الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَوَّاباً» ورواه مسلم. وروى ابن جرير عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد، ولا يذهب ولا يجئ إلا قال:«سبحان الله وبحمده» ، فقلت: يا رسول الله رأيتك تكثر من سبحان الله وبحمده، لا تذهب ولا تجئ ولا تقوم ولا تقعد إلا قلت: سبحان الله وبحمده قال: «إني أمرت بها» فقال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى آخر السورة. غريب.
وروى الإمام أحمد عن عبد الله قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ كان يكثر إذا قرأها وركع أن يقول «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم» ثلاثا، انفرد به أحمد. ورواه ابن أبي حاتم.
أقول: إن من تأمل حال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الالتزام بأمر الله عز وجل، والقيام بحقه، هذا القيام الفريد يكفيه ذلك دليلا على أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معنى أبرزناه في كتابنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما أشرنا إليه بمناسبة هذا التطبيق الرائع لأمر الله في السورة مما رأينا بعض مظاهره في النقول السابقة.
6 -
إن قول ابن عباس أن آخر سورة نزلت هي هذه السورة لا يعني أنها آخر القرآن نزولا، لأنه قد رأينا أن التحقيق أن آخر آية نزلت هي قوله تعالى وَاتَّقُوا يَوْماً .. * وعلى هذا فمراد ابن عباس أنها آخر سورة نزلت أي كسورة كاملة، أما كآيات فقد نزل حتما بعدها.
7 -
هناك اتجاه يقول: إن سورة النصر نزلت في حجة الوداع، مع أن حجة الوداع كانت بعد فتح مكة بحوالي سنتين. وعلى هذا فإن البشارة تكون باستكمال النواحي الثلاث مجتمعة: الفتح، والنصر، والدخول في دين الله أفواجا.
كلمة أخيرة في سورة النصر:
إن مجئ سورة النصر في مكانها معجزة، وفيه إعجاز، وفي بشارتها ودلالتها معجزة وإعجاز، وفي معناها معجزة وإعجاز، ألا ترى أن هذه التربية لرسول الله وللمسلمين حال النصر والفتح، وإقبال الناس على الإسلام يستحيل أن تكون بشرية أو يفطن لها الإنسان، فالناس في النصر والفتح يبطرون ويسكرون ويقبلون على المتاع واللذة، بينما
السورة تربي على غير ذلك، فهل هذا مما يخطر في قلوب البشر أن يقولوه أو يسجلوه، ففي معنى السورة معجزة وإعجاز، وفي انسجام معاني السورة مع بقية المعاني القرآنية التي لا يخطئها البصر معجزة وإعجاز، وفي الكلمات التي عبر بها عن هذا كله معجزة وإعجاز، إذ لا يحل محلها غيرها، فهي كلمات في الذروة من البلاغة والفصاحة والانتقاء أخذت مدلولاتها الإسلامية، واستعملت لتأدية هذه المدلولات على مثل هذا الكمال، وهذا شئ معجز فإن توجد اصطلاحات خاصة لدين جديد، وأن تستعمل هذه المصطلحات ولأول مرة في ذروة من الكمال في التعبير والأداء ذلك معنى وحده يدلك على أن هذا القرآن من عند الله.