الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأذان الثاني والناس إنما هم مستيقظون.
«فتاوى رابغ «3» /00: 37: 54»
ما جاء في الأحاديث من أن التثويب يكون في الأذان الأول للفجر، هل ممكن حمله على الأذان الثاني وسماه الأول لأنه أول بالنسبة للإقامة ففيه أن التثويب لا يكون في الإقامة
؟
السائل: ما جاء في الأحاديث من أن التثويب يكون في الأذان الأول للفجر، هل ممكن حمله على الأذان الثاني وسماه الأول لأنه أول بالنسبة للإقامة ففيه أن التثويب لا يكون في الإقامة؟
الشيخ: هل ينفي أن يكون قد كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في أذان الفجر أذانان أم لم يكن هناك أذانان كما تعلمه؟
مداخلة: فيه أذانان لكن يكون الأذان الأول ..
الشيخ:
…
وبالتفصيل الآن.
مداخلة: فيه أذان.
الشيخ: فيه أذان، هذا الذي أريده منك، يوجد أذان أول وأذان ثاني أم لا؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب! فإذا جاء في حديث ما: كان في الأذان الأول في صلاة الفجر، هل يتبادر أن المقصود بالأذان الأول هو الثاني، أم المقصود هو الأول؟
مداخلة: المقصود الأول، لكن الأول الإقامة أو ..
الشيخ: اسمع، إذا كان صلاة الفجر يتميز عن بقية الصلوات بشرعية أذانين معاً، فحينئذٍ الأخذ بالإقامة إذا أردنا أن نسميها أذاناً سيكون الأذان الثالث، أليس كذلك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: والأذان الأول هو قبل الفجر وهو الذي قال عنه الرسول عليه السلام: «لا يغرنكم أذان بلال فإنه يؤذن ليقوم النائم ويتسحر المتسحر فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، وكان بلال يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت» هذا معروف وفي الصحيح، إذاً: في صلاة الفجر فقط أذانان خلافاً لبقية الصلوات الخمسة، وإذا كان الأمر كذلك فالإقامة بتعبير الأذان يكون هو الأذان الثالث، فالأذان الأول هو أذان بلال، والأذان الثاني هو أذان ابن أم مكتوم والأذان الثالث هو الإقامة سواء أقام بلال أو غيره.
وحين يأتينا حديث كالذي ذكرته لكم في بعض [الأحاديث] يصرح بأن الفجر كان في الأذان الأول: الصلاة خير من النوم لا يصح تفسير الأذان الأول هنا بأنه الأذان الثاني، أي: الثاني بالنسبة للإقامة؛ لأنه إذا غضضنا النظر عن تميز أذان الفجر، الآن نستعمل تعبير جديد للتوضيح: تميز الفجر بثلاث أذانات الأذان الأول والثاني والإقامة وهو الأذان الثالث، هو في الحقيقة الفجر يتميز بأذان واحد هو الأذان الأول، لكن لما قلت لي أن بعض العلماء الأفاضل تأولوا الأذان الأول في حديث أبي محذورة بأنه هو الأذان وقت الفجر بينما هذا يعطل الحديث؛ لأن الحديث يقول أن الأذان للفجر أذانان أو وثاني، أما الإقامة فهو الأذان الثالث فيكون حينذاك خروج عن نص الحديث.
هذا ما أردت قبل أن نحصل الحديث وإذا حصلناه بلفظه فسيتبين تماماً أنه لا يمكن تأويل الحديث بالذي حكيته، عن أبي محذورة قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة نطلبهم فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت فأرسل إلينا، فأذن رجل رجل وكنت آخرهم، فقال حين أذنت: تعال! فأجلسني بين يديه فمسح ناصيتي وبرك علي ثلاث مرات ثم قال: اذهب فأذن عند البيت الحرام، قلت: كيف يا رسول الله؟ فعلمني كما تؤذنون الآن بها:
الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر».
الآن: لا بد لي من التذكير بفائدة: كثير من المؤذنين، يقولون: الله أكبرَ الله أكبر، هذا خطأ .. خطأ لغةً وخطأ رواية؛ لأن الحديث كما نراه هنا وكما هو في صحيح: الله أكبرُ الله أكبر، ومن كان عنده شيء من العلم باللغة العربية وآدابها وبخاصة علم النحو فالله بتعبيرهم لفظة الجلالة مبتدأ مرفوع على الابتداء، أكبرُ خبر مرفوع على الخبرية، فما يجوز أن نقول: الله أكبرَ؛ لأنه خطأ لغة، فإذا وقفنا نقول: الله أكبر، أما إذا وصلنا فهي مضمومة فنقول: الله أكبرُ الله أكبر.
