرح ففي يوم يعلوا ثمنه وفي يوم يهبط ثمنه وهكذا، علماً بأن المشاركة في المساهمة لها عيب آخر.
في أول التأسيس نحن نعلم من الواقع، أن أيّ مشروع يُراد تحقيقه يوضع له أسهم، على حسب ما يُقَدِّره المقدرون لهذه الشركة، فتصبح هذه الأسهم كأنها أيضاً بضاعة تعرض على السوق ولم تُحَوّل بعد هذه الأسهم إلى شركة واقعة، كمثلا معمل للسيارات أو معمل لأدوية أو لأي شئ آخر، فقبل أن تصبح هذه الأسهم حقيقةً شركة واقعية تباع وتُشترى، فهذا هو القمار في اعتقادي بعينه، لماذا؛ لأن السهم الذي قيمته مثلا مائة دينار، يشترى إما بمائة وعشرة أو بمائة إلا عشرة ونحو ذلك، فهذا صار فيه ربا مكشوفًا لا إشكال فيه ولا خفاء، فشراء القيمة بأقل وأكثر هذا هو ربا مشروط لا يخفى على إنسان، لولا غفلة الناس عن حقيقة التعامل ببيع الأسهم قبل أن تُتَحَوّل إلى تجارة أو معمل أو نحو ذلك.
لكن المسألة تختلف في طبيعة الحال، حينما هذه الأسهم تُحَوّل إلى مادة أخرى، وهي كما ذكرنا تجارة في بضاعة ما أو مصنع أو نحو ذلك، ففي هذه الحالة بيع الأسهم يجوز؛ لأنك لا تبيع دراهم أو دنانير وإنما تبيع شيئا قائما، ممكن هذا أن يرتفع سعره وأن ينخفض.
لكن يبقى مشكلة أخرى يجب على المسلمين الغيورين على التمسك بدينهم أن يجدوا لها حلاً، هذه المشكلة: أن كل شركة لديها مال، فهي تودعه في البنوك، ولما تُريد أن تشتري بضاعة من البضائع ولو خام مثلا، فلا بد من أن يكون لها مال مرصد في بنك من البنوك، وهذا فيه [معاونة] للبنوك بأن تتعامل بالربا، فمن هذه الحيثية أيضا لا يجوز المشاركة في استلام هذه الأسهم؛ لأن في ذلك تعامل ربويا بسبب التعاون مع البنوك، هذا ما في النفس من بيان ساعدني الوقت الآن.