الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقوماته وبكل أجزائه ولا داعي للمحاولة في تغليب صورة المألوف من الأمر في حادث هو في ذاته وملابساته مفرد فذ .. ).
سورة الفيل
وهي خمس آيات وهذه هي:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [سورة الفيل (105): الآيات 1 الى 5]
بسم الله الرحمن الرحيم
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
التفسير:
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ قال النسفي: يعجب الله نبيه من كفر العرب، وقد شاهدت هذه العظمة في آيات الله، والمعنى: أنك رأيت آثار صنع الله بالحبشة، وسمعت الأخبار به متواترة، فقامت لك مقام المشاهدة
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ قال النسفي: (أي في تضييع وإبطال
…
) يعني أنهم كادوا البيت أولا ببناء القليس ليصرفوا وجوه الحاج إليه، فضلل كيدهم بإيقاع الحريق فيه. وكادوه ثانيا بإرادة هدمه فضلل كيدهم بإرسال الطير عليهم)
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ قال الزجاج: جماعات من هاهنا وجماعات من هاهنا
تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ أي:
من آجر
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ قال النسفي: (أي كزرع أكله الدود)
فوائد
1 -
كتب ابن كثير كلاما طويلا عن تفسير بعض مفردات السورة هذا هو:
(قال ابن هشام: الأبابيل الجماعات، ولم تتكلم العرب بواحدة قال: وأما السجيل فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب الشديد الصلب. قال: وذكر بعض
المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة، وإنما هو سنج وجل يعني بالسنج الحجر، والجل الطين، يقول: الحجارة من هذين الجنسين الحجر والطين، قال:
والعصف ورق الزرع الذي لم يقضب، واحدته عصفة، انتهى ما ذكره. وقد قال حماد ابن سلمة عن عامر عن زر عن عبد الله وأبو سلمة بن عبد الرحمن: طَيْراً أَبابِيلَ قال: الفرق، وقال ابن عباس والضحاك: أبابيل يتبع بعضها بعضا، وقال الحسن البصري وقتادة: الأبابيل الكثيرة، وقال مجاهد: أبابيل شتى متتابعة مجتمعة، وقال ابن زيد: الأبابيل المختلفة تأتي من هاهنا ومن هاهنا، أتتهم من كل مكان، وقال الكسائي: سمعت بعض النحويين يقول: واحد الأبابيل إبيل، وروى ابن جرير عن إسحاق بن عبد الله ابن الحارث بن نوفل أنه قال في قوله تعالى: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ هي الأقاطيع كالإبل المؤبلة وروى عن ابن عباس: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ قال: لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب، وروى عن عكرمة في قوله تعالى:
طَيْراً أَبابِيلَ قال: كانت طيرا خضرا خرجت من البحر لها رءوس كرءوس السباع، وروى عن عبيد بن عمير طَيْراً أَبابِيلَ قال: هي طيور سود بحرية في مناقيرها وأظافيرها الحجارة وهذه أسانيد صحيحة؛ وقال سعيد بن جبير: كانت طيرا خضرا لها مناقير صفر، تختلف عليهم، وعن ابن عباس ومجاهد وعطاء: كانت الطير الأبابيل مثل التي يقال لها عنقاء مغرب، ورواه عنهم ابن أبي حاتم. وروى ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال: لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا
أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف، كل طير منها يحمل ثلاثة أحجار مجزعة حجرين في رجليه وحجرا في منقاره قال: فجاءت حتى صفت على رءوسهم ثم صاحت، وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فما يقع حجر على رأس رجل إلا خرج من دبره، ولا يقع على شئ من جسده إلا خرج من الجانب الآخر، وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعا، وقال السدي عن عكرمة عن ابن عباس: بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قال: طين في حجارة سنك وكل. وقد قدمنا بيان ذلك بما أغنى عن إعادته هاهنا).
2 -
عند قوله تعالى فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ قال ابن كثير (والمعنى أن الله- سبحانه وتعالى أهلكهم ودمرهم وردهم بكيدهم وغيظهم لم ينالوا خيرا، وأهلك عامتهم، ولم يرجع منهم مخبر إلا وهو جريح، كما جرى لملكهم أبرهة، فإنه
انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى بلده صنعاء، وأخبرهم بما جرى لهم، ثم مات فملك بعده ابنه يكسوم، ثم من بعده أخوه مسروق بن أبرهة. ثم خرج سيف بن ذي يزن الحميري إلى كسرى فاستعانه على الحبشة فأنفذ معه من جيوشه فقاتلوا معه فرد الله إليهم ملكهم وما كان في آبائهم من الملك، وجاءته وفود العرب بالتهنئة. وقد قال محمد ابن إسحاق عن عائشة قالت: لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان. ورواه الواقدي عن عائشة مثله، ورواه عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت:
كانا مقعدين يستطعمان الناس عند إساف ونائلة حيث يذبح المشركون ذبائحهم (قلت) كان اسم قائد الفيل أنيسا).
3 -
وبمناسبة سورة الفيل قال ابن كثير:
(وقد قدمنا في تفسير سورة الفتح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أطل يوم الحديبية على الثنية التي تهبط به على قريش بركت ناقته فزجروها فألحت فقالوا: خلأت القصواء أي حرنت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أجبتهم إليها» ثم زجرها فقامت. والحديث من أفراد البخاري، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: «إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنه قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ألا فيبلغ الشاهد الغائب»).