الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشروعية الأذان للمنفرد
مداخلة: شيخنا الحقيقة لا أذكر [لعله في] حديث المسيء صلاته، أنه في بعض الطرق، قال:«إذا قمت إلى الصلاة فَأَذِّن، ثم أقم، ثم كبر» .
الشيخ: نعم، هذا موجود في «سنن أبي داود» مصححاً.
مداخلة: وهو صحيح.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: وهذا مما يؤكد أن الأذان مشروع للمنفرد وغير المنفرد.
الشيخ: نعم.
«الهدى والنور / 179/ 06: 08: 01»
أخذ المؤذن للراتب
السائل: يا شيخ ما تفضلت به بالنسبة للأجر على الأذان، الحمد لله إحنا كنا بنأخذ أجر رواتب فلوس دنانير، نأخذه يوم السابع والعشرين من الشهر، وإذا ما أخذناها لا بنؤذن ولا بنداوم، يعني هيك أغلب الناس حمانا الله وإياك.
الشيخ: اللهم آمين.
السائل: فلو الشيخ يبين لنا حكم أخذ هذه الرواتب والحالة هذه؟
الشيخ: علماً: إنه بيخدم المسجد أيضاً؟
السائل: بيخدم المسجد، بس يوم الثلاثة ما بيخدم المسجد لأنها عطلة؟
الشيخ: ما بيصلي نهائياً؟
السائل: في بعضهم، لكن إحنا نريد يعني ما يراه شيخنا حفظه الله.
الشيخ: أولاً: هناك خطأ لفظي يشترك فيه كل مؤذن أو موظف في الوزارة وزارة الأوقاف، ولو كان مخلصاً في وظيفته فهو يشترك في خطأ مع غيره ممن هو قد لا يشاركهم في عدم الإخلاص، لكن يشاركهم في التعبير.
والإسلام من كماله وسعة دائرة فوائده أنه جاء ليُصْلِح أيضاً ظواهر الناس وألفاظهم، وليس فقط بواطنهم وقلوبهم، جاءهم بكل خير، من ذلك قوله عليه السلام «إياك وما يُعْتَذر منه» لا تكلمن بكلام تعتذر به عند الناس، «لا يقولن أحدكم خَبُثَت نفسي، ولكن لقست» .
لقست وخبثت معناهما واحد، لكن لفظة الخبيث خبيثة؛ فصرف الرسول المسلمين أن يتلفظوا بهذا اللفظ وأراد منهم أن يأتو بلفظة لطيفة تؤدي نفس المعنى «لا يقُولَنَّ أحدكم خَبُثت نفسي، ولكن لقست» .
هذا يؤخذ منه أن الإنسان يجب أن يختار اللفظة والعبارة التي تُعَبِّر عمَّا في نيته تماماً، ولا يتكلم بكلام يقول والله أنا قصدت كذا، وهذا يقع كثيراً.
وإذا كان الأمر كذلك في الأمور العادية فكيف يكون الأمر في الأمور الدينية، ولا يجوز للمسلم أن يتلفظ بكلمة تتعلق بالله أو برسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يجوز ولا ينبغي أن يقال، ولو أن نيته كانت حسنة.
هذه توطئة، لنقول: لا يجوز للمسلم أن يقول نحن نؤم الناس ونُؤَذِّن ونأخذ أجراً؛ لأن هذا يصدم الحديث السابق الذكر الذي أوصى به نبيُنا عثمان بن أبي العاص، حين قال له:«واتخذ مُؤَذِناً لا يأخذ على أذانه أجرًا» فكيف يقول المسلم عن نفسه أنا آخذ على أذاني وعلى إمامتي أجرًا.
الأصل أن يقال: ما حكم ما يأخذه الموظف في الدولة وظيفة شرعية كالإمامة والتأذين والخطابة، ونحو ذلك؟ لنُجِيب على هذا.
فنقول: إذا أخذه على كونه أجراً فهو إثم وهو سحت؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن يأخذ على عبادةٍ يقوم بها أجراً عاجلاً من حطام الدنيا، وإنما يجب أن يبتغي بذلك
وجه الله، كما قال الله عز وجل {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} «البينة: 5» وقال عليه السلام: «بَشِّروا هذه الأمة بالرفعة والسناء والمجد والتمكين في الأرض، ومن عمل منهم عملاً للدنيا، فليس له في الآخرة من نصيب» .
