المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - بين يدي الالتحام - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٢

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌السنة الثالثة للهجرة

- ‌هذه السنة في سطور

- ‌غزوة ذي أمر (بِنَجْدٍ)

- ‌غزوة بَحران

- ‌سرية زيد بن حارثة (إلى القردة)

- ‌فصل: في قتل كعب بن الأشرف في ربيع الأول من السنة الثالثة

- ‌دروس من قتل كعب بن الأشرف

- ‌فصل: في غزوة أحد

- ‌عرض عام

- ‌موقف الرسول الباسل إزاء عمل التطويق:

- ‌تبدد المسلمين في الموقف:

- ‌احتدام القتال حول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌تضاعف ضغط المشركين:

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يواصل المعركة وينقذ الموقف:

- ‌آخر هجوم قام به المشركون:

- ‌التثبت من موقف المشركين:

- ‌1 - بين يدي الالتحام

- ‌2 - الالتحام

- ‌3 - بعد المعركة

- ‌تعليق:

- ‌4 - عبر أحد وبعض دروسها

- ‌5 - فقهيات

- ‌فصل: في غزة حمراء الأسد

- ‌هوامش على غزوة أحد

- ‌تقدير الموقف في نهاية السنة الثالثة

- ‌السنة الرابعة للهجرة

- ‌السنة الرابعة في سطور

- ‌فصل: في سرية أبي سلمة لبني أسد

- ‌فصل: في سرية عبد الله بن أنيس لخالد بن سفيان الهذلي

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في بعث الرجيع

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في مأساة بئر معونة

- ‌فصل: في إجلاء بني النضير

- ‌تعليقات على حادثة النضير:

- ‌فصل: في غزوتي الرد

- ‌1 - غزوة بني لحيان:

- ‌2 - غزوة ذات الرقاع:

- ‌تعليقات:

- ‌فصل: في غزوة بدر الآخرة

- ‌دروس بدر الآخرة:

- ‌فوائد عامةمن أحداث السنة الرابعة

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الرابعة

- ‌السنة الخامسة للهجرة

- ‌السنة الخامسة في سطور

- ‌فصل: في غزوة دومة الجندل

- ‌فصل: في غزوتي الأحزاب وقريظة

- ‌1 - من تحقيقات كتاب السير:

- ‌2 - روايات في غزوة الأحزاب:

- ‌فوائد:

- ‌روايات في يوم الخندق

- ‌فقه هذه الروايات:

- ‌هزيمة الله عز وجل للأحزاب:

- ‌فوائد من غزوتي الأحزاب وقريظة

- ‌فصل: في قتل أبي رافع

- ‌فصل: في زواجه عليه الصلاة والسلام بزينب بنت جحش

- ‌جوانب من كمال شخصيته عليه السلام:

- ‌فوائد عامة من أحداث السنة الخامسة

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الخامسة

- ‌السنة السادسة للهجرة

- ‌أحدث السنة السادسة في سطور

- ‌أهم أحداث هذه السنة في سطور

- ‌فصل: في غزوة نجد وإسلام ثمامة بن أثال

- ‌فصل: في غزوة المريسيع

- ‌1 - وفي هذه الغزوة حدثت حادثة الإفك:

- ‌فوائد من حديث الإفك

- ‌تحقيق حول وجود سعد بن معاذ في قصة الإفك:

- ‌2 - وفي هذه الغزوة قامت فتنة بين المهاجرين والأنصار:

- ‌فصل: في غزوة فزارة

- ‌فصل: في سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين

- ‌فصل: في صلح الحديبية

- ‌1 - النصوص:

- ‌2 - في الصلح: بنوده وحكمه:

- ‌3 - فقهيات

- ‌تعليقات على قصة الحديبية:

- ‌وصلهجوم عبد الرحمن الفزاري على المدينة المنورة

- ‌فصل في: مكاتبته عليه الصلاة والسلام الملوك والأمراء

- ‌فوائد عامة من أحداث السنة السادسة

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة السادسة

- ‌السنة السابعة للهجرة

- ‌أهم أحداث هذه السنة في سطور

- ‌لنلق قبل البدء نظرة كلية على أحداث هذه السنة:

- ‌فصل: في سرية أبان بن سعيد إلى خيبر

- ‌فصل: في غزوة خيبر ووادي القرى

- ‌تقديم:

- ‌فقهيات

- ‌وصل: قصة الحجاج بن علاط

- ‌فصل: في غزوة الرقاع

- ‌فصل: في سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح

- ‌سرية غالب الليثي إلى الحرقات من جهينةوهي معروفة ببعث أسامة بن زيد:

- ‌فصل: في عمرة القضاء

- ‌تعليقات على عمرة القضاء:

- ‌نظرة على أحداث السنة السابعة

- ‌السنة الثامنة للهجرة

- ‌أحداث السنة الثامنة في سطور

- ‌فصل: في إسلام خالد وعمرو وعثمان بن طلحة

- ‌فصل: في سرية شجاع بن وهب

- ‌فصل: في غزوة مؤتة من أرض الشام

- ‌فصل: في غزوة ذات السلاسل

- ‌فصل: في فتح مكة

- ‌تقديم:

- ‌دروس من فتح مكة

- ‌فصل: في سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة

- ‌تعليق:

- ‌فصل: في غزوة حنين

- ‌فصل: في غزوة أوطاس

- ‌فصل: في غزوة الطائف

- ‌فصل: في إسلام كعب بن زهير

- ‌فوائد عامة من أحداث السنة الثامنة

- ‌السنة التاسعة للهجرة

- ‌أحداث السنة التاسعة في سطور

- ‌من أهم أحداث السنة التاسعة

- ‌فصل: في غزوة تبوك

- ‌فصل: في أسر أكيدر دومة الجندل

- ‌فصل: في الحج سنة تسع

- ‌فصل: في تهديم ذي الخلصة

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة التاسعة

- ‌السنتان العاشرة والحادية عشرة

- ‌أحداث هاتين السنتين في سطور

- ‌ سنة عشر:

- ‌ سنة إحدى عشرة:

- ‌فصل: في نماذج من البعوث

- ‌1 - بعث خالد وعلي إلى اليمن قبل حجة الوداع:

- ‌2 - بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن:

- ‌3 - بعث أبي عبيدة إلى اليمن:

- ‌فصل: في نماذج من الوفود

- ‌1 - وفد بني تميم:

- ‌2 - قدوم الأشعريين وأهل اليمن:

- ‌3 - وفد عبد القيس:

- ‌4 - وفد طيء:

- ‌5 - وفد بني حنيفة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل: في حجة الوداع

- ‌فصل: في وفاته عليه الصلاة والسلام

- ‌تعليق:

- ‌نظرة عامة على أحداث السنتين العاشرة والحادية عشرة

الفصل: ‌1 - بين يدي الالتحام

وتحرزوا منهم، ومنها أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضماً للنفس وكسراً لشماختها، فلما ابتلي المؤمنون صبروا وجزع المنافقون. ومنها أن الله هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لا تبلغها أعمالهم، فقيض لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها. ومنها أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها إليهم. ومنها أنه أراد إهلاك أعدائه فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه، فمحص بذلك ذنوب المؤمنين، ومحق بذلك الكافرين. ثم ذكر المصنف آيات من آل عمران في هذا الباب وفيما بعده كلها تتعلق بوقعة أحد، وقد قال ابن إسحاق: أنزل الله في شأن أحد ستين آية من آل عمران، وروى ابن أبي حاتم من طريق المسور بن مخرمة قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف أخبرني عن قصتكم يوم أحد، قال اقرأ العشرين ومائة من آل عمران تجدها (وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال) إلى قوله (أمنة نعاساً)(1) اهـ.

‌1 - بين يدي الالتحام

361 -

*روى الطبراني عن عمر بن الخطاب قال: فلما كان عام أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم وأنزل الله عز وجل: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير)(2) بأخذكم الفداء.

362 -

*روى الطبراني عن محمد بن إسحاق قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة

(1) آل عمران: 121 - 154.

361 -

أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 115)، وقال: رواه الطبراني في آخر حديث عمر الذي في الصحيح في مسنده الكبير.

مصيبة: هي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السبعين من المسلمين.

قد أصبتم مثليها: يعني يوم بدر فإنهم قتلوا من المشركين سبعين وأسروا سبعين أسيراً.

(2)

آل عمران: 165.

362 -

أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 124)، وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.

ص: 553

حين صلى الجمعة فأصبح بالشعب من أحد فالتقوا يوم السبت في النصف من شوال.

قال ابن كثير في البداية والنهاية: وكانت هذه الغزوة في شوال سنة ثلاث قاله الزهري وقتادة وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق ومالك، قال ابن إسحاق للنصف من شوال، وقال قتادة يوم السبت الحادي عشر منه قال مالك وكانت الوقعة في أول النهار وهي على المشهور التي أنزل الله فيها قوله تعالى:(وإذ غدوت من أهلك تبوئ الممنين مقاعد للقتال والله سميع عليم* إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون* ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون* إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين* بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) الآيات وما بعدها إلى قوله: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب)(1).

363 -

* روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: اصطبح ناس الخمر يوم أحد ثم قتلوا شهداء.

قال ابن كثير: (تنبيه): ذكر البيهقي والبخاري قبله خبر بني النضير قبل وقعة أحد والصواب إيرادها بعد ذلك، كما ذكر ذلك محمد بن إسحاق وغيره من أئمة المغازي، وبرهانه أن الخمر حرمت ليالي حصار بني النضير وثبت في الصحيح أنه اصطبح الخمر جماعة ممن قتل يوم أحد شهيداً، فدل على أن الخمر كانت إذ ذاك حلالاً وإنما حرمت بعد ذلك، فتبين ما قلناه من أن قصة بني النضير بعد وقعة أحد. والله أعلم.

(تنبيه آخر): خبر يهود بني قينقاع بعد وقعة بدر كما تقدم، وكذلك قتل كعب بن الأشرف اليهودي على يدي الأوس، وخبر بني النضير بعد وقعة أحد كما سيأتي، وكذلك

(1) آل عمران: 121 - 179.

363 -

البخاري (6/ 31)، 56 - كتاب الجهاد 19 - باب فضل قول الله تعالى:(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً).

ص: 554

مقتل أبي رافع اليهودي تاجر أهل الحجاز على يدي الخزرج وخبر يهود بني قريظة بعد يوم الأحزاب وقصة الخندق كما سيأتي.

364 -

* روى أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت كأني في درع حصينة ورأيت بقراً منحرة، فأولت أن الدرع الحصينة المدينة، وأن البقر هو والله خير" قال فقال لأصحابه: "لو أنا أقمنا بالمدينة فإن دخلوا علينا فيها قاتلناهم" فقالوا: يا رسول الله، والله ما دخل علينا فيها في الجاهلية فكيف يدخل علينا فيها في الإسلام قال عفان في حديثه فقال:"شأنك إذاً" قال: فلبس لأمته قال فقالت الأنصار: رددنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه، فجاؤوا فقالوا: يا نبي الله شأنك إذاً فقال: "إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل".

365 -

* روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تنفل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر، قال ابن عباس: وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما جاءه المشركون يوم أحد كان رأي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقيم بالمدينة يقاتلهم فيها، فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدراً: تخرج بنا يا رسول الله إليهم نقاتلهم بأحد ورجوا أن يصيبوا من الفضيلة ما أصاب أهل بدر، فما زالوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى لبس أداته فندموا وقالوا: يا رسول الله أقم فالرأي رأيك. فقال رسول الله وىله وسلم: "ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد أن لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه" قال: وكان لما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ قبل أن يلبس الأداة: "إني رأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة، وأني مردف كبشاً فأولته كبش الكتيبة ورأيت أن سيفي ذا الفقار فل فأولته فلا فيكم ورأيت بقراً تذبح فبقر والله خير فبقر والله خير".

364 - أحمد في مسنده (3/ 351). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 107)، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

اللأمة: مهموزة: الدرع، وقيل: السلاح، وقد يترك الهمز تخفيفاً.

365 -

المستدرك (2/ 128)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.

ص: 555

366 -

* روى أبو داود عن السائب بن يزيد رضي الله عنه عن رجل قد سماه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين درعين أو لبس درعين.

367 -

* روى الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: عرضت يوم أحد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولي ثلاث عشرة فجعل أبي يأخذ بيدي فيقول: يا رسول إنه عبل العظام. قال: وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصعد في البصر ويصوبه ثم قال رده فردني.

