الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنت ترى مثلاً بعض العملات القوية كالدولار الأمريكي مثلاً مرَّة يخفضوه ومرة يرفعوه، وهذا معناه حسب مصلحة الدولة الكبيرة هذه.
فإذاً: هذه مقامرة، فأنت تصبر مثلاً للوقت الذي تظن أنه سيرتفع، وإذا بك تُصاب بخلاف ما ظننت، هذا مقامرة، لكن هي في الحقيقة لو كان يوجد هناك عملة مستقرة ثابتة، كانت ستكون من باب بيع الذهب بالذهب متفاضلاً، وهذا لا يجوز بصريح الأحاديث المعروفة.
فمن أجل هذا نحن نقول: الصرف لا يجوز إلا في حدود الحاجة والضرورة يعني، أما المتاجرة بها فلا.
(الهدى والنور / 10/ 54: 53: .. )
المتاجرة بالعملات
مداخلة: سائل يسأل يقول: هل يجوز التعامل في السوق السوداء يعني في الصرف، وهل التعامل بها مخالف لأمر ولي الأمر؟
الشيخ: أما التعامل بالصرف هذا فلا يجوز، لا في السوق السوداء ولا في البيضاء.
لأن هذه العملات الورقية ليس لها قيمة ذاتية، يعني لا فرق، يجب أن تنتبهوا لهذا، لا فرق بين الصرف الآن، وبين ما كان قبل سنة من الزمان، حيث كنت تجد أبواب الصَرَّافين مفتحة، وتستقبل زبائنها، هذه السوق البيضاء، الآن انقلبت ماذا؟ إلى سوق سوداء.
يومئذٍ لم يكن التعامل بالعُمُلات الورقية صرف تجارة، لا يجوز يومئذٍ فضلاً على هذا اليوم.
أما هذه الكلمة التي تُشَاع في هذا الزمان، وهي مخالفة وليّ الأمر، هذه مع الأسف يستغلها كثيراً من الدعاة، الذين يزعمون أنهم من الدعاة إلى الإسلام، لا يجوز مخالفة ولي الأمر.
أنا أقول معهم: لا يجوز للمسلم أن يُخالف ولي الأمر، لكن ما صِبْغَة ما صفة هذا الولي؟
أنتم تعرفوا أن الولاية قسمين، ننتقل بها إلى موضوع له علاقة بالتصوف، تعرفون أن ابن تيمية أَلَّف رسالة «الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان» .
ففي أولياء يزعم كثير من الناس، أنهم يطيرون في الجو ولا كالصقر، ولا كالنسر، أكثر من ذلك، بحيث يُصْبِح هنا ويصلي الظهر في مكة، والعكس بالعكس وهكذا.
هؤلاء أولياء، ولكن أولياء من؟ أولياء الشيطان، وليسوا أولياء الرحمن.
فقالوا بأن ابن تيمية رحمه الله ذات مرة رأى ناساً من هؤلاء، متظاهرين في أزقة دمشق، هذا قبل يمكن سبعة قرون تقريباً وهم مسلسلون بالأغلال، ومُغَلَّلون بالأفاعي الضخام في أعناقهم يرهبون الناس.
وبهذا الإرهاب، يتظاهرون بأنهم أبناء الشيوخ، أي شيوخ الطريق، هذه الأفاعي لا تضرهم، وأنهم يدخلون النار، وفعلاً يدخلون النار، لكن بحيل شيطانيه.
لكن هذا الرجل ابن تيمية رحمه الله؛ لقوة إيمانه بالله تبارك وتعالى: وخاصة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69].
وقوله: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [غافر: 51].
كان قد تَحَدَّاهم، ودخل علي الأمير، أمير البلد يومئذ بدمشق، وقال له: أنا أُريد أن أدخل مع هؤلاء التَنَوُّر، الذي هم يُلْقُون أنفسهم فيه، ولا يحترقون كما يزعمون، ومن احترق منا فهو الكاذب، ولكن لي شرط واحد، وهو أن تأمر بنزع هذه الثياب عنهم، وأن يدخلوا الحمام وتُغَسَّل أبدانهم بالخل، ويُكْسَون ثيابًا بيضاء نظيفة، ثم أنا أدخل معهم التَنوّر، فمن احترق فهو الكاذب.
لما سمع شيخ الطريقة، والطريقة يومئذٍ رفاعية بطائحية أسماها، عرف بأن الشيخ ابن تيمية كشف سِرّ هؤلاء ودجلهم، وأنهم يَدْهنون أبدانهم وثيابهم بمادّة عازلة من النار.
المادة هذه عرفتموها الآن، أما من قبل كانت كالسحر، لا يعرفها إلا أفراد من الناس، يستغلون ضعفاء العقول والأحلام، ويظهرون لهم أنهم أصحاب كرامات ومعجزات، بسبب انتسابهم للطريق، فلما عرف شيخ البطائحية أن شيخ الإسلام ابن تيمية كشف سرّهم اعتذر، قال إنه ما عنده استعداد أنه يُبَاري شيخ الإسلام ابن تيمية، فهؤلاء أولياء الشيطان وليس أولياء الرحمن.
أعود لأقول: لا نُريد أن نقيس أولياء الأمور الآن، على أولياء الشياطين في ذاك الزمان.
لكني أريد أن أُبَيِّن الحكم الشرعي في من هم أولياء الأمر الذين يجب طاعتهم.
هم الذين ينطلقون في حكمهم، وأمتهم ولشعبهم، على كتاب الله وعلى سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كما كان الخلفاء الراشدون ومن سار سيرهم من بعض الملوك الذين جاؤوا من بعدهم.
هؤلاء الحُكَّام الذين يضعون نصب أعينهم، تحكيم الشريعة، يجب إطاعتهم، أما وَليُّ الأمر يحكم بقانون، وهذا القانون يتطور ويتغيّر ما بين عشية وضحاها، كما رأيتم آنفاً في السوق البيضاء انقلبت إلى سوق سوداء، والقانون لا يزال هو هو.
أيضاً: نحن يجب أن نُراعي الاحكام الشرعية الأصلية، أن العملات الورقية هذه لا يجوز المتاجرة بها أبداً في أيِّ زمان وفي أيِّ مكان، إلا في حدود الضرورة والحاجة المُلحة للفرد.
كرجل يأتي مثلاً من بلاد أجنبية، يريد أن يعيش في هذا البلد، فلا بد له أن يصرف العملة الورقية الأجنبية، بعملة هنا، هذا مضطر.
أما خاصة لَمَّا يصير مضاربة في الأسواق، وعرفتم من قصة العراق، لما وضعت الحرب أوزارها والحمد لله، بين العراق وبين إيران، انتشر خبرًا بأنه العُملة العراقية العراقيين الآن ستقوى، فركض الناس واشتروا العملة العراقية، وسرعان ما فوجئوا بضربة أخرى، فخسروا ما شاء الله.