الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيامة، ثم بينت له أن نوعا من الناس لا يقبل الإنذار فليدعه لله، وبينت له ما أعده الله لهذا من عذاب، ثم استأنفت لتحدثنا عن موقف الكافرين والمؤمنين من المثل القرآني، ثم سارت السورة لتبين أهمية أن يبعث الله نذيرا للبشر، ثم عجبت من موقف الكافرين من الإنذار، ثم بينت العلة الرئيسية لهذا الموقف، ثم ختمت بالتذكير بهذا القرآن المنزل على النذير، وحضت على التذكر، وعلقت التذكر على مشيئة الله؛ ليقبل العبد بقلبه على الله تائبا طالبا.
6 -
يلاحظ أن السورة ختمت بقوله تعالى: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وفي هذا المقام سر لطيف، فالسورة أنذرت من خلال التذكير باليوم الآخر حتى استغرق ذلك كثيرا من السورة، ثم ختمت بالتذكير بأن الله عز وجل حري أن يتقيه المتقون، لأنه أهل التقوى، حري أن يستغفره المستغفرون؛ لأنه أهل المغفرة، فأصل أصيل في
التذكير أن يذكر بجلال الله وجماله وكماله في إنهاض الهمم إليه، والتذكير باليوم الآخر طريق لذلك.
الفوائد:
1 -
هناك أقوال كثيرة في قوله تعالى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ذكرنا مآلها في صلب التفسير وهاهنا ننقل بعض عبارات المفسرين في ذلك: قال الأجلح الكندي عن عكرمة عن ابن عباس أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال:
لا تلبسها على معصية ولا على غدرة ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن مسلمة الثقفي:
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر
…
لبست ولا من غدرة أتقنع
وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال:
في كلام العرب نقي الثياب، وفي رواية بهذا الإسناد: فطهر من الذنوب، وكذا قال إبراهيم والشعبي وعطاء، وقال الثوري عن رجل عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال: من الإثم، وكذا قال إبراهيم النخعي، وقال مجاهد وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال: نفسك، ليس ثيابه، وفي رواية عنه: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ: أي: عملك فأصلح، وكذا قال أبو رزين وفي رواية أخرى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ: أي: لست بكاهن ولا ساحر فأعرض عما قالوا، وقال قتادة: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ: أي: طهرها من المعاصي، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف
بعهد الله: إنه لدنس الثياب، وإذا وفى وأصلح: إنه لمطهر الثياب، وقال عكرمة والضحاك: لا تلبسها على معصية. وقال الشاعر:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
…
فكل رداء يرتديه جميل
(وقال العوفي عن ابن عباس: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ يعني: لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائل، ويقال: لا تلبس ثيابك على معصية، وقال محمد ابن سيرين: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أي: اغسلها بالماء، وقال ابن زيد: كان المشركون لا يتطهرون فأمره الله أن يتطهر وأن يطهر ثيابه، وهذا القول اختاره ابن جرير، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب، فإن العرب تطلق الثياب عليه كما قال امرؤ القيس:
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل
…
وإن كنت قد أزمعت هجري فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقة
…
فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
وقال سعيد بن جبير وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ: وقلبك ونيتك فطهر، وقال محمد ابن كعب القرظي والحسن البصري: وخلقك حسن).
أقول: وبعضهم فسر تطهير الثياب بتقصيرها؛ لأن من أطالها فقد عرضها للإصابة، وبعد كلام طويل عن هذه الآية قال الألوسي:(وجوز أن يراد بالتطهير إزالة ما يستقذر مطلقا، سواء النجس أو غيره من المستقذر الطاهر، ومنه الأوساخ، فيكون ذلك أمرا له صلى الله تعالى عليه وسلم بتنظيف ثيابه، وإزالة ما يكون فيها من وسخ وغيره من كل ما يستقذر، فإنه منفر لا يليق بمقام البعثة، ويستلزم هذا بالأولى تنظيف البدن من ذلك، ولذا كان صلى الله تعالى عليه وسلم أنظف الناس ثوبا وبدنا، وربما يقال باستلزام ذلك بالأولى- أيضا- الأمر بالتنزه عن المنفر القولي والفعلي، كالفحش والفظاظة والغلظة إلى غير ذلك فلا تغفل).
