الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَرارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً* فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً* فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً* فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً* ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ* فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ.
يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ.
والقرآن الكريم والسنة المطهرة يكشفان عن الحقيقة العلمية قبل اكتشافها بألف وثلاثمائة عام.
النطفة والأمشاج:
الآيات: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً* إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (الإنسان: 1، 2).
قال ابن جرير الطبري في تفسيره: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ: إنا خلقنا ذرية آدم من نطفة، يعني: من ماء الرجل وماء المرأة. والنطفة كل ماء قليل في وعاء كان ذلك ركية أو قربة أو غير ذلك. وقوله أمشاج يعني: أخلاط واحدها مشج ومشيج، يقال فيه: إذا مشجت هذا بهذا خلطته، وهو ممشوج به، ومشيج أي مخلوطه
…
وهو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة.
وروى بسنده عن عكرمة قوله أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ قال: ماء الرجل مع ماء المرأة يمشج أحدهما الآخر، وروي عنه أيضا قوله: ماء الرجل وماء المرأة يختلطان. وروى بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ماء المرأة وماء الرجل يختلطان، وقال الربيع ابن أنس: إذا اجتمع ماء المرأة وماء الرجل.
وقال الحسن البصري: مشج (خلط) ماء المرأة مع ماء الرجل.
قال مجاهد: خلق الله الولد من ماء الرجل وماء المرأة، وقد قال الله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى.
وذكر ابن جرير أقوالا أخرى مثل قول قتادة: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ أي: أطوار الخلق طورا نطفة، وطورا علقة، وطورا مضغة، وطورا عظاما، ثم كسا الله العظام لحما، ثم أنشأناه خلقا آخر
…
وروى عنه أيضا: الأمشاج اختلاط الماء والدم بالنطفة، ثم كان علقة ثم كان مضغة
…
وانتهى ابن جرير إلى ترجيح القول الأول وهو: أن النطفة الأمشاج هي اختلاط ماء الرجل بماء المرأة قال: وأشبه
هذه الأقوال بالصواب قول من قال معنى ذلك من نطفة أمشاج: نطفة الرجل ونطفة المرأة، لأن الله تعالى وصف النطفة بأنها أمشاج
…
وهي إذا انتقلت فصارت علقة فقد استحالت عن معنى النطفة، فكيف تكون نطفة أمشاجا وهي علقة.
تفسير ابن كثير للآية: يقول تعالى مخبرا عن الإنسان أنه وجد بعد أن لم يكن شيئا مذكورا، لضعفه وحقارته، فقال تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ثم بين ذلك فقال جل جلاله: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ أي: أخلاط، والمشج والمشيج الشئ المختلط بعضه على بعض.
وقال ابن عباس في قوله تعالى: مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ يعني: ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا، ثم ينتقل بعد من طور إلى طور، ومن حال إلى حال، ومن لون إلى لون، وهكذا قال عكرمة ومجاهد والحسن البصري والربيع بن أنس: الأمشاج هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة.
الأحاديث: أخرج الإمام أحمد في مسنده: أن يهوديا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال: لأسألنه عن شئ لا يعلمه إلا نبي فقال: يا محمد مم يخلق الإنسان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يا يهودي، من كل يخلق، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة» فقال اليهودي: هكذا كان يقول من قبلك (أي: من الأنبياء).
مما تقدم يتضح بجلاء أن ما اكتشفته البشرية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين قد تحدث به القرآن الكريم بلا أدنى لبس أو مواربة، وقد وضحته الأحاديث النبوية الشريفة
…
كما أن الصحابة والتابعين من أعلام المفسرين- وعلى رأسهم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قد فهموا من الآيات الكريمة ما نفهمه نحن اليوم بعد الاكتشافات العلمية، وقد نقلنا ذلك عنهم حسب ما رواه شيخ المفسرين ابن جرير الطبري، والحافظ ابن كثير الدمشقي، وغيرهم من أعلام التفسير في القديم والحديث، ولا أظن أحدا سيتهمنا بأننا نعتسف النصوص لنفسر بها الإعجاز العلمي في القرآن الكريم).
3 -
بمناسبة قوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً قال ابن كثير: (وروى الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب
ابن عجرة: «أعاذك الله من إمارة السفهاء» قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: «أمراء يكونون من بعدي لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردون على حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فأولئك مني وأنا منهم، وسيردون على حوضي، يا كعب بن عجرة: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصلاة قربان- أو قال: برهان- يا كعب بن عجرة: إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به، يا كعب: الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها» ورواه عن غياث بن وهب عن عبد الله بن خثيم به وقد تقدم في سورة الروم عند قوله جل جلاله: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها من رواية جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا» .
وروى الإمام أحمد
…
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من خارج يخرج إلا ببابه رايتان: راية بيد ملك، وراية بيد شيطان فإن خرج لما يحب الله اتبعه الملك برايته، فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته، وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته» ).
4 -
بمناسبة قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قال ابن كثير: (أي: يتعبدون لله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع، وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر. روى الإمام مالك عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» رواه البخاري من حديث مالك).
5 -
بمناسبة قوله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ قال ابن كثير:
(وروى البيهقي من طريق الأعمش عن نافع قال: مرض ابن عمر فاشتهى عنبا أول ما جاء العنب، فأرسلت صفية- يعني: امرأته- فاشترت عنقودا بدرهم، فاتبع الرسول سائل فلما دخل به قال السائل: السائل، فقال ابن عمر: أعطوه إياه فأعطوه إياه، فأرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقودا، فاتبع الرسول السائل فلما دخل قال السائل: السائل، فقال ابن عمر: أعطوه إياه، فأعطوه إياه، فأرسلت صفية إلى السائل فقالت: والله إن عدت لا تصيب منه خيرا أبدا ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت
به، وفي الصحيح:«أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر» أي: في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه).
6 -
بمناسبة قوله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً قال ابن كثير: (أما المسكين واليتيم فقد تقدم بيانهما وصفتهما، وأما الأسير فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك: الأسير من أهل القبلة، وقال ابن عباس: كان أسراؤهم يومئذ مشركين، ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء، وقال عكرمة: هم العبيد، واختاره ابن جرير لعموم الآية للمسلم والمشرك، وهكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة، وقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الأرقاء في غير ما حديث حتى إنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول: «الصلاة وما ملكت أيمانكم» قال مجاهد: هو المحبوس أي: يطعمون الطعام لهؤلاء وهم يشتهونه ويحبونه، قائلين بلسان الحال: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ).
7 -
بمناسبة قوله تعالى: وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً قال ابن كثير:
(وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن سليمان الداراني قال: قرئ على أبي سليمان الداراني سورة هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ فلما بلغ القارئ إلى قوله تعالى وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً قال: بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا ثم أنشد يقول:
كم قتيل لشهوة وأسير
…
أف من مشته خلاف الجميل
شهوات الإنسان تورثه الذل
…
وتلقيه في البلاء الطويل)
8 -
بمناسبة قوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً قال ابن كثير: (وقد قدمنا في الحديث المروي من طريق نوير بن أبي فاختة عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة، ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه» فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لأدنى من يكون في الجنة فما ظنك بما هو أعلى منزلة وأحظى عنده تعالى).
9 -
في سورة الإنسان قال تعالى: وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وفي سورة فاطر قال تعالى: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وقد جمع ابن كثير بين