الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في غزوة خيبر ووادي القرى
تقديم:
- في شمال المدينة المنورة وفي الطريق إلى الشام تقع خيبر وفدك ووادي القرى وتيماء وهي مناطق خصبة وتتشابك هذه المناطق الأربعة بصلات واسعة مع بدو المنطقة غطفان.
- ولو أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيطر على هذه المنطقة لترتب على ذلك أن تتوسع دائرة نفوذ الدولة ويصبح الطريق إلى الشام مفتوحاً ويقوى اقتصاد الدولة الناشئة ويسقط السلطان السياسي لمركز من مراكز التجمع، وينتهي احتمال من احتمالات خطر التألب.
- ولكن الخصوم أقوياء والحصون كثيرة فهناك ثمانية حصون رئيسية في منطقة خيبر وحدها ومع ذلك فقد سيطر رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيبر وفدك ووادي القرى وتيماء وأنهى أي تطلع عند القبائل للإمداد فدخلت في سلطانه بعد ذلك. وكانت خسائره في هذا كله على أعلى تقدير ثلاثة وعشرين شهيداً، وكانت وسائله في ذلك إحكام الخطة والسرية والمفاجأة، فلقد ثبت القبائل فلا تمد خيبر من خلال عمليات بسيطة أشعر بها هذه القبائل أنها مستهدفة وأن غزوة متجهة إليها فقطع بذلك الإمداد وفاجأ خيبر دون أن يعطيها فرصة فلما انتهت انتهى كل شيء تقريباً، وخيبر هذه سمها منطقة أو مقاطعة أو بلداً، لكنها في كل الأحوال تتألف من مجموعة حصون وقلاع.
قال المباركفوري:
وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين، شطر فيها خمسة حصون:
1 -
حصن ناعم.
2 -
حصن الصعب بن معاذ.
3 -
حصن قلعة الزبير.
4 -
حصن أبي.
5 -
حصن النزار.
والحصون الثلاثة الأولى تقع في منطقة يقال لها النطاة، وأما الحصنان الآخران فيقعان في منطقة تسمى بالشق.
أما الشطر الثاني، ويعرف بالكتيبة. ففيه ثلاثة حصون فقط:
1 -
حصن القموص (كان حصن بني أبي الحقيق من بني النضير).
2 -
حصن الوطيح.
3 -
حصن السلالم.
وفي خيبر حصون وقلاع غير هذه الثمانية، إلا أنها كانت صغيرة لا تبلغ إلى درجة هذه القلاع في مناعتها وقوتها. أهـ.
وقد افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المنطقة كلها مع وادي القرى بأبسط جهد وأقل خسارة. قال المباركفوري:
وجملة من استشهد من المسلمين في معارك خيبر ستة عشر رجلاً، أربعة منق ريش وواحد من أشجع، وواحد من أسلم، وواحد من أهل خيبر، والباقون من الأنصار.
ويقال: إن شهداء المسلمين في المعارك 18 رجلاً وذكر العلامة المباركفوري 19 رجلاً ثم قال: إني وجدت بعد التفحص 23 اسماً، واحد منها في الطبري فقط، وواحد عند الواقدي فقط، وواحد مات لأجل أكل الشاة المسمومة وواحد اختلفوا هل قتل في بدر أو خيبر، والصحيح أنه قتل في بدر.
أما قتلى اليهود فعددهم ثلاثة وتسعون قتيلاً. أهـ.
وفي ذلك درس للذين يقودون العمل الإسلامي أن يعرفوا كيف يحققون أعظم الأهداف من أقرب طريق وهاك خريطة تعينك على الرؤية البصيرة للحركة العسكرية بما فيها التحرك نحو خيبر ووادي القرى نقلاً عن السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي.
[خريطة مساكن القبائل الهامة ومواقع الغزوات الإسلامية]
528 -
* روى مسلم عن سلمة بن الأكوع بعد أن تحدث عن مطاردته لعبد الرحمن الفزاري قال: فوالله! ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم:
تالله! لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا
…
فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من هذا؟ " قال: أنا عامر. قال: "غفر لك ربك" قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد. قال: فنادى عمر بن الخطاب، وهو على جمل له: يا نبي الله! لولا ما متعتنا بعامر. قال: فلما قدمنا خيبر قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب
…
شاكي السلاح بطل مجرب
إذ الحروب أقبلت تلهب
قال: وبرز له عمي عامر، فقال:
قد علمت خيبر أني عامر
…
شاكي السلاح بطل مغامر
قال: فاختلفا ضربتين. فوقع سيف مرحب في ترس عامر. وذهب عامر يسفل له. فرجع سيفه على نفسه. فقطع أكحله. فكانت فيها نفسه.
