الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحال ما أستطيع إجابة المؤذن، أما الآخرون فالله حسيبهم هل كانوا مستطيعي الإجابة أو لا، هذا بينهم وبين ربهم.
«الهدى والنور/490/ 56: 50: 00»
هل يشرع ترديد الأذان المخالف للسنة؟ وحكم من دخل المسجد يوم الجمعة والخطيب على المنبر والمؤذن يؤذن، والكلام على أن ترديد الأذان مستحب
السائل: نُقِل عنك أنك قلت: إن الأذان الموجود الذي عرفنا إنه ما يجوز لك الترديد وراءه؛ لأنه بواسطة الأجهزة، فبناء على ذلك حبيت أن توضِّح؟
الشيخ: هذا سؤال جيد، نحن نقول: إذا كان الأذان ملحوناً كما هو غالب الأذانات التي نسمعها، فليس بالمشروع في الشرع المعروف إجابته.
والحقيقة أن هذه النقطة فيها دِقَّة أرجو أن تنتبهوا لها.
كثيراً ما نلاحظ بعض الإخوان وغيرهم يدخلون المسجد يوم الجمعة، وهذا الأذان المُوَحَّد المخالف لسنة التوحيد يؤذن، فيقف الداخل المسجد واقفاً والخطيب على المنبر، ينتظر حتى يجيب المؤذن وينتهي من الإجابة ثم يشرع في صلاة تحية المسجد، إن لم يكن من أولئك المُغَرَّر بهم الذين يظنون أن بين يَدِي صلاة الجمعة سنة قبلية زعموا، فمجرد ما ينتهي الأذان يقوم الخطيب يشرع في الخطبة وهو يشرع بالتحية في أحسن الأحوال أو بالسنة القبلية، هذا خطأ.
من دخل يوم الجمعة إلى المسجد والخطيب على المنبر والأذان يؤذن، فلا يَشْغَل نفسه بإجابة المؤذن، حتى ولو كان أذانه شرعياً، لماذا؟
لأن إجابة المؤذن سنة مستحبة، حتى لو كان الأذان مشروعاً، فما ينبغي أن ينتظر أن يفرغ المؤذن من أذانه ثم يشرع في التحية، لماذا؟
لأن إجابة المؤذن هو أمر مستحب، والتحية واجبة، والإصغاء إلى الخطيب
أيضاً واجب، فيجب أن لا ينشغل بالمستحب عن الواجب، ما هو الواجب الذي سينشغل عنه بإجابته للمؤذن هو التفرغ لسماع خطبة الخطيب؛ لأنه بمقدار هذا الانتظار في إجابته للأذان سيأخذ من وقت الإصغاء للخطيب.
إذاً: إذا دخل الداخل يوم الجمعة المسجد والإمام على المنبر ينتظر حتى يفرغ الأذان يشرع بالخطبة، فهذا الداخل فور دخوله المسجد يشرع بالتحية، لكي يتفرغ فيما بعد للإصغاء لخطبة الخطيب من أَوَّلها إلى آخرها، وهذا يَجُرُّني إلى تنبيه آخر وهو: أن يُخَفِّف التحية كما جاء في الحديث المعروف: «وليُوجِز فيهما» ؛ لأن الغاية من هذا الأمر بالإيجاز هو تفريغ هذا الإنسان ليصغي، فإذاً: لا يتأخر بإجابته للمؤذن عن الشروع في صلاة التحية.
هل بقي عندك شيء؟
السائل: جزاك الله خيراً.
الشيخ: وإياكم.
السؤال: أستاذنا هنا في هذه اللحظة وهو يصلي كي يتفرغ لسماع الخطبة والمؤذن يؤذن، المؤذن الآن في مساجدنا يؤذن على سماعات وهي عالية الصوت، فيشوش على هذا المصلي، فأليس من باب أولى أن يؤجل صلاته حتى ينتهي المؤذن ثم يصلي ويوجز كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: هذا كلام صحيح وليس بصحيح، صحيح لو لم يكن هناك خطبة، فأليس الخطيب سيشوش عليه إذاً؟
مداخلة: نعم.
