الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة التين
وهي ثمان آيات وهذه هي:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [سورة التين (95): الآيات 1 الى 8]
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (5) إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (8)
التفسير:
وَالتِّينِ قال مجاهد: هو تينكم هذا وَالزَّيْتُونِ. قال مجاهد وعكرمة:
هو هذا الزيتون الذي تعصرون. قال النسفي: أقسم بهما لأنهما عجيبان من بين الأشجار المثمرة
وَطُورِ سِينِينَ أي: وجبل سيناء وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام
وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ قال ابن كثير: يعني: مكة .. ولا خلاف في ذلك. قال النسفي: (ومعنى القسم بهذه الأشياء: الإبانة عن شرف البقاع المباركة، وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى الأنبياء والأولياء، فمنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم ومولد عيسى ومنشؤه، والطور: المكان الذي نودي منه موسى، ومكة مكان البيت الذي هو هدى للعالمين، ومولد نبينا ومبعثه صلوات الله عليهم أجمعين، أو الأولان قسم بمهبط الوحي على عيسى، والثالث على موسى، والرابع على محمد عليهم السلام.
وقال ابن كثير: (وقال بعض الأئمة- أي: في الأقسام الأربعة-: هذه محال ثلاثة بعث الله في كل واحد منها نبيا مرسلا من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار (فالأولى) محلة التين والزيتون وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم عليه السلام
(والثاني) طور سينين، وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران (والثالث) مكة وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل فيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله من طور سيناء- يعني: الذي كلم الله عليه موسى بن عمران- وأشرق من ساعير- يعني:
جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى- واستعلن من جبال فاران يعني: جبال مكة التي أرسل الله منها محمدا صلى الله عليه وسلم فذكرهم مخبرا عنهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتبهم في الزمان ولهذا أقسم بالأشرف ثم الأشرف منه ثم بالأشرف منهم).
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ قال ابن كثير: هذا هو المقسم عليه.
(وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل، منتصب القامة سوي الأعضاء حسنها) وقال النسفي: أي: في أحسن تعديل لشكله وصورته وتسوية أعضائه
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ قال ابن كثير: أي: إلى النار
…
أي: ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيره إلى النار، إن لم يطع الله ويتبع الرسل، وقال النسفي:(أي: ثم كان عاقبة أمره حين لم يشكر نعمة تلك الخلقة الحسنة القويمة السوية أن رددناه أسفل من سفل، خلقا وتركيبا يعني: أقبح من قبح صورة وهم أصحاب النار، أو أسفل من سفل من أهل الدركات، أو ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في حسن الصورة والشكل حيث نكسناه في خلقه فقوس ظهره بعد اعتداله، وابيض شعره بعد سواده، وتشثن جلده، وكل سمعه وبصره، وتغير كل شئ منه، فمشيه دلف، وصوته خفات، وقوته ضعف، وشهامته خرف).
أقول: وقد رد ابن كثير هذا القول الأخير، ولو اختاره ابن جرير، فقال: (ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك، لأن الهرم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد ما ذكرناه كقوله تعالى: وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فهؤلاء لا يردون إلى أسفل سافلين بل فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي: غير مقطوع). أقول: وهذا يؤكد كلام ابن كثير بأن المراد رده أسفل سافلين في الآخرة، بدليل أن المستثنين ذكر مآلهم في الآخرة، فما ذهب إليه ابن جرير وجه ضعيف.
فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أي: بالجزاء في المعاد. قال النسفي:
(الخطاب للإنسان على طريقة الالتفات، أي: فما سبب تكذيبك- بعد هذا البيان القاطع والبرهان الساطع- بالجزاء؟ أو المعنى: إن خلق الإنسان من نطفة، وتقويمه