الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآثار ما فيه مَغْمز أن يكشفوا عن حقيقته، فإن الكشفَ عن الحقائق أحمر. (1)
متن هذا الحديث:
قال صاحب المواهب اللدنية: "روى عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي! أخبرني عن أول شيء خلقه الله تعالى قبل الأشياء، قال: "يا جابر، إن الله تعالى قد خلق قبل الأشياء نورَ نبيك من نوره، فجعل ذلك النورَ يدور بالقدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوحٌ ولا قلم ولا جنةٌ ولا نار، ولا ملكٌ ولا سماءٌ ولا أرض، ولا شمسٌ ولا قمر، ولا جِنِّيٌّ ولا إنس. فلما أراد الله أن يخلق الخلقَ قسم ذلك النورَ أربعةَ أجزاء، فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش. ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول حَمَلةَ العرش، ومن الثاني الكرسيَّ، ومن الثالث باقي الملائكة. ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول السموات، ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنة والنار. ثم قسم الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم وهو المعرفة بالله، ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله"، الحديث انتهى كلام المواهب. (2)
قال الزرقاني في شرحه: "لم يذكر الرابع من هذا الجزء، فليراجع من مصنف عبد الرزاق مع تمام الحديث، وقد رواه البيهقي ببعض مخالفة". (3)
(1) لم أتَمكن من تحديد أصل هذا التعبير، ولا ما إذا كان مثلًا يضرب، ولعله تصحيف: أحق، والله أعلم.
(2)
القسطلاني، أحمد بن محمد: المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، تحقيق مأمون بن محيي الدين الجنان (بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1416/ 1996)، ج 1، ص 36 - 37؛ الزرقاني، محمد عبد الباقي: شرح العلامة الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، تحقيق محمد العزيز الخالدي (بيروت: دار الكتب العلمية، 1417/ 1996)، ج 1، ص 89 - 91.
(3)
شرح العلامة الزرقاني على المواهب اللدنية، ج 1، ص 91. ومع اللهجة الواثقة التي أحال بها القسطلاني على مصنف عبد الرزاق وتابعه عليها شارحه الزرقاني، إلا أن حديث جابر هذا لا =
أقول: ذكر سليمان بن سَبُع السبتي في كتابه "شفاء الصدور"(1) هذا الحديث بدون إسناد بروايتين مختلفتين متقاربتين، هما من بين ما في المواهب مع مخالفة في ترتيب المخلوقات وفي تعيينها، ولا حاجةَ إلى التطويل بذكرها. فالظاهرُ أن الذي في "شفاء الصدور" هو روايةُ البيهقي. (2) وفي رواية ابن سبع أن الجزء الرابع من الجزء الرابع ادخره الله تحت ساق العرش، فلما خلق آدم جعلَ ذلك النورَ فيه.
= وجودَ له فيه ولا في غيره من مصنفاته. قال محقق شرح الزرقاني على المواهب (ج 1، 89، الحاشية رقم 1): "حديثُ جابر هذا - المنسوبُ إلى عبد الرزاق - موضوعٌ لا أصلَ له. وقد عزاه غيرُ واحدٍ إلى عبد الرزاق خطأ، فهو غيرُ موجودٍ في مصنفه ولا جامعه ولا تفسيره. ومن الذين نسبوه إلى عبد الرزاق ابن العربي الحاتمي [الصواب: ابن عربي، صاحب الفتوحات المكية وفصوص الحكم] في تلقيح الأفهام، والديار بكري في كتاب الخميس في تاريخ أنفس نفيس، والعجلوني في كشف الخفاء وفي الأوائل العجلونية. وقال السيوطي في الحاوي في الفتاوى 1/ 325: أما حديثُ أولية النور المحمدي فلا يثبت. وقد حكم الشيخ عبد الله بن الصديق [الغماري] في رسالة: مرشد الحائر ببيان وضع حديث جابر، على هذا الحديث بالوضع. وقد سبقه إلى ذلك أخوه أحمد بن الصديق، فَلْيُتَنَبَّهْ إلى ذلك". قلتُ [أنا محمد الطاهر الميساوي]: ولا يبعد أن يكون الشيخ ابن عاشور سابقًا لهما جميعًا في ذلك، فهو يكبرهما بأكثر من عشرين سنة على الأقل، وحينما تخرجا من الأزهر في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين كان هو شيخًا للزيتونة وكان قد مضى على ظهوره كاتبًا في قضايا الإصلاح ما يزيد على ثلاثة عقود.
(1)
العنوان الكامل للكتاب هو "شفاء الصدور في أعلام نبوة الرسول"، أما المصنف فهو أبو الربيع سليمان بن سَبُع السبتي، العجميسي أو العجيسي، ويلقب بالخطيب. ولد بسبتة، وبها نشأ وتعلم؛ ولا نكاد نعرف عنه شيئًا غير ذلك، فلا ندري متى ولد، ولا متى توفِّي، كما لا نعرف أي شيء عن أسرته أو عن شيوخه أو تلاميذه. ولكن المؤكد أنه يكبر ابن مدينته القاضي عياض المتوفَّى سنة 544 هـ، فقد ذكره وكتابه الكتاني حيث قال عند ذكره لكتب السيرة والشمائل:"وكتاب الشفا بالتعريف بحقوق المصطفى. . . وفيه أحاديث ضعيفة وأخرى قيل فيها إنها موضوعة تبع فيها شفاء الصدور للخطيب أبي الربيع سليمان بن سُبع السبتي". الكتاني، محمد بن جعفر: الرسالة المستطرقة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة (القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية، بدون تاريخ)، ص 79. هذا وقد أورد التليدي أن ابن سبع توفي سنة 520 هـ دون ذكر لمرجعه في ذلك. التليدي، محمد بن عبد الله: تراث المغاربة في الحديث النبوي وعلومه (بيروت: دار البشائر الإسلامية، ط 1، 1416/ 1995)، ص 197. ولا نعلم أن كتاب شفاء الصدور مطبوع.
(2)
لم أجده عند البيهقي، لا في السنن الكبرى، ولا في دلائل النبوة، ولا في معرفة السنن والآثار. ولم يتسن لي الاطلاعُ على كتاب شفاء الصدور للتحقق من الروايتين اللتين أشار إليهما المصنف.