الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ومقدمة سورة النبأ أرتنا موقفا للكافرين، وأشعرتنا أنهم لا يؤمنون، وأفهمتنا أن أمامهم عذابا عظيما كَلَّا سَيَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ.
الفقرة الأولى
وتمتد من الآية (6) إلى نهاية الآية (16) وهذه هي:
[سورة النبإ (78): الآيات 6 الى 16]
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (6) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (7) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (8) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (10)
وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (11) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (12) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (13) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (15)
وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (16)
كلمة في السياق:
تأتي الفقرة بعد قوله تعالى: كَلَّا سَيَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ إنهم سيعلمون يوم القيامة أن كل ما ذكره القرآن حق، ومن ثم فإن الفقرة تذكر من مظاهر قدرة الله عز وجل، ما به يتذكر الإنسان أن الله عز وجل قادر على إنشائه مرة ثانية، كما تشير إلى الحكمة في صنع الله عز وجل، وهذا يقتضي أن يكون هناك بعث، وقد ذكر هاتين النقطتين النسفي مبينا حكمة مجئ هذه الفقرة بعد المقدمة فقال:
(لما أنكروا البعث قيل لهم: ألم يخلق من أضيف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة؟
فلم تنكرون قدرته على البعث وما هو إلا اختراع كهذه الاختراعات؟ أو قيل لهم:
لم فعل هذه الأشياء؟ - والحكيم لا يفعل عبثا-، وإنكار البعث يؤدي إلى أنه عابث في كل ما فعل). أقول: إن ذكر هذه الفقرة في هذا السياق يشير إلى أن الله عز وجل الذي خلق هذا كله لا يترك الإنسان بلا هداية، ولا تكليف، وهؤلاء الذين يكفرون
بالقرآن لا يدركون هذا، فالله الذي خلق هذا هو الذي أنزل هذا القرآن، ذلك مقتضى حكمته وعظمته، فكيف يكفرون بهذا القرآن، وآثار قدرة الله عز وجل تشير إلى
حكمته، وحكمته تقتضي هداية خلقه، وذلك يقتضي وحيا وبعثة رسول وهم ينكرون ذلك، ويتساءلون عنه، ويختلفون فيه، فالفقرة تؤدي مجموعة أهداف بآن واحد فلنر تفسيرها.
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً قال النسفي: (أي: فراشا فرشناها لكم حتى سكنتموها) أقول: أي: ممهدة للخلائق ذلولا لهم
وَالْجِبالَ أَوْتاداً قال النسفي:
(أي: للأرض لئلا تميد بكم) أقول: في الآية معجزة علمية سنراها
وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً قال ابن كثير: يعني: ذكرا وأنثى يتمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك
وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً قال النسفي: (أي: قطعا لأعمالكم وراحة لأبدانكم. والسبت: القطع) وقال ابن كثير: أي: قطعا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي في المعايش في عرض النهار
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً قال النسفي:
أي: سترا يستركم عن العيون إذا أردتم إخفاء ما لا تحبون الاطلاع عليه، وقال ابن كثير: أي: يغشى الناس ظلامه وسواده، وقال قتادة: أي: سكنا
وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً قال ابن كثير: أي: جعلناه مشرقا نيرا مضيئا؛ ليتمكن الناس من التصرف فيه، والذهاب والمجئ للمعاش والكسب والتجارات وغير ذلك. وقال النسفي: أي: وقت معاش تتقلبون في حوائجكم ومكاسبكم
وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً أي: سبع سماوات شديدة، أي: محكمة قوية، وقال ابن كثير: يعني:
السموات السبع في اتساعها وارتفاعها وإحكامها، وإتقانها وتزيينها
…
وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً قال النسفي: أي: مضيئا وقادا، أي: جامعا للنور والحرارة والمراد الشمس، وقال ابن كثير: يعني: الشمس المنيرة التي يتوهج ضوؤها لأهل الأرض
وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ قال النسفي: أي: السحائب إذا أعصرت أي: شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر، قال ابن كثير: والأظهر أن المراد بالمعصرات السحاب ماءً ثَجَّاجاً أي: منصبا بكثرة،
لِنُخْرِجَ بِهِ أي: بالماء حَبًّا كالبر والشعير وَنَباتاً قال ابن كثير: أي: خضرا يؤكل رطبا
وَجَنَّاتٍ أي:
بساتين أَلْفافاً أي: ملتفة الأشجار أو مجتمعتها، قال ابن كثير: أي: بساتين وحدائق من ثمرات متنوعة وألوان مختلفة الطعوم وروائح متفاوتة، وإن كان ذلك في بقعة واحدة من الأرض مجتمعا. وبهذا انتهت الفقرة.