الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقهيات
من تعليقات الدكتور البوطي على غزوة خيبر هذه المسائل:
(جواز الإغارة على من بلغتهم الدعوة الإسلامية وحقيقتها، بدون إنذار مسبق أو دعوة مجددة)، وهو مذهب الشافعية وجمهور الفقهاء، فذلك ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في إغارته على خيبر. وأما بلوغ الدعوة وتفهم الإسلام فهماً صحيحاً على وجهه فهو شرط بالاتفاق.
(جواز إشراك غير المقاتلين في الغنيمة ممن حضر مكان القتال)، وذلك بعد استئذان أصحاب الحق فيها. فقد أشرك النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب ومن معه في الغنائم، بإذن من الصحابة. حينما عادوا من الحبشة واليمن.
واعلم أن رواية البخاري في هذا خالية عن التقييد باستئذان المسلمين، ولكن زاد البيهقي في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يقسم لهم كلم المسلمين فأشركوهم، وزيادة العدل مقبولة والذي زاد من قيمة القيد الذي رواه البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسهم لأبان بن سعيد، وقد كان أرسله على سرية قبل نجد فعاد منها إلى خيبر بعد انتهاء القتال، وقال له صلى الله عليه وسلم: اقسم لنا يا رسول الله. فلم يقسم له، وإنما يجمع بين الخبرين بحمل الأول منهما على إذن الجماعة في القسمة. والثاني على عدمه.
ولعلك تسأل: فما مصير حكم الغنائم هذا، مع ما تطورت إليه اليوم حالة الحروب والجند وسياسة عطاءاتهم ومرتباتهم؟
والجواب: أنك قد علمت مما سبق أن الأموال غير المنقولة من الغنائم لا توزع بين المحاربين عند مالك وأبي حنيفة على ما نحو ما مر بيانه إلا إذا دعت المصلحة أو الضرورة. أما الأموال المنقولة منها فيجب أن توزع على الغانمين بنفس الطريقة التي كان يسلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ملاحظة ما تطورت إليه وسائل القتال وطرائقه في تفاوت درجات المقاتلين.
ولا مانع من أن توزع عليهم حصصهم على شكل علاوات أو مرتبات متلاحقة إنما المهم أن الدولة لا يجوز لها أن تستملك شيئاً من هذه الأموال لنفسها.
أقول: لابد من التفريق بين ما إذا كان الجيش نظامياً يأخذ الفرد فيه مرتباً من
الدولة فهذا حكمه حكم الأجير فليس ههنا إلزام على الدولة أن تدفع له سهمه من أربعة أخماس الغنيمة.
وقال: (مشروعية تقبيل القادم والتزامه). وهو مما لا نعلم فيه خلافاً معتداً به إذا كان قادماً من سفر أو طال العهد به، واستدل العلماء في ذلك بتقبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب بين عينيه والتزامه إياه عند قدومه من الحبشة. والحديث رواه أبو داود بسند صحيح. وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب. فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه. فاعتنقه وقبله.
ويشكل عليه في الظاهر ما رواه الترمذي أيضاً عن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله. الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا. قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا. قال فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم.
وجواب الإشكال أن سؤال الرجل في هذا الحديث عن اللقاءات العادية المتكررة بين الرجل وصاحبه. والتقبيل أو الالتزام أمر غير مرغوب فيه في مثل هذه الحال. أما ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك بالنسبة لجعفر وزيد فإنما كان ذلك - كما قد علمت على أثر قدوم من سفر فالحالتان مختلفتان.
* * *