الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الثانية
وتمتد من الآية (7) إلى نهاية الآية (17) وهذه هي:
[سورة المطففين (83): الآيات 7 الى 17]
كَلَاّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (8) كِتابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)
وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَاّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَاّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (16)
ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)
التفسير:
كَلَّا قال النسفي: ردع وتنبيه، أي: تردعهم عما كانوا عليه من التطفيف، والغفلة عن البعث والحساب، ونبههم على أنه مما يجب أن يتاب عنه ويندم عليه، ثم أتبعه وعيد الفجار على العموم. أقول: كلام النسفي يشير إلى ما ذكرناه من صلة سياق الفقرة الأولى بالثانية، فالمطففون من الفجار، بل هو خلق من أخلاقهم، ولكن قد يتسلل هذا الخلق إلى مؤمن لغفلة أو ضعف إيمان، أو مخالطة لبيئة فاسدة، أو استمرار لحال سابقة، وتخصيص هذا الخلق من أخلاق الفجار بفقرة مستقلة تربية للمسلمين، وتخليص لهم منه، ومن ثم روى النسائي وابن ماجه، في سبب نزول الفقرة الأولى عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله تعالى وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فحسنوا الكيل بعد ذلك). أقول: ولا زالوا يحسنون بل هم اليوم في علمي أحسن الناس وزنا وكيلا، وبعد أن ردع الله عز وجل الناس عن التطفيف الذي هو خلق من أخلاق الفجار، قال مبينا أمر الفجار: إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ قال
النسفي: أي: صحائف أعمالهم لَفِي سِجِّينٍ قال النسفي: سجين: كتاب جامع، هو ديوان الشر، دون الله فيه أعمال الشياطين والكفرة من الجن والإنس
وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ؟ * كِتابٌ مَرْقُومٌ قال النسفي: (أي: مسطور بين الكتابة، أو معلم يعلم من رآه أنه لا خير فيه .. والمعنى: إن ما كتب من أعمال الفجار مثبت في ذلك الديوان وسمي سجينا .. من السجن وهو الحبس والتضييق؛ لأنه سبب الحبس والتضييق في جهنم). أقول: هناك اتجاه آخر في تفسير هذه الآيات: وهو أن الله عز وجل قد قضى قضاء مبرما (أن الفجار لفي سجين) أي: لفي سجن ضيق، فسجين كسكير وشريب: بين السكر والشرب. والمراد بالسجن هنا جهنم، وأن كونهم في سجين شئ مرقوم، أي: مكتوب مفروغ منه لا يزاد فيه أحد، ولا ينقص منه أحد، وعلى هذا القول فإن قوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ تفخيم وتهويل لشأن جهنم، وليس متصلا بما
بعده أي: بقوله تعالى: كِتابٌ مَرْقُومٌ فيكون المعنى الحرفي على هذا القول: كلا إنه مكتوب على الفجار، أن يكونوا في سجن جهنم وأن هذا المكتوب لا يبدل ولا يغير، وما أدراك ما هذا السجن الذي قضي عليهم به، وكتب عليهم به نتيجة لسوء أعمالهم
ثم قال تعالى متهددا لهم، ومبينا سبب هذا القضاء عليهم وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وإذن فما كان قضاء الله عليهم إلا بسبب منهم،
قال ابن كثير: ثم قال تعالى مفسرا للمكذبين والفجار الكفرة: الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ أي: بيوم الجزاء والحساب، قال ابن كثير: أي: لا يصدقون بوقوعه، ولا يعتقدون كونه ويستبعدون أمره.
وَما يُكَذِّبُ بِهِ أي: بذلك اليوم إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أي: مجاوز للحد أَثِيمٍ أي: مكتسب للإثم، قال ابن كثير: أي: معتد في أفعاله من تعاطي الحرام والمجاوزة في تناول المباح، والأثيم في أقواله إن حدث كذب، وإن وعد أخلف، وإن خاصم فجر
إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا أي: القرآن. قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي: خرافات السابقين وأباطيلهم. قال ابن كثير: أي: إذا سمع كلام الله تعالى من الرسول يكذب به ويظن به، ظن السوء. فيعتقد أنه مفتعل مجموع من كتب الأوائل.
كَلَّا. قال النسفي: ردع للمعتدي الأثيم عن هذا القول بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ أي: غطاها كسبهم أي: غلب على قلوبهم حتى غمرها ما كانوا يكسبون من المعاصي. قال ابن كثير: أي: ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا: إن هذا القرآن أساطير الأولين. بل هو كلام الله ووحيه، وتنزيله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرين الذي قد لبس