528 - مسلم (3/ 1440) 32 - كتاب الجهاد والسير - 45 - باب غزوة ذي قرد وغيرها.
فجعل عمي: هكذا قال: هنا: عمي. وقد سبق في حديث أبي الطاهر عن ابن وهب أنه قال: أخي. فلعله كان أخاه من الرضاعة، وكان عمه من النسب.
يخطر بسيفه: أي يرفعه مرة ويضعه أخرى. ومثله: خطر البعير بذنبه يخطر، إذا رفعه مرة ووضعه أخرى.
شاكي السلاح: أي تام السلاح: يقال: شاكي السلاح، وشاك السلاح، وشاك في السلاح، من الشوكة وهي القوة. والشوكة أيضاً السلاح. ومنه قوله تعالى (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم).
بطل مجرب: أي مجرب بالشجاعة وقهر الفرسان، والبطل الشجاع، يقال بطل الرجل يبطل وبطولة إذا صار شجاعاً.
يسفل له: أي يضربه من أسفله.
قال سلمة: فخرجت فإذا نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: بطل عمل عامر. قتل نفسه. قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي. فقلت: يا رسول الله! بطل عمل عامر؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قال ذلك؟ " قال قلت: ناس من أصحابك. قال: "كذب من قال ذلك، بل له أجره مرتين". ثم أرسلني إلى علي، وهو أرمد. فقال:"لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله" قال: فأتيت علياً فجئت به أقوده، وهو أرمد. حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبسق في عينيه فبرأ وأعطاه الراية. وخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب
…
شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال علي:
أنا الذي سمتني أمي حيدره
…
كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
قال: فضرب رأس مرحب فقتله. ثم كان الفتح على يديه.
قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات:
اختلفوا في قاتل مرحب فقيل علي بن أبي طالب، وقال ابن عبد البر في كتابه مختصر السيرة قال محمد بن إسحاق: إن محمد بن مسلمة هو الذي قتل مرحبا اليهودي بخيبر، قال وخالفه غيره فقال بل قتله علي بن أبي طالب (قال ابن عبد البر) هذا هو الصحيح عندنا. ثم روى ذلك بإسناده عن بريدة وسلمة بن الأكوع، (قال الشافعي) في المختصر: نفل النبي
= كذب من قال: كذب، هنا بمعنى أخطأ.
وهو أرمد: قال أهل اللغة: يقال رمد الإنسان يرمد رمداً فهو رمد وأرمد. إذا هاجت عينه.
أنا الذي سمتني أمي حيدرة: حيدرة اسم للأسد. وكان علي رضي الله عنه قد سمي أسداً في أول ولادته. وكان مرحب قد رأى في المنام أن أسداً يقتله. فذكره علي رضي الله عنه بذلك ليخيفه ويضعف نفسه. وسمي الأسد حيدرة لغلظه. والحادر الغليظ القوي. ومراده: أنا الأسد في جراءته وإقدامه وقوته.
أوفيهم بالصاع كيل السندرة: معناه أقتل الأعداء قتلاً واسعاً ذريعاً. والسندة مكيال واسع. وقيل: هي العجلة. أي أقتلهم عاجلاً. وقيل: مأخوذ من السندرة: وهي شجرة الصنوبر يعمل منها النبل والقسي.
صلى الله عليه وسلم يوم خيبر محمد بن مسلمة سلب مرحبا ذكره في أول باب جامع السير، وهذا تصريح منه بأن قاتله محمد بن مسلمة، (وقال ابن الأثير) الصحيح الذي عليه أكثر أهل السير والحديث أن علياً هو قاتله، قال المصنف رحمه الله: قلت: وفي صحيح مسلم بإسناده عن مسلمة بن الأكوع التصريح بأن علياً هو الذي قتله انتهى ما ذكره النووي في التهذيب. أهـ.
529 -
* روى البخاري عن سويد بن النعمان رضي الله عنه أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى إذا كنا بالصهباء - وهي أدنى خيبر - صلى العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤت إلا بالسويق، فأمر به، فثري فأكل وأكلنا، ثم قام إلى المغرب، فمضمض ومضمضنا، ثم صلى ولم يتوضأ.
