الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خرجوا، أو أخبرني، قال: فانطلق حتى دخل البيت، فذهبت أدخل معه، فألقى الستر بيني وبينه فنزل الحجاب، قال: ووعظ القوم بما وعظوا به.
زاد في رواية: ذكر الآية (لا تدخلوا بيوت النبي) إلى قوله - (لا يستحيي من الحق)(1).
ولمسلم في رواية (2) أبي كامل، قال: سمعت أنسا يقول: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب، فإنه ذبح شاة.
480 -
* روى الحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم زينب بعثت أم سليم حيساً في تور من حجارة، قال أنس: فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "اذهب فادع من لقيت من المسلمين" فذهبت فما رأيت أحداً إلا دعوته قال: ووضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده في الطعام ودعا فيه، وقال:"ما شاء الله" قال فجعلوا يأكلون ويخرجون، وبقيت طائفة في البيت فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستحيي منهم وأطالوا الحديث فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركهم في البيت، فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه) يعني غير متحينين، حتى بلغ (ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)(3).
جوانب من كمال شخصيته عليه السلام:
ذكرنا قصة زواجه عليه الصلاة والسلام من زينب رضي الله عنها ههنا لإدراك جانب
(1) الأحزاب: 53.
(2)
مسلم في نفس الموضع السابق (2/ 1049).
غير ناظرين إناه: أي غير منتظرين لإدراكه. والإنى كإلى، مصدر أنى يأني، إذا أدرك ونضج. ويقال: بلغ هذا إناه، أي غايته، ومنه حميم آن، وعين آنية، وبابه رمى.
480 -
المستدرك (2/ 417)، كتاب التفسير، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
الحيس: تمر وأقط وسمن تخلط وتعجن وتسوى كالثريد.
تور: إناء يشرب فيه، وجمعه أتوار.
(3)
الأحزاب: 53.
من شخصيته عليه الصلاة والسلام وكمالاتها، فهذا الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي رأيته في الغزوات والعمل السياسي أعظم ما يمكن أن يكون إنسان تجده في قضاياه الشخصية على مثل هذا الحياء والتحمل لأصحابه، حتى إنه لا يواجههم بطلب شخصي يذكرهم بواجب ذوقي ما دام هذا الأمر مرتبطاً به.
بل إنك لتجد أن حسن الأدب معه عليه الصلاة والسلام وأدب التعامل يتنزل به القرآن. فيخرج بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإحراجات في شؤون كانت تضايقه ويحرج بالتنبيه عليها.
كما أنه في قصة زينب نجد مظهراً من مظاهر الكمال ودليلاً من أدلة الرسالة فكثيراً ما يحدث أن تغيير تشريع أو سن قانون أو إنهاء عادة يحتاج إلى مقدمات وتمهيدات، وقد يوافق الغرض وقد لا يوافق، وقد ينجح وقد لا ينجح، وههنا تجد أن نظام التبني وهو نظام عميق الجذور في حياة العرب وفي حياة البشر يهدم بضربة واحدة بنزول آيات فيه، وبزواج محمد صلى الله عليه وسلم ممن كانت زوجة لمتبناه، فينتهي بذلك نظام التبني من المجتمع الإسلامي الحق، إلى الأبد.
* * *