مداخلة: طيب، بالتعقيب على الجواب الماضي: ما هو الصارف الذي صرف الحديث الأمر بوجوب الترديد خلف المؤذن إلى الاستحباب؟
الشيخ: هذا سؤال طيب، أستغله طيباً.
السلفية هل التي جعلتنا نقول هذا الكلام، وهذه الحقيقة نقطة مهمة جداً، من حججنا في أنه لا يكفي المسلم في هذا العصر أن يَدَّعي أنه يتبنى الكتاب والسنة فقط، لا يكفي هذا لسببين اثنين:
السبب الأول: كما نقول دائماً وأبداً بمثل هذه المناسبة، وأرجو أن تنتبهوا لهذه النقطة فإنها مهمة جداً جداً جداً.
السبب الأول: أنه من المعلوم لدى كل الشباب المسلم اليوم الذي يتوق دائماً وأبداً إلى أن يرى حكم الله عز وجل مُطَبَّقاً على هذه الأرض، هم لا يعلمون أن المسلمين اليوم انقسموا إلى طوائف كثيرة وكثيرة جداً، بالإضافة إلى الانقسام المتوارث من القرون الماضية، فكل هذه الطوائف وكل تلك الفرق التي يتحدث التاريخ عنها لا يوجد فيها فرقة تقول إلا مثل ما نقول: الكتاب والسنة، فيه فرقة مهما كانت عريقة بالضلال تقول: نحن مسلمون ولسنا على الكتاب والسنة؟ لا وجود لمثل هذه الطائفة أبداً، كل طائفة حتى القاديانية التي كَفَرت ببعض الأحكام الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة، هم يقولون: نحن على الكتاب والسنة، ولا أُريد الإفاضة في هذه الزاوية أو في هذه النقطة بخاصة.
إذاً: لهذا السبب لا يكفي أن نقول: نحن نرجع إلى الكتاب والسنة، لأنه لا فرق حينئذٍ بيننا وبين كل الطوائف الأخرى من صوفية من مبتدعة من جبرية من قدرية من من .. إلخ.
السبب الثاني: وهنا كما يقال «بيت القصيد» : يجب أن نضم إلى الكتاب والسنة اتباع سبيل المؤمنين المُصَرَّح به في القرآن الكريم، والمُبَيَّن والمُوَضَّح في عديد من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنكم تقرؤون قول الله عز وجل:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].
وكل مسلم عنده شيء من الثقافة الشرعية يعلم أن كلام الله تبارك وتعالى
يترفع ويتنزه عن أن يكون فيه لفظة ليس لها معنى، لابد أن يكون هناك معنى ومعنى دقيق، فكيف إذا كانت جملة كاملة هي قوله تبارك وتعالى:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} ، لابد أن لهذه الجملة فائدة هامة جداً، أي أن الآية الكريمة لو قرئت خطأً على النحو التالي:«ومن يُشَاقِق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نُوَله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً» هل يكون أخل بالمعنى أم لا؟
لا شك أنه أخل بالمعنى، إذاً: ما هو المعنى المقصود من قوله تعالى في هذه الجملة: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} ؟
هنا بيت القصيد، نحن ننتمي إلى الكتاب والسنة، يجب علينا أن نفهم الكتاب والسنة على ما فهمه السلف الصالح؛ ذلك لأن السلف الصالح تلقوا الشريعة من فهم النبي صلى الله عليه وسلم غضاً طرياً، ومن الخلافات المعروفة في كتب أصول الفقه فضلاً عن كتب فروع الفقه، اختلافهم في الأمر الصادر من الله أو من رسوله، هل الأصل فيه الوجوب أم الأصل فيه الاستحباب، أم ليس هناك أصل وإنما يُفَسَّر حسب القرائن؟
مسألة خلافية مع أنها من علم أصول الفقه الذي يتفرع حوله استنباط الألوف المؤلفة من الأحكام الشرعية، وقع هذا الخلاف، وإلى اليوم يوجد حزب إسلامي على وجه الأرض يتبنى قاعدة خلاف ما تبناه علماء الأصول جمهور علماء الأصول، وهي أن الأمر لا يفيد الوجوب، وإنما مرجع ذلك للقرينة.
