الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد عامة من أحداث السنة الثامنة
1 -
قبل فتح مكة كانت الدولة الإسلامية هي المدينة المنورة فقط، هذه الدولة لها نفوذ حيث وجد إسلام، ولها عيون حيث وجد إسلام، تربطها مع بعض القبائل شيء من المعاهدات، وكان المطلوب من كل مسلم غير عاجز أو غير مكلف بمهمة تقتضي مقامه حيث هو أن يهاجر إلى المدينة المنورة وبفتح مكة تغيرت الصورة، فالدولة الإسلامية توسعت حدودها، وستصل هذه الحدود إلى حيث يخضع الناس لأمير مسلم ولأحكام الإسلام ومن خلال هذا ستأخذ الدولة أبعادها، وكان رمز ذلك كله أن يدفع الناس الزكاة لمن يوليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، فمنطقة أميرها مقر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدفع الزكاة لمن ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم هي جزء من الدولة الإسلامية وسنرى في أحداث السنة التاسعة أن هذه القضية كانت من أهم ما ركز عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح.
2 -
كانت الحركة العسكرية قبل الفتح هي السبيل الوحيد لإيصال الدعوة، وتجربتا الرجيع وبئر معونة أثبتتا ذلك. أما بعد الفتح فقد تغيرت المعالم إذ أصبح بالإمكان الدعوة من غير حركة عسكرية ولذلك نجد بعوث الدعوة ووفود المستجيبين أو السائلين والتأمير على الناس وجمع الزكوات أو الجزية أو الخراج أو ما اتفق عليه بصلح، كل هذه المعاني أصبحت تشكل مظاهر الحركة بعد الفتح.
3 -
من مفاتيح الفهم لحركة السنة الثامنة فما بعد أنها أصبحت تستهدف الأوثان والأصنام بشكل مباشر كان تهديم وثن يكلف كثيراً، ولكن بعد تطهير مكة من الأوثان والأنصاب أصبح استئصال الوثنية سهلاً.
لذلك نجد في أحداث السنة الثامنة والتاسعة والعاشرة التركيز على تهديم هذه الأصنام حيث كانت ولم يتوف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد زالت الوثنية من أرض العرب من خلال عدد من الإجراءات التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4 -
قلة من القادة الذين يستطيعون إدراك طاقات الرجال والاستفادة منها وتدريبها وتنميتها وصقلها، والناجحون هم الذين يضعون الرجل المناسب في المكان المناسب، وفي
الدعوات التي تقوم على أساس عقدي أو فكري يعتبر الزمن عاملاً من عوامل التقسيم، وندر من يستطيع التقدم بمجرد الدخول في الدعوة، ولا شك أن الاحتياط ضروري، ولكن هناك حالات لا مبرر فيها للاحتياط إذا دلت ظواهر قاطعة على النضج والصدق، والوحي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمارات وفراسة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادقة كل ذلك لا يمر معه كذب الكاذبين، وبالتالي فبالإمكان أن يستفاد من صدق الصادقين مباشرة والملاحظ أنه لم يمر على إسلام خالد وعمرو بن العاص إلا فترة قريبة حتى بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلفهما بمهمات ويؤمرهما على من هم أقدم إسلاماً منهما، وفي ذلك درس للحركة الإسلامية.
5 -
من أحداث السنة الثامنة أن بعض عبدان الطائف فروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحررهم، ثم لم يرجعهم إلى العبودية حتى بعد إسلام سادتهم ولقد دفع كل واحد من هؤلاء إلى رجل يطعمه ويؤويه ويعلمه، وفي هذه الحادثة درس من أعظم دروس السيرة النبوية: من ذلك أن نقل العبيد إلى الحرية يقتضي إجراءات مناسبة حتى لا يضيع هؤلاء ومن هذه الدروس وهي أهمها نقل التكاليف العامة إلى تكاليف خاصة، وهذه من أوائل مهام القيادات والأمراء.
فمهما كانت الجماعات راقية، والمجتمعات متكاتفة عارفة بواجباتها فإن إمكانية ضياع الحقوق والتكاليف العامة موجودة ما لم تتحول هذه التكاليف العامة إلى تكليف محدد لشخص محدد، ومن هنا أوجدت المؤسسات والوظائف والجهات المختصة، وهذا المعنى نجده بارزاً في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما من تكليف عام إلا وينقله إلى تكليف شخصي، فههنا عبيد أسلموا فحررهم وكلف بكل واحد منهم من يقوم بأوده، وهذا دأبه عليه الصلاة والسلام في الواجبات العامة من جهاد إلى تعليم إلى ضيافة إلى غير ذلك من مهام.
* * *