فكل هؤلاء الموظفين في الوظائف الشرعية، يجب أن تكون نيتهم خالصة لوجه الله عز وجل، بعد هذا لا يهمهم إن جاءهم راتباً من قِبَل الدولة؛ إذا هم لم يأخذوه أجراً.
السائل: رعاك الله.
الشيخ: ورعاك معي ومع الحاضرين جميعاً، لا ينبغي أن يأخذ ما يُرَتَّب له من راتب على أنه أجر، وإنما هو راتب فعلاً.
ونحن نعلم من التاريخ الإسلامي الأول وبخاصة في عهد العمرين الأنورين عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز بأنهما حاولا أن يجعلا لكل مسلم كبيراً أو صغير راتباً من الدولة، فالراتب من الدولة لا ينبغي أن يكون مقابل وظيفة يقوم بها المكلف، وإنما ينبغي أن يكون
…
راتباً مجاناً نستطيع أن نقول من قبل الدولة؛ وذلك ليعيش المسلمون في غنى عن الاهتمام بالدنيا، وينصرفوا للعمل بالآخرة.
فإذاً: هنا نستطيع أن نقول «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» فمن أخذ هذا الراتب على أنه أجر فهو آثم، وهو ما يأخذه فهو سحت، ومن أخذه من باب الراتب والتعويض عما يفوته فلا بأس من ذلك إن شاء الله ما دام أنه في قلبه مخلص في عبادته لله عز وجل.
ولكن هنا لا بد من التنبيه على أمور تَدِقّ ومن دِقَّتها تخفى على بعض هؤلاء الموظفين في بعض الوظائف الدينية، من ذلك -مثلاً- أنني أرى بعض هؤلاء الموظفين لا يواظبون على أداء وظيفتهم في بعض الأيام، فأسأل، فأُجاب بأنه مُجَاز فأقول: مُجاز هذا في الوظائف الدولة غير أيش؟ غير الوظائف الدينية شو مجاز؟
السائل: لا، والسبت كمان.
الشيخ: فهذا مُجَاز غلب عليه أحد شيئين، وأحلاهما مر؛ المُرّ أنه تأثر بعادة كل الموظفين، فالموظفين هذا الذي بالبنك وهذا الذي بالضرائب وهذا الذي بالجمارك وإلى آخره، هؤلاء لهم إيش؟ إجازات، فغلبت عليه هذه العادة عند الآخرين، فهو يقولها هكذا عفو الخاطر.
هذا مُرّ؛ لأنه يتعلق بالألفاظ التي أشرنا -آنفاً- إلى أن الشارع الحكيم هَذَّبنا وأدَّبنا وأحسن تأديبنا، ونهانا عن أن نتلفظ بشيء ما ينبغي أن نتلفظ به، هذا مُرّ، والأَمَرُّ أن يكون واقعاً يستسيغ هذه الإجازة، ومعنى ذلك أنه يستسيغ عدم القيام بالطاعة.
هذا هو تفسير هذه الإجازة في العبادات الدينية الذي يصلي بالناس إماماً له أجر من يصلي خلفه إيش معنى قوله أنا مجاز ولا يصلي إماماً، والذي يؤذن وقد عرفتم فضائله .. الشاهد: لا يجوز للموظف وظيفة دينية أن يتمتع بالإجازة التي تعطيها الأوقاف له ويتمتع بها وهو في غير حاجة لها.
أريد أن أُقَيِّد كلامي السابق حتى لا يُفْهَم على إطلاقه، وقد يكون الرجل رب عائلة ولا يتمكن بالقيام ببعض لوازم بيته أو أهل بيته إلا في وقت الإجازة، ما في مانع بذلك، ولولم يُجَزْ رسمياً ما في مانع أن يجيب عنه شخص يصلي بديلاً عنه أو يؤذن أو يخطب إلى آخره، لأن له عذراً شرعياً، وفي هذه الحالة ليس بحاجة إلى أن يأخذ إجازة نظامية أو روتينية كما يقولون فهو ليس بحاجة يشعر أنه ليس بحاجة إليها مع ذلك هو يتمتع بهذه الإجازة التي يتمتع بها كل الموظفين.
فيجب أن يشعر هذا الموظف أنه ليس كسائر الموظفين، هذا الموظف -إذا صح التعبير- عند الله في وظيفة من الوظيفة الدينية، فكيف ينسى هذه الفضيلة وهذه المنقبة ويتجاهلها ويقول أنا مجاز، هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.