وأذكر نكتةً بهذه المناسبة تُفِيد الحاضرين إن شاء الله، «لنا أخ هناك في دمشق كان يعمل مع رجل في دار نشر، ذاك الرجل كان هو مدير تحت يده عمال، كان يتبنى هذا الرأي الحزبي وهو أن الأمر لا يفيد الوجوب، فجرى نقاش بين الرئيس وبين المرؤوس، المرؤوس من إخواننا يتبنى الرأي الصحيح، وعليه أدلة، ولسنا الآن بصددها: أن الأمر للوجوب إلا لقرينة، ذاك يتبنى لا يفيد الوجوب إلا بقرينة، فجاءني صاحبي يشكو، قال: جرى بيني وبين فلان نقاش طويل حول هذه المسألة، وصاحبي هذا ما فيه عنده من الثقافة الإسلامية السلفية ما يشجعني عن أن ألقي
عليه محاضرة من أجل يتمكن بها أن يناقش ذلك الحزبي في هذه الفكرة، فَقَدَّمت له اقتراحاً، قلت له: يا أخي الشغلة بسيطة، أنت مأمور، كلما أمرك بأمر قلت له باللغة السورية: طنش، يعني: اعمل حالك أنك ما سمعت، لا ترد عليه، لا تتجاوب معه، ذلك سيطلع [غيظه]، سيقول له: يا فلان! ما بك أنت، أنا آمرك بكذا، قل له: يا أستاذ الأمر لا يفيد الوجوب.
شاهدي من هذا المثال كما يقول أيضاً العلماء: لسان الحال أنطق من لسان المقال، فليس الأمر تارة يفيد الوجوب تارة يفيد الاستحباب تارة يفيد الإباحة تارة يفيد أيش الهزء، «ذق إنك أنت العزيز الكريم» من الذي يستطيع أن يُحَدّد مقصود الآمر البعيد أم القريب، السامع المشاهد؟
لا شك أن هذا هو الذي يستطيع أن يفهم أن هذا الأمر كان للوجوب وإلا كان للاستحباب والا والا .. إلخ.
الآن: هؤلاء الذي رووا لنا الحديث السابق: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول» هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في الموطأ «موطأ الإمام مالك» بالسند الصحيح أن الناس في زمان عمر والخطيب على المنبر كانوا يتكلمون، فإذا شرع في الخطبة أمسكوا عن الكلام، فهنا نحن نقول: لو كان إجابة المؤذن واجب كان الصمت عندما يخطب الخطيب عند الجمعة لكانوا ما يأخذون من كلام، وإنما يأخذون في إجابة المؤذن، لما قال الراوي في زمن عمر وعمر على المنبر:«كنا نتكلم، فإذا شرع عمر بالخطبة أنصتنا» فهمنا من هذا أنهم كانوا لا يرون أن إجابة المؤذن واجبة، هذا هو الدليل. ولعله يكفي؟
مداخلة: إن شاء الله.
الشيخ: إن شاء الله.
مداخلة: لو كان الأمر واجبًا هل يمنع ذلك ألَاّ نتكلم؟
الشيخ: كيف، تتكلم وتجيب؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: كيف يمكن هذا.
مداخلة: أَذَّن المؤذن.
الشيخ: لا لا، صَوِّر لي كيف يمكن؟
مداخلة: المؤذن يقول: الله أكبر الله أكبر أنا أتكلم، بعد أن ينهي أنا أقول: الله أكبر الله أكبر.
الشيخ: هذا أولاً فيه تَكَلُّف وواضح جداً، أولاً: كأنك أنت تتصور أن ذاك الأذان مثل أذاننا هنا، يعني: فيه متسع من الوقت، بينما هناك الأذان كان على البساطة، مثلما هو يُؤَذِّن أنت تقول، فلا يبقى عندك من المجال أن تجمع بين الكلام الذي يقول عنه علماء اللغة كلام هام كلما أنت أجبت كلما أنت تكلمت وهكذا، يعني تتصور أمر هو محض الخيال ما هو واقعي، هذا أولاً.
ثانياً: لو كان الأمر كما قلت، كان يتحدث المتحدث بأننا كنا نجيب ونتكلم كان يجمع بين الأمرين كما هو مجموع في ذهنك أنت.
وهذا يُذَكِّرني بناحية مُهِمّة جداً، والعلم واسع، كثير من الناس لما يتناقشوا في بعض المسائل ويقفون عند بعض الأحاديث يقولوا: يجوز أن يكون الرسول قال كذا، وأنا أضرب لكم مثلاً أنا حديث عهد به، تعرفون حديث الخثعمية في الحج، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن رمى الجمرة لقيته امرأة خثعمية، وكان رديفه عليه السلام الفضل بن عباس، فكان ينظر إليها وتنظر إليه، وكانت جميلة وكان هو الفضل وضيئاً، فصرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل إلى جهة أخرى، فقال عَمُّه العباس: لماذا يا رسول الله؟ قال: «إني رأيت شاباً وشابة، فخشيت عليهما الشيطان» الموضوع له علاقة بقضية وجه المرأة هل هو عورة وداخل في عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] فيه خلاف بين العلماء قديماً وحديثاً، لسنا في هذا الصدد.
فالموضوع: أن الذين يقولون بأن الآية تعني تغطية الوجه، يُعارضون لهم بحق بحديث الخثعمية، فماذا يجيب بعضهم، وهنا الشاهد؛ لأن الاستدلال بحديث الخثعمية أنها كانت جميلة، فما أدرى الراوي أنها كانت جميلة، ولماذا كان ينظر الفضل إذا كانت معبأة بالسواد من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.
إذاً: هي كانت كاشفة عن وجهها، خاصةً وهي كما يقولون هم كانت مُحْرِمة، والمُحْرِمة لا يجوز لها أن تنتقب، وإن كان يجوز لها أن تُسْدِل.
فيأتي الاعتراض على القائلين بوجوب ستر الوجه: لو كان الستر واجباً لأمرها عليه الصلاة والسلام بأن تستر وجهها، هنا الشاهد، ماذا يقول البعض؟ : يمكن أن الرسول عليه السلام أمرها بالستر، نحن نقول كما جاء في بعض الآثار عن ابن عمر: اجعل قولة «يمكن» عند ذاك الكوكب.
هذا الاحتمال يفتح علينا إشكالات كثيرة في الروايات، أول شيء، معناها: نسبنا إلى راوي الحديث وهو عبد الله بن عباس أخو الفضل بن عباس أنه ما روى الحادثة بكاملها، فلماذا نقول: يمكن أن يكون الرسول أمرها، لو كان الرسول أمرها هل هذا يُكتم أم يُنْقَل؟ لابد أن يُنْقَل، وإن لم يُنْقَل، فإذاً: ما أمر، أقول هذا يفتح علينا بابًا كبيرًا جداً: كل بدعة ننكرها نحن اليوم حجتنا فيها يا أخي: «لو كان خيراً لسبقونا إليه» ما أدراك أنهم ما فعلوا هذا الشيء، جوابنا: لو فعلوا كانوا نقلوا، فإذا قلنا ممكن نحن أن يقع ولا ينقل معناها خرّبنا مشربنا ومذهبنا.
فالآن: أنا أرجع إلى رواية الموطأ: لو كان فيه هناك جمع بين إجابة وبين كلام كان الراوي كما تتصور أنت ينقل الأمرين، لكن هو ينقل كنا نتكلم، أنت بإمكانك أن تقول: إن الكلام ما ينافي الإجابة، أنا أقول معك: صحيح، ولكن أيضاً الكلام ما ينافي عدم الإجابة، فتبقى الحجة قائمة، هذا ما عندي حول هذه النقطة.