المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - غزوة ذات الرقاع: - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٢

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌السنة الثالثة للهجرة

- ‌هذه السنة في سطور

- ‌غزوة ذي أمر (بِنَجْدٍ)

- ‌غزوة بَحران

- ‌سرية زيد بن حارثة (إلى القردة)

- ‌فصل: في قتل كعب بن الأشرف في ربيع الأول من السنة الثالثة

- ‌دروس من قتل كعب بن الأشرف

- ‌فصل: في غزوة أحد

- ‌عرض عام

- ‌موقف الرسول الباسل إزاء عمل التطويق:

- ‌تبدد المسلمين في الموقف:

- ‌احتدام القتال حول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌تضاعف ضغط المشركين:

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يواصل المعركة وينقذ الموقف:

- ‌آخر هجوم قام به المشركون:

- ‌التثبت من موقف المشركين:

- ‌1 - بين يدي الالتحام

- ‌2 - الالتحام

- ‌3 - بعد المعركة

- ‌تعليق:

- ‌4 - عبر أحد وبعض دروسها

- ‌5 - فقهيات

- ‌فصل: في غزة حمراء الأسد

- ‌هوامش على غزوة أحد

- ‌تقدير الموقف في نهاية السنة الثالثة

- ‌السنة الرابعة للهجرة

- ‌السنة الرابعة في سطور

- ‌فصل: في سرية أبي سلمة لبني أسد

- ‌فصل: في سرية عبد الله بن أنيس لخالد بن سفيان الهذلي

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في بعث الرجيع

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في مأساة بئر معونة

- ‌فصل: في إجلاء بني النضير

- ‌تعليقات على حادثة النضير:

- ‌فصل: في غزوتي الرد

- ‌1 - غزوة بني لحيان:

- ‌2 - غزوة ذات الرقاع:

- ‌تعليقات:

- ‌فصل: في غزوة بدر الآخرة

- ‌دروس بدر الآخرة:

- ‌فوائد عامةمن أحداث السنة الرابعة

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الرابعة

- ‌السنة الخامسة للهجرة

- ‌السنة الخامسة في سطور

- ‌فصل: في غزوة دومة الجندل

- ‌فصل: في غزوتي الأحزاب وقريظة

- ‌1 - من تحقيقات كتاب السير:

- ‌2 - روايات في غزوة الأحزاب:

- ‌فوائد:

- ‌روايات في يوم الخندق

- ‌فقه هذه الروايات:

- ‌هزيمة الله عز وجل للأحزاب:

- ‌فوائد من غزوتي الأحزاب وقريظة

- ‌فصل: في قتل أبي رافع

- ‌فصل: في زواجه عليه الصلاة والسلام بزينب بنت جحش

- ‌جوانب من كمال شخصيته عليه السلام:

- ‌فوائد عامة من أحداث السنة الخامسة

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الخامسة

- ‌السنة السادسة للهجرة

- ‌أحدث السنة السادسة في سطور

- ‌أهم أحداث هذه السنة في سطور

- ‌فصل: في غزوة نجد وإسلام ثمامة بن أثال

- ‌فصل: في غزوة المريسيع

- ‌1 - وفي هذه الغزوة حدثت حادثة الإفك:

- ‌فوائد من حديث الإفك

- ‌تحقيق حول وجود سعد بن معاذ في قصة الإفك:

- ‌2 - وفي هذه الغزوة قامت فتنة بين المهاجرين والأنصار:

- ‌فصل: في غزوة فزارة

- ‌فصل: في سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين

- ‌فصل: في صلح الحديبية

- ‌1 - النصوص:

- ‌2 - في الصلح: بنوده وحكمه:

- ‌3 - فقهيات

- ‌تعليقات على قصة الحديبية:

- ‌وصلهجوم عبد الرحمن الفزاري على المدينة المنورة

- ‌فصل في: مكاتبته عليه الصلاة والسلام الملوك والأمراء

- ‌فوائد عامة من أحداث السنة السادسة

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة السادسة

- ‌السنة السابعة للهجرة

- ‌أهم أحداث هذه السنة في سطور

- ‌لنلق قبل البدء نظرة كلية على أحداث هذه السنة:

