الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفقر، وإلى الشكر إذا أغنى، وإلى إكرام اليتيم، وإلى الحض على طعام المسكين، وإلى أكل الحلال، وأداء الحقوق، وإلى الاعتدال في حب المال والدنيا، وإلى الوصول إلى اليقين والاطمئنان، وكل ذلك قضايا في التقوى، كما حذرت من عكس هذه الأخلاق، ومن الطغيان والفساد، وكل ذلك من أخلاق الكفر.
الفوائد:
1 -
بمناسبة قوله تعالى: وَلَيالٍ عَشْرٍ قال ابن كثير: (والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس مرفوعا: «ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام» يعني: عشر ذي الحجة. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء». وقيل المراد بذلك العشر الأول من المحرم حكاه أبو جعفر بن جرير ولم يعزه إلى أحد. وقد روي عن ابن عباس وَلَيالٍ عَشْرٍ قال: هو العشر الأول من رمضان، والصحيح القول الأول روى الإمام أحمد عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر» ورواه النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث زيد ابن الحباب به وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم وعندي أن المتن في رفعه نكارة، والله أعلم).
2 -
في قوله تعالى: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ أقوال كثيرة أجملناها في التفسير وهاهنا ننقل مجموع هذه الأقوال كما عرضها ابن كثير: (وقوله تعالى: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة لكونه التاسع، وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر، وقاله ابن عباس وعكرمة والضحاك أيضا. (قول ثان) وروى ابن أبي حاتم عن واصل بن السائب قال: سألت عطاء عن قوله تعالى: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قلت:
صلاتنا وترنا هذا؟ قال: لا ولكن الشفع يوم عرفة، والوتر ليلة الأضحى. (قول ثالث) روى ابن أبي حاتم عن أبي سعيد بن عوف أنه سمع عبد الله بن الزبير يخطب الناس فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الشفع والوتر فقال: الشفع قول الله تعالى:
فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ والوتر قوله تعالى: وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. وقال ابن جريج: أخبرني محمد بن المرتفع أنه سمع ابن الزبير يقول: الشفع أوسط أيام التشريق، والوتر آخر أيام التشريق. وفي الصحيحين من رواية أبي هريرة عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر» . (قول رابع) قال الحسن البصري وزيد بن أسلم: الخلق كلهم شفع ووتر، أقسم تعالى بخلقه. وهو رواية عن مجاهد والمشهور عنه الأول، وقال العوفي عن ابن عباس وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قال: وتر واحد، وأنتم شفع، ويقال: الشفع صلاة الغداة والوتر صلاة المغرب. (قول خامس) روى ابن أبي حاتم عن مجاهد وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قال: الشفع الزوج، والوتر الله عز وجل، وقال أبو عبد الله عن مجاهد: الله الوتر وخلقه الشفع، الذكر والأنثى، وقال ابن نجيح عن مجاهد قوله: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ كل شئ خلقه الله شفع، السماء والأرض، والبر والبحر، والجن والإنس، والشمس والقمر، ونحو هذا، ونحا مجاهد في هذا ما ذكروه في قوله تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أي: لتعلموا أن خالق الأزواج واحد. (قول سادس) قال قتادة عن الحسن: والشفع والوتر هو العدد منه شفع ومنه وتر. (قول سابع في الآية الكريمة) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق ابن جريج، ثم قال ابن جرير: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر يؤيد القول الذي ذكرنا عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشفع اليومان، والوتر اليوم الثالث» ، وهكذا ورد هذا الخبر بهذا اللفظ، وهو مخالف لما تقدم من اللفظ في رواية أحمد والنسائي وابن أبي حاتم وما رواه هو أيضا، والله أعلم. قال أبو العالية والربيع بن أنس وغيرهما: هي الصلاة منها شفع كالرباعية والثنائية، ومنها وتر كالمغرب فإنها ثلاث، وهي وتر النهار، وكذلك صلاة الوتر في آخر التهجد من الليل. وقد روى عبد الرزاق عن عمران بن حصين وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قال:
هي الصلاة المكتوبة منها شفع ومنها وتر، وهذا منقطع وموقوف، ولفظه خاص بالمكتوبة، وقد روي متصلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه عام. روى الإمام أحمد عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر فقال:«هي الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر» ).
3 -
عند قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ قال ابن كثير: (فعلى كل قول سواء كانت العماد أبنية بنوها أو أعمدة بيوتهم للبدو أو سلاحا يقاتلون به أو طول الواحد منهم فهم قبيلة وأمة من الأمم وهم المذكورون في القرآن في غير ما موضع، المقرونون بثمود كما هاهنا، والله أعلم.
ومن زعم أن المراد بقوله: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ مدينة إما دمشق- كما روي عن
سعيد بن المسيب وعكرمة- أو إسكندرية- كما روي عن الطبراني- أو غيرهما، ففيه نظر فإنه كيف يلتئم الكلام على هذا أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ إن جعل ذلك بدلا أو عطف بيان؟ فإنه لا يتسق الكلام حينئذ، ثم المراد إنما هو الإخبار عن إهلاك القبيلة المسماة بعاد وما أحل الله بهم من بأسه الذي لا يرد، لأن المراد: الإخبار عن مدينة أو إقليم. وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر بكثير مما ذكره جماعة من المفسرين عند هذه الآية عن ذكر مدينة يقال لها إرم ذات العماد مبنية بلبن الذهب والفضة قصورها ودورها وبساتينها وإن حصباءها لآلئ وجواهر، وترابها بنادق المسك، وأنهارها سارحة، وثمارها ساقطة، ودورها لا أنيس بها، وسورها وأبوابها تصفر ليس بها داع ولا مجيب، وإنها تنتقل فتارة تكون بأرض الشام، وتارة باليمن، وتارة بالعراق، وتارة بغير ذلك من البلاد فإن هذا كله من خرافات الإسرائيليين من وضع بعض زنادقتهم ليختبروا بذلك القول الجهلة من الناس أن تصدقهم في جميع ذلك).
4 -
بمناسبة قوله تعالى: كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ قال ابن كثير: (جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن المبارك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه ثم قال بأصبعه- أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وروى أبو داود عن سهل- يعني ابن سعيد- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وقرن بين أصابعه الوسطى والتي تلي الإبهام).
5 -
بمناسبة قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا. قال ابن كثير:
(يعني: لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد صلوات الله وسلامه عليه بعد ما يسألون أولي العزم من الرسل واحدا بعد واحد فكلهم يقول: لست بصاحب ذاكم حتى تنتهي النوبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: «أنا لها أنا لها» فيذهب فيشفع عند الله تعالى في أن يأتي لفصل القضاء فيشفعه الله تعالى في ذلك وهي أول الشفاعات وهي المقام المحمود كما تقدم بيانه في سورة سبحان فيجئ الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء كما يشاء والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا).
6 -
عند قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي قال ابن كثير: (وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً
قال: نزلت وأبو بكر جالس فقال: يا رسول الله ما أحسن هذا فقال: «أما إنه سيقال لك هذا» . ثم روى عن سعيد بن جبير قال: قرأت عند النبي صلى الله عليه وسلم: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن هذا لحسن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أما إن الملك سيقول لك هذا عند الموت» وكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن ابن يمان به، وهذا مرسل حسن. ثم روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير- أيضا- قال: مات ابن عباس بالطائف فجاء طير لم ير على خلقته، فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يدرى من تلاها يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي ورواه الطبراني ..
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة رواحة بنت أبي عمرو الأوزاعي عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «قل اللهم إني أسألك نفسا بك مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك» ).