530 -
* روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلاً، وكان إذا أتى قوماً بليل لم يقربهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين".
531 -
* روى الإمام أحمد عن أبي طلحة قال: صبح نبي الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم فلما رأوا نبي الله صلى الله عليه وسلم معه الجيش نكصوا مدبرين. فقال نبي الله
529 - البخاري (7/ 463) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب: غزوة خيبر.
والنسائي (1/ 108) كتاب الطهارة - المضمضة من السويق، والموطأ (1/ 26).
فثرى: من ثرى: التربة تثرية بلها. وصب عليه ماء ثم لته أي دقه وسحقه.
530 -
البخاري (7/ 467) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر.
ومسلم (3/ 1427) 32 - كتاب الجهاد والسير - 43 - باب غزوة خيبر.
الخميس: الجيش الكبير.
531 -
أحمد (4/ 28).
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 149) وقال: رواه أحمد والطبراني بأسانيد، ورجال أحمد رجال الصحيح.
المسحاة: المجرفة من الحديد، والمكتل كالزنبيل يسع خمسة عشر صاعاً.
نكص: أحجم ورجع.
والحديث يدل على أن المفاجأة كانت كاملة.
صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين".
532 -
* روى البخاري عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: كنا محاصري خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه، فالتفت، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم، فاستحييت.
ولمسلم (1) قال: أصبت جراباً من شحم يوم خيبر، قال: فالتزمته، فقلت، لا أعطي اليوم أحداً من هذا شيئاً، فالتفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متبسماً.
وفي رواية أبي داود والنسائي (2) قال: دلي جراب من شحم عمرو يوم خيبر، فأتيته فالتزمته، قال: ثم قلت
…
وذكر رواية مسلم - وقال: يتبسم إلي.
533 -
* روى الإمام أحمد عن أبي اليسر كعب بن عمرو قال: والله إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية، إذ أقبلت غنم لرجل من يهود تريد حصنهم، ونحن محاصروهم، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من رجل يطعمنا من هذه الغنم" قلت: أنا يا رسول الله، قال:"فافعل": فخرجت اشتد مثل الظليم، فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مولياً، قال:"اللهم أمتعنا به" قال فأدركت الغنم وقد دخلت أوائلها الحصن، فأخذت شاتين من أخراها فاحتضنتهما تحت يدي، ثم أقبلت بهما أشتد، كأنه ليس معي شيء حتى ألقيتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذبحوهما وأكلوهما، فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلاكاً، فكان إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم يقول: أمتعوا بي لعمري كنت آخرهم.
532 - البخاري (7/ 481) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب: غزوة خيبر.
فنزوت: النزو: الوثوب على الشيء.
(1)
مسلم (3/ 1393) 32 - كتاب الجهاد والسير - 25 - باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب.
(2)
أبو داود (3/ 65) كتاب الجهاد - باب في إباحة الطعام في أرض العدو.
والنسائي (7/ 236) كتاب الضحايا باب ذبائح اليهود.
533 -
أحمد (3/ 427)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 149).
الظليم: ذكر النعام.
توفي أبو اليسر بالمدينة سنة خمس وخمسين وقد زاد على المائة.
534 -
* روى البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فسرنا ليلاً، فقال رجل من القوم لعامر يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلاً شاعراً، فنزل يحدو بالقوم، يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اتقينا
…
وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا
…
إنا إذا صيح بنا أبينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من هذا السائق؟ " قالوا: عامر بن الأكوع، قال:"يرحمه الله" قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله؛ لولا أمتعتنا به! قال: فأتينا خيبر، فحاصرناهم، حتى أصابتنا مخمصة شديدة، ثم إن الله تعالى فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيراناً كثيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما هذه النيران؟ على أي شيء توقدون؟ " قالوا: على لحم، قال:"على أي لحم؟ " قالوا: لحم حمر الإنسية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهريقوها واكسروها" فقال رجل: يا رسول الله، أو نهريقها ونغسلها؟ قال:"أو ذاك" فلما تصاف القوم كان سيف عامر فيه قصراً، فتناول به ساق يهودي ليضربه، ويرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه، فلما قفلوا، قال سلمة: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي قال:
534 - البخاري (7/ 463) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر. ومسلم (3/ 1427) 32 - كتاب الجهاد والسير - 43 - باب غزوة خيبر.
