الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفوائد:
1 -
في تفسير قوله تعالى: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ذكرنا قولا واحدا إلا أن للمفسرين اتجاهات أخرى. قال النسفي: (أي: تعمل في النار عملا تتعب فيه، وهو جرها السلاسل والأغلال، وخوضها في النار، كما تخوض الإبل في الوحل وارتقاؤها دائبة في صعود من نار، وهبوطها في حدور منها، وقيل: عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت، فهي في نصب منها في الآخرة، وقيل: هم أصحاب الصوامع ومعناه: إنها خشعت لله وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب والتهجد الواصب).
2 -
عند قوله تعالى: وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ قال ابن كثير: ونذكر هاهنا هذا الحديث الذي رواه أبو بكر بن أبي داود عن كريب أنه سمع أسامة بن زيد يقول: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «ألا هل من مشمر للجنة فإن الجنة لا حصر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبد في دار سليمة، وفاكهة وخضرة وحبرة، ونعمة، في محلة عالية بهية؟» قالوا: نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها، قال «قولوا إن شاء الله» قال القوم: إن شاء الله، ورواه ابن ماجه).
3 -
عند قوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ قال ابن كثير: وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت.
أقول: وفي هذا لفتة عظيمة من القاضي الكريم أن يعطي كل خطاب قرآني مدلوله العملي كان شيخنا محمد الحامد رحمه الله يتأمل الفاكهة ويقول: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ وبمناسبة هذه الآيات قال ابن كثير: (وهكذا أقسم ضمام في سؤاله على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه الإمام أحمد حيث روى عن أنس قال: كنا نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شئ، فكان يعجبنا أن يجئ الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد إنه أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، قال:«صدق» قال: فمن خلق السماء؟ قال: «الله» قال: من خلق الأرض؟ قال: «الله» قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: «الله»
قال: فبالذي خلق السماء والأرض، ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟ قال:«نعم» قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: «صدق» قال:
فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم» قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا، قال:«صدق» قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم» قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال: «صدق» قال: ثم ولى فقال:
والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهم شيئا ولا أنقص منهن شيئا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن صدق ليدخلن الجنة» وقد رواه مسلم).
وبمناسبة هذه الآيات قال النسفي: (وتخصيص هذه الأربعة باعتبار أن هذا خطاب للعرب، وحث لهم على الاستدلال، والمرء إنما يستدل بما تكثر مشاهدته له، والعرب تكون في البوادي، ونظرهم فيها إلى السماء والأرض والجبال والإبل، فهي أعز أموالهم، وهم لها أكثر استعمالا منهم لسائر الحيوانات، ولأنها تجمع جميع المآرب المطلوبة من الحيوان: وهي النسل، والدر، والحمل، والركوب، والأكل بخلاف غيرها، ولأن خلقها أعجب من غيرها فإنه سخرها منقادة لكل من اقتادها بأزمتها لا تعارض ضعيفا ولا تمانع صغيرا، وبرأها طوال الأعناق لتنوء بالأوقار، وجعلها بحيث تبرك حتى تحمل عن قرب ويسر، ثم تنهض بما حملت وتجرها إلى البلاد الشاحطة، وصبرها على احتمال العطش حتى إن ظمأها ليرتفع إلى العشر فصاعدا، وجعلها ترعى كل نابت في البراري مما لا يرعاه سائر البهائم).
قال صاحب الظلال: (وتجمع هذه الآيات الأربعة القصار، أطراف بيئة العربي المخاطب بهذا القرآن أول مرة. كما تضم أطراف الخلائق البارزة في الكون كله. حين تتضمن السماء والأرض والجبال والجمال (ممثلة لسائر الحيوان) على مزية خاصة بالإبل في خلقها بصفة عامة وفي قيمتها للعربي بصفة خاصة.
إن هذه المشاهد معروضة لنظر الإنسان حيثما كان .. السماء والأرض والجبال والحيوان .. وأيا كان حظ الإنسان من العلم والحضارة فهذه المشاهد داخلة في عالمه وإدراكه. موحية له بما وراءها حين يوجه نظره وقلبه إلى دلالتها.
إن المشهد الكلي يضم مشهد السماء المرفوعة والأرض المبسوطة. وفي هذا المدى المتطاول تبرز الجبال «منصوبة» السنان لا راسية ولا ملقاة، وتبرز الجمال منصوبة السنام .. خطان أفقيان وخطان رأسيان في المشهد الهائل في المساحة الشاسعة. ولكنها
لوحة متناسقة الأبعاد والاتجاهات! على طريقة القرآن في عرض المشاهد، وفي التعبير بالتصوير على وجه الإجمال).
4 -
بمناسبة قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ قال ابن كثير: (روى الإمام أحمد عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل» ثم قرأ: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ وهكذا رواه مسلم في كتاب الإيمان، والترمذي، والنسائي في كتاب التفسير من سننيهما من حديث سفيان بن سعيد الثوري به بهذه الزيادة. وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من رواية أبي هريرة بدون ذكر هذه الآية).
وبمناسبة هذه الآية قال صاحب الظلال: (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ .. فأنت لا تملك من أمر قلوبهم شيئا. حتى تقهرها وتقسرها على الإيمان. فالقلوب بين أصابع الرحمن، لا يقدر عليها إنسان.
فأما الجهاد الذي كتب بعد ذلك فلم يكن لحمل الناس على الإيمان. إنما كان لإزالة العقبات من وجه الدعوة لتبلغ إلى الناس. فلا يمنعوا من سماعها. ولا يفتنوا عن دينهم إذا سمعوها. كان لإزالة العقبات من طريق التذكير. الدور الوحيد الذي يملكه الرسول.
وهذا الإيحاء بأن ليس للرسول من أمر هذه الدعوة شئ إلا التذكير والبلاغ يتكرر في القرآن لأسباب شتى. في أولها إعفاء أعصاب الرسول من حمل هم الدعوة بعد البلاغ، وتركها لقدر الله يفعل بها ما يشاء. فإلحاح الرغبة البشرية بانتصار دعوة الخير وتناول الناس لهذا الخير، إلحاح عنيف جدا يحتاج إلى هذا الإيحاء المتكرر بإخراج الداعية لنفسه ولرغائبه هذه من مجال الدعوة، كي ينطلق إلى أدائها كائنة ما كانت الاستجابة، وكائنة ما كانت العاقبة. فلا يعني نفسه بهم من آمن وهم من كفر. ولا يشغل باله بهذا الهم الثقيل حين تسوء الأحوال من حول الدعوة، وتقل الاستجابة، ويكثر المعرضون والمخاصمون).
5 -
بمناسبة قوله تعالى: إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ* فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ قال ابن كثير: (روى الإمام أحمد عن علي بن خالد أن أبا أمامة الباهلي مر على خالد بن