الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي
…
» وقد مضى في الكتاب في فقرة الذكر عند الأذان فالجواب: ان الخطاب فيه للسامعين المأمورين بإجابة المؤذن ولا يدخل فيه المؤذن نفسه وإلا لزم القول بأنه يجيب أيضا نفسه بنفسه وهذا لا قائل به والقول به بدعة في الدين.
فإن قيل: فهل يمنع المؤذن من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سرا؟
قلت: لا يمنع مطلقا وإنما يمنع من أن يلتزمها عقب الأذان خشية الزيادة فيه وأن يلحق به ما ليس منه ويسوى بين من نص عليه صلى الله عليه وسلم وهو السامع - ومن لم ينص عليه - وهو المؤذن - وكل ذلك لا يجوز القول به. فليتأمل.
[تمام المنة ص «158»]
حكم الصلاة على رسول الله عقيب الأذان
السؤال: ما حكم الصلاة على سيدنا رسول الله عقيب الأذان؟
الشيخ: تدور عليه أحكام كثيرة: تارةً يكون فرضاً، وتارةً يكون واجباً، وتارةً يكون سنةً أو مستحباً، وتارةً يكون بدعةً، هذا هو الجواب.
السائل: بعد الأذان.
الشيخ: أنا ما سمعت كلمة بعد الأذان.
السائل: ما حكم الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عقيب الأذان؟
الشيخ: أنا ما سمعت عقيب الأذان، لذلك أجبتك بهذا الجواب التفصيلي، الجواب بالنسبة للصلاة على الرسول بعد الأذان:
بالنسبة لمن يسمع الأذان فهو إما واجب وإما سنة، لقوله عليه السلام: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صَلُّوا عليَّ، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لرجل، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة
حلت له شفاعتي يوم القيامة» وفي الحديث عبارة ذهبت عني: «فصلوا عليَّ، فمن صلى علي مرةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ومن سأل لي الوسيلة حَلَّت له شفاعتي يوم القيامة» .
أما بالنسبة للمؤذن -وبخاصة ما هو واقع اليوم- فلا شك في أن الصلاة على الرسول عليه السلام بأنها بدعة لم يفعلها السلف الصالح، ولذلك يجب التفريق بين صلاة وصلاة، فالعلماء -مثلاً- يقولون: بأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذُكِرَ في مجلس وجب الصلاة عليه على الأقل مرةً واحدة، لكن الأفضل كلما ذكر الصلاة عليه، كما قال عليه السلام في أحاديث كثيرة منها:«البخيل من ذكرت عنده ولم يُصَلِّ عليَّ» هذا بيان أن الصلاة قد تكون مرةً هكذا، وقد تكون مرةً هكذا.
ولذلك: فالمسلم يجب أن يكون بصيراً في دينه، ولا يخلط بين صلاة وصلاة، فأنا ذكرت لك آنفاً أن الذي يسمع الأذان فعليه أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إما وجوباً كما هو ظاهر الحديث وإما استحباباً كما هو رأي جمهور العلماء.
فأقول: الصلاة على الرسول تختلف أحكامها باختلاف مواطنها، مثلاً: الخطيب يوم الجمعة روى حديثاً أو أحاديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد ما قال:
قال الله تعالى في القرآن الكريم كذا وكذا، هل يجوز لنا أن نصلي على نبينا والخطيب يخطب؟ نقول: لا، لماذا؟
لأن قوله عليه السلام: «إذا قلتَ لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب: أنصت، فقد لغوت» قولك: «أنصت» أمر بمعروف، هذا الأمر الواجب يسقط والخطيب يخطب يوم الجمعة، فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وبخاصة إذا كان مبتلىً، ولا تستعجلوا عليّ تستنكروا تعبيري، إذا كان مبتلى بحبه لحديث نبيه صلى الله عليه وسلم فهو لا يكاد يتكلم بكلمة إلا ويتبعها بقوله: صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله يقول: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35].
