الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المئين يتألف من ثلاث مجموعات، كل مجموعة تفصل في سورة البقرة من ابتدائها إلى مكان فيها، ثم جاء قسم المثاني وفيه خمس مجموعات، كل مجموعة تفصل في سورة البقرة من ابتدائها حتى آية منها على اختلاف في المدى الذي يبلغه التفصيل، ثم جاء قسم المفصل وفيه خمس عشرة مجموعة، كل مجموعة تفصل في سورة البقرة من ابتدائها إلى مكان ما فيها، وهكذا نجد أن سورة البقرة قد فصلت أربعة وعشرين مرة تفصيلا بعد تفصيل، وقد أصاب الآيات الأول منها خاصة من التفصيل على عدد المجموعات.
وقد رأينا أن بعض المجموعات استغرق حوالي ثمانية أجزاء، بينما نجد المجموعة التي لا تتجاوز صفحة واحدة مع أن كل مجموعة فصلت في المعاني الرئيسية لسورة البقرة، والحكمة في ذلك- والله أعلم- أن ينال كل إنسان حظه من الذكر حفظا وتلاوة وتذكرا بما يسع حاله، وبحيث يأخذ نصيبه من تذكر المعاني الرئيسية على قدر ما يسعف وقته وفراغه واستعداده وذاكرته، مع ملاحظة أن القرآن بمجموعه لا بد من تلاوته وتدبره لمن أراد أن يعرف حقائق الأشياء على ما هي عليه وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ.
خاتمة التفسير
هذا التفسير جزء من سلسلة الأساس في المنهج التي تتألف من القسم الأول:
الأساس في التفسير، والقسم الثاني. الأساس في السنة وفقهها، والقسم الثالث:
الأساس في فهم النصوص. وللاختصار فقد أخرت الحديث عن كثير من الأمور، أو أخرت التفصيل فيها؛ لأنه لا بد أن ترد في قسم السنة. على أنني حاولت أن أذكر الشئ إذا جاءت مناسبة بما يسد احتياجات الدارس العادي للكتاب والسنة. وعذري في تأخير كثير من الأمور إلى القسم الثاني هو حرصي على إبراز النقاط التي استهدفتها
في هذا التفسير وهي:
1 -
إبراز الوحدة القرآنية الجامعة، وإبراز الوحدة في السورة الواحدة من خلال نظرية تطرح لأول مرة تبين القاعدة الجامعة في شأن ترتيب سور القرآن.
2 -
إبراز الإعجاز والمعجزة في القرآن حيث جاءت مناسبة ذلك. فالإعجاز هو القاسم المشترك في القرآن كله، ومع هذا الإعجاز فإن في القرآن معجزات كثيرة.
زائدة على أصل الإعجاز، ولقد حاولت أن أبرز هذا وهذا، وكل ذلك ليزداد إيمان المؤمن، فكثيرا ما يحدث أن القارئ للتفاسير يضيع بين النكتة البلاغية والإعراب والأقوال الكثيرة والأقوال الضعيفة بحيث لا يستشعر نمو الإيمان مع الدراسة، وقد تسبب بعض الروايات الفاسدة وساوس عند بعض ضعفاء اليقين، أو غير الراسخين في العلم، وقد حاولت في هذا التفسير أن ينصب الكلام على ما هو تفسير مجرد على الطريقة الأولى التي كان يقدم فيها التفسير لطالبه في الجيل الأول، ومن أراد ما سوى ذلك، فالمراجع أمامه كثيرة، إن الإنسان عند ما يقرأ بعض التفاسير يشعر أحيانا بتشتت يبعده عن لب ما أراده من قراءة التفسير. وبالتالي فإنه لا يستغرق الاستغراق التام وهو يقرأ، وقد جاء هذا التفسير ملاحظا ذلك.
3 -
لقد كان لكل عصر معطياته التي تفتح آفاق أهله على معان من كتاب الله تحقيقا لقوله تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ولعصرنا معطياته الجديدة، ولقد حاولت أن أستفيد من ذلك ما استطعت بما لا يخرج نصا عن معناه أو مضمونه الذي تقدمه ألفاظه، فلا تكلف ولا تعسف.
4 -
حاولت- ما استطعت- أن أعرض القرآن عرضا قريبا يستطيع من خلاله المثقف العادي أن يفهمه، هذا مع محاولة اقتناص ما تيسر لي من فوائد مبثوثة تخدم الفهم لكتاب الله.
5 -
حاولت- إلى حد كبير- أن أقدم مفهوم أئمة الاجتهاد للكثير من آيات الأحكام، ولكن باختصار وبدون تدليل ومناقشة، لأن محل ذلك في القسم الثاني من هذه السلسلة في كتاب الأساس في السنة وفقهها.
