الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في غزوة حنين
قال ابن حجر في الفتح:
قال أهل المغازي: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لست خلت من شوال: وقيل لليلتين بقيتا من رمضان. وجمع بعضهم بأنه بدأ بالخروج في أواخر رمضان وسار سادس شوال؛ وكان وصوله إليها في عاشره، وكان السبب في ذلك أن مالك بن عوف النصري جمع القبائل من هوازن ووافقه على ذلك الثقفيون، وقصدوا محاربة المسلمين، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم. قال عمر بن شبة في "كتاب مكة": حدثنا الحزامي يعني إبراهيم بن المنذر حدثنا ابن وهب عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة أنه كتب إلى الوليد: أما بعد: فإنك تكتب إلي تسألني عن قصة الفتح، فذكر له وقتها، فأقام عامئذ بمكة نصف شهر، ولم يزد على ذلك حتى أتاه أن هوازن وثقيفا قد نزلوا حنينا يريدون قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا قد جمعوا إليه ورئيسهم مالك بن عوف.
633 -
* روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، استعار من صفوان بن أمية أدرعاً وسلاحاً في غزوة حنين فقال: يا رسول الله أعارية مؤداة؟ قال: "عارية مؤداة".
634 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين - أراد حنيناً -: "منزلنا غداً إن شاء الله بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر".
في رواية (1)"منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله الخيف، حيث تقاسموا على الكفر".
633 - المستدرك (2/ 47)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
634 -
البخاري (8/ 14) 64 - كتاب المغازي - 48 - باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح.
ومسلم (2/ 952) 15 - كتاب الحج - 59 - باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر.
(1)
البخاري (8/ 14) 64 - كتاب المغازي - 48 - باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد حنيناً: أي في غزوة الفتح؛ لأن غزوة حنين عقب غزوة الفتح.
بخيف: الخيف: ما انحدر عن غلظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء.
حيث تقاسموا: يعني قريشاً.
على الكفر: أي لما تحالفت قريش ألا يبايعوا بني هاشم ولا يناكحوهم ولا يؤوهم وحصروهم في الشعب.
635 -
* روى أبو داود عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: إنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فأطنبوا السير، حتى كانت عشية، فحضرت الصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل فارس فقال: يا رسول الله، إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت على جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن عن بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله تعالى" ثم قال: "من يحرسنا الليلة؟ " قال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول الله، قال:"فاركب"، فركب فرساً له، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نغرن من قبلك الليلة"، فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه، فركع ركعتين، ثم قال:"هل أحسستم فارسكم؟ " قال: قالوا: يا رسول الله، ما أحسسناه، فثوب بالصلاة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى صلاته وسلم قال:"أبشروا فقد جاءكم فارسكم" فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشعب، فإذا هو قد جاء، حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم فقال: إني انطلقت، حتى كنت في أعلى هذا الشعب، حَيْثُ أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحت طلعت الشعبين كليهما، فنظرت، فلم أر أَحَدًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل نزلت الليلة؟ " قال: لا، إلا مصلياً، أو قَاضِيَ حاجة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد أوجبت، فلا عليك أن لا تعمل بَعْدَهَا".
636 -
* روى مسلم عن أنس بن مالك قال: افتتحنا مكة، ثم إنا غزونا حنيناً،
635 - أبو داود (3/ 9)، كتاب الجهاد، باب في فضل الحرس في سبيل الله تعالى.
بإسناد حسنه الحافظ في الفتح.
عن بكرة أبيهم: يقال: جاء القوم على بكرة أبيهم: إذا جاؤوا بأسرهم ولم يتخلف منهم أحد.
ونعمهم: والنعم في الأصل: الإبل، وقد تقع على البقر والغنم.
هل نزلت الليلة؟: أي: من ظهر حصانك.
قد أوجبت: يقال: أوجب فلان: إذا فعل فعلاً وجبت له به الجنة أو النار، والمراد به ها هنا الجنة.
636 -
مسلم (2/ 736) 12 - كتاب الزكاة - 46 - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إسلامه.
قد بلغنا ستة آلاف: قال القاضي: هذا وهم من الراوي عن أنس. والصحيح ما جاء في رواية أخرى أنهم عشرة آلاف
قال: فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت، قال فصفت الخيل، ثم صفت المقاتلة، ثم صفت النساء من وراء ذلك، ثم صفت الغنم، ثم صفت النعم، قال: ونحن بشر كثير قد بلغنا ستة آلاف، وعلى مجنبة خيلنا خالد بن الوليد، قال: فجعلت خيلنا تلوي خلف ظهورنا، فلم نلبث أن انكشفت خيلنا، وفرت الأعراب، ومن نعلم من الناس، قال: فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا للمهاجرين، يا للمهاجرين" ثم قال: "يا للأنصار، يا للأنصار" - قال: قال أنس: هذا حديث عمية - قال: قلنا: لبيك يا رسول الله، قال: فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وايم الله، ما أتيناهم حتى هزمهم الله. قال: فقبضنا ذلك المال، ثم انطلقنا إلى الطائف، فحاصرناهم أربعين ليلة، ثم رجعنا إلى مكة، فنزلنا، قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الرجل المائة من الإبل.
637 -
* روى أحمد وأبو يعلى عن جابر بن عبد الله قال: لما استقبلنا وادي حنين قال:
= ومعه الطلقاء؛ لأن المشهور في كتب المغازي أن المسلمين كانوا يومئذ اثني عشر ألفاً: عشرة آلاف شهدوا الفتح وألفان من أهل مكة، ومن انضاف إليهم.
تلوي: تعطف وترجع.
عمية: قال النووي في شرح مسلم: هذه اللفظة ضبطوها في صحيح مسلم على أوجه.
أحدهما: عمية، بكسر العين والميم وتشديد الميم والياء، قال القاضي: كذا روينا هذا الحرف عن عامة شيوخنا، قال: وفسره بالشدة.
والثاني: عمية، كذلك إلا أنه بضم العين.
والثالث: عميه، بفتح العين وكسر الميم المشددة وتخفيف الياء، وبعدها هاء السكت، أي: حدثني به عمي، قال القاضي على هذا الوجه معناه عندي: جماعتي، أي: هذا حديثهم، قال صاحب العين: العم هنا: الجماعة، وأنشد عليه ابن دريد في (الجمهرة):
أفنيت عماً وجبرت عماً.
قال القاضي: وهذا أشبه بالحديث، والوجه الرابع: كذلك إلا أنه بتشديد الياء، وهو الذي ذكره الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين، وفسره بعمومتي، أي: هذا حديث فضل أعمامي، أو هذا الحديث الذي حدثني به أعمامي، كأنه حدث بأول الحديث عن مشاهدة، ثم لعله لم يضبط هذا الموضع لتفرق الناس، فحدثه به من شهده من أعمامه أو جماعته الذين شاهدوه.
