الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحض على صلاة النوافل في البيوت
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]: «لا تتخذوا بيوتكم قبورا، صلوا فيها» .
[ترجم له الإمام بقوله: الحض على صلاة النوافل في البيوت].
السلسلة الصحيحة «5/ 545» .
الأفضل صلاة السنة في البيت
السائل: ما الأفضل، صلاة السنة في البيت أم في المسجد؟
الشيخ: في البيت، معلوم:«أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» ، هكذا يقول الرسول عليه السلام.
أفضلية صلاة السنن في البيت إلا لعارض
السؤال: قرأت في كتاب «سُبُل السلام» حديث يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتان قبل الفجر، وركعتان قبل الظهر، وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء» .
بالنسبة للركعات ركعتان بعد المغرب قال: في بيته، وركعتان بعد العشاء في بيته، وربما قال: ركعتان بعد الجمعة، هذا مُلحق الحديث، فأنا ما أعرف، فهمت من هذا أنه قبل الجمعة ما فيه ركعتان، وفهمت كذلك أنه أُصلي المغرب والعشاء والظهر .. الركعتان قبل الظهر وبعد الظهر في المسجد، ويقول هو: يعلق الكاتب أن التي لم يرد فيها في بيته فيجوز أن تصلى في المسجد.
الشيخ: لا، ما نرى هذا الرأي، لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح: فصلوا
أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» هذا التعميم في كلام الرسول عليه السلام هو الذي ينبغي أن يُجْعَل شريعةً لأفراد المسلمين، فلو ثبت وهذا غير ثابت، وإنما هذا استنباط، كونه ذكر في بيته في بعض الصلوات ولم يذكر ذلك في بقية الصلوات، هذا ليس نصاً أنه في بقية الصلوات كان يصلي السنة في المسجد، ليس عندنا مثل هذا النص إطلاقاً.
لكن لو فرضنا أنه فعل ذلك، ففعله عليه السلام دائماً وأبداً يُسْتَفاد منه شيء لصالح المسلمين، ولتقويم مفاهيمهم لأقواله عليه السلام، فهو قد يفعل الشيء وغيره أحبُّ إليه مما فعله، لماذا؟ لأنه يريد البيان للناس، فهو إذا صلى بعض السنن في المسجد فهو لبيان أن ذلك يجوز، ولكن بقوله يُبَيِّن ما هو الأفضل فيقول:«أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» .
في الحديث، حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي هذه العشر ركعات: ركعتين في الفجر، هذه يقيناً كان يصليها في البيت، عندنا أحاديث كثيرة كثيرة جداً أنه كان يصليها في البيت ثم يخرج. تفضل.
سؤال: وحديث آخر يتبعه مباشرة عن عائشة رضي الله عنها أنه كان يصلي رغيبة الفجر في البيت، الكاتب يقول: إن عبد الله بن عمر عندما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتى الفجر في المسجد لم يره يصليها في البيت، وعائشة كانت عنده في البيت فكانت هي تراه يصليها في البيت، فيقول: إنه يجوز هذا وهذا.
الشيخ: ما اختلفنا، لكن أين الحديث أن الرسول كان يصلي سنة الفجر في المسجد.
مداخلة: عن عبد الله بن عمر.
الشيخ: لا، هو ما قال في المسجد.
مداخلة: وهو ما قال في بيته.
الشيخ: ليس ضروريًا، كونه ما قال.
مداخلة: هكذا يعني؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: لماذا ما أورد أولئك «في بيته» ؟
الشيخ: هذا سؤال يرد، لكن بسبب عجزنا عن الجواب القاطع لماذا؟ ما يترتب عليه خسارة علمية.
لكن النفس تتوق فعلاً أنه تعرف لماذا لم يقل، ممكن لسبب أو أكثر من سبب، لكن هل نحن إلى الآن لم نعرف جوابًا مثل هذا الجواب، لماذا لم يَقُل سنة الفجر أو ركعتي الفجر في بيته، فما عرفنا! فنُعَطّل النصوص الأخرى مثل حديث السيدة عائشة، وقوله عليه السلام في الحديث السابق:«أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» .
نُعَطِّل هذه النصوص ونقول: لا، هو لما لم يذكر في سنة الفجر في بيته، معناه أنه كان يصليها في مسجده، لا.
ثم النتيجة التي أنت تنقلها عن ذلك الكاتب، وهو يُجَوِّز أن يصليها في البيت ويُجَوِّز أن يصليها في المسجد، هذه نتيجة نحن في النتيجة متفقين معه، أي: يجوز الأمران.