368 -

* روى البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد رجع ناس من أصحابه فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، فنزلت:(فما لكم في المنافقين فئتين)(4) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها تنفي الرجال، كما تنفي النار خبث الحديد".

قال في الفتح: قوله: (رجع ناس ممن خرج معه) يعني عبد الله بن أبي وأصحابه، وقد ورد ذلك صريحاً في رواية موسى بن عقبة في المغازي وأن عبد الله بن أبي كان وافق رأيه رأي النبي صلى الله عليه وسلم على الإقامة بالمدينة، فلما أشار غيره بالخروج وأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج

= مردف: ردفه ردفاً: ركب خلفه.

فل: السيف فلاً: ثلمه وكسره في حده.

366 -

أبو داود (3/ 32)، كتاب الجهاد، وباب في لبس الدروع.

وأحمد نحوه في مسنده (3/ 449).

ظاهر بين درعين: أي لبس إحداهما فوق الأخرى.

وكأنه من التظاهر بمعنى التعاون والتساعد كأن جعل إحداهما ظهارة والأخرى بطانة، ومنه يعلم أن مباشرة الأسباب لا تنافي التوكل.

367 -

المستدرك (3/ 563)، وسكت عنه الذهبي، وهو صحيح.

العبل: الضخم في كل شيء.

368 -

البخاري (4/ 96) 29 - كتاب فضائل المدينة - 10 - باب المدينة تنفي الخبث.

وأيضاً نحوه (7/ 356) 64 - كتاب المغازي - 17 - باب غزوة أحد.

- ومسلم بعضه (4/ 2142) 50 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم.

(1)

النساء: 88.

ص: 556

قال عبد الله بن أبي لأصحابه: أطاعهم وعصاني، علام نقتل أنفسنا؟ فرجع بثلث الناس. قال ابن إسحق في روايته: فاتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام وهو والد جابر وكان خزرجياً كعبد الله بن أبي فناشدهم أن يرجعوا فأبوا فقال: أبعدكم الله.

وقال ابن كثير في البداية والنهاية: قال ابن إسحاق حتى إذا كان بالشوط بين المدينة وأحد انخذل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال: أطاعهم وعصاني ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس. فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام السلمي والد جابر بن عبد الله فقال: يا قوم أذكركم الله أن لا تخذلوا قومكم ونبيكم عندما حضر من عدوهم. قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكنا لا نرى أن يكون قتال. فلما استعصوا عليه وابوا إلا الانصراف قال: أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم نبيه صلى الله عليه وسلم. قلت: وهؤلاء القوم هم المرادون بقوله تعالى: (وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون)(1) يعني أنهم كاذبون في قولهم لو نعلم قتالاً لاتبعناكم، وذلك لأن وقوع القتال أمره ظاهر بيِّن واضح لا خفاء ولا شك فيه، وهم الذين أنزل الله فيهم:(فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا) الآية وذلك أن طائفة قالت: نقاتلهم، وقال آخرون: لا نقاتلهم كما ثبت وبين في الصحيح. أ. هـ.

369 -

* روى البزار عن الزبير بن العوام قال: عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفاً يوم أحد، فقال:"من يأخذ هذا السيف بحقه" فقام أبو دجانة سماك بن خرشة فقال: يا رسول الله: أنا آخذه بحقه فما حقه؟ قال: فأعطاه إياه وخرج واتبعته فجعل لا يمر بشيء إلا أفراه

(1) آل عمران: 167.

369 -

كشف الأستار (2/ 322)، كتاب الهجرة والمغازي، باب غزوة أحد.

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 109)، وقال: رواه البزار، ورجاله ثقات.

وهكذا ورد في الرواية السؤال: "فما حقه" دون الإجابة وقد جاءت الإجابة في بعض الروايات: "حقه أن تضرب به العدو حتى ينحني".

أفراه: فرى الشيء فرياً: شقه وفتته.

ص: 557

وهتكه حتى أتى نسوة في سفح الجبل ومعهن هند وهي تقول:

نحن بنات طارق

نمشي على النمارق

والمسك في المفارق

إن تقبلوا نعانق

أو تدبروا نفارق

فراق غير وامق

فحملت عليها فنادت بالصحراء فلم يجبها أحد، فانصرف فقلت له: كل صنيعك قد رأيته فأعجبني، غير أنك لم تقتل المرأة. قال: إنها نادت فلم يجبها أحد، فكرهت أن أضرب بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لا ناصر لها.

370 -

* روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفاً يوم أحد، فقال:"من يأخذ مني هذا؟ " فبسطوا أيديهم - كل إنسان منهم يقول: أنا، أنا - فقال:"فمن يأخذه بحقه؟ " فأحجم القوم، فقال سماك بن خرشة، أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، قال: فأخذه ففلق به هام المشركين.

371 -

* روى الحاكم عن جابر رضي الله عنه قال: قال لي أبي: يا بني لا أدري لعلي أن أكون في أول من يصاب غداً وذلك يوم أحد، فأوصيك ببنيات عبد الله خيراً، فالتقوا فأصيب ذلك اليوم.

372 -

* روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول يوم أحد: "اللهم إنك إن تشأ لا تعبد في الأرض".

(1) هتكه: هتك الستر هتكاً: جذبه فأزاله من موضع أو شق جزءاً منه فبدا ما وراءه.

طارق: نجم الصبح وقولها في البيت تعني أن أبانا في الشرف كالنجم المضيء قاله الجوهري.

وقال الواقدي: عنت أنها من المخدرات اللاتي لا يبرزن إلا ليلاً كالنجم.

النمارق: النمرق والنمرقة - مثلثة -: الوسادة الصغيرة.

وامق: ومقه أحبه فهو وامق.

370 -

مسلم (4/ 1917) 44 - كتاب فضائل الصحابة - 25 - باب من فضائل أبي دجانة سماك بن خرشة رضي الله عنه. ففلق به هام المشركين: أي: شق رؤوسهم.

371 -

المستدرك (3/ 203)، كتاب معرفة الصحابة، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.

372 -

مسلم (3/ 1363) 32 - كتاب الجهاد والسير. 7 - استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو.

ص: 558

قال النووي: قوله: (إن تشأ لا تعبد في الأرض) قال العلماء: فيه التسليم لقدر الله تعالى والرد على غلاة القدرية الزاعمين أن الشر غير مراد ولا مقدر. تعالى الله عن قولهم. وهذا الكلام متطلب أيضاً النصر. وجاء في هذه الرواية أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا يوم أحد، وجاء بعده أنه قاله يوم بدر، وهو المشهور في كتب السيرة والمغازي، ولا معارضة بينهما. فقاله في اليومين.

373 -

* روى الطبراني عن سعد بن أبي وقاص أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: ألا تدعو الله؟ فخلوا في ناحية فدعا سعد فقال: يا رب إذا لقيت العدو فلقني رجلاً شديداً بأسه شديداً حرده أقاتله ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله وآخذ سلبه فأمن عبد الله ابن جحش ثم قال: اللهم ارزقني رجلاً شديداً حرده شديداً بأسه، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني فإذا لقيتك غداً: قلت: من جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك صلى الله عليه وسلم فتقول: صدقت قال سعد: يا بني كانت دعوة عبد الله بن جحش خيراً من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقان في خيط.

374 -

* روى البخاري عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد، حتى سقط سيفي من يدي مراراً، يسقط وآخذه، ويسقط فآخذه.

وفي رواية الترمذي (3) قال: غشينا ونحن في مصافنا يوم أحد، حدث أنه كان فيمن غشيه النعاس يومئذ، قال: فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط من يدي وآخره، والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هم إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبه وأخذله للحق.

373 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 301)، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

حرده: حرد عليه حرداً: غضب واغتاظ فتحرش بالذي غاظه وهم به فهو حرد وحردان.

سلبه: السلب: ما يسلب من القتيل، وفي الحديث: من قتل قتيلاً فله سلبه.

374 -

البخاري (7/ 365) 64 - كتاب المغازي - 21 - باب قوله تعالى: (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً

) الآية.

(3)

الترمذي (5/ 229) 48 - كتاب تفسير القرآن - 4 - باب "ومن سورة آل عمران". عن أبي طلحة. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 559