الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول وآخر وقت صلاة الفجر
(1)
أول وقتها حين يطلع الفجر كما سبق في حديث أبي هريرة.
و«إن الفجر ليس الذي يقول هكذا «وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض» ولكن الذي يقول هكذا «ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه» . «مسلم 3/ 129» و «خ» وزاد: عن يمينه وشماله.
وكان صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس. «متفق عليه عن جابر» .
ولم يدخل بها في الإسفار إلا مرة واحدة قال أبو مسعود الأنصاري في حديث له: وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها كانت صلاته بعد ذلك الغلس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر.
رواه أبو داود «65» وطحا «104» والدارقطني «93» وابن حبان في «صحيحه» كما في نصب الراية «240» من طريق أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب أخبره عن عروة: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود به. وهذا إسناد حسن كما قال النووي «3/ 52» وقال الخطابي: «هو صحيح الإسناد» .
وأما ما أخرجه أحمد «2/ 135 - 136» من طريق أبي شعبة الطحان جار الأعمش عن أبي الربيع قال: كنت مع ابن عمر
…
فقلت له: إني أصلي معك الصبح ثم ألتفت فلا أرى وجه جليسي ثم أحيانا تسفر قال: كذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وأحببت أن أصليها كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها. فضعيف لا يقاومه وعلته أبو الربيع هذا قال الدارقطني:«مجهول» .
على أنه قد عارضه عن ابن عمر ما هو أقوى منه سندا فقال نهيك بن يريم: ثنا مغيث بن سمي قال: صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس فلما سلم أقبلت على ابن عمر فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: هذه صلاتنا كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) وينظر ما كان يقرؤه النبي صلى الله عليه وسلم في كل صلاة في كتاب صفة الصلاة من هذا الجامع. «قيده جامعه» .
وأبي بكر وعمر فلما طعن عمر أسفر بها عثمان.
أخرجه ابن ماجه «229 - 230» والطحاوي «104» عنه.
وهذا سند صحيح كما في «الزوائد» وفي «المجموع» «3/ 53» قال الترمذي في «كتاب العلل» :
قال البخاري: هذا حديث حسن.
وكان أحيانا يخرج منها في الغلس كما قالت عائشة: كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حتى يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس.
وأحيانا يخرج منها في الإسفار حين يعرف الرجل وجه جليسه كما قال أبو برزة الأسلمي: وكان صلى الله عليه وسلم ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه. [صحيح].
وهذا الإسفار هو المراد بقوله عليه الصلاة والسلام: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» أي: اخرجوا منها في وقت الإسفار، وذلك بإطالة القراءة فيها، وهذا التأويل لا بد منه ليتفق قوله صلى الله عليه وسلم هذا مع فعله الذي واظب عليه من الدخول فيها في وقت الغلس كما سبق، وهو الذي رجحه الحافظ ابن القيم في «إعلام الموقعين». وسبقه إلى ذلك الإمام الطحاوي من الحنفية وأطال في تقرير ذلك «1/ 104 - 109» وقال:
«إنه قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد» .
وإن كان ما نقله عن الأئمة الثلاثة مخالفا لما هو المشهور عنهم في كتب المذهب من استحباب الابتداء بالإسفار وقد مال إلى هذا الجمع أيضا من متأخري الأحناف العلامة أبو الحسنات اللكنوي في «التعليق للمجد» «42 - 44» .
وأما الحديث المذكور فحديث صحيح لكنه اختلف في لفظه فرواه باللفظ
المذكور الترمذي «289» والدارمي «277 ت» والطحاوي «106» والطيالسي «129» كلهم عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود ابن لبيد عن رافع بن خديج به.
وهذا سند حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق فإنه مدلس فيحتمل أنه سمعه بواسطة عن عاصم ويأتي ما يؤيد هذا الاحتمال.
ورواه أبو داود «69» وابن ماجه «230» وأحمد «4/ 140» كلهم عن سفيان ابن عيينة عن ابن عجلان عن عاصم به بلفظ: أصبحوا. بدل: أسفروا.
وكذلك رواه ابن إسحاق عن ابن عجلان فقال أحمد «3/ 465» : ثنا يزيد قال: أنا محمد بن إسحاق قال: أنبأنا ابن عجلان به.
وخالفهما عن ابن عجلان أبو خالد الأحمر فرواه عنه بلفظ: «أسفروا» . أخرجه عنه أحمد «4/ 142» وكذا يحيى بن سعيد عند النسائي وسفيان الثوري عند الطحاوي «105» وكذا الدارمي إلا أن هذا قال: «نوروا» .
