الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُوفِضُونَ أي: يسرعون أي: إن إسراعهم إلى الموقف يشبه إسراعهم إلى آلهتهم في الدنيا؛ إذ كانوا يبتدرون إليها أيهم يستلمها أولا، قال ابن كثير: أي: يقومون من القبور إذا دعاهم الرب تبارك وتعالى لموقف الحساب ينهضون سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون
خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ أي: خاضعة ذليلة، قال النسفي: يعني لا يرفعونها لذلتهم تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ أي: يغشاهم هوان، قال ابن كثير: أي: في مقابلة ما استكبروا في الدنيا عن الطاعة ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ في الدنيا، وهم يكذبون به.
كلمة في السياق:
1 -
يلاحظ أن الفقرة الأولى بدأت بالأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا ثم جاءت الفقرة الثانية مبدوءة بالأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا وما بين الأمرين كان تفصيل لما يكون في اليوم الآخر، وتبيان لطريق التحقق بالصبر، وما بعد الأمر الثاني كان تفصيل لما يكون في اليوم الآخر كذلك، ومن هذا ومما ذكرناه من قبل يتضح السياق الخاص للسورة؛ فالكافرون يستعجلون بالعذاب لأنهم يستبعدون مجيئه، وفي مقابل ذلك فعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصبر على أذاهم وأن يتركهم.
2 -
رأينا ما هو محور السورة فلنر كيف فصلت السورة في هذا المحور:
أ- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وقد رأينا في السورة مظاهر من هذا الكفر الذي لا فائدة من معالجته، ورأينا ما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم في مقابل هذا الكفر، وما هي الأخلاق التي ينبغي أن يتحقق بها ليقوم بهذا الأمر.
ب- خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وقد رأينا في السورة تفصيلات عن هذا العذاب العظيم الذي سيصيبهم، والذي يستبعدون مجيئه ووجوده. وهكذا رأينا أن للسورة سياقها الخاص، كما لها صلتها بمحورها.
الفوائد:
1 -
في سبب نزول قوله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ قال ابن كثير: (روى
النسائي
…
عن ابن عباس في قوله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ قال:
النضر بن الحارث بن كلدة، وقال العوفي عن ابن عباس سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ قال: ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله، وهو واقع بهم، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى سَأَلَ سائِلٌ: دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة قال:
وهو قولهم اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
2 -
هناك أكثر من قول في تفسير كلمة (المعارج) من قوله تعالى ذِي الْمَعارِجِ قال ابن كثير: (روى الثوري
…
عن ابن عباس في قوله تعالى ذِي الْمَعارِجِ قال: ذو الدرجات، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:
(ذي المعارج) يعني: العلو والفواضل، وقال مجاهد:(ذي المعارج): معارج السماء، وقال قتادة: ذو الفواضل والنعم).
3 -
في قوله تعالى فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال ابن كثير:
(فيه أربعة أقوال: (أحدها): أن المراد بذلك: مسافة ما بين العرش إلى أسفل السافلين، وهو قرار الأرض السابعة، وذلك مسيرة خمسين ألف سنة- هذا ارتفاع العرش عن المركز الذي في وسط الأرض السابعة- وكذلك اتساع العرش من قطر إلى قطر مسيرة خمسين ألف سنة. (القول الثاني): أن المراد بذلك مدة بقاء الدنيا منذ خلق الله هذا العالم إلى قيام الساعة. روى ابن أبي حاتم
…
عن مجاهد في قوله تعالى:
فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: الدنيا عمرها خمسون ألف سنة، وذلك عمرها يوم سماها الله عز وجل يوما. (القول الثالث): أنه اليوم الفاصل بين الدنيا والآخرة، وهو قول غريب جدا. روى ابن أبي حاتم
…
عن محمد بن كعب:
فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: هو يوم الفصل بين الدنيا والآخرة.
