الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كفارة الرشوة
مداخلة: هل الرشوة لها كفارة؟
الشيخ: ليس لها الكفارة، لكن ما هو رأيك الرشوة ذنب أم ليس ذنب؟
مداخلة: ذنب.
الشيخ: ذنب كويس، والذنب اللّي له كفارة أهون، أم الذنب اللِّي ما له كفارة أهون أيهما أهون فيما ترى؟
مداخلة: الذنب اللّي له كفارة أهون؟
الشيخ: أحسنت، ليس لها كفارة.
مداخلة: إلا التوبة.
الشيخ: إلا التوبة.
(الهدى والنور /134/ 35: 06: 01)
هل الرشوة جائزة لجلب حق لا يُحَصَّل إلا بها
؟
سؤال: موضوع ما يسمى بالرشوة، قرأت بعض الفتاوى، إجازة إعطاء الرشوة إذا لا تُحَقِّق مضرة أو أخذ حق إنسان آخر، والبعض الآخر يقول: إن الرشوة حرام؛ لأنها أصلاً أتت بحكم عام ولم تخصص، ولم تُعَلِّل أنها حرام في حالة كذا وكذا؛ فتصبح مباحة إذا لم يصبح كذا وكذا، فأيُّ الرأيين أصوب؟
الشيخ: أنا في اعتقادي: إذا فهمنا معنى كلمة الرشوة في اللغة العربية، التي جاء بها الحديث النبوي، نأخذ الجواب بكل صراحة وبيان.
الرشوة هو إعطاء مال لإبطال حق أو إحقاق باطل، وانتهى الموضوع، هذا الاصطلاح الشرعي.
وعلى هذا تَنْحَل مشاكل كثيرة جداً، يعني: كيف نضرب مثالاً وقبل ما نستحضر المثال، نُريد نُدَقِّق على موضوع إبطال حق أو إحقاق باطل، هذا يقع كثيراً .. أحياناً يصير في زحمة الخبز في بعض الأوقات [فيعطي أحدهم مالا للمسؤول] ويأخذ الأول [في الطابور]، يقول لك: أنا ما ضريت بأحد، كيف ما ضريت بأحد؟ الذي رقمه عشرة صار الآن دوره رقم إحدى عشر، لأنك تقدمت وتأخّر كل هؤلاء الجماعة العشرة والتسعة .. إلخ، هذا فيه تعدي على الغير.
لكن لو فرضنا: شرطي المرور، يقيناً تعرف أنت وهو أنك ما خالفت النظام والقانون، لكنه يريد يجازيك، هذا الشيء يحدث أم لا؟ نعم يحدث.
هذا إذا أعطيته بدل الخمسة الدنانير التي يريد يفرضها عليك ظلماً دينارًا أنت دفعت الشر الأكبر بالشر الأصغر، وأنت ما رشيته؛ لأنك ما أحققت باطلاً ولا أبطلت حقاً، بل أنت أزلت عنك ظلماً، أي: حكماً باطلاً وهو الخمسة دنانير التي يريد يفرضها عليك.
والعكس بالعكس، أنت خالفت النظام والذي يفرض عليك أنك تدفع خمسة دنانير تعرف هذا تأتي تعطيه دينار من أجل أن يغض النظر هذا رشوة؛ لأن هذا إبطال حق، اللهم إلا إذا تنطعنا كثيراً، كما يقع بعض الناس ممن ضاق عقلهم وفكرهم، يقول لك: هذه القوانين ما أنزل الله بها من سلطان، كيف قوانين، لو لم تكن هذه القوانين صارت الناس تُحَطِّم بعضها في بعض، وتصير في اضطراب شديد .. ، فإذا لاحظنا هذا المعنى اللغوي تنتهي المشاكل كلها، الرشوة هو إعطاء مال لإبطال حق أو إحقاق باطل، وحينئذ كفى الله المؤمنين القتال.
سؤال: أليس الأصل في حالة أني وقعت عليّ مظلمة، ويومياً نرى الظلم يقع علينا، مش الأصل أن نعمل على إزالة الظلم بدون ارتكاب ما هو شر؟
الشيخ: أين الشر في موضوعنا هذا، قلنا: إن الرشوة إبطال باطل أو إحقاق حق، أين الشر؟
مداخلة: أخذ شيئًا ليس من حقه أن يأخذ دينارًا بدل الخمسة دنانير، ليس حقه.
الشيخ: لكن هو من حقك تدفع خمسة؟
مداخلة: هذا الأمر يدخل في الخصومة إذاً، المسألة [في الدولة الإسلامية يكون هناك] قاضي حسبة مثلاً، نأتي به ونَحُل المشكلة بيني وبين الرجل؟
الشيخ: نحن بدنا نكون يا أستاذ خياليين أم واقعيين، أين قاضي الحسبة، اتركنا نتباحث مع الدكتور ثم نسمع للآخرين؟
مداخلة: مشكلتنا أننا نقع في هذا الواقع يومياً في أمور كثيرة.
الشيخ: الأمور الكثيرة إما فيها رفع الظلم عن نفسك، وإما فيه إبطال الحق لغيرك وكما قلنا، وإما ينعكس تماماً، فلو فرضنا أنك صِرْت أبطلت باطلاً كل يوم عشر مرات، ماذا فيه هذا؟ إذا أبطلت باطلاً، ليس حققت باطلاً أو أبطلت حقاً، فقضية تَكَرُّر الشيء لا يُنْظَر إلى تكرره، وإنما ينظر إلى حقيقة هذا الشيء، هل هو جائز أم غير جائز؟ فإن كان جائزاً فأول مرة جائز ثاني مرة جائز وعاشر مرة جائز وهكذا، وإن كان غير جائز فغير جائز.
الآن هنا ما فيها إشكال هذه، وقضية الحسبة أخي هذه يحكى عنها في غير هذا المجتمع الذي وضع العمل بالشرع جانباً.
سؤال: ليس خطأ أن نتخيل ما نصبوا إليه.
الشيخ: صحيح، ويجب كما قلت وقلنا معك: يجب أن نعمل لهذا الذي ننشده.
لكن إذا لم نتمكن من ذلك، ماذا نفعل بهذه الجزئيات في هذه الظلامات، نحاول تقليلها.
مداخلة: والله أنا أتحمل الظلم على أن أدفع شيئًا من هذا القبيل.
كوني أنا من مؤيدي أن الرشوة حرام بغض النظر عن الواقعة، يعني إذا فيها ظلم أو عدم ظلم للآخرين أو إحقاق حق يقع عليّ أو على غيري، بهذا الأسلوب أظل مؤيد للرأي أنه حرام.
الشيخ: يعني تُؤَيِّد أنك تظل مظلوماً؟
مداخلة: أنا أعمل على حل المشكلة الجبرية بالطريق الآخر، أما الجزئيات أبقى صابرًا عليها وأتحمل.
الشيخ: طريق آخر ما عندك، بين ما تقيم دعوى إذا استطعت أن تقيم دعوى، خسرت قبل كل شيء أكثر مما سيأخذه هذا الإنسان ظلماً وعدواناً، وبعدين تحصل حقك تمام أم لا، إلخ.
نحن نريد نعالج الواقع، مع ذلك أنا يبدو لي الآن أنك لم تقتنع، وما عليك إذا ما اقتنعت، لكن أريد أن أكون على بينة كيف أتفاهم أنا وأنت.
نحن نقول: أهل العلم باللغة يقولوا: الرشوة هي إعطاء مال لإبطال حق أو إحقاق باطل، فإذا أنت ما اقتنعت بهذا التعريف تبقى على رأيك، لك شأنك.
أما إذا اقتنعت بهذا الرأي، فهذا يلزمك أن تتراجع عن ذلك الرأي.
مداخلة: أنا صحيح مستند إلى أن النصوص التي أتت بالتعريف الشرعي وليس اللغوي.
الشيخ: أين التعريف اللغوي؟ «لعن الله الراشي والمرتشي» .
مداخلة: والرائش بينهما.
الشيخ: والرائش بينهما زيادة ما صحت في الحديث، المهم لسنا بهذا الصدد، ما معنى: لعن الله الراشي، من هو الراشي؟
مداخلة: الراشي هو الذي يعطي المال.
الشيخ: يعطي المال لماذا؟ نحن قلنا بعد المغرب للدكتور عصام سألته سؤالاً، أجابني: قلت له: بارك الله فيك، هذا الجواب قاصر، لأنه سيضطرني أسألك سؤالاً ثانيًا، وكل سؤال يكون الجواب عليه محوجاً للسائل أنه يسأل سؤالاً ثانيًا معنى هذا السؤال كجواب ناقص، فأنا أقول لك الآن: من هو الرائش المذكور في الحديث؟
مداخلة: هو أيّ شخص.
الشيخ: أنا أقول لك اللغة تقول كذا، أنت قلت لي: أي شخص، اللغة تقول ليس أي شخص.
مداخلة: مثلي، مثلاً: أنا إنسان أدفع مالاً أو أدفع شيء لمسؤول من واجبه أن يعمل عملاً هو أصلاً من واجبه أن يعمله .. يصب في نفس المعنى، أنا لست حافظ نصًا أو تعريفًا أو كذا، لكن هذا ما فهمته، أني أدفع شيء لمسؤول بأن يؤدي لي خدمة كي يؤدِّيها، أو ليمتنع عن أداء عقوبة عليَّ من واجبه أن يوقعها.
الشيخ: هذا يلتقي معي بارك الله فيك، لكن هذا الموظف موظف في دائرة من الدوائر، واجبك الآن تعطيه جوازك مثلاً ويؤشر لك عليه، هو يقول لك: اليوم بكرة اليوم بكرة من أجل تعطيه رشوة، هذه الرشوة يأكلها هو حرام؛ لأنه هو واجبه وواجبه أن يكون من الوظيفة، أنت على مذهبك الطويل الأمد، والذي يريد صبر أيوب عليه السلام بتفضل وتروح وتجي ولا تعطيه دينارًا، لماذا؟ لأن هذه رشوة.
يا أخي هذه ليست رشوة، هذه مال يعطى لتحقيق الحق، أنت لك حق عنده، وهو أن يؤشر لك على الجوازات.
والله، وهذه يمين وقَلَّما أحلف يمين، أتعجب منكم ودكاترة ومثقفين أنكم خياليين، يا أخي، لو واحد منكم يرضى يذهب ويأتي، يلعب به هذا الموظف على أساس ما يعطيه دينار، أولاً: يرضى الواحد منكم يفعل هذا الخيال الذي تقرروه أنه هو الشرع.
هذا أولاً: خيال، ثانياً: خلاف الشرع.
مداخلة: أعطيك مثال تروح على مصر، في أيّ معاملة أو أيّ مكان، شغلة البقشيش هذه موجودة عندهم، تعودوا عليها، يعني: إذا دخلت عندك مرض وأخدمك، إذا ما أعطيتني بقشيش أو إكرامية لا أخدمك بالطريقة المطلوبة!
الشيخ: أما أنه هذا يأتي بمثال وهذا بمثال ما الضابط وما هي القاعدة، تبطل أنت تدخل مصر على أساس لا تعطي بقشيش؟
ماذا تحكوا يا جماعة، والله موضوع عجيب، مع أن الشرع موسع عليكم، الشرع يقول لكم: الرشوة هي إعطاء مال لإبطال حق أو إحقاق باطل، فأنت تريد تسافر من هنا إلى مصر، وأخذت التأشيرات التي يسموها اليوم قانونية.
لما وصلت هناك وقف في طريقك الذي سمّيته البقشيش، جيد، ترجع أدراجك حتى ما تدفع جنيه مصري؟ لا والله، ما تفعل هذا، ويا ريت يكون هذا في الشرع حرام هذا الدفع؛ لأكون أنا معك، وأقول: بارك الله فيك إذًا رجعت أدراجك.
لكن أنتم لماذا تضيقوا أمراً وسَّع الله فيه، مثل ذاك البدوي الذي دخل المسجد وكشف ثوبه بهذا المسجد وبال، الصحابة هجموا عليه يريدون .. يا قليل الأدب ما تستحي هذا بيت الله، هذا كذا، الرسول عليه السلام:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] قال: «دعوه، لا تزرموه» «دعوه لا تزرموه» بعد ما قضى حاجته قال له: «إن هذه المساجد لم تُبْنَ لِشَيْءٍ من البول والغائط، إنما بنيت للصلاة وذكر الله» والرجل توضَّأ وصلى مع الرسول عليه السلام، بعد ما صلى قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً.
ماذا قال له عليه السلام: «لقد حَجَّرت واسعاً من رحمة الله» يا جماعة حَجَّرتم واسعًا من رحمة الله.
الله وسَّع عليكم لما جعل الرشوة إعطاء مال لإبطال حق أو إحقاق باطل، فأنت تأتي بتضرب لي مثالاً والدكتور بيضرب لي مثالاً، وتجبر بمثال، هذا المثال هو
…
ذاك المثال، هذاك وظيفته الذي يمشي له معاملته، ما مشى له إلا برشوه، وهذا وظيفته يدخله مصر ما يدخله إلا ببقشيش، ترجع أدراجك؟