6 -
إبراز الكثير من الأسس التي عليها تبنى الأمة المسلمة، أو تقوم عليها حياتها العملية، أو ينبثق عنها العمل الإسلامي المعاصر، على أنه في القسم الثاني من السلسلة يأتي كلام كثير حول هذه الشئون.
ولعل القارئ لحظ أننا ابتعدنا عن الحشو وعن كل ما لا يهم القارئ غير المختص. كما لحظ أننا حاولنا إبراز خصائص القرآن، وأعطينا موضوع التربية حقه على قدر استطاعتنا، وحاولنا أن نضع كثيرا من الأمور ضمن إطارها العام، وكثيرا من الجزئيات ضمن إطارها الكلي.
إن استهداف هذه الأشياء حال بيننا وبين التوسع في كثير من الأمور، وصرفنا عن أمور كثيرة. وليكن ذلك بمثابة اعتذار لمن لم ير في هذا الكتاب ما تخيله أو تصوره مما كان ينبغي أن يكون فيه، وحسبنا أن يكون قارئ هذا التفسير قد خرج بانطباع جديد، وفهم جديد ليكون ذلك نقطة انطلاق نحو جهاد متواصل، من أجل أن يكون هذا القرآن مهيمنا على الأرض كلها، وليكون ذلك نقطة انطلاق لسير منضبط وصحيح إلى الله، ولقد حاولت- ما استطعت- أن أجنب هذا التفسير أي فهم خاطئ أو منحرف أو متكلف لكتاب الله وإذا فاتني شئ فإني أستغفر الله.
وقد ألزمت نفسي في آيات الصفات أن أبقى ضمن الحدود التي ذكرها ابن كثير؛ لإيماني بأن هذا الموضوع لا يستطيع أحد أن يعرف أبعاد ما يقال فيه إلا إذا كان من الراسخين في العلم، فالكلام بتوسع فيه في مثل هذا التفسير قد يساء فهمه عند أنواع من القراء فاقتصرت فيه على ما قاله ابن كثير، وكلامه يسع الجميع ويكفي الجميع.
ومن خلال استقرائي لأصناف كثير من الراغبين في دراسة القرآن وجدت أن هناك ناسا تهمهم الفائدة الشاردة، والنكتة اللطيفة، وآخرون تهمهم دقائق السياق، والربط بين الآيات والسور، وآخرون لا يهمهم إلا أن يعرفوا المعنى الحرفي ضمن أدنى حد ممكن، ولذلك فصلت الكلام بين المعنى الحرفي والسياق والفوائد فالراغب في الجميع لم يفته شئ، والراغب في شئ بعينه يجده منفصلا عن غيره.
وقد اعتمدت أربعة تفاسير كأساس: تفسير ابن كثير، وتفسير النسفي، وتفسير الألوسي، وتفسير الظلال، واعتقدت أن فوائد هذه التفاسير هي أقصى ما يحتاجه القارئ العادي، فابن كثير يفسر القرآن بالقرآن وبالمأثور في الغالب، والنسفي يعطي للمعنى الحرفي أهمية، وقد كاد هذان التفسيران أن يستوعبا فوائد التفاسير التي سبقتهما، وتفسير الألوسي وسيد قطب تفسيران متأخران، الأول منها استوعب التفسير التقليدي، والثاني منها فسر القرآن بلغة العصر، وقد رأيت أنه باعتمادي هذه التفاسير الأربعة أكون قد استوعبت- إلى حد ما- الفائدة من كتب التفاسير على مر العصور.
وكما قلت من قبل فإني لم أذكر إلا ما له صلة مباشرة بالتفسير، اعتمادا مني على أن أي شئ آخر يريده طالب المعرفة عن القرآن يستطيع أن يجده في المكتبة القرآنية، فليس من كتاب في هذا العالم قد خدم كما خدم هذا القرآن، حتى إنه ليكاد يكون من المستحيل أن تحصى كتب المكتبة القرآنية، فما من شئ له صلة بالقرآن إلا وتجد فيه عشرات الكتب: في إعرابه وبلاغته وأحكامه وتفسير آياته وإعجازه وأسباب نزوله والناسخ والمنسوخ فيه إلى غير ذلك، لذلك فقد انصب همي أن أقدم للقارئ ما له صلة مباشرة بفهم القرآن وتفهيمه.
ولو لم أرد ذلك اختيارا لاضطررت إليه اضطرارا لأنني لو أردت غير ذلك لتوسع التفسير سعة لا يعود معها ذا نفع إلا لأفراد من الناس.
فإلى القسم الثاني من سلسة الأساس في المنهج ولله الحمد والمنة.