الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجواب الثاني: نفترض أنه ما علمنا بهذا الحديث المخصص، نقول: هو قال لأمته: «لا صلاة بعد العصر» لكن هو له أن يفعل، له خصوصيات، تزوج مثلاً بتسع من النساء وأكثر، بينما لما جاءه رجل وعنده تسع نساء وأسلم قال له:«أمسك أربعاً منهن، وطلق سائرهن» في خلاف هذا بين هذا وبين ذاك؟ لا، هذه خصوصية للرسول عليه السلام.
إذاً: كون الرسول صلى بعد العصر تكون هذه خصوصية له، لكن هذا يأتي متى؟ فيما إذا كنا على غير علم بحديث علي:«إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية» .
سؤال: بالنسبة لحديث علي: الحديث رأي لعلي، أم روى الحديث علي عن الرسول عليه الصلاة والسلام؟
الشيخ: أنا قلت: حديث علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر، «إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية» . فهو حديث مرفوع.
«الهدى والنور / 142/ 35: 00: 00»
التنفل بعد العصر
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70]{يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71].
أما بعد ..
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
لعل من المناسب، وقد أتيناكم بعد صلاة العصر في وقت من الأوقات المعروفة في الشرع كراهة الصلاة فيها، ولا بد أنكم لاحظتم أنني مع ذلك ومع بعض إخواننا القادمين معنا، لم يجلسوا إلا بعد أن صلوا ركعتين.
فقد يتساءل بعض الحاضرين ممن يعلم الحكم الشرعي الذي أشرت إليه آنفاً ألا وهو: كراهة الصلاة بعد صلاة العصر، فيتساءل فما حال هذه الصلاة التي صلاها هؤلاء الإخوان؟
وجوابنا على ذلك والدين النصيحة أولاً، وثانياً: إن من خير ما ينبغي لمن كان عنده شيء من العلم أن يُبَيِّنه للناس وألَاّ يكتمه، إنما هو العلم الذي يكون بالنسبة لعامة الناس في حكم العلم المجهول، فبيان هذا العلم المجهول وهو في الواقع علم معروف في السنة، مثل هذا العلم هو الذي ينبغي على العالم أو على طلاب العلم أن يُبَيِّنوه للناس ولا يكتموه، وبخاصة إذا كان العلم بهذا الشيء شيئاً يكثر تَعَرُّض الناس لمثله إما إيجاباً إما سلباً، أعني: أن المسلم لا بد أن يتعرض لدخوله المسجد في مثل هذا الوقت المكروه، فهذا أمر لا غنى لأيِّ مسلم من أن يعرفه إذا ما دخل المسجد في وقت الكراهة كهذا الوقت، فما هو واجبه؟ أيجلس اتباعاً للقاعدة العامة، وهي الثابتة في مثل قوله عليه السلام:«ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» أم هناك مستثنيات من هذه القاعدة، هذه هي الحقيقة التي يجب على كل مسلم مُكَلّف أن يعرف أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها، أي: كراهة الصلاة في الأوقات المعروفة، ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بكثير من القيود.
ولا أريد الآن أن أُلقي عليكم درساً فقهياً فيما يتعلق بالصلاة، فنحن الآن في شهر الصيام، ولكن لا بد من أن أَذْكُر لكم ما يتعلق بهذه المناسبة التي رأيتموها
وهي الصلاة بعد العصر، فأقول: إن الصلاة التي تُعْرَف عند العلماء بتحية المسجد، هذه الصلاة من جملة المستثنيات من تلك القاعدة العامة:«ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس .. » - هناك مستثنيات كثيرة، وكما قلت آنفاً: لا مناسبة الآن لبيانها أو إحصائها، وإنما من تلك المستثنيات- تحية المسجد؛ ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» .
هنا طبعاً تفصيل فقهي دقيق جداً، حيث أنه تعارض عمومان اثنان:«لا صلاة بعد العصر» فهو نص عام، وقوله:«إذا دخل أحدكم المسجد» فهو أيضاً نص عام، فأي العامين يُقَدَّم على الآخر؟
البحث يحتاج إلى شيء من التفصيل، ولا ضرورة الآن للخوض فيه أيضاً، إلا إن مد الله عز وجل وبارك في الوقت وبدا لأحد الحاضرين أن يطلب منا تفصيل ذلك، فأنا مستعد لذلك بعد أن نتفرغ من الإجابة عن الأحكام التي تتعلق بشهر الصيام.
ولكني لا بد لي أيضاً من ذكر مسألة مهمة جداً، تتعلق بما نحن فيه في هذا الوقت، ألا وهو قوله عليه السلام:«ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» هذا النص العام ليس على إطلاقه فقد جاء مُقَيَّداً في حديثين اثنين:
أحدهما: من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- والآخر: من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- كل منهما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم تقييداً للحديث العام: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، قالوا: .. » أي قال: علي وأنس رضي الله تعالى عنهما، رويا الحديث بالقيد التالي:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نَقِيَّة» .
إذاً: هذا أمر أوسع من الأمر السابق .. في الأمر السابق قلنا: إن التحية تُصَلَّى في وقت الكراهة، أي: ولو كان ذلك عند اصفرار الشمس، أَمَّا والوقت الآن لم تصفر الشمس، بل هي كما ترونها بيضاء نقية، إذاً: لو أراد المسلم أن يتطوع أيضاً بعد