- ‌فصل: في سرية أبان بن سعيد إلى خيبر

- ‌فصل: في غزوة خيبر ووادي القرى

- ‌تقديم:

- ‌فقهيات

- ‌وصل: قصة الحجاج بن علاط

- ‌فصل: في غزوة الرقاع

- ‌فصل: في سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح

- ‌سرية غالب الليثي إلى الحرقات من جهينةوهي معروفة ببعث أسامة بن زيد:

- ‌فصل: في عمرة القضاء

- ‌تعليقات على عمرة القضاء:

- ‌نظرة على أحداث السنة السابعة

- ‌السنة الثامنة للهجرة

- ‌أحداث السنة الثامنة في سطور

- ‌فصل: في إسلام خالد وعمرو وعثمان بن طلحة

- ‌فصل: في سرية شجاع بن وهب

- ‌فصل: في غزوة مؤتة من أرض الشام

- ‌فصل: في غزوة ذات السلاسل

- ‌فصل: في فتح مكة

- ‌تقديم:

- ‌دروس من فتح مكة

- ‌فصل: في سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة

- ‌تعليق:

- ‌فصل: في غزوة حنين

- ‌فصل: في غزوة أوطاس

- ‌فصل: في غزوة الطائف

- ‌فصل: في إسلام كعب بن زهير

- ‌فوائد عامة من أحداث السنة الثامنة

- ‌السنة التاسعة للهجرة

- ‌أحداث السنة التاسعة في سطور

- ‌من أهم أحداث السنة التاسعة

- ‌فصل: في غزوة تبوك

- ‌فصل: في أسر أكيدر دومة الجندل

- ‌فصل: في الحج سنة تسع

- ‌فصل: في تهديم ذي الخلصة

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة التاسعة

- ‌السنتان العاشرة والحادية عشرة

- ‌أحداث هاتين السنتين في سطور

- ‌ سنة عشر:

- ‌ سنة إحدى عشرة:

- ‌فصل: في نماذج من البعوث

- ‌1 - بعث خالد وعلي إلى اليمن قبل حجة الوداع:

- ‌2 - بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن:

- ‌3 - بعث أبي عبيدة إلى اليمن:

- ‌فصل: في نماذج من الوفود

- ‌1 - وفد بني تميم:

- ‌2 - قدوم الأشعريين وأهل اليمن:

- ‌3 - وفد عبد القيس:

- ‌4 - وفد طيء:

- ‌5 - وفد بني حنيفة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل: في حجة الوداع

- ‌فصل: في وفاته عليه الصلاة والسلام

- ‌تعليق:

- ‌نظرة عامة على أحداث السنتين العاشرة والحادية عشرة

الفصل: ‌2 - غزوة ذات الرقاع:

‌فصل: في غزوتي الرد

ذكر ابن كثير في أحداث السنة الرابعة غزوتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، غزوة بني لحيان وغزوة نحو نجد أسماها غزوة ذات الرقاع، ومن عرف سنته عليه الصلاة والسلام في رده على الاعتداء من قبل المحاربين رجح أن الغزوتين كانتا في هذه السنة، لكن اختلط الأمر على بعض المحققين بين غزوة ذات الرقاع، وغزوة أخرى حدثت في السنة السابعة شارك فيها أبو موسى الأشعري وربط بها هو وأصحابه رقاعاً على أرجلهم فظنوا أن هذه الغزوة هي غزوة ذات الرقاع المشهورة التي كانت رداً على حادثة بئر معونة، والذي أرجحه أن غزوة بني لحيان وغزوة ذات الرقاع كانتا في السنة الرابعة، واسم ذات الرقاع هنا لم يأت من الرقاع المربوطة على الأرجل بل كان لأسباب أخرى سنراها.

‌1 - غزوة بني لحيان:

قال ابن كثير: وقال الحافظ البيهقي: لما أصيب خبيب وأصحابه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم طالباً بدمائهم ليصيب من بني لحيان غرة، فسلك طريق الشام ليرى أنه لا يريد بني لحيان، حتى نزل بأرضهم فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أنا هبطنا عسفان لرأت قريش أنا قد جئنا مكة" فخرج في مائتي راكب حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين حتى جاءا كراع الغميم ثم انصرفا. اهـ.

أقول: هذه الغزوة وإن لم تحقق هدفها الأساسي وهو الثأر لحادثة الرجيع، لكنها أوقعت الرعب في قلوب أهل المنطقة وأرتهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا ينام على ثأر، وأنه وراء المسيئين لن يتركهم حتى يعاقبهم أو يسلموا أو يعاهدوا.

‌2 - غزوة ذات الرقاع:

تختلط روايات هذه الغزوة بأكثر من روايات غزوات أخرى فهي تختلط بغزوة لف فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخرق على أرجلهم فتوهم بعضهم أن هذه الغزوة هي غزوة ذات الرقاع، وتختلط بغزوتي عسفان وأنمار؛ بسبب أن في الجميع روايات لجابر، وبسبب

ص: 644

أن بعض الروايات فيها ذكر لصلاة الخوف، مع اتفاق الجميع أن صلاة الخوف نزلت بعد غزوة الأحزاب، فقد رأى بعضهم أن غزوة ذات الرقاع هذه، لم تكن في السنة الرابعة، ولكن المحققين من كتاب السير يرون أنها في السنة الرابعة وعلى هذا فلابد من التمييز بين رواياتها وروايات الغزوات الأخرى وإعطاء كل غزوة اسمها المناسب، ونحن سنتخير من الروايات والتحقيقات ما لا يكون فيه تناقض مع ما ذهب إليه المحققون في كل.

وننقل بين يدي ذلك ما قاله ابن حجر في الفتح كدليل على أن هذه الغزوة تختلط بغيرها ولذلك وقع اللبس:

قال ابن حجر:

(باب غزوة ذات الرقاع) هذه الغزوة اختلف فيها متى كانت، واختلف في سبب تسميتها بذلك. وقد جنح البخاري إلى أنها كانت بعد خيبر، واستدل لذلك في هذا الباب بأمور سيأتي الكلام عليها مفصلاً، ومع ذلك ذكرها قبل خيبر فلا أدري هل تعمد ذلك تسليماً لأصحاب المغازي أنها كانت قبلها كما سيأتي، أو أن ذلك من الرواة عنه، أو إشارة إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسماً لغزوتين مختلفتين كما أشار إليه البيهقي، على أن أصحاب المغازي مع جزمهم بأنها كانت قبل خيبر مختلفون في زمانها، فعند ابن إسحاق أنها بعد بني النضير وقبل الخندق سنة أربع، قال ابن إسحاق: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بني النضير شهر ربيع وبعض جمادى - يعني من سنته - وغزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، حتى نزل نخلا وهي غزوة ذات الرقاع. اهـ.

وبمناسبة رواية البخاري عن جابر (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بنخل فذكر صلاة الخوف) قال ابن حجر:

أورده مختصراً معلقاً لأن غرضه الإشارة إلى أن روايات جابر متفقة على أن الغزوة التي وقعت فيها صلاة الخوف هي غزوة ذات الرقاع، لكن فيه نظر لأن سياق رواية هشام عن أبي الزبير هذه تدل على أنه حديث آخر في غزوة أخرى، وبيان ذلك أن في الحديث عند الطيالسي وغيره أن المشركين قالوا: دعوهم فإن لهم صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم، قال فنزل جبريل فأخبره؛ فصلى بأصحابه العصر، وصفهم صفين، فذكر صفة صلاة الخوف،

ص: 645

وهذه القصة إنما هي في غزوة عسفان، وقد أخرج مسلم هذا الحديث من طريق زهير بن معاوية عن أبي الزبير بلفظ يدل على مغايرة هذه القصة لغزوة محارب في ذات الرقاع، ولفظه عن جابر قال: (غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم قوماً من جهينة، فقاتلونا قتالاً شديداً، فلما أن صلينا الظهر قال المشركون: لو ملنا عليهم ميلة واحدة لأفظعناهم، فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال وقالوا: ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الأولاد، فذكر الحديث. وروى أحمد والترمذي وصححه النسائي من طريق عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان، فقال المشركون: إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم، فذكر الحديث في نزول جبريل لصلاة الخوف، وروى أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان من حديث أبي عياش الزرقي قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان، فصلى بنا الظهر وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد، فقالوا: لقد أصبنا منهم غفلة، ثم قال: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلى بنا العصر ففرقنا فرقتين. الحديث وسياقه نحو رواية زهير عن أبي الزبير عن جابر، وهو ظاهر في اتحاد القصة، وقد روى الواقدي من حديث خالد بن الوليد قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية لقيته بعسفان فوقفت بإزائه وتعرضت له، فصلى بأصحابه الظهر، فهممنا أن نغير عليهم فلم يعزم لنا، فأطلع الله نبيه على ذلك فصلى بأصحابه العصر صلاة الخوف. الحديث، وهو ظاهر فيما قررته أن صلاة الخوف بعسفان غير صلاة الخوف بذات الرقاع، وأن جابراً روى القصتين معاً. اهـ.

وقد ذكر ابن حجر أدلة القائلين بالتعدد فقال:

وقد قيل إن الغزوة التي شهدها أبو موسى وسميت ذات الرقاع غير غزوة ذات الرقاع التي وقعت فيها صلاة الخوف، لأن أبا موسى قال في روايته إنهم كانوا ستة أنفس، والغزوة التي وقعت فيها صلاة الخوف كان المسلمون فيها أضعاف ذلك.

واستدل على التعدد أيضاً بقول أبي موسى إنها سميت ذات الرقاع لما لفوا في أرجلهم من الخرق، وأهل المغازي ذكروا في تسميتها بذلك أموراً غير هذا، قال ابن هشام وغيره: سميت بذلك لأنهم رقعوا فيها راياتهم، وقيل بشجر بذلك الموضع يقال له ذات الرقاع،

ص: 646

وقيل بل الأرض التي كانوا نزلوا بها كانت ذات ألوان تشبه الرقاع، وقيل لأن خيلهم كان بها سواد وبياض قاله ابن حبان، وقال الواقدي: سميت بجبل هناك فيه بقع، وهذا لعله مستند ابن حبان ويكون قد تصحف جبل بخيل، ومما يدل على التعدد أنه لم يتعرض أبو موسى في حديثه إلى أنهم صلوا صلاة الخوف ولا أنهم لقوا عدواً، ولكن عدم الذكر لا يدل على عدم الوقوع. اهـ.

مما مر ندرك اختلاط الروايات ما بين غزوة نجد وغزوة ذات الرقاع وغزوة عسفان ونضيف غزوة أنمار.

قال صاحب الفتح: فظهر لي من هذا وجه المتابعة. وهو أن حديث سهل بن أبي حثمة في غزوة ذات الرقاع متحد مع حديث جابر، لكن لا يلزم من اتحاد كيفية الصلاة في هذه وفي هذه أن تتحد الغزوة، وقد أفرد البخاري غزوة بني أنمار بالذكر كما سيأتي بعد باب. ا. هـ.

لذلك أذهب أن غزوة ذات الرقاع حدثت في السنة الرابعة ولم يكن فيها صلاة الخوف، وأن الروايات التي تذكر صلاة الخوف ينبغي أن تحمل على غزوات أخرى وأن يفتش لها عن مخارج يخرج بها من التعارض.

قال ابن كثير: قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهري ربيع وبعض جمادى، ثم غزا نجداً يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، واستعمل على المدينة أبا ذر. قال ابن هشام: ويقال عثمان بن عفان. قال ابن إسحاق فسار حتى نزل نخلاً وهي غزوة ذات الرقاع. قال ابن هشام لأنهم رقعوا راياتهم، ويقال لشجرة هناك اسمها ذات الرقاع، وقال الواقدي: بجبل فيه بقع حمر وسود وبيض.

445 -

* روى أبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرجنا مع

445 - أبو داود (1/ 50)، كتاب الطهارة، باب الوضوء من الدم.

وأورده ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 85) عن ابن إسحاق واللفظ له.

وأخرجه ابن إسحاق مصرحاً بالتحديث وفي سنده عقيل بن جابر بن عبد الله الأنصاري لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، وقد صحح الحديث ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.

ص: 647

رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع من نخل فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلاً، أتى زوجها وكان غائباً، فلما أخبر الخبر حلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد دما، فخرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلاً فقال من رجل يكلؤنا ليلتنا؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار. فقالا: نحن يا رسول الله، قال: فكونا بفم الشعب من الوادي، وهما عمار بن ياسر وعباد بن بشر، فلما خرجا إلى فم الشعب قال الأنصاري للمهاجري: أي الليل تحب أن أكفيكه أوله أم آخره؟ قال: بل اكفني أوله، فاضطجع المهاجري فنام وقام الأنصاري يصلي، قال: وأتى الرجل فلما رأى شخص الرجل عرف أنه ربيئة القوم فرمى بسهم فوضعه فيه، فانتزعه ووضعه وثبت قائماً قال: ثم رمى بسهم آخر فوضعه فيه فنزعه فوضعه وثبت قائماً، قال: ثم عاد له بالثالث فوضعه فيه فنزعه فوضعه ثم ركع وسجد ثم أهب صاحبه فقال: اجلس فقد أثبت قال: فوثب الرجل، فلما رآهما عرف أنه قد نذرا به فهرب قال: ولما رأى المهاجري ملماً بالأنصاري من الدماء قال: سبحان الله أفلا أهبتني أول ما رماك قال: كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها فلما تابع علي الرمي ركعت فآذنتك وايم الله لولا أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها.

446 -

* روى أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل ضعيف فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت الرفاق تمضي، وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"مالك يا جابر؟ " قلت: يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا. قال: "أنخه" قال: فأنخته وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "أعطني هذه العصا من يدك أو اقطع عصا من شجرة" ففعلت فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات ثم قال: "اركب" فركبت فخرج والذي بعثه بالحق يواهق ناقته مواهقة. قال: وتحدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أتبيعني جملك هذا

= الربيئة: الربيء جمع ربابا: الطليعة الذي يرقب العدو من مكان عال، يستطلع.

446 -

أحمد في مسنده (3/ 376).

والبخاري بعضه (4/ 320) 34 - كتاب البيوع - 34 - باب شراء الدواب والحمير.

يواهق: يعارض ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المشي، والمواهقة: المباراة.

ص: 648

يا جابر؟ " قال: قلت، بل أهبه لك قال: "لا، ولكن بعنيه"، قال: قلت: فسمنيه، قال: "أخذته بدرهم"، قال: قلت: لا، إذا تغبنني يا رسول الله، قال: "فبدرهمين"، قال: قلت: لا قال: فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الأوقية، قالت فقلت: أفقد رضيت؟ قال: "نعم"، قلت: فهو لك، قال: "قد أخذته" ثم قال: "يا جابر هل تزوجت بعد؟ " قال: قلت: نعم يا رسول الله، قال: "أثيبا أم بكراً؟ " قال: قلت بل ثيباً، قال: "أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك" قال: قلت: يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعاً فنكحت امرأة جامعة تجمع رووسهن فتقوم عليهن قال: "أصبت إن شاء الله، أما إنا لو جئنا صراراً أمرنا بجزور فنحرت، فأقمنا عليها يومنا ذلك وسمعت بنا فنفضت نمارقها" قال: فقلت: والله يا رسول الله ما لنا نمارق، قال:"إنها ستكون فإذا أنت قدمت فاعمل عملاً كيسا" قال: فلما جئنا صراراً أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجزور فنحرت وأقمنا عليها ذلك اليوم، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ودخلنا. قال: فحدثت المرأة الحديث وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فدونك فسمع وطاعة فلما أصبحت أخذت برأس الجمل فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جلست في المسجد قريباً منه، قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى الجمل فقال: "ما هذا؟ " قالوا: يا رسول الله هذا جمل جاء به جابر، قال:"فأين جابر" فدعيت له، قال فقال:"يا ابن أخي خذ برأس جملك فهو لك" قال: ودعا بلالاً فقال: "اذهب بجابر فأعطه أوقية" قال: فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني شيئاً يسيراً، قال: فوالله ما زال ينمى عندي ويرى مكانه من بيننا حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا. يعني يوم الحرة.

= الأوقية: أربعون درهماً.

جامعة تجمع رؤوسهن: قادرة على العناية بأخوات جابر الصغيرات وحفظهن.

صرار: موضع على ثلاثة أميال من المدينة.

نمارق: وسائد صغار.

دونك: افعل ما تريد.

ص: 649