2 -
بمناسبة قوله تعالى: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال صاحب الظلال: (وهو سيقدم الكثير، وسيبذل الكثير، وسيلقى الكثير من الجهد والتضحية والعناء. ولكن ربه يريد منه ألا يظل يستعظم ما يقدمه ويستكثره ويمنن به
…
وهذه الدعوة لا تستقيم في نفس تحس بما تبذل فيها. فالبذل فيها من الضخامة بحيث لا تحتمله النفس إلا حين تنساه. بل حين لا تستشعره من الأصل لأنها مستغرقة في الشعور بالله؛ شاعرة بأن
كل ما تقدمه هو من فضله ومن عطاياه. فهو فضل يمنحها إياه، وعطاء يختارها له، ويوفقها لنيله. وهو اختيار واصطفاء وتكريم يستحق الشكر لله. لا المن والاستكثار).
3 -
بمناسبة قوله تعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ قال ابن كثير: (وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ؟» فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما تأمرنا يا رسول الله، قال:«قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا» وهكذا رواه الإمام أحمد عن أسباط به.
4 -
بمناسبة قوله تعالى حكاية عن قول الوليد بن المغيرة عن القرآن: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ قال ابن كثير: (وهذا المذكور في هذا السياق هو الوليد بن المغيرة المخزومي أحد رؤساء قريش- لعنه الله- وكان من خبره في هذا ما رواه العوفي عن ابن عباس قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة، فسأله عن القرآن، فلما أخبره خرج على قريش فقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة، فو الله ما هو بشعر ولا بسحر ولا من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله، فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد لتصبأ قريش، فلما سمع بذلك أبو جهل ابن هشام قال: أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته فقال للوليد: ألم تر إلى قومك قد جمعوا لك الصدقة؟ فقال: ألست أكثرهم مالا وولدا؟ فقال له أبو جهل: يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه، فقال الوليد: أقد تحدث به عشيرتي! فلا والله لا أقرب ابن أبي قحافة ولا عمر ولا ابن أبي كبشة، وما قوله إلا سحر يؤثر، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً إلى قوله: لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ وقال قتادة: زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال الرجل فإذا هو ليس بشعر وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يعلى عليه، وما
أشك أنه سحر، فأنزل الله: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ الآية، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ قبض ما بين عينيه وكلح، وروى ابن جرير عن عكرمة أن الوليد ابن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل ابن هشام، فأتاه فقال: أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا. قال: لم؟، قال: يعطونكه؛ فإنك أتيت محمدا تعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالا، قال: فقل فيه قولا يعلم قومك أنك منكر لما قال وأنك كاره له، قال: فماذا
أقول فيه؟ فو الله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، والله إن لقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى، وقال: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أتفكر فيه، فلما فكر قال: إن هذا إلا سحر يؤثر عن غيره فنزلت:
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً حتى بلغ تِسْعَةَ عَشَرَ وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد نحوا من هذا).
5 -
بمناسبة قوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قال ابن كثير: (أي: من مقدمي الزبانية عظيم خلقهم غليظ خلقهم، وقد روى ابن أبي حاتم عن البراء في قوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قال: إن رهطا من اليهود سألوا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم فقال: الله ورسوله أعلم، فجاء رجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى عليه ساعتئذ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ فأخبر أصحابه وقال:
«ادعهم أما إني سائلهم عن تربة الجنة إن أتوني، أما إنها درمكة بيضاء» فجاءوه فسألوه عن خزنة جهنم فأهوى بأصابع كفيه مرتين، وأمسك الإبهام في الثانية ثم قال:
«أخبروني عن تربة الجنة» فقالوا: أخبرهم يا ابن سلام، فقال: كأنها خبزة بيضاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أما إن الخبز إنما يكون من الدرمك» هكذا وقع عند ابن أبي حاتم عن البراء، والمشهور عن جابر بن عبد الله كما روى الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد غلب أصحابك اليوم، فقال:«بأي شئ؟» قال: سألتهم يهود: هل أعلمكم نبيكم عدة خزنة أهل النار؟ قالوا: لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أفغلب قوم يسألون عما لا يعلمون فقالوا: لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم؟ علي بأعداء الله، لكنهم قد سألوا نبيهم أن يريهم الله جهرة» فأرسل إليهم فدعاهم، قالوا: يا أبا القاسم كم عدة خزنة أهل النار؟
قال: «هكذا» وطبق كفيه، ثم طبق كفيه مرتين وعقد واحدة وقال لأصحابه:«إن سئلتم عن تربة الجنة فهي الدرمك» فلما سألوه، فأخبرهم بعدة خزنة أهل النار، قال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:«ما تربة الجنة؟» فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: خبزة يا أبا القاسم، فقال:«الخبزة من الدرمك» وهكذا رواه الترمذي عند هذه الآية عن ابن أبي عمر عن سفيان به، وقال هو والبزار: لا يعرف إلا من حديث مجالد).
