الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بدعة الأذان الموحد
[قال الإمام]: هذا، ولعل هذا الحديث هو حجة من ابتدع الأذان الموحد في عمان - الأردن، وغيرها من البلاد الإسلامية، فإنهم يذيعون الأذان في مسجد أبي درويش في الأشرفية، فيعطلون الأذان في سائر المساجد! ومع أن الحديث ضعيف كما بينّا فإنه ليس صريحًا في ذلك. ولست أدري - والله! - كيف تجرّأ على إحداث هذه البدعة من أحدثها بعد هذه القرون الطويلة، ومع استمرار سائر عواصم البلاد الإسلامية على المحافظة على الأذان في كل مسجد وإعلانه بواسطة مكبر الصوت!
السلسلة الضعيفة «12/ 1/ 321 - 322» .
حكم توحيد الأذان، والكلام على بطلان الاعتماد على المواقيت الفلكية في الأذان
مداخلة: [سؤال حول رأي الشيخ في توحيد الأذان]؟
الشيخ: رأيي، تحدَّثنا به مِرَاراً وتكرارً، خلاصته: أن الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، وأنه لا يجوز تقنين إشاعته بين الأنام، وأن هذا التوحيد مخالف لسبيل المؤمنين، ورب العالمين يقول:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].
فالمسلمون في كل هذه القرون مضوا على أن لكل مسجد أذاناً، فحينما يأتي مبتدع ضال عن شريعة الله، فيجعل أذاناً واحداً، ثم يفرض إذاعة هذا الأذان على
المساجد الأخرى، فكأنه يقيم الأذان المُسَجَّل مكان أذان المُكَلِّف.
فكل مُؤَذِّني المساجد عليهم أن يقوموا كلٌ منهم بواجبه، ومن ذلك الأذان، كما أن كل أئمة المساجد عليهم أن يقوموا بوظيفة الإمامة.
فإذا كان من نتيجة توحيد الأذان يلزم من ذلك تعطيل الأذانات في المساجد الأخرى، وهذا كما قلنا تعطيل لشعيرة من شعائر الله تبارك وتعالى.
ويُضَاف إلى ذلك: بأن أذان [كل] مسجد يختلف عن أذان مسجد آخر كل الاختلاف في مثل هذا البلد الذي ابتلي أهله بتوحيد الأذان.
فالأذان -مثلاً- على الجبل الذي هو أعلى جبل في هذا البلد، وهو المعروف بجبل الأشرفية، لا يكون أذان الفجر فيه -مثلاً- كأذان المسجد الذي يكون في وسط البلد؛ لأن من كان على رأس ذلك الجبل يرى طلوع الفجر الصادق قبل دقائق كثيرة جداً من أولئك الذين هم في وادي الجبل.
ففرض الأذان المُوَحَّد هو مناقض للتوقيت الشرعي، وإن تعجب فعجب من هؤلاء المتحمسين والمدافعين عن الأذان الموحد أنهم حين يَطْبَعون المفكرة التي يطبعون عليها مفكرة وزارة الأوقاف، ويكتبون في أسفل كل ورقة:«مع مراعاة فرق التوقيت بالنسبة لاختلاف البلاد» وهذا التنبيه جَيّد في الحقيقة مطابق للشرع، لكن هم أول من يخالف هذا التنبيه وهذا الشرع.
ذلك: لأنهم حينما فرضوا على الناس أذاناً واحداً، فمعنى ذلك أنهم لم يُراعوا هذا الاختلاف والتوقيت من مكان إلى مكان آخر.
ونحن لنا تجربة في هذا البلد، وكما يقول تُجَّار الأراضي: بأن الأرض تختلف بالشبر، كذلك الأوقات تختلف.
لقد دُعينا مَرَّة منذ بضع سنين للإفطار في قرية، كانت الآن ضُمَّت إلى عمان اسمها الناعور، فجلسنا على برندة كهذه، لكن تلك جنوبية، أما هذه البرندة كما ترون شمالية، والجالس فيها يرى مع ذلك غروب الشمس كما نراه نحن هنا، لأول
مرة أسمع تطابق الأذان مع غروب الشمس، أما هنا فنرى الشمس تغرب وبعد عشر دقائق يعلنون الأذان.
لماذا؟ لأنه هناك الجبال منخفضة عن الناعور، فيتأخر غروب الشمس عن هنا، فهذه العشر الدقائق التي هي الفرق بين غروب الشمس وبين الأذان المُوَحَّد، هناك العشر دقائق ذهبت، لكن رأيت ما هو أعجب من هذا في نفس البلدة، ذهبنا أيضاً سنة أخرى أو يوماً آخر لا أدري، دخلنا المسجد لصلاة المغرب، وسمعنا أذان المغرب والشمس أمامنا لم تغرب.
مداخلة: عجيب.
الشيخ: لم تغرب بعد، فما معنى توحيد الأذان من جهة، والتنبيه في المواقيت هذه التي تنشر في الروزنامة، مع مراعاة فرق الأوقات.
كلام فاضي، غيري رأى مسجدًا هنا اسمه مسجد صهيب في الدَوَّار السابع، حدثني من رأى بأنه -أيضاً- يسمع أحياناً في بعض فصول الشتاء، وهو إمام مسجد، يسمع الأذان المُذاع بالإذاعة والشمس لم تغرب بعد.
مداخلة: الله أكبر.
الشيخ: فإذاً: هذا الأذان المُوَحَّد مع كونه مُعَطِّل لهذه الشعيرة، ومُقَلِّل من إذاعتها، ففيه تضليل للناس، نحن نرى هنا مطلع الفجر والشمس في آن واحد، يؤذنون الفجر إذا كنتم لاحظتم اليوم، عندما يُقيمون الصلاة هنا في المسجد، حينذاك تحل الصلاة عندنا هنا.
حينذاك: يكون الفجر قد طلع قبل ذلك، وقد أَذَّنوا قبل النصف بساعة، ما دخل وقت الفجر.
مداخلة: صَلّوا بدون أذان.
الشيخ: من؟
مداخلة: الذين صلوا، معناه: أنهم صَلُّوا بدون أذان.
الشيخ: هم يُذيعوا الأذان، ليس بدون أذان، قبل الوقت.
هذه واحدة، الأخرى: يكتبون في الروزنامة طلوع الشمس، يؤرخون الساعة ست وربع أو ست ونصف
…
أنا راقبت هذا مراراً وتكراراً، الشمس هنا ونحن في الجبل، ولا تنسى الفرق في البلد، تطلع الشمس بعد توقيت المفكرة بربع ساعة، أي: إذا استيقظ أحدهم في هذا الجبل متأخراً يرى المفكرة يقول له: الشمس طلعت، ولا يصلي؛ لأنه خرج الوقت، لكن الشمس لم تطلع، وهذا
…
نحن في المكان المرتفع، فمتى تطلع الشمس بالنسبة لمن كان بالأسفل في الوادي، لا شك أنه يتأخر أكثر وأكثر. أي نعم.
وعلمت أخيراً، أو تأكدت بالمعنى الصحيح: أن هذا البلاء يعم البلاد الإسلامية كلها بدون استثناء، وإذ السبب أن هذه المفكرات أو التقاويم قائمة على توقيت فلكي، راعى مستوى البحر وبس، يعني: افترض العالم الإسلامي كله على ساحل واحد، فأعطى هذا التوقيت، ولم يُرَاع إطلاقاً اختلاف بلد عن بلد.
أنا كنت أقول لمن كان يكون معنا، حينما نسافر للحج والعمرة، لا بد لاحظتم معي في أثناء الطريق نَمُرّ على جبل على يميننا، جبل عالي جداً وإذا بهذه السلسلة تبدأ تنخفض.
فلو أن إنساناً نزل في برحة من الأرض وغربت الشمس عليه؛ بسبب أن الجبل مرتفع، وبدا له أنه يصلي المغرب إعمالاً منه لقوله عليه السلام:«إذا أَقْبَل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم» أفطر وصلى.
مشيناً قليلاً وإذ الشمس طالعة؛ لأن هذا الجبل الذي كان هو نزل عنده، وإذا به طاح وراح بسبب أن السلسلة تهوي وتنزل.
فإذاً: الذي كان في ذاك المكان الثاني ما في بين الرجلين يمكن خمس دقائق أو عشر دقائق بالسيارة، لا يصح له أن يصلي به هذا الإنسان الأول.