مداخلة: طيب! السنة كلها الوصل.
الشيخ: نعم، لقد جاء في صحيح مسلم من حديث عمر الخطاب أنه كان إذا صعد المنبر يوم الجمعة أذن المؤذن بين يديه، فإذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، قال عمر وهو على المنبر: الله أكبر الله أكبر، فالسنة الوصل كما ترون هنا، فمهم جداً أن الإنسان يأخذ الأذكار من كتب السنة؛ لأنها تبقى مضبوطة فهنا جائي: الله أكبرُ الله أكبر، الله أكبرُ الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، هنا الترجيع
…
يسمى رجع يقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم في الأولى، هنا في الشرح في الأولى من الصبح، أي: في المناداة الأولى، وفي نسخة في الأول، أي: تؤذنون .. [هنا سقط].
مداخلة: الشرح الثاني هذا يا شيخ، ما هو في الشرح الثاني.
الشيخ: كيف انتقل من هنا؟ طيب! في الأولى من الصبح، أي: في المناداة الأولى وفي النسخة في الأول، أي: في النداء الأول، والمراد الأذان دون الإقامة، ماذا في الحديث؟ الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم، في الأولى من الصبح، قال:
وعلمني الإقامة مرتين: الله أكبر الله أكبر إلى آخره، أظن في روايات أخرى كانت في حفظي وربما نجدها الآن.
مداخلة:
…
يقول في الأذان الأول.
الشيخ: هو الأذان
…
الحديث، هنا السيد سابق يقول: ويشرع للمؤذن التثويب وهو أن يقول في أذان الصبح بعد الحيعلتين: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم: «قال أبو محذورة: يا رسول الله! علمني سنة الأذان فعلمه وقال: فإن كان صلاة الصبح، قلت: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم» رواه أحمد وأبو داود، قلت: إنما يشرع التثويب في الأذان الأول للصبح الذي يكون قبل دخول الوقت بنحو ربع ساعة تقريباً لحديث ابن عمر رضي الله عنه، قال:«كان في الأذان الأول بعد الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين» رواه البيهقي، من أجل ذلك أنا طلبت منك سنن البيهقي «1/ 423» وكذا الطحاوي في شرح معاني الآثار «1/ 82» وإسناده حسن كما قال الحافظ، وحديث أبي محذورة مطلق وهو يشمل الأذانين، لكن الأذان الثاني غير مراد؛ لأنه جاء مقيداً في رواية أخرى بلفظ:«وإذا أذنت بالأول من الصبح فقل: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم» أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وغيرهم.
ومخرج في صحيح أبي داود فاتفق حديثه مع حديث ابن عمر ولهذا قال الصنعاني في سبل السلام عقب لفظ النسائي وفي هذا تقييد لما أطلقته الروايات، قال ابن رسلان: وصحح هذه الرواية ابن خزيمة، قال: فشرعية التثويب إنما هي في الأذان الأول للفجر؛ لأنه لإيقاظ النائم، وأما الأذان الثاني فإنه إعلام دخول الوقت ودعاء إلى الصلاة، انتهى من تخريج الزركشي لأحاديث الرافعي، ومثل ذلك في سنن البيهقي الكبرى عن أبي محذورة أنه كان يثوب في الأذان الأول من الصبح بأمره صلى الله عليه وسلم.
قلت: وعلى هذا ليس الصلاة خير من النوم من ألفاظ الأذان المشروع في الدعاء إلى الصلاة والإخبار بدخول وقتها، بل هو من الألفاظ التي شرعت لإيقاظ
النائم فهو كألفاظ التسبيح الأخر الذي اعتاده الناس في هذه الأعصار المتأخرة عوضاً عن الأذان الأول، هذا كله كلام الصنعاني.