وايم الله: هذا من جملة ألفاظ القسم ومعناه فيما يقوله النحويون: أنه جمع يمين، وأصله: أيمن، ثم حذفت النون في القسم تخفيفاً لكثرة الاستعمال، وفيه لغات كثيرة تذكر في كتب النحو.
637 -
أحمد في مسنده (3/ 376).
والبزار مختصراً في كشف الأستار (2/ 351)، كتاب الهجرة والمغازي، باب غزوة الفتح.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 179)، وقال: رواه أحمد وابو يعلى، ورواه البزار مختصراً، وفيه ابن إسحق
انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط، إنما ننحدر فيه انحداراً قال: وفي عماية الصبح وقد كان القوم كمنوا لنا في شعابه وفي أجنابه ومضائقه قد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا قال: فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد وانهزم الناس راجعين فانشمروا لا يلوي أحدٌ على أحدٍ، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال:"إلي أيها الناس هلم إلي، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله" قال: فلا شيء احتملت الإبل، بعضها بعضاً، فانطلق الناس، إلا أن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً من المهاجرين والأنصار وأهل بيته غير كثير، وفيمن ثبت معه أبو بكر وعمر ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل بن عباس، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث وأيمن بن عبيد وهو ابن أم أيمن وأسامة بن زيد. قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر في يده راية له سوداء، في رأس رمح طويل له أمام الناس وهوازن خلفه، فإذا أدرك طعن برمحه، فإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه، فاتبعوه. قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال: بينما ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جمله ذلك يصنع ما يصنع، إذ هوى له علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه، قال: فيأتيه علي من خلفه فيضرب عرقوبي الجمل فيوقع على عجزه، ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه فانجعف عن رحله واجتلد الناس فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأساري مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وزاد أبو يعلى: وصرخ حين كانت الهزيمة كلدة وكان أخا صفوان ابن أمية يومئذ مشركاً في المدة
= وقد صرح بالسماع في رواية أبي يعلى، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.
أجوف: متسع.
حطوط: منحدر.
غماية الصبح: ظلامه قبل أن يتبين.
كمنوا: استخفوا متربصين.
انشمروا: انفضوا وانهزموا.
فلا شيء حملت الإبل، بعضها على بعض: أي أن الإبل لم تركب وأنها كانت متزاحمة.
أطن قدمه: قطعها.
انجعف: سقط صريعاً.
التي ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا بطل السحر اليوم. فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن.
638 -
* روى مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن، فبينا نحن نتضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على جمل أحمر، فأناخه، ثم انتزع طلقاً من حقبه، فقيد به الجمل ثم تقدم يتغدى مع القوم، وجعل ينظر، وفينا ضعفة، ورقة من الظهر، وبعضنا مشاة، إذ خرج يشتد، فأتى جمله فأطلق قيده، ثم أناخه، وقعد عليه، فأثاره، فاشتد به الجمل، فاتبعه رجل على ناقة ورقاء، قال سلمة: وخرجت أشتد، فكنت عند ورك الناقة، ثم تقدمت حتى كنت عند ورك الجمل، ثم تقدمت حتى اخذت بخطام الجمل، فأنخته، فلما وضع ركبته في الأرض اخترطت سيفي، فضربت رأس الرجل فندر، ثم جئت بالجمل أقوده عليه رحله وسلاحه، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه، فقال:"من قتل الرجل؟ " قالوا: ابن الأكوع، قال:"له سلبه أجمع".
وفي رواية (1) قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اطلبوه واقتلوه" فقتلته، فنفلني سلبه.
= فض الله فاك: أسقط أسنانك.
يربني: يسودني.
638 -
مسلم (3/ 1374) 32 - كتاب الجهاد والسير - 13 - باب استحقاق القاتل سلب القتيل.
نتضحى: أي: نتغدى وقت الضحى.
طلقاً: الطلق: قيد يتخذ من الجلود.
من حقبه: الحقب: حبل يشد على بطن البعير مما يلي مؤخره.
ورقة من الظهر: الظهر: المركوب، والرقة في حال الضعف.
ورقاء: ناقة ورقاء: ذات لون أسمر، والورقة: السمرة.
أشتد: أعدو بشدة.
فندر: ندر رأسه، أي: طار عن بدنه.
(1)
البخاري (6/ 168) 56 - كتاب الجهاد - 73 - باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان.
639 -
* روى مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً فلما واجهنا العدو تقدمت، فأعلو ثنية، فاستقبلني رجل من العدو، فأرميه بسهم، فتوارى عني، فما دريت ما صنع ونظرت إلى القوم، فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فولى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وأرجع منهزماً وعلي بردتان، متزر بإحداهما، مرتد بالأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما جميعاً، ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزماً، وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد رأى ابن الأكوع فزعاً" فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال:"شاهت الوجوه" فما خلق الله منهم إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله عز وجل، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين.
640 -
روي البزار عن بريدة قال: تفرق الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلم يبق معه إلا رجل يقال له زيد وهو آخذ بعنان بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ويحك ادع الناس" فنادى زيد يا أيها الناس هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم، فلم يجئ أحد فقال:"ادع الأنصار" فقال: يا معشر الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم، فلم يجئ أحد فقال:"ويحك خص الأوس والخزرج". فنادى: يا معشر
639 - مسلم (3/ 1402) 32 - كتاب الجهاد والسير - 28 - باب في غزوة حنين.
منهزماً: قال العلماء: قوله منهزماً، حال من ابن الأكوع، كما صرح أولاً بانهزامه، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم انهزم. وقد قالت الصحابة كلهم رضي الله عنهم: أنه صلى الله عليه وسلم ما انهزم. ولم ينقل أحد قط أنه انهزم صلى الله عليه وسلم في موطن من المواطن. وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه لا يجوز أن يعتقد انهزامه صلى الله عليه وسلم ولا يجوز ذلك عليه.
فاستطلق إزاري: أي انحل لاستعجالي.
فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي أتوه من كل جانب.
شاهت الوجوه: أي قبحت.
640 -
البزار: كشف الأستار (2/ 347)، كتاب الهجرة والمغازي، باب غزوة الفتح.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 181): رواه البزار، ورجاله ثقات. أقول: يروي ابن إسحاق عن العباس ابن عبد المطلب أنه هو الداعي للمنهزمين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه صرخ يا للأنصار، يا أصحاب السمرة. وروى مسلم مثله عن العباس.
كما ذكر أنه رجع من الأنصار مائة هم الذين خاضوا المعركة مع الذين ثبتوا معه وانتصروا.
والظاهر أن في رواية البزار فجوة يملؤها ما ذكره ابن إسحاق ومسلم عن العباس.
الأوس والخزرج هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم، فلم يجئ أحد فقال:"ويحك خص المهاجرين، فإن لي في أعناقهم بيعة" قال فحدثني بريدة أنه أقبل منهم ألف قد طرحوا الجفون حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشوا قدماً حتى فتح الله عليهم.