هنيهاتك: هنيهاتك وهنياتك، يعني: الأشياء التي تظهر منه مما يستغرب ويستظرف ويستحسن ويشتهى ونحو ذلك.
وجبت: قوله: وجبت، أي وجبت الرحمة والمغفرة التي ترحم بها عليه، يعني: أنه باستغفاره له وجبت له المغفرة، وأنه يقتل شهيداً.
مخمصة: المخمصة: المجاعة.
ذباب: السيف: طرفه الذي يضرب به.
قفلوا: قفل المسافر: إذا رجع من سفره.=
"مالك؟ " قلت له: فداك أبي وأمي، زعموا أن عامراً حبط عمله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذب من قاله، إن له لأجرين" وجمع بين إصبعيه "إنه لجاهد مجاهد، قل عربي مشى بها مثله" وفي رواية: "نشأ بها".
ولم يقل مسلم: "نشأ بها".
ولمسلم (1) قال سلمة: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالاً شديداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك - وشكوا فيه - رجل مات في سلاحه وشكوا في بعض أمره قال سلمة: فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، فقلت: يا رسول الله، ائذن لي أن أرجز بك، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر بن الخطاب: أعلم ما تقول، فقلت:
والله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت.
فأنزلن سكينة علينا
…
وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا
فلما قضيت رجزي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال هذا؟ " قلت: قاله أخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يرحمه الله" قال: فقلت: يا رسول الله إن ناساً ليهابون الصلاة عليه، يقولون: رجل مات بسلاحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذبوا، مات جاهداً مجاهداً".
قال ابن شهاب: ثم سألت ابناً لسلمة بن الأكوع؟ فحدثني عن أبيه مثل ذلك، غير أنه قال - حين قلت: إن ناساً يهابون الصلاة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبوا، مات
= حبط: عمله، أي: بطل، وضاع أجره.
(1)
مسلم (3/ 1429) 32 - كتاب الجهاد والسير - 43 - باب غزوة خيبر.
وقاله أخي: لعله أخوه من الرضاعة وعمه من النسب.
جاهداً: الجاهد: المبالغ في الأمر الذي ينتهي إلى آخر ما يجد، والمجاهد: الغازي في سبيل الله تعالى.
يهابون الصلاة عليه: يعني الترحم.
جاهداً مجاهداً، فله أجره مرتين، وأشار بإصبعيه".
وأخرجه أبو داود (1) مختصراً قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالاً شديداً، فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك - وشكوا فيه: رجل مات بسلاحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مات جاهداً مجاهداً".
قال ابن شهاب: ثم سألت ابناً لسلمة بن الأكوع. وذكر باقي الحديث إلى آخره.
وأخرجه النسائي (2) مثل رواية مسلم المفردة بطولها، وزاد: واشار بإصبعيه.
535 -
* روى البخاري عن يزيد بن أبي عبيد قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة فقال: هذه ضربة أصابتها يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فنفثت فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيت حتى الساعة.
536 -
* روى الحاكم عن الأسود بن سريع رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سرية يوم خيبر فقاتلوا المشركين فأمضى بهم القتل إلى الذرية فلما جاءوا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"ما حملكم على قتل الذرية" فقالوا: يا رسول الله إنما كانوا أولاد المشركين قال: "وهل خياركم إلا أولاد المشركين، والذي نفس محمد بيده ما من نسمة تولد إلا على الفطرة، حتى يعرب عنها لسانها".
357 -
* روى الإمام أحمد عن بريدة قال: حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر، فانصرف ولم يفتح له، ثم أخذه من الغد عمر، فخرج فرجع ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني دافع اللواء غداً إلى رجل يحبه الله
(1) أبو داود (3/ 20) كتاب الجهاد، باب في الرجل يموت بسلاحه.
(2)
النسائي (6/ 30) كتاب الجهاد، باب من قاتل في سبيل الله فارتد عليه سيفه فقتله.
535 -
البخاري (7/ 475) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر.
وأبو داود (3/ 12) كتاب الجهاد، باب كيف الرقي؟
536 -
الحاكم (2/ 123) وسكت عنه، وأقره الذهبي وقال: تابعه يونس عن الحسن حدثنا الأسود بهذا.
