الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصلى بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، يكثر فيها الركوع والسجود، فنهاه، فقال: يا أبا محمد! يعذبنى الله على الصلاة؟ ! قال: لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة.
وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى، وهو سلاح قوى على المبتدعة الذين يستحسنون كثيراً من البدع باسم أنها ذكر وصلاة، ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة! ! وهم فى الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة فى الذكر والصلاة ونحو ذلك.
[إرواء الغليل تحت حديث رقم «478»]
سنية الركعتين بعد العصر قبل الاصفرار
عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه: أنه كان يصلي بعد العصر ركعتين، فقيل له؟ فقال: لو لم أصلهما إلا أني رأيت مسروقا يصليهما لكان ثقة، ولكني سألت عائشة؟ فقالت:«كان لا يدع ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد العصر» .
[قال الإمام]: هذا وقد روى ابن أبي شيبة عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصلون هاتين الركعتين بعد العصر، منهم أبو بردة بن أبي موسى وأبو الشعثاء وعمرو بن ميمون والأسود ابن يزيد وأبو وائل، رواه بالسند الصحيح عنهم، ومنهم محمد بن المنتشر ومسروق كما تقدم آنفا. وأما ضرب عمر من يصليهما، فهو من اجتهاداته القائمة على باب سد الذريعة، كما يشعر بذلك روايتان ذكرهما الحافظ في «الفتح» «2/ 65»: إحداهما في «مصنف عبد الرزاق» «2/ 431 - 432» و «مسند أحمد» «4/ 155» والطبراني «5/ 260» وحسنه الهيثمي «2/ 223» . والأخرى عند أحمد «4/ 102» أيضا، والطبراني في «المعجم الكبير» «2/ 58 - 59» ، و «الأوسط» «8848 - بترقيمي» .
وقد وقفت على رواية ثالثة تشد من عضدهما، وهي من رواية إسرائيل عن المقدام ابن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يصلي؟ [قالت: ] «كان يصلي الهجير ثم يصلي بعدها ركعتين، ثم يصلي العصر ثم
يصلي بعدها ركعتين. فقلت: فقد كان [عمر] يضرب عليهما وينهى عنهما؟ فقالت: قد كان عمر يصليهما، وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم[كان] يصليهما، ولكن قومك أهل الدين قوم طغام، يصلون الظهر، ثم يصلون ما بين الظهر والعصر، ويصلون العصر ثم يصلون ما بين العصر والمغرب، فضربهم عمر، وقد أحسن». أخرجه أبو العباس السراج في «مسنده» «ق 132/ 1». قلت: وإسناده صحيح، وهو شاهد قوي للأثرين المشار إليهما آنفا، وهو نص صريح أن نهي عمر رضي الله عنه عن الركعتين ليس لذاتهما كما يتوهم الكثيرون، وإنما هو خشية الاستمرار في الصلاة بعدهما، أو تأخيرهما إلى وقت الكراهة وهو اصفرار الشمس، وهذا الوقت هو المراد بالنهي عن الصلاة بعد العصر الذي صح في أحاديث كما سبق بيانه تحت الحديثين المتقدمين برقم «200 و 314» . ويتلخص مما سبق أن الركعتين بعد العصر سنة إذا صليت العصر معها قبل اصفرار الشمس، وأن ضرب عمر عليها إنما هو اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة، وخالفه آخرون، وعلى رأسهم أم المؤمنين رضي الله عنها، ولكل من الفريقين موافقون، فوجب الرجوع إلى السنة، وهي ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين، دون دليل يعارضه إلا العموم المخصص بحديث علي وأنس المشار إلى أرقامهما آنفا. ويبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا، فقد روى البخاري «589» عنه قال:«أصلي كما رأيت أصحابي يصلون، لا أنهى أحدا يصلي بليل ولا نهار ما شاء، غير أن لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها» .
وهذا مذهب أبي أيوب الأنصاري أيضا، فقد روى عبد الرزاق عنه «2/ 433» بسند صحيح عن ابن طاووس عن أبيه: أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر، فلما استخلف عمر تركهما، فلما توفي ركعهما، فقيل له: ما هذا؟ فقال: إن عمر كان يضرب الناس عليهما. قال ابن طاووس: وكان أبي لا يدعهما. وهنا ينبغي أن نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن وإماتة البدع أن يصلوا هاتين الركعتين كلما صلوا العصر في وقتها المشروع، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من سن في الإسلام سنة حسنة .. » . وبالله التوفيق.
السلسلة الصحيحة «6/ 2/ 1012 - 1014» .