641 -
* روى الطبراني عن الحارث بن بدل قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فانهزم أصحابه أجمعون إلا العباس بن عبد المطلب وأبا سفيان بن الحارث، فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوهنا بقبضة من الأرض، فانهزمنا فما يخيل إلي أن شجرة ولا حجراً إلا وهو في آثارنا.
642 -
* روى البخاري عن أبي إسحاق أنه سمع البراء - وسأله رجل من قيس: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ - فقال: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر، كانت هوازن رماة وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا فأكببنا على الغنائم، فاستقبلنا بالسهام. ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بزمامها وهو يقول:"أنا النبي لا كذب" قال إسرائيل وزهير: نزل النبي صلى الله عليه وسلم عن بغلته.
643 -
* روى الحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: التقى يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة واشتد القتال فولوا مدبرين فندب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأنصار، فقال:"يا معشر المسلمين أنا رسول الله" فقالوا: إليك والله جئنا فنكسوا رؤوسهم ثم قاتلوا حتى فتح الله عليهم.
644 -
* روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: لقد رأيتنا يوم
641 - المعجم الكبير (3/ 267).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 181): رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
642 -
البخاري (8/ 28) 64 - كتاب المغازي - 54 - باب قول الله تعالى (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً) - إلى قوله - (غفور رحيم).
643 -
المستدرك (3/ 48)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
644 -
الترمذي (4/ 200) 24 - كتاب الجهاد - 15 - باب ما جاء في الثبات عند القتال.
وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث عبيد الله، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وحسن إسناده الحافظ في (الفتح) وقال: وهذا أكثر ما وقفت عليه من عدد من ثبت يوم أحد، قال: وروى أحمد والحاكم من حديث
حنين، وإن الفئتين لموليتان - يعني: المهاجرين والأنصار - وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل.
645 -
* روى أبو داود عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: لما لقي النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم حنين، فانكشفوا، نزل عن بغلته فترجل.
646 -
* روى مسلم عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي. فلما التقى المسلمون والكفار، ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار، قال عباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أي عباس، ناد أصحاب السمرة" فقال عباس - وكان رجلاً صيتاً - فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فوالله، لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك، يا لبيك، قال: فاقتتلوا والكفار، والدعوة في الأنصار، يقولون: يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، قال: ثم قصرت الدعوة على بني الحارث ابن الخزرج فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج! فنظر النبي صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا حين حمي الوطيس" قال: ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات، فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال:"انهزموا ورب محمد"
= عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فولى عنه الناس، وثبت معه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار، فكنا على أقدامنا ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة، قال: وهذا لا يخالف حديث ابن عمر، فإنه نفى أن يكونوا مائة، وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين.
645 -
أبو داود (3/ 50) كتاب الجهاد، باب في الرجل يترجل عند اللقاء. وإسناده حسن.
646 -
مسلم (3/ 1398) 32 - كتاب الجهاد والسير - 28 - باب في غزوة حنين.
أصحاب السمرة: السمرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان يوم الحديبية.
صيتاً: رجل صيت رفيع الصوت عاليه.
حمي الوطيس: اشتد الحرب والأمر، قال الخطابي: هذه الكلمة لم تسمع قبل أن يقولها النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، وهي مما اقتضبه وأنشأه، والوطيس في اللغة: التنور.
حدهم كليلاً: حد كليل: لا يقطع، وطرف كليل: لا يحقق النظر.
قال: فذهبت أنظر، فإذا القتال على هيئته فيما أرى، قال: فوالله، ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلاً، وأمرهم مدبراً.
فوالله، ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلاً، وأمرهم مدبراً.
وفي رواية نحوه (1)، غير أنه قال: فروة بن نعامة الجذامي. وقال: "انهزموا ورب الكعبة، انهزموا ورب الكعبة" وزاد في الحديث: حتى هزمهم الله، قال: وكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلته.
قال النووي: حنين واد بين مكة والطائف وراء عرفات بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً وهو مصروف كما جاء به القرآن العزيز.
وقال: قال العلماء: وركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة في موطن الحرب وعند اشتداد البأس هو النهاية في الشجاعة والثبات.
ولأنه أيضاً يكون معتمداً، يرجع المسلمون إليه وتطمئن قلوبهم به وبمكانه. وإنما فعل هذا عمداً، وإلا فقد كانت له صلى الله عليه وسلم أفراس معروفة ومما ذكره في هذا الحديث من شجاعته صلى الله عليه وسلم تقدمه يركض بغلته إلى جمع المشركين وقد فر الناس عنه. وفي الرواية الأخرى أنه نزل إلى الأرض حين غشوه وهذه مبالغة في الثبات والشجاعة والصبر. وقيل فعل ذلك مواساة لمن كان نازلاً على الأرض من المسلمين وقد أخبرت الصحابة رضي الله تعالى عنهم بشجاعته صلى الله عليه وسلم في جميع المواطن. وفي صحيح مسلم قال: إن الشجاع منا الذي يحاذي به وإنهم كانوا يتقون به أ. هـ.
647 -
* روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم ومع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ومن الطلقاء، فأدبروا عنه حتى بقي وحده، فنادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما: التفت عن يمينه
(1) أخرجها مسلم (3/ 1398) 32 - كتاب الجهاد والسير - 28 - باب في غزوة حنين.
647 -
البخاري (8/ 53) 64 - كتاب المغازي - 56 - باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان.
ومسلم (2/ 733) 12 - كتاب الزكاة - 46 - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه.
الطلقاء: جمع طليق. وهو الذي خلي، وأطلق سبيله، وهم أهل مكة الذين أسلموا بعد الفتح.
فقال: "يا معشر الأنصار" قالوا: لبيك يا رسول الله، أبشر نحن معك. ثم التفت عن يساره فقال:"يا معشر الأنصار" قالوا لبيك يا رسول الله، أبشر نحن معك. وهو على بغلة بيضاء، فنزل فقال:"أنا عبد الله ورسوله" فانهزم المشركون، فأصاب يومئذ غنائم كثيرة، فقسم في المهاجرين والطلقاء ولم يعط الأنصار شيئاً، فقالت الأنصار: إذا كانت شديدة فنحن ندعى، ويعطى الغنيمة غيرنا. فبلغه ذلك، فجمعهم في قبة فقال:"يا معشر الأنصار، ما حديث بلغني عنكم؟ " فسكتوا. فقال: "يا معشر الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم تحوزونه إلى بيوتكم؟ " قالوا: بلى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو سلك الناس وادياً: وسلكت الأنصار شعباً، لأخذت شعب الأنصار" وقال هشام: قلت يا أبا حمزة، وأنت شاهد ذلك؟ قال: وأين أغيب عنه؟.
648 -
* روى الحاكم عن عياض بن الحارث الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى هوازن في اثني عشر ألفاً، فقتل من أهل الطائف يوم حنين مثل من قتل يوم بدر، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفاً من حصى، فرمى بها وجوهنا، فانهزمنا.