وقد توبع عليه ابن عجلان فرواه زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر لكن اختلف عليه فيه سندا ومتنا.
أما السند فرواه أبو غسان: ثني زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر عن محمود عن لبيد عن رجال من قومه من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
…
فذكره.
أخرجه النسائي.
ورواه الليث بن سعد واسباط بن محمد أما الأول فقال: ثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عاصم بن رجال من قومه من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الطحاوي «106» .
وأما الآخر فقال: ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
أخرجه أحمد «4/ 243» .
فأسقط الأول من السند محمود بن لبيد شيخ عاصم بن عمر وأسقط الآخر عاصم بن عمر شيخ زيد بن أسلم.
وأما المتن فقال أبو غسان: «ما أسفرتم بالفجر» وقال الليث: «أصبحوا بالصبح فكلما أصبحتم بها» وقال أسباط: «أسفروا» .
وقد تابع هشاما عن زيد: حفص بن ميسرة مثل رواية الليث سندا ومتنا. رواه الطحاوي «105 - 106» .
وقد رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن محمود بن لبيد الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسفروا
…
» الحديث.
وهذا اختلاف آخر لكن عبد الرحمن بن زيد ضعيف.
ورواه شعبة عن أبي داود عن زيد بن أسقط عن محمود بن لبيد عن رافع ابن خديج مرفوعا به وأبو داود هذا هو نفيع الأعمى وهو متروك وقد كذبه ابن معين. وفيه اختلاف آخر على زيد بن أسلم ذكره في «نصب الراية» «1/ 236» فراجعه فيه.
وبالجملة فهذا اضطراب شديد في الحديث والصواب من حيث الإسناد رواية ابن عجلان عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج وذلك لأمرين: لاتصالها ولموافقة رواية أبي غسان عن زيد بن أسلم لها متنا وسندا إلا ما فيها من إبهام من رواتها من الصحابة عنه صلى الله عليه وسلم وليست بمخالفة فادحة كما لا يخفى، وإسنادها صحيح كما في «نصب الراية» «238» .
وللحديث شواهد كثيرة لا تخلو أسانيدها من مقال، وقد خرجها الزيلعي وكذا الهيثمي في «المجمع» «1/ 315 - 317» فليراجعها من شاء وكلها بلفظ:«أسفروا» وبعضها: «نوروا» . فهي في الجملة مؤيدة للفظ الذي رجحناه من حديث رافع وهو: أسفروا. ولكن قد علمت بما سلف أنه ليس المعنى: أسفروا ابتداء بل انتهاء إلا أنه يعكر على هذا المعنى ما خرجه ابن أبي حاتم في «العلل» «1/ 139 و
143 -
144» والطيالسي «129» وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهوية في مسانيده والطبراني في «معجمه» من طريق إسماعيل بن إبراهيم المديني عن هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال:
«أسفر بصلاة الصبح حتى يرى القوم مواقع نبلهم» .
وهذا سند رجاله ثقات لكن ما أرى أن هرير بن عبد الرحمن هذا سمعه من جده رافع فإنما يروي عن أبيه عبد الرحمن وقد ذكر الحافظ في «التقريب» أنه من الطبقة الخامسة يعني الطبقة الصغرى من التابعين الذين رأوا الواحد والاثنين من الصحابة ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش.
وعليه فالظاهر أن الحديث منقطع ولو صح لأمكن تأويله بمثل ما سبق في حديث رافع فيكون قوله: حتى يرى القوم مواقع نبلهم يعني: حين الفراغ منها لا الابتداء.
وما أخرجه البخاري «3/ 427» م «4/ 76» د «1/ 305» ن «2/ 47» حم «1/ 426 و 434» من حديث ابن مسعود قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها.
وفي رواية للبخاري «3/ 467» وأحمد «418 و 449» عن عبد الرحمن بن يزيد قال: خرجت مع عبد الله رضي الله عنه إلى مكة ثم قدمنا جمعا فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما ثم صلى الفجر حين طلع الفجر قائل يقول: طلع الفجر. وقائل يقول: لم يطلع الفجر. ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب والعشاء فلا يقدم الناس جمعا حتى يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة» .
فهذه الرواية تبين أن قوله في الرواية الأولى: وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها ليس على ظاهره لقوله في هذه: ثم صلى الفجر حين طلع الفجر.