إذاً: الابتلاء يكون بالخير ويكون بالشر، فإذا كان الله يبتلي إنساناً بالإكثار من
أحاديث الرسول عليه السلام في يوم الجمعة، وكلما ذكر الرسول: اللهم صل على محمد، صلى الله عليه وسلم، صار مجلس يوم الجمعة فوضى، وخالفنا بذلك حكمة قول نبينا: «إذا قلت أنصت
…
إلخ» الحديث، فقد لغوت.
لذلك: ليس على كيفنا نحن متى ما نريد نصلي ومتى ما نريد لا نصلي، لا، إنما هو كما قال تعالى:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
فنحن نعود كما قلنا في بحثنا السابق: نفهم شريعة ربنا من كتاب ربنا وأحاديث نبينا وتطبيق السلف الصالح لذلك، فالسلف الصالح كما هو متفق عليه بين المسلمين كان مُؤَذِّنهم يبتدئ الأذان بالتكبير وينهيه بالتهليل لا إله إلا الله وينزل، إن شاء بعد نزوله كما قال في الحديث الصحيح:«كم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قال: إذاً: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذاً: يُغفر لك ذنبك» .. أيضاً رزقك أو أي شيء في الحديث.
الشاهد: بعد ما ينزل هذا المؤذن من منارته أو مكان أذانه، فيكثر ما شاء من الصلاة، أما أن نجعل شعيرة ونوجد خلافاً بين المسلمين: لا هذه بدعة، لا هذه سنة، لا .. إلخ، ويسعنا ما وسع سلفنا الصالح، كان يؤذن أحدهم وينتهي أذانه بلا إله إلا الله وينزل، ولا أحد بعد ذلك يقول له: قرأت قرآن، أو ذكرت الله، أو صليت على النبي صلى الله عليه وسلم، ما أحد له علاقة به إطلاقاً، أما أن تصبح الصلاة على الرسول شعيرة مع الأذان، وشعيرة خطيرة جداً، هذا محب للرسول عليه السلام، أما هذا الذي يؤذن ولا يصلي على الرسول هذا مبغض للرسول عليه السلام، الله أكبر، ما الذي أوقع المسلمين في هذا؟
هذا من شؤم الابتداع في الدين {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 31]{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 32].
نعلم -مع الأسف الشديد- أن أكثر الناس في بلدنا هذا وفي سوريا وفي غيرها
أن الذي ما يصلي على الرسول بعد الأذان هذا هو المبتدع وهذا هو المبغض للرسول عليه السلام، والحقيقة كما قيل: رمتني بدائها وانسلت.
الحقيقة: أن المُحِّب للرسول عليه السلام هو الذي يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى في القرآن الكريم:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]، ومن هنا قال الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
…
إن السفينة لا تجري على اليَبَسِ
وماذا قال أيضاً:
تعصي الإله وأنت تُظْهِر حبه
…
هذا لعمرك في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته
…
إن المحب لمن يحب مطيع
المحب لمن يحب مطيع على عماها، أين هذا؟ هذا بين الناس، واحد يحب امرأة مثلاً دنسة قذرة .. إلخ، فينفق في سبيلها كل غالي ورخيص كما يقولون، لكن نحن ندعي حُبّ الرسول عليه السلام، لماذا لا نكبح من جماح نفوسنا، ونوقفها عند حدود سنة نبينا، لنثبت تماماً أننا نحب الرسول عليه السلام، دليل الاتباع:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] هذا جوابي على ما سألت، بارك الله فيك.
سؤال: نفس الموضوع أستاذي، ذكر الحافظ ابن حجر في «إنباه الغمر» أن إلحاق الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بعد الأذان لم تكن إلا في سنة 812 هـ، قال: وأول من ابتدعه الفاطميون الذين هم العبيديون المعروفون.
الشيخ: صحيح هذا معروف، الذين كانوا في مصر.
السائل: فانظر ثمانمائة سنة لم يفعلها لا القرن الأول ولا الثاني ولا الثالث، مؤذنوا النبي عليه الصلاة والسلام وكذا، إنما جاءت .. والاقتداء ينبغي أن يكون في الأول.