لكننا سَنَسْأَل السؤال التالي، ألا وهو: ما هو الأفضل في سنة الفجر مثلاً؟ لأنه ما زال البحث حولها، ما هو الأفضل أن يصليهما في البيت أم في المسجد؟
مداخلة: حسب الحديث الذي تَفَضَّلت فيه، في البيت.
الشيخ: طيب، وحسب ما يقول ذلك الكتاب؟
مداخلة: هو لم يقل الأفضل.
الشيخ: ما عليش، نحن اتفقنا معه في الجواز، لكن نريد أن أُلفت النظر ما هي الفائدة من تقديم الكاتب الذي تشير إليه، أنه عدم ذكر ابن عمر في سنة الفجر في
البيت والظهر معناه أنه كان يصلي في المسجد، ما ثمرة هذا؟
إن كانت الثمرة أن نقول بالجواز فالجواب يثبت بأقل من ذلك، وإن كانت الثمرة التسوية بين أن يصليها في البيت وبين أن يصليها في المسجد فالجواب: لا، «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» .
فإذاً: هل أن هناك نصاً صريحاً في أن الرسول عليه السلام كان يصلي سنة الظهر في المسجد، ما هي الثمرة؟
الجواب: أن الأفضل.
مداخلة: في البيت.
الشيخ: بلا شك.
مداخلة: يعني: إذا كنت أنا مثلاً طالب أطبق السنة، أُحب أن أطبق السنة، لو صليتها مرة في البيت ومرة في المسجد.
الشيخ: تكون خالفت السنة العملية، وخالفت السنة القولية التي تنص على الأفضلية، لكن في كل من الحالتين أو من المخالفتين إذا صليت في المسجد فهو جائز، لكن تركت الأفضل، الأفضل الذي فعله الرسول، والأفضل الذي حض عليه الرسول.
مداخلة: إذاً: الأفضل في البيت.
الشيخ: بلا شك.
مداخلة: إذا كان هناك ضرورة يصلي في المسجد؟
الشيخ: ليس شرط يكون فيه ضرورة، ولو لغير ضرورة، لحاجة.
مداخلة: هو أنا هذا الذي كنت أقصده.
الشيخ: لكن لا يخفاك: الضرورة غير الحاجة، فإذا صلاها أو يعني عدم اهتمام
وعدم رغبة في الفضائل من الأعمال فَصَلَّاها في المسجد ما فيه مانع، لكن يجب أن يكون على بَيِّنة أن الأفضل هو كما قال عليه السلام:«فَصَلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» .
ولذلك: من أجل هذا الحديث اختلفوا قديماً وحديثاً في صلاة القيام، صلاة التراويح، هل يصليها في المسجد أم يصليها في البيت، لعله طَرَق سمعَك مثل هذا الخلاف، فالذين يُرَجِّحون الصلاة في المسجد يحتجون بأن الرسول عليه السلام الذي قال الحديث القولي:«فصلوا في بيوتكم» هو الذي سَنَّ سُنَّة القيام في رمضان في المسجد، ثم ترك ذلك لقوله المعروف «لخشية أن تفرض عليهم» ، فبوفاة الرسول عليه السلام انتهى التشريع فما فيه تَوَهُّم من تَغَيُّر الحكم الشرعي الذي ترك الرسول أُمته عليه، فعاد الجمهور في المسجد جماعة خلاف ما يتبادر من قوله عليه السلام:«فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» .
فهنا يقال: -وهنا بيت القصيد أيضاً- كما يقال: هذا الحديث: «فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» نقول: هذا تعميم إلا إذا وُجِدَ عارض، هذا العارض في كثير من الأحيان يكون سبباً لتعديل -وما أقول: تغيير - الحكم الشرعي، مثلاً: معلوم لدى الجميع أن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من الصلاة في المسجد، مع ذلك نحن نشاهد في السُّنَّة أن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يُؤْثِرن الصلاة في المسجد، فكيف هذا؟
الجواب: أن القاعدة هو: «وبيوتهن خير لهن» لكن إذا كان في المسجد فائدة علمية وعظية تربوية لا تتمكن المرأة من تحصيلها وهي تصلي ولا تخرج من عقر دارها، حينئذٍ يصبح المفضول فاضلاً والفاضل مفضولاً، واضح إلى هنا.
صلاة التراويح كذلك، إذا كان هناك جماعة من المسلمين يُصَلُّون القيام في رمضان في المسجد، وكانت المرأة لا تشعر بفضيلة ليالي رمضان بل تشعر بوحشة، لأنه ما فيها حولها جماعة دينية وجماعة صالحين يقيمون الصلاة التي تتخصص في ليالي رمضان بها، بل تشعر بأن حياتها التي يمكن أن نسميها اليوم بالحياة الروحية