قال صاحب الظلال: (وهذا العدد كغيره من الأعداد. والذي يبغي الجدل يمكنه أن يجادل، وأن يعترض على أي عدد آخر وعلى أي أمر آخر بنفس الاعتراض
…
لماذا كانت السماوات سبعا؟ لماذا كان خلق الإنسان من صلصال كالفخار، وخلق الجان من مارج من نار؟ لماذا كان حمل الجنين تسعة أشهر؟ لماذا تعيش السلاحف آلاف السنين؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ والجواب: لأن صاحب الخلق والأمر يريد ويفعل ما يريد! هذا هو فصل الخطاب في مثل هذه الأمور).
6 -
بمناسبة قوله تعالى: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً قال ابن كثير: (وذلك رد على مشركي قريش حين ذكروا عدد الخزنة فقال أبو جهل:
يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟ فقال الله تعالى: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً أي شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون، وقد قيل إن أبا الأسدين- واسمه كلدة بن أسيد بن خلف- قال:
يا معشر قريش اكفوني منهم اثنين، وأنا أكفيكم منهم سبعة عشر إعجابا منه بنفسه، وكان قد بلغ من القوة- فيما يزعمون- أنه كان يقف على جلد البقرة ويجاذبه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتمزق الجلد ولا يتزحزح عنه، قال السهيلي: وهو الذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصارعته، وقال: إذا صرعتني آمنت بك، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم مرارا فلم يؤمن، قال وقد نسب ابن إسحاق خبر المصارعة إلى ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب (قلت) ولا منافاة بين ما ذكراه والله أعلم).
7 -
بمناسبة قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ قال ابن كثير:
(وقد ثبت في حديث الإسراء المروي في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة: «فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه آخر ما عليهم» .
وروى الإمام أحمد عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع إصبع إلا عليه ملك ساجد، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى» فقال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد، ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث إسرائيل، وقال الترمذي: حديث حسن غريب ويروى عن أبي ذر موقوفا. وروى
الحافظ أبو القاسم الطبراني عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد، أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلا أنا لم نشرك بك شيئا» . وروى محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن حكيم ابن حزام قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه إذ قال لهم: «هل تسمعون ما أسمع؟» قالوا: ما نسمع من شئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط، ما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك راكع أو ساجد» .
وروى أيضا
…
عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا وعليه ملك ساجد، أو قائم» وذلك قول الملائكة وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ وهذا مرفوع غريب جدا ثم رواه عن ابن مسعود أنه قال: إن من السماوات سماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائم ثم قرأ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ).
8 -
بمناسبة قوله تعالى: حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ قال ابن كثير: (يعني الموت كقوله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما هو- يعني عثمان بن مظعون- فقد جاءه اليقين من ربه»).
9 -
بمناسبة قوله تعالى: وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ قال صاحب الظلال: (والذي يريد القرآن أن يطبعه في حس المسلم هو طلاقة هذه المشيئة، وإحاطتها بكل مشيئة، حتى يكون التوجه إليها من العبد خالصا، والاستسلام لها ممحضا
…
فهذه هي حقيقة الإسلام القلبية التي لا يستقر في قلب بدونها. وإذا استقرت فيه كيفته تكييفا خاصا من داخله، وأنشأت فيه تصورا خاصا يحتكم إليه في كل أحداث الحياة
…
وهذا هو المقصود ابتداء من تقرير طلاقة المشيئة الإلهية وشمولها عقب الحديث عن كل وعد بجنة أو نار، وبهدى أو ضلال).
10 -
بمناسبة قوله تعالى: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ قال ابن كثير:
(أي: هو أهل أن يخاف منه، وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب، قاله قتادة. وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وقال: «قال ربكم: