الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وللبخاري (1) عن أم رومان: بينا أنا قاعدة وعائشة إذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بفلان وفعل بفلان، فقالت أم رومان: وما ذاك؟ قالت: ابني فيمن حدث الحديث، قالت: وما ذاك؟ قالت: كذا وكذا، قالت عائشة: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، قالت: وأبو بكر؟ قالت: نعم، فخرت مغشياً عليها، فما أفاقت إلا عليها حمى بنافض، فطرحت عليها ثيابها فغطيتها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "ما شأن هذه" قلت: يا رسول الله، أخذتها الحمى بنافض، قال:"فلعل في حديث تحدث به؟ " قالت: نعم، فقعدت عائشة فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقوني، ولئن قلت لا تعذروني، مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه، والله المستعان على ما تصفون، بنحوه.
فوائد من حديث الإفك
قال محقق الجامع: قال العلماء: في هذا الحديث من الفوائد:
جواز الحديث عن جماعة ملفقاً مجملاً. وفيه مشروعية القرعة حتى بين النساء، وفي المسافرة بهن، والسفر بالنساء حتى في الغزو. وجواز حكاية ما وقع للمرء من الفضل ولو كان فيه مدح ناس وذم ناس إذا تضمن ذلك إزالة توهم النقص عن الحاكي إذا كان بريئاً عند قصد نصح من يبلغه ذلك لئلا يقع فيما وقع فيه من سبق، وأن الاعتناء بالسلامة من وقوع الغير في الإثم أولى من تركه يقع في الإثم، وتحصيل الأجر للموقوع فيه، وفيه استعمال التوطئة فيما يحتاج إليه من الكلام، وأن الهودج يقوم مقام البيت في حجب المرأة وجواز ركوب المرأة الهودج على ظهر البعير، ولو كان ذلك مما يشق عليه حيث يكون مطيقاً لذلك. وفيه خدمة الأجانب للمرأة من وراء الحجاب، وجواز تستر المرأة بالشيء المنفصل عن البدن، وتوجه المرأة لقضاء حاجتها وحدها وبغير إذن خاص من زوجها، بل اعتماداً على الإذن العام المستند إلى العرف العام، وجواز تحلي المرأة في السفر بالقلادة ونحوها، وصيانة المال ولو قل للنهي عن إضاعة المال، فإن عقد عائشة لم يكن من ذهب ولا
(1) البخاري (7/ 436) 64 - كتاب المغازي - 34 - باب حديث الإفك.
حمى بنافض: أي برعدة شديدة كأنها نفضتها أي: حركتها.
جوهر، وفيه شؤم الحرص على المال لأنها لو لم تظل في التفتيش لرجعت بسرعة. فلما زاد على قدر الحاجة أثر ما جرى. وتوقف رحيل الجند على إذن الأمير، والاسترجاع عند المصيبة، وتغطية المرأة وجهها عن نظر الأجنبي، وإغاثة الملهوف، وعون المنقطع، وإنقاذ الضائع، وإكرام ذوي القدر وإيثارهم بالركوب، وتجشم المشقة لأجل ذلك، وحسن الأدب مع الأجانب خصوصاً النساء، ولا سيما في الخلوة، والمشي أمام المرأة ليستقر خاطرها وتأمن مما يتوهم من نظره لما عساه ينكشف منها في حركة المشي، وفيه ملاطفة الزوجة وحسن معاشرتها، والتقصير من ذلك عند إشاعة ما يقتضي النقص وإن لم يتحقق، وفائدة ذلك أن تتفطن لتغير الحال فتعتذر أو تعترف، وأنه لا ينبغي لهل المريض أن يعلموه بما يؤذي باطنه لئلا يزيد ذلك في مرضه، وفيه السؤال عن المريض والإشارة إلى مراتب الهجران بالكلام والملاطفة، وفيه أن المرأة إذا خرجت لحاجة تستصحب من يؤنسها أو يخدمها ممن يؤمن عليها، وفيه ذب المسلم عن المسلم خصوصاً من كان من أهل الفضل، وردع من يؤذيهم ولو كان منهم بسبيل، وبيان مزيد فضيلة أهل بدر. وفيه البحث عن الأمر القبيح إذا أشيع، وتعرف صحته وفساده بالتنقيب على من قيل منه، واستصحاب حال من اتهم بسوء إذا كان قبل ذلك معروفاً بالخير إذا لم يظهر عنه بالبحث ما يخالف