وأنت ترى أنه روايتان: رواية أبي محذورة وراوية ابن عمر ما يتبادر إلى الذهن كان في الأذان بعد الفلاح الصلاة خير من النوم إلا لو كان الأذان في الفجر كالأذان في بقية الصلوات حينذاك لا بد من هذا التأويل، لكن لما كانت صلاة الفجر تتميز عن بقية الصلوات بشرعية أذانين هذا قول الصحابي العليم بهذين الأذانين: كان في الأذان الأول، لا يخطر في بال إنسان المقصود به الأذان الثاني، هذا الحقيقة التأويل بعيد ما يصح أن يصار إليه، بعدما نقلت كلام الصنعاني وهو جيد ومتين قلت: وإنما أطلت الكلام في هذه المسألة لجريان العمل من أكثر المؤذنين في البلاد الإسلامية على خلاف السنة فيها أولاً ولقلة من صرح بها من المؤلفين ثانياً، فإن جمهورهم ومن ورائهم السيد سابق يقتصرون على إجمال القول فيها ولا يبينون أنه في الأذان الأول، أنت سمعت ماذا قال السيد سابق، ويشرع للمؤذن التثويب وهو أن يقول في أذان الصبح .. أي أذان؟ ضرب صفحاً عن البيان؛ لأن الحقيقة هذه المسائل المشتهرة على خلاف السنة.
لذلك قلت: في تمام كلامه: لقلة من صرح بها من المؤلفين ثانياً، فإن جمهورهم ومن ورائهم السيد سابق يقتصرون على إجمال القول فيها ولا يبينون أنه في الأذان الأول من الفجر، كما جاء ذلك صراحة في الأحاديث الصحيحة خلافاً للبيان المتقدم من ابن رسلان والصنعاني جزاهم الله خيراً.
يتبين أن جعل التثويب في الأذان الثاني بدعة مخالفة للسنة، وتزداد مخالفته حين يعرضون عن الأذان الأول بالكلية ويصرون على التثويب في الثاني فما أهواهم بقوله تعالى:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61] لو كانوا يعلمون.
فائدة: قال الطحاوي بعد أن ذكر حديث أبي محذورة وابن عمر المتقدمين الصريحين بالتثويب في الأذان الأول وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم
الله تعالى.
أريد أن أقول كلمة أخيرة، وهذا من باب التفقه: المفروض أن المسلمين حقاً حينما يؤذن المؤذن لصلاة الفجر أذان الثاني أن يكونوا أيقاظاً غير نيام، فما معنى قول المؤذن في هذا الأذان الثاني: الصلاة خير من النوم؟ هذا معناه: تطبيع العالم الإسلامي كله بأن يظلوا نائمين حتى يسمعوا الأذان الثاني؛ لذلك قال لهم: الصلاة خير من النوم، وليس معقول، هذا معقوليته أن يكون في الأذان الأول؛ ولذلك قال:«لا يغرنكم أذان بلال» .
وشيء آخر وأخير وهو جميل جداً: قد يستيقظ الإنسان على أذان الفجر لخاصة رمضان فيتساءل: يا ترى هذا الأذان الأول أو الأذان الثاني؟ لو أنصت قليلاً وكان الأذان الأول على السنة فسمع الصلاة خير من النوم عرف أن هذا هو الأذان الأول حينئذٍ عنده مجال أن يتسحر إذا كان ينوي الصيام أو ليكمل صلاة الليل ولو ركعة من آخر الليل كما جاء في الحديث الصحيح، أما على الوضع القائم اليوم فلا يستطيع أن يتدارك هذه الفائدة بسبب أن السنة نقلت من الأذان الأول إلى الأذان الثاني، فلا بد ما يكون هناك فارق في تركيب الأذان الأول على الأذان الثاني حتى تتحقق الفائدة من هذه الزيادة، لماذا زادها عليه الصلاة والسلام في الأذان الأول؟ [لينبه] النائم ويتسحر المتسحر، فإذا قيل للقاضي: الصلاة خير من النوم هذا كلام كأنه له لا يليق بالسنة فنقل هذه الكلمة الطيبة إلى الأذان الأول والرجوع بها إلى السنة هو الواجب في الحقيقة «ومن أحيا سنة من بعدي فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» لكن أقول: الحديث بهذا اللفظ ضعيف، والصحيح:«من سن في الإسلام سنة حسنة» إلى آخره.
ولكن كما قلت لكم النهار البارح: إن إحياء هذه السنة تحتاج أن يقدم لها توعية بين الناس حتى لا تعمل قلقلة وبلبلة بين الناس، ولذلك أنا أقول: فليبلغ الشاهد الغائب، وقد عرفتم المسألة بوضوح تام إن شاء الله لكن لا بد من التمهيد لإحياء هذه السنة من باب الحديث الذي ذكر في أكثر من مرة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم للسيدة