649 -
* وروى الحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان والإبل والغنم فصفوهم صفوفاً ليكثروا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فالتقى المسلمون والمشركون، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"أنا عبد الله ورسوله". وقال: "يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله" فهزم الله المشركين ولم يطعن برمح ولم يضرب بسيف فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ: "من قتل كافراً فله سلبه" فقتل أبو قتادة يومئذ عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم، فقال أبو قتادة: يا رسول الله ضربت رجلاً على حبل العاتق
648 - المستدرك (2/ 121)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
أقول: عياض بن الحارث الأنصاري راوي هذه الرواية يقال له: الثقفي، وقد تأخر إسلامه، وظاهر كلامه أنه كان في صف المشركين يوم حنين.
649 -
المستدرك (2/ 130)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
وعليه درع له فأعجلت عنه أن آخذ سلبه، فانظر من هو يا رسول الله، فقال رجل: يا رسول الله أنا أخذتها فأرضه منها فأعطنيها. فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان لا يسأل شيئاً إلا أعطاه أو سكت فقال عمر: لا والله لا يفيء الله على أسد من أسده ويعطيكها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
650 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين، فاستدرت إليه حتى أتيته من ورائه، فضربته على حبل عاتقه، وأقبل علي، فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر ابن الخطاب، فقال: ما للناس؟ فقلت: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه" قال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، فقال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثالثة، فقمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مالك يا أبا قتادة؟ " فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله، سلب ذلك القتيل عندي، فأرضه من حقه، وقال أبو بكر الصديق: لاها الله إذاً، لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله، فيعطيك سلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق، فأعطه إياه" فأعطاني، فبعت الدرع، فابتعت به مخرفاً في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.
650 - البخاري (8/ 35) 64 - كتاب المغازي - 54 - باب قول الله تعالى: [25: التوبة](ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً) - إلى قوله - (غفور رحيم).
ومسلم (3/ 1370) 32 - كتاب الجهاد والسير - 13 - باب استحقاق القاتل سلب القتيل.
حبل عاتقه: حبل العاتق: عصبه، والعاتق: موضع الرداء من المنكب.
لاها الله إذاً: قال الخطابي رحمه الله: هكذا جاء الحديث: "لاها الله إذاً" والصواب (لاها الله ذا) بغير ألف قبل الذال، ومعناه في كلامهم:(لا والله لا يكون ذا) يجعلون الهاء مكان الواو.
مخرفاً: المخرف بفتح الميم البستان الذي تخترف ثماره، أي: تجتنى وتقطف، وأراد به ها هنا: حائط نخل، والمخرف بكسر الميم: الظرف الذي تجنى فيه الثمار، والخراف، يشبه أن يكون جمع خرفة - بالضم - وهو ما يجتني من الفواكه، وأراد به أيضاً البستان، فسمى الشجر باسم ثمره.
تأثلته: تأثلت المال، أي: اكتسبته وجمعته وادخرته.
وفي رواية (1) قال: لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلاً من المشركين، وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله، فأسرعت إلى الذي يختله، فرفع يده ليضربني، وأضرب يده، فقطعتها، ثم أخذني فضمني ضماً شديداً حتى تخوفت ثم ترك فتحلل، ودفعته ثم قتلته، وانهزم المسلمون وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس، فقلت له: ما شأن الناس؟ فقال: أمر الله، ثم تراجع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه" فقمت لألتمس بينة على قتيلي، فلم أر أحداً يشهد لي، فجلست، ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل من جلسائه: سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي، فأرضه منه، فقال أبو بكر: كلا، لا يعطه أصيبغ من قريش، ويدع أسداً من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأداه إلي، فاشتريت منه خرافاً، فكان أول مال تأثلته في الإسلام.
651 -
* روى البزار عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "جزوهم جزاً" وأومأ بيده إلى الحلق.
652 -
* روى الطبراني عن يزيد بن عامر السوائي أنه قال: عند انكشافة انكشفها
(1) البخاري في الموضع السابق.
نختله: الختل: المكر والخداع.
أصيبغ: قال القاضي: اختلف رواة كتاب مسلم في هذا الحرف على وجهين: أحدهما رواية السمرقندي: أصيبغ، بالصاد المهملة والغين المعجمة. والثاني رواية سائر الرواة: أضيبع. بالضاد المعجمة والعين المهملة. فعلى الثاني هو تصغير ضبع على غير قياس. كأنه لما وصف أبا قتادة بأنه أسد، صغر هذا بالإضافة إليه. وشبه بالضبيع، لضعف افتراسها وما توصف به من العجز والحمق. وأما على الوجه الأول، فوصفه به لتغير لونه. وقيل: حقره وذمه بسواد لونه. وقيل: معناه أنه صاحب لون غير محمود، وقيل: وصفه بالمهانة والضعف. قال الخطابي: الأصيبغ نوع من الطير. قال: ويجوز أنه شبهه بنبات ضعيف يقال له الصيبغا، أول ما يطلع في الأرض يكون مما يلي الشمس منه أصفر.
651 -
البزار: كشف الأستار (2/ 349).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 181): رواه البزار، ورجاله ثقات.
جزوهم: اذبحوهم وقطعوهم.
652 -
المعجم الكبير (22/ 237).
المسلمون يوم حنين فتبعتهم الكفار، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من الأرض، فرمى بها وجوههم، وقال "ارجعوا شاهت الوجوه" فما منا من أحد يلقى أخاه إلا وهو يشكو القذى ويمسح عينيه.
653 -
* وروى الطبراني عن يزيد بن عامر السوائي وكان شهد حنيناً مع المشركين ثم أسلم قال: سألناه عن الرعب الذي ألقاه الله في قلوبهم يوم حنين، كيف كان؟ فأخذ حصاة، فرمى بها طستاً فطن قال: كنا نجد في أجوافنا مثل هذا.
654 -
* روى الطبراني عن عمرو بن دينار قال: لا أعلمه إلا عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يوم حنين:"الآن حمي الوطيس" ثم قال: "هزموا ورب الكعبة".
655 -
* روى الحاكم عن العباس بن عبد المطلب قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين فلقد رأيته وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وهو آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو راكبها وأبو سفيان لا يألو أن يسرع نحو المشركين.
656 -
* روى الطبراني عن زيد بن أرقم قال: انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فقال:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
657 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي إسحاق السبيعي قال: جاء رجل إلى البراء، فقال
= وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 182): رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
653 -
المعجم الكبير (22/ 237).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 183): رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
654 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 182)، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح.
655 -
المستدرك (3/ 255)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
لا يألو: لا يقصر.
656 -
المعجم الكبير (5/ 190). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 182): رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
657 -
البخاري (8/ 27) 64 - كتاب المغازي - 54 - باب قول الله تعالى [25: التوبة]: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً) - إلى قوله - (غفور رحيم).