ذلك، وفيه فضيلة قوية لأم مسطح لأنها لم تحاب ولدها في وقوعه في حق عائشة، بل تعمدت سبه على ذلك، وفيه مشروعية التسبيح عند سماع ما يعتقد السامع أنه كذب، وفيه توقف خروج المرأة من بيتها على إذن زوجها ولو كانت إلى أبويها، وفيه البحث عن الأمر المقول ممن يدل عليه المقول فيه، والتوقف في خبر الواحد ولو كان صادقاً، وطلب الارتقاء من مرتبة الظن إلى مرتبة اليقين، وأن خبر الواحد إذا جاء شيئاً بعد شيء أفاد القطع، لقول عائشة: لأستيقن الخبر من قبلهما، وأن ذلك لا يتوقف على عدد معين، وفيه استشارة المرء أهل بطانته ممن يلوذ به بقرابة وغيرها، وتخصيص من جربت صحة رأيه منهم بذلك ولو كان غيره أقرب، والبحث عن حال من اتهم بشيء، وحكاية ذلك للكشف عن أمره، ولا يعد ذلك غيبة، وفيه استعمال "لا نعلم إلا خيراً" في التزكية، وأن ذلك كاف في حق من سبقت عدالته ممن يطلع على خفي أمره، وفيه التثبت في الشهادة، وفطنة الإمام عند الحادث المهم، والاستنصار بالأخصاء على الأجانب، وتوطئة العذر لمن يراد إيقاع العقاب
به أو العتاب له، واستشارة الأعلى لمن هو دونه، وأن من استفسر عن حال شخص فأراد بيان ما فيه من عيب فليقدم ذكر عذره في ذلك إن كان يعلم، كما قالت بريرة في عائشة حيث عابتها بالنوم عن العجين فقدمت قبل ذلك أنها جارية حديثة السن، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يجزم في القصة بشيء قبل نزول الوحي، وأن الحمية لله ورسوله لا تذم، وفيه فضائل جمة لعائشة ولأبويها ولصفوان ولعلي ابن أبي طالب وأسامة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وفيه أن التعصب لأهل الباطل يخرج عن اسم الصلاح، وجواز سب من يتعرض للباطل، ونسبته إلى ما يسوؤه وإن لم يكن ذلك في الحقيقة فيه، وإطلاق الكذب على الخطأ، والقسم بلفظ (لعمر الله) وفيه الندب إلى قطع الخصومة وتسكين ثائرة الفتنة، وسد ذريعة ذلك. واحتمال أخف الضررين بزوال أغلظهما، وفضل احتمال الأذى، وفيه مباعدة من خالف الرسول ولو كان قريباً حميماً، وفيه أن من آذى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل يقتل، لأن سعد بن معاذ أطلق ذلك ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه مساعدة من نزلت فيه بلية بالتوجع والبكاء والحزن، وفيه تثبت أبي بكر الصديق في الأمور لأنه لم ينقل عنه في هذه القصة مع تمادي الحال فيها شهراً كلمة فما فوقها، وفيه ابتداء الكلام في الأمر المهم بالتشهد والحمد والثناء وقول:(أما بعد)، وتوقيف من نقل عنه ذنب على ما قيل فيه بعد البحث عنه، وأن قول:(كذا وكذا) يكنى بها عن الأحوال كما يكنى بها عن الأعداد ولا تختص بالأعداد، وفيه مشروعية التوبة، وأنها تقبل من المعترف المقلع المخلص، وأن مجرد الاعتراف لا يجزئ فيها، وأن الاعتراف بما لم يقع لا يجوز ولو عرف أنه يصدق في ذلك، ولا يؤاخذ على ما يترتب على اعترافه، بل عليه أن يقول الحق أو يسكت، وأن الصبر تحمد عاقبته ويغبط صاحبه، وفيه تقديم الكبير في الكلام، وتوقف من اشتبه عليه الأمر في الكلام، وفيه تبشير من تجددت له نعمة، أو اندفعت عنه نقمة، وفيه الضحك والفرح والاستبشار عند ذلك، ومعذرة من انزعج عند وقوع الشدة لصغر سن ونحوه وإدلال المرأة على زوجها وأبويها، وتدريج من وقع في مصيبة فزالت عنه لئلا يهجم على قلبه الفرح من أول وهلة فيهلكه، وفيه أن الشدة إذا اشتدت أعقبها الفرج، وفضل من يفوض الأمر لربه، وأن من قوي على ذلك خف عنه الهم والغم، وفيه الحث على الإنفاق في سبيل الخير خصوصاً في صلة الرحم، ووقوع المغفرة