(القول الرابع): أن المراد بذلك يوم القيامة. روى ابن أبي حاتم
…
عن عكرمة عن ابن عباس: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: يوم القيامة، وإسناده صحيح، ورواه الثوري عن سماك بن حرب عن عكرمة فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ: يوم القيامة، وكذا قال الضحاك وابن زيد. وقال علي بن أبي طلحة
عن ابن عباس في قوله تعالى: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: هو يوم القيامة جعله الله تعالى على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة، وقد وردت أحاديث في معنى ذلك، وروى الإمام أحمد
…
عن أبي سعيد قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ما أطول هذا اليوم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا» ورواه ابن جرير
…
عن دراج به- إلا أن دراجا وشيخه أبا الهيثم ضعيفان- والله أعلم، وروى الإمام أحمد
…
عن أبي عمر العدني قال: كنت عند أبي هريرة فمر رجل من بني عامر بن صعصعة فقيل له:
هذا أكثر عامري مالا، فقال أبو هريرة: ردوه إلي فردوه، فقال: نبئت أنك ذو مال كثير، فقال العامري: إي والله؛ إن لي لمائة حمراء أو مائة أدماء، حتى عد من ألوان الإبل وأفنان الرقيق ورباط الخيل، فقال أبو هريرة: إياك وأخفاف الإبل، وأظلاف الغنم- يردد ذلك عليه- حتى جعل لون العامري يتغير فقال: ما ذاك يا أبا هريرة؟
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كانت له إبل لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها» قلنا: يا رسول الله ما نجدتها ورسلها؟ قال: «في عسرها ويسرها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره، حتى يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه بأخفافها، فإذا جاوزته أخراها أعيدت أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وإذا كانت له بقر لا يعطيها حقها في نجدتها ورسلها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره، ثم يبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، ليس فيها عقصاء ولا عضباء، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وإذا كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره، حتى يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، ليس فيها عقصاء ولا عضباء، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله» قال العامري: وما حق الإبل يا أبا هريرة؟
قال: أن تعطي الكريمة، وتمنح الغزيرة، وتفقر الظهر، وتسقي الإبل، وتطرق الفحل، وقد رواه أبو داود من حديث شعبة، والنسائي من حديث سعيد ابن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.
(طريق أخرى لهذا الحديث) روى الإمام أحمد
…
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل صفائح يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» وذكر بقية الحديث في الغنم والإبل كما تقدم وفيه «الخيل الثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر» إلى آخره ورواه مسلم في صحيحه بتمامه منفردا به دون البخاري من حديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وموضع استقصاء طرقه وألفاظه في كتاب الزكاة من كتاب الأحكام، والغرض من إيراده هاهنا قوله حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).
4 -
بمناسبة قوله تعالى: وَجَمَعَ فَأَوْعى قال ابن كثير: (وقد ورد في الحديث: «ولا توع فيوعي الله عليك» وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيسا، ويقول: سمعت الله
يقول: وَجَمَعَ فَأَوْعى. وقال الحسن البصري: يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا، وقال قتادة في قوله: وَجَمَعَ فَأَوْعى قال: كان جموعا نموما للحديث).
5 -
بمناسبة قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً قال ابن كثير:
(وروى الإمام أحمد
…
عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شر ما في رجل: شح هالع، وجبن خالع» رواه أبو داود
…
وليس لعبد العزيز عنده سواه). وقال النسفي: (والهلع: سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مس الخير. وسأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلبا عن الهلع فقال: قد فسره الله تعالى ولا يكون تفسير أبين من تفسيره، وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع، وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس، وهذا طبعه وهو مأمور بمخالفة طبعه، وموافقة شرعه، والشر: الضر والفقر، والخير: السعة والغنى أو المرض والصحة).
6 -
بمناسبة قوله تعالى واصفا المصلين: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ قال ابن كثير: (أي: إذا اؤتمنوا لم يخونوا، وإذا عاهدوا لم يغدروا، وهذه صفات المؤمنين وضدها صفات المنافقين كما ورد في الحديث الصحيح:«آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» وفي رواية: «إذا