الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في غزوة أوطاس
671 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد، وهزم الله أصحابه، فقال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته، رماه جشمي بسهم، فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه، فقلت: يا عم، من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له فلحقته، فلما رآني ولى، فاتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألا ثثبت؟ فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف، فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته، فنزا منه الماء، قال: يا ابن أخي، أقرئ النبي صلى الله عليه وسلم السلام، وقل له: استغفر لي. واستخلفني أبو عامر على الناس، فمكث يسيراً ثم مات، فرجعت، فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مرمل وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقال: قل له: استغفر لي، فدعا بماء، فتوضأ، ثم رفع يديه، وقال:"اللهم اغفر لعبيد، أبي عامر" ورأيت بياض إبطيه، ثم قال:"اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس" فقلت: ولي فاستغفر فقال: "اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً" قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى.
671 - البخاري (8/ 41) 64 - كتاب المغازي - 55 - باب غزاة أوطاس.
ومسلم بنحوه (4/ 1943) 44 - كتاب فضائل الصحابة - 38 - باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين، رضي الله عنهما.
فأثبته: أي: حبسه بالطعنة التي طعنها، أو الرمية.
فنزا: نزا منه الماء، أي: وثب، يعني: خرج الماء من جرحه.
على سرير مرمل: قد نسج وجهه بالسعف، يقال: أرملت النسيج أرمله: إذا باعدت بين الأشياء المنسوج بها، فهو مرمل، ورماله: ما نسج في وجهه من ذلك، ويقال: رملته لغة في أرملته.
، ورملته: شدد للكثرة، والرمال - بكسر الراء - بمعنى مرمول، وهو جمع رمل، كقوله تعالى:(هذا خلق الله) أي، مخلوقه.
وفي لفظ مسلم (1) ورماه رجل من بني جشم وفيه: فلما رآني ولى عني ذاهباً، فلحقته، فجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست عربياً؟ ألا تثبت؟ وفيه: انطلق إلى رسول الله، فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك: استغفر لي.
قال ابن حجر: (غزوة أوطاس) قال عياض: هو واد في دار هوازن، وهو موضع حرب حنين انتهى. وهذا الذي قاله ذهب إليه بعض أهل السير، والراجح أن وادي أوطاس غير وادي حنين، ويوضح ذلك ما ذكر ابن إسحاق أن الوقعة كانت في وادي حنين، وأن هوازن لما انهزموا صارت طائفة منهم إلى الطائف وطائفة إلى بجيلة وطائفة إلى أوطاس، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عسكراً مقدمهم أبو عامر الأشعري إلى من مضى إلى أوطاس كما يدل عليه حديث الباب، ثم توجه هو وعساكره إلى الطائف.
وروى البزار في مسند أنس بإسناد حسن ما يشعر بأن قاتل دريد بن الصمة هو الزبير ابن العوام ولفظه (لما انهزم المشركون انحاز دريد بن الصمة في ستمائة نفس على أكمة فرأوا كتيبة، فقال حلوهم لي، فحلوهم فقال: هذه قضاعة ولا بأس عليكم، ثم رأوا كتيبة مثل ذلك، فقال: هذه سليم، ثم رأوا فارساً وحده فقال: حلوه لي، فقالوا معتجر بعمامة سوداء، فقال: هذا الزبير بن العوام وهو قاتلكم ومخرجكم من مكانكم هذا، قال فالتفت الزبير فرآهم فقال: علام هؤلاء ههنا؟ فمضى إليهم، وتبعه جماعة فقتلوا منهم ثلاثمائة، فحز رأس دريد بن الصمة فجعله بين يديه) ويحتمل أن يكون ابن الدغنة كان في جماعة الزبير فباشر قتله فنسب إلى الزبير مجازاً، وكان دريد من الشعراء الفرسان المشهورين في الجاهلية، ويقال إنه كان لما قتل ابن عشرين - ويقال ابن ستين - ومائة سنة.
وعند ابن عائذ والطبراني في (الأوسط) من وجه آخر عن أبي موسى الأشعري بإسناد حسن (لما هزم الله المشركين يوم حنين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل الطلب أبا عامر الأشعري وأنا معه فقتل ابن دريد أبا عامر، فعدلت إليه فقتلته وأخذت اللواء) الحديث.
* * *
(1) مسلم (4/ 1943) 44 - كتاب فضائل الصحابة - 38 - باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين رضي الله عنهما.