أكنتم وليتم يوم حنين، يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم ما ولى، ولكنه انطلق أخفاء من الناس وحسر إلى هذه الحي من هوازن، وهم قوم رماة، فرموهم برشق من نبل، كأنها رجل من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو سفيان بن الحارث يقود بغلته، فنزل ودعا واستنصر، وهو يقول:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
"اللهم نزل نصرك" - زاد أبو خيثمة: ثم صفهم - قال البراء: كنا والله إذا حمر البأس نتقي به، وإن الشجاع الذي يحاذي به - يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
ولمسلم قال: (1) قال رجل للبراء: يا أبا عمارة، فررتم يوم حنين؟ قال: لا والله، ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسراً، ليس عليهم سلاح - أو كثير سلاح - فلقوا قوماً رماة، لا يكاد يسقط لهم سهم - جمع هوازن وبني نصر - فرشقوهم رشقاً، ما يكادون يخطئون، فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به، فنزل واستنصر وقال:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
ثم صفهم.
وفي رواية نحوه (2)، وفيه: وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم،
= ومسلم واللفظ له (3/ 1401) 32 - كتاب الجهاد والسير - 28 - باب في غزوة حنين.
أخفاء: الأخفاء: جمع خفيف: وهم المسرعون من الناس الذين ليس لهم ما يعوقهم.
حسر: الحسر، جمع حاسر، وهو من لا درع عليه، وقد ذكرناه.
يرشق: رشق يرشق رشقاً: بفتح الراء - إذا رمى، وبكسر الراء، وهو الاسم من الرمي، وهو المراد في الحديث، يقال: إذا رمى القوم بأسرهم في جهة واحدة: رمينا رشقاً.
رجل: الرجل من الجراد: القطعة الكبيرة منه.
انكشفوا: أي: انهزموا، ومنه رجل أكشف: وهو الذي لا ترس معه.
احمر البأس: البأس: الشدة والخوف، ومعنى (أحمر البأس) اشتد الحرب، لأنهم يقولون: موت أحمر، للقتل.
سرعان: سرعان القوم: أولهم.
نتقي به: أي: نتخذه جنة ندفع به الأذى.
(1)
مسلم (3/ 1400) 32 - كتاب الجهاد والسير - 28 - باب في غزوة حنين.
(2)
مسلم في نفس الموضع السابق.
فاستقبلنا بالسهام، ولقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بزمامها، وهو - أي النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
وفي رواية لهما وللترمذي (1) قال: قال له رجل: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا عمارة؟ قال: لا والله، ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ولى سرعان الناس؟ تلقتهم هوازن بالنبل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بلجامها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
قال في الفتح: قوله (أما أنا فأشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يول) تضمن جواب البراء إثبات الفرار لهم، لكن لا على طريق التعميم، وأراد أن إطلاق السائل يشمل الجميع حتى النبي صلى الله عليه وسلم لظاهر الرواية الثانية، ويمكن الجمع بين الثانية والثالثة بحمل المعية على ما قبل الهزيمة فبادر إلى استثنائه ثم أوضح ذلك، وختم حديثه بأنه لم يكن أحدي ومئذ أشد منه صلى الله عليه وسلم. قال النووي: هذا الجواب من بديع الأدب، لأن تقدير الكلام فررتم كلكم، فيدخل فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال البراء: لا والله ما فر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن جرى كيت وكيت، فأوضح أن فرار من فر لم يكن على نية الاستمرار في الفرار، وإنما انكشفوا من وقع السهام.
وأما نسبته إلى عبد المطلب دون أبيه عبد الله فكأنها لشهرة عبد المطلب بين الناس لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر، بخلاف عبد الله فإنه مات شاباً، ولهذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب، كما قال ضمان بن ثعلبة لما قدم: أيكم ابن عبد المطلب؟ وقيل لأنه كان اشتهر بين الناس أنه يخرج من ذرية عبد المطلب رجل يدعو إلى الله ويهدي الله الخلق على يديه ويكون خاتم الأنبياء، فانتسب إليه ليتذكر ذلك من كان
(1) البخاري (6/ 75) 56 - كتاب الجهاد - 61 - باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء.
ومسلم نحوها في نفس الموضع السابق.
والترمذي (4/ 199) 24 - كتاب الجهاد - 15 - باب ما جاء في الثبات عند القتال. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
يعرفه، وقد اشتهر ذلك بينهم، وذكره سيف بن ذي يزن قديماً لعبد المطلب قبل أن يتزوج عبد الله آمنة وأراد النبي صلى الله عليه وسلم تنبيه أصحابه بأنه لابد من ظهوره وأن العاقبة له لتقوى قلوبهم إذا عرفوا أنه ثابت غير منهزم، وأما قوله "لا كذب" ففيه إشارة إلى أن صفة النبوة يستحيل معها الكذب، فكأنه قال: أنا النبي، والنبي لا يكذب، فلست بكاذب فيما أقول حتى أنهزم، وأنا متيقن بأن الذي وعدني الله به من النصر حق، فلا يجوز علي الفرار. وقيل: معنى قوله "لا كذب" أي أنا النبي حقاً لا كذب في ذلك.
وفي الحديث من الفوائد حسن الأدب في الخطاب، والإرشاد إلى حسن السؤال بحسن الجواب. وذم الإعجاب. وفيه جواز الانتساب إلى الآباء ولو ماتوا في الجاهلية، والنهي عن ذلك محمول على ما هو خارج الحرب. ومثله الرخصة في الخيلاء في الحرب دون غيرها. وجواز التعرض إلى الهلاك في سبيل الله. ولا يقال كان النبي صلى الله عليه وسلم متيقناً للنصر لوعد الله تعالى له بذلك وهو حق، لأن أبا سفيان بن الحارث قد ثبت معه آخذاً بلجام بغلته وليس هو في اليقين مثل النبي صلى الله عليه وسلم. وقد استشهد في تلك الحالة أيمن بن أم أيمن. وفيه ركوب البغلة إشارة إلى مزيد الثبات، لأن ركوب الفحولة مظنة الاستعداد للفرار والتولي، وإذا كان رأس الجيش قد وطن نفسه على عدم الفرار وأخذ بأسباب ذلك كان ذلك أدعى لأتباعه على الثبات. وفيه شهرة الرئيس نفسه في الحرب مبالغة في الشجاعة وعدم المبالاة بالعدو أ. هـ.
قال النووي: ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم أنا النبي لا كذب أي أنا النبي حقاً فلا أفر ولا أزول وفي هذا دليل على جواز قول الإنسان في الحرب أنا فلان وأنا ابن فلان ومثله قول سلمة أنا ابن الأكوع وقول علي رضي الله عنه: أنا الذي سمتني أمي حيدرة، وأشباه ذلك. وقد صرح بجوازه علماء السلف، وفيه حديث صحيح قالوا: وإنما يكره قول ذلك على وجه الافتخار؛ كفعل الجاهلية. والله أعلم أ. هـ
658 -
* روى الحاكم عن جابر رضي الله عنه قال: ندب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يوم حنين الأنصار فقال:"يا معشر الأنصار" فأجابوه لبيك أبينا أنت وأمنا
658 - المستدرك (3/ 48)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
يا رسول الله قال: "أقبلوا بوجوهكم إلى الله وإلى رسوله، يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار" فأقبلوا ولهم حنين، حتى أحدقوا به كبكبة تحاك مناكبهم يقاتلون حتى هزم الله المشركين.
659 -
* روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً فكان معها، فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا الخنجر؟ " قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، قالت: يا رسول الله، اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أم سليم، إن الله قد كفى وأحسن".
وفي رواية أبي داود (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ - يعني يوم حنين -: "من قتل كافراً فله سلبه" فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً، وأخذ أسلابهم، ولقي أبو طلحة أم سليم ومعها خنجر، فقال: يا أم سليم، ما هذا معك؟ قالت: أردت والله إن دنا مني بعضهم أبع جبه بطنه، فأخبر بذلك أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
660 -
* روى أحمد والبزار عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال: فولى الناس وثبت معه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار فنكصنا على أقدامنا نحواً من ثمانين قدماً، ولم نولهم الدبر وهم الذين أنزل الله عز وجل عليهم السكينة، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضي قدماً، فحادت به بغلته فمال عن السرج، فقلت: ارتفع رفعك الله. فقال: "ناولني كفاً من تراب" فضرب به
= كبكبة: الجماعة الملتفة.
659 -
مسلم (3/ 1442) 32 - كتاب الجهاد والسير - 47 - باب غزوة النساء مع الرجال.
بقرت بطنه: إذا شققتها، والبقر: الشق.
(1)
أبو داود (3/ 71)، كتاب الجهاد، باب في السلب يعطى القاتل.
أبعج: بعج بطنه بالسكين يبعجها بعجاً: إذا شقها، فهو مبعوج.
660 -
أحمد في مسنده (1/ 453).
والبزار نحوه في كشف الأستار (2/ 348).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 180): رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحارث ابن حصيرة، وهو ثقة.
وجوههم فامتلأت أعينهم تراباً، قال:"أين المهاجرون والأنصار؟ " قلت: هم أولاء، قال:"اهتف بهم" فهتفت بهم فجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب، وولى المشركون أدبارهم.
661 -
* روى النسائي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من جنب بعير. فقال: "يا أيها الناس، إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه، إلا الخمس والخمس مردود عليكم".
662 -
* روى البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله عنه: أنه بينما هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه الناس، مقفله من حنين، فعلقت الناس يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة، فخطفت رداءه، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العضاه نعماً لقسمته، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذوباً ولا جباناً".
663 -
* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال: لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئاً، فكأنهم وجدوا، إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم، فقال:"يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي". كلما قال شيئاً، قالوا: الله ورسوله أمن، قال:"ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ". قال: كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن، قال: "لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون بالنبي
661 - النسائي (7/ 131)، كتاب قسم الفيء. وإسناده حسن.
662 -
البخاري (6/ 35) 56 - كتاب الجهاد - 24 - باب الشجاعة في الحرب والجبن.
مقفله: أي: مرجعه من الغزو، والقفول: الرجوع من السفر.
خطفت: الخطف: الأخذ بسرعة.
العضاه: كل شجر ذي شوك كالطلح والسمر.
663 -
البخاري (8/ 47) 64 - كتاب المغازي - 56 - باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان.
ومسلم نحوه (2/ 738) 12 - كتاب الزكاة - 46 - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه.
وجدوا: تأثروا في أنفسهم.
عالة: العالة: الفقراء.
إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار، والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
وذكر في رواية (1): فقال: "أما إنكم لو شئتم أن تقولوا: جئتنا طريداً فآويناك، وشريداً فنصرناك، وكذا وكذا".
664 -
* روى مسلم عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كل إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فقال عباس بن مرداس:
أتجعل نهبي ونهب العبيـ
…
ـد بين عيينة والأقرع؟
فما كان بدر ولا حابس
…
يفوقان مرداس في المجمع
وما كنت دون امرئ منهما
…
ومن تخفض اليوم لا يرفع
قال: فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة.
665 -
* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناساً في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل. وأعطى عيينة مثل ذلك. وأعطى أناساً من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة. قال رجل:
= الشعار: الثوب الذي يلي الجسد.
الدثار: الثوب الذي يكون فوقه، يعني: أن الأنصار خاصته الذين يلونه، والناس بعدهم.
(1)
أحمد في مسنده (3/ 57، 76، 89) عن أبي سعيد الخدري.
664 -
مسلم (2/ 738) 12 - كتاب الزكاة - 46 - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه.
العبيد: بضم العين وفتح الباء الموحدة: اسم فرس العباس بن مرداس السلمي.
665 -
البخاري (6/ 251) 57 - كتاب فرض الخمس - 19 - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه.
ومسلم نحوه (2/ 739) 12 - كتاب الزكاة - 46 - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه.
والله إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله. فقلت والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم. فأتيته فأخبرته. فقال: "فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى. قد أوذي بأكثر من هذا فصبر".
666 -
* روى أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة، حتى قال قائلهم لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيء قال:"فأين أنت من ذلك يا سعد" قال: يا رسول الله ما أنا إلا امرؤ من قومي وما أنا. قال: "فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة" قال: فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة قال: فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار قال فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله واثنى عليه بالذي هو له أهل ثم قال:"يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف بين قلوبكم؟ " قالوا: بل الله ورسوله أمن وأفضل. قال: "ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ " قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله ولرسوله المن والفضل؟ قال: "أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذباً فصدقناك ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك وعائلاً فأغنيناك أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟ أفلا ترضون يا معشر
666 - أحمد في مسنده (3/ 76).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 29): رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع.
لعاعة: نبت ناعم في أول ما ينبت يعني أن الدنيا كالنبات الأخضر قليل البقاء.
الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امراً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار. اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار" قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً وحظاً، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقنا.
وفي رواية (1) عن أبي سعيد أيضاً قال: قال رجل من الأنصار لأصحابه: أما والله لقد كنت أحدثكم أنه لو قد استقامت الأمور قد آثر عليكم، قال: فردوا عليه رداً عنيفاً، قال: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاءهم فقال لهم أشياء لا أحفظها، قالوا: بلى يا رسول الله قال: "فكنتم لا تركبون الخيل". قال: فكلما قال لهم شيئاً قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فلما رآهم لا يردون عليه شيئاً. قلت: فذكر نحوه وقال في آخره: "الأنصار كرشي وأهل بيتي وعيبتي التي أويت إليها فاعفوا عن مسيئهم واقبلوا من محسنهم". قال أبو سعيد: قلت لمعاوية: أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أننا سنرى بعده أثرة، قال معاوية: فما أمركم؟ قلت: أمرنا أن نصبر. قال: فاصبروا إذاً.
أقول: تعليقاً على قول سعبد بن عبادة:
(ما أنا إلا امرؤ من قومي): إن على القادة الذين يسوسون الشعوب والأقوام أن يعرفوا نفسيات هذه الشعوب وهذه الأقوام وأن يسوسوها على ضوء هذه المعرفة فأحياناً يكون لكل قوم أو شعب أو قرية أو بلد خصيصة تجعلهم في بعض الحالات يقفون موقفاً موحداً أمام قضية ما، فلابد من ملاحظة ذلك قبل وقوعه وحسن معالجته بعد وقوعه فإذا كان مثل سعد بن عبادة يقول:(ما أنا إلا امرؤ من قومي) فما بال من دونه، وفي كلمة سعد - إذ يعلن اتحاد موقفه مع موقف قومه في قضية يرى قومه فيها يقولون ما يعتقد
(1) أحمد في مسنده (3/ 89). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 59): رواه أحمد وأبو يعلى.
فكنتم لا تركبون الخيل: ذلك بأنه لم يكن عند الأنصار كثرة خيل في الجاهلية، ثم رزقهم الله الكثير على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
كرشي وعيبت: أراد أنهم بطانته وموضع سره وأمانته والذين يعتمد عليهم في أموره، واستعار الكرش؛ لأن المجتر يجمع علفه في كرشه، واستعار العيبة؛ لأن الرجل يضع ثيابه في عيبته.
أنه اجتهاد في محله وعدم إنكار الرسول صلى الله عليه وسلم ما يشير إلى نصرة الإنسان قومه بالطريق المشروع فيما يراه الإنسان حقاً لا حرج فيه.
667 -
* روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه: أن أناساً من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ قال أنس بن مالك: فحدث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولهم، فأرسل إلى الأنصار، فجمعهم في قبة من أدم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما حديث بلغني عنكم؟ " فقال له فقهاء الأنصار: أما ذوو رأينا يا رسول الله، فلم يقولوا شيئاً، وأما أناس منا حديثة أسنانهم، قالوا: يغفر الله لرسوله، يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإني أعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أتألفهم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به" قالوا: بلى يا رسول الله، قد رضينا، قال:"فإنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض" قالوا: سنصبر.
وفي رواية (1): قال أنس: فلم نصبر.
وفي رواية: (2) قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار، فقال:"أفيكم أحد من غيركم؟ " فقالوا: لا، إلا ابن أخت لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ابن أخت القوم
667 - البخاري (6/ 251) 57 - كتاب فرض الخمس - 19 - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه.
ومسلم واللفظ له (2/ 732) 12 - كتاب الزكاة - 46 - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه.
(1)
البخاري (6/ 251) 57 - كتاب فرض الخمس - 19 - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه.
(2)
البخاري في نفس الموضع السابق.
ومسلم (2/ 733) 12 - كتاب الزكاة - 46 - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه.
منهم" فقال: "إن قريشاً حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا، وترجعون برسول الله إلى بيوتكم؟ لو سلك الناس وادياً، وسلك الأنصار شعباً، لسلكت شعب الأنصار".
وفي رواية للنسائي (1) بإسناد حسن: فإنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته وفد هوازن، فقالوا: يا محمد، إنا أصل وعشيرة، وقد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا، من الله عليك، فقال:"اختاروا من أموالكم أو من نسائكم وأبنائكم"، فقالوا: قد خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا، بل نختار نساءنا وأبناءنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا صليت الظهر، فقوموا فقولوا: إنا نستعين برسول الله على المؤمنين - أو المسلمين - في نسائنا وأموالنا" فلما صلوا الظهر، قاموا فقالوا ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم" فقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عيينة بن حصن: أما أنا وبنو فزارة فلا، وقال العباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا، فقامت بنو سليم: فقالوا: كذبت، ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس، ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن تمسك من هذا الفيء بشيء فله ست فرائض من أول شيء يفيئه الله علينا" وركب راحلته، وركب الناس: اقسم علينا فيئنا، فألجؤوه إلى شجرة، فخطفت رداءه، فقال:"يا أيها الناس، ردوا علي ردائي، فوالله لو أن لكم شجر تهامة نعماً قسمته عليكم ثم لم تلقوني بخيلاً، ولا جباناً، ولا كذوباً" ثم أتى بعيراً، فأخذ من سنامه وبرة بين أصبعيه، ثم قال:"ها، إنه ليس من الفيء شيء ولا هذه، إلا خمس، والخمس مردود عليكم" فقام إليه رجل بكبة من شعر، فقال يا رسول الله، أخذت هذه لأصلح بها برذعة بعير لي، فقال: "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو
(1) النسائي (6/ 262)، كتاب الهبة، باب هبة المشاع.
لك" فقال: أو بلغت هذه؟ فلا أرب لي فيها، فنبذها، وقال: "يا أيها الناس، أدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول يكون على أهله عاراً وشناراً يوم القيامة".
668 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن عمرو أن وفد هوازن لما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وقد أسلموا قالوا: إنا أصل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك، فامنن علينا من الله عليك، وقال رجل من هوازن من بني سعد بن بكر يقال له زهير ويكنى بأبي صرد فقال: يا رسول الله نساؤنا عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كفلنك، ولو أنا لحقنا الحارث بن أبي شمر والنعمان بن المنذر، ثم نزل بنا منه مثل الذي أنزلت بنا لرجونا عطفه وعائدته علينا، وأنت خير المكفولين، ثم أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم شعراً، قاله وذكر فيه قرابته وما كفلوا منه فقال:
امنن علينا رسول الله في كرم
…
فإنك المرء نرجوه وننتظر
امنن على بيضة قد عاقها قدر
…
مفرق شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهر هتافاً على حزن
…
على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركهمو نعماء تنشرها
…
يا أرجح الناس حلماً حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها
…
إذ فوك تملؤه من مخضها درر
إذ كنت طفلاً صغيراً كنت ترضعها
…
وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته
…
واستبق منا فإنا معشر زهر
668 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 187)، وقال: رواه الطبراني، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، ولكنه ثقة، وبقية رجاله ثقات.
أقول: وقد صرح ابن إسحاق بالسماع عند ابن هشام في سيرته، وللحديث شواهد.
إنا أصل وعشيرة: يشيرون بذلك إلى أنه كان مسترضعاً فيهم، ولذلك فإنه تربطه بهم رابطة قرابة.
لحقنا به: يعني أننا أرضعناه فصرنا له لاحقين بسبب ذلك ويشهد له لذلك رواية ابن هشام (ملحنا).
الحارث بن أبي شمر: ملك الشام من العرب.
النعمان بن المنذر: ملك العراق من العرب.
البيضة: الأصل والعشير. ويقال يستبيح بيضتهم: أي مجتمعهم وموضع سلطانهم ومستقر دعوتهم.
غير: تغير الحال وانتقالها عن الصلاح إلى الفساد.
شالت نعامته: إذا ماتوا وتفرقوا كأنهم لم يبق منهم إلا بقية، والنعامة: الجماعة.
قال فذكر الحديث.
وفي رواية لأحمد (1) عن عبد الله بن عمرو قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءته وفود هوازن فقالوا: يا محمد إنا أصل وعشيرة فمن علينا من الله عليك، فإنه قد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك فقالك "اختاروا بين نسائكم وأموالكم وأبنائكم" قالوا: خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا؟ نختار أبناءنا فقال: "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا صليت الظهر فقولوا إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين وبالمؤمنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسائنا وأبنائنا" قال: ففعلوا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم" وقال المهاجرون: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت الأنصار مثل ذلك وقال عيينة بن بدر أما ما كان لي ولبني فزارة فلا. وقال الأقرع ابن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا وقال عباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا فقالت الحيان: كذبت بل هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن تمسك بشيء من الفيء فله علينا ست فرائض من أول شيء يفيئه الله علينا" ثم ركب راحلته، وتعلق به الناس يقولون: اقسم علينا فيئنا بيننا، حتى ألجؤوه إلى سمرة فخطفت رداءه، فقال:"يا أيها الناس ردوا علي ردائي، فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعم لقسمته بينكم، ثم لا تلقوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً" ثم دنا من بعيره فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصبعيه السبابة والوسطى، ثم رفعها فقال: "يا أيها الناس ليس لي من هذا الفيء ولا هذه إلا الخمس والخمس
(1) أحمد في مسنده (2/ 184). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 187): رواه أحمد، ورجال أحد إسناديه ثقات.
فقال الحيان: الظاهر أنهما بنو فزارة وبنو تميم. وستأتي في رواية أخرى أن بني سليم قالوا مثل قولهم فقد أنكرت الأحياء الثلاثة على زعمائهم.
من تمسك بشيء: في الكلام إضمار، وتقديره: من أصاب شيئاً من هذا الفيء فأمسكه ثم رده.
ست فرائض: الفرائض، جمع فريضة، يريد به: البعير المأخوذ في الزكاة، وسمي بسبب ذلك فريضة، لأنه الواجب على رب المال، ثم سمي البعير فريضة في غير الزكاة.
يفيئه الله علينا: أراد: بما يفيئه الله علينا: الخمس الذي جعله الله له من الفيء خاصة دون الناس، فإنه يعطي كل من أخذ منه شيئاً عوضه من ذلك.
مردود عليكم، فردوا الخياط والمخيط" (أي ردوا الخيط والإبرة، وما خيط بها) "فإن الغلول يكون على أهله يوم القيامة عاراً وناراً وشناراً" فقام رجل معه كبة من شعر، فقال: إني أخذت هذه أصلح بها برذعة بعير لي دبر قال: "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك" فقال الرجل: يا رسول الله أما إذ بلغت ما أرى فلا أرب لي بها، ونبذها.
669 -
* روى البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي وإما المال، وقد كنت استأنيت بهم" - وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف - فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنا نختار سبينا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال:"أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاءونا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، من أحب أن يطيب فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل" فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول الله لهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم" فرجع الناس. فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا فأذنوا. فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن.
قال في الفتح: قوله (قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين) ساق الزهري هذه القصة من هذا الوجه مختصرة، وقد ساقها موسى بن عقبة في المغازي مطولة ولفظه: (ثم انصرف
= الخياط: الخيط، والمخيط: الإبرة.
الغلول: الخيانة في الغنيمة قبل إخراج الخمس والقسمة.
الشنار: العيب والعار.
669 -
البخاري (6/ 236) 57 - كتاب فرض الخمس - 15 - باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم برضاعه فيهم، فتحلل من المسلمين.
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف في شوال إلى الجعرانة وبها السبي يعني سبي هوازن، وقدم عليه وفد هوازن مسلمين فيهم تسعة نفر من أشرافهم فأسلموا وبايعوا، ثم كلموه فقالوا: يا رسول الله إن فيمن أصبتم الأمهات والأخوات والعمات والخالات وهن مخازي الأقوام، فقال:"سأطلب لكم، وقد وقعت المقاسم فأي الأمرين أحب إليكم: آلسبي أم المال؟ " قالوا: خيرتنا يا رسول الله بين الحسب والمال، فالحسب أحب إلينا، ولا نتكلم في شاة ولا بعير. فقال:"أما الذي لبني هاشم فهو لكم، وسوف أكلم لكم المسلمين، فكلموهم وأظهروا إسلامكم" فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الهاجرة قاموا فتكلم خطباؤهم فأبلغوا ورغبوا إلى المسلمين في رد سبيهم، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغوا فشفع لهم وحض المسلمين عليه وقال:"قد رددت الذي لبني هاشم عليهم" فاستفيد من هذه القصة عدد الوفد وغير ذلك مما لا يخفى. وقد أغفل محمد بن سعد لما ذكر الوفود وفد هوازن هؤلاء مع أنه لم يجمع أحد في الوفود أكثر مما جمع، وممن سمي من وفد هوازن زهير بن صرد كما سيأتي، وأبو مروان - ويقال أبو ثروان أوله مثلثة بدل الميم ويقال بموحدة وقاف - وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، ذكره ابن سعد. ومعنى استأنيت: استنظرت، أي أخرت قسم السبي لتحضروا فأبطأتم، وكان ترك السبي بغير قسمة وتوجه إلى الطائف فحاصرها كما سيأتي، ثم رجع عنها إلى الجعرانة ثم قسم الغنائم هناك، فجاءه وفد هوازن بعد ذلك، فبين لهم أنه أخر القسم ليحضروا فأبطؤا، وقوله (بضع عشرة ليلة) فيه بيان مدة التأخير. أ. هـ.
670 -
* روى أبو داود عن أبي غالب نافع رحمه الله قال: قلت لأنس: يا أبا حمزة، غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، غزوت معه حنيناً، فخرج المشركون، فحملوا علينا، حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا، وفي القوم رجل يحمل علينا، فيدقنا ويحطمنا فهزمهم الله، وجعل يجاء بهم فيبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن علي نذراً إن جاء الله بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه،
= استأنيت: أي: تأنيت وتوقفت وانتظرت.
670 -
أبو داود مطولاً (3/ 208)، كتاب الجنائز، باب أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه. وهو حديث صحيح، أومضت: الإيماض: الإشارة، من أومض البرق: إذا لمع، وهو كما سبق في خائنة الأعين.
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجيء بالرجل، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا رسول الله تبت إلى الله، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبايعه ليفي الآخر بنذره، قال: فجعل الرجل يتصدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمره بقتله، وجعل يهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتله، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يصنع شيئاً بايعه، فقال الرجل: يا رسول الله، نذري، فقال:"إني لم أمسك عنه منذ اليوم إلا لتوفي بنذرك"، فقال: يا رسول الله، ألا أومضت إلي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنه ليس لنبي أن يومض".
* * *