537 -
أحمد (5/ 353).وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 150) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
ورسوله ويحب الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح له" فبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غداً، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الغداة، ثم قام قائماً، فدعا باللواء والناس على مصافهم، فدعا علياً وهو أرمد، فتفل في عينيه، ودفع إليه اللواء، وفتح له قال بريدة. وأنا فيمن تطاول لها.
538 -
* روى الطبراني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خرج علينا علي بن أبي طالب في الحر الشديد وعليه ثياب الشتاء وخرج علينا في الشتاء وعليه ثياب الصيف ثم دعا بما نشد به ثم مسح العرق عن جبهته، ثم رجع إلى بيته، فقلت لأبي: يا أبتاه، أما رأيت ما صنع أمير المؤمنين خرج علينا في الشتاء عليه ثياب الصيف، وخرج علينا في الصيف وعليه ثياب الشتاء فقال أبو ليلى: ما فطنت، فأخذ بيد ابنه، فأتى علياً فقال له الذي صنع، فقال له علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعثني وأنا أرمد، فبزق في عيني، ثم قال: افتح عينيك، ففتحتها فما اشتكيتها حتى الساعة، ودعا لي فقال:"اللهم أذهب عنه الحر والبرد" فما وجدت حراً ولا برداً حتى يومي هذا.
وفي رواية أخرى عنده عن سويد بن غفلة قال: لقينا علياً وعليه ثوبان في الشتاء فقلنا لا تغتر بأرضنا هذه فإن أرضنا هذه مقرة ليست مثل أرضك. قال: فإني كنت مقروراً، فلما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر قلت إني أرمد فتفل في عيني فما وجدت حراً ولا برداً ولا رمدت عيناي.
539 -
* روى أحمد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية فهزها ثم قال: "من: يأخذها بحقها؟ " فجاء فلان فقال: أنا قال: "أمط"، ثم جاء رجل فقال:"أمط" ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي كرم وجه محمد لأعطينها رجلاً لا يفر، هاك يا علي" فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدك وجاء بعجوتهما وقديدهما.
538 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 122) وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.
عليه ثوبان: أي عليه ثياب خفيفة.
مقرة: أي باردة.
539 -
أحمد (3/ 16)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 151) وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
أمط: كلمة زجر بمعنى: تنح.
540 -
* روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله" قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال:"أين علي بن أبي طالب؟ " فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال: "فأرسلوا إليه" فأتي به فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ قال: "انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم".
541 -
* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه" قال عمر ابن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، قال: فتساورت لها رجاء أن أدعى لها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها، وقال:"امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك"، قال: فسار علي شيئاً، ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله، على ماذا أقاتل الناس؟ قال:"قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله".
540 - البخاري (7/ 476) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب: غزوة خيبر. وكذا في (6/ 144) 56 - كتاب الجهاد - 143 - باب: فضل من أسلم على يديه رجل.
ومسلم (4/ 1872) 44 - كتاب فضائل الصحابة - 4 - باب: من فضائل علي بن أبي طالب.
يدوكون: بات القوم يدوكون دوكاً: إذا وقعوا في أخلاط ودوران وخاضوا في أمر.
نفذ: في الأمر: إذا مضى فيه.
وعلى رسلك: أي: على حالتك وهيئتك.
541 -
مسلم (4/ 1871) 44 - كتاب فضائل الصحابة - 4 - باب: من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
تساورت لها: أي: ثرت وانزعجت وتطلعت، والسورة: الثورة والحركة بحدة، يقال: سار الرجل يسور، وهو سوار، إذا ثار وزال عنه السكون الذي كان عليه، هذا أصله، ثم قد يكون عن غضب أو عن شيء يتبعه نفسه، فيريد أن يقف عليه.
542 -
* روى الطبراني عن أم سلمة وكانت في غزوة خيبر قالت: سمعت وقع السيف في أسنان مرحب.
543 -
* روى النسائي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلينا عندها الغداة بغلس، فركب النبي صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني لأرى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم. فلما دخل القرية قال:"الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" قالها ثلاث مرات. وخرج القوم إلى أعمالهم. قال عبد العزيز: فقالوا: محمد والخميس وأصبناها عنوة، فجمع السبي، فجاء دحية فقال: يا رسول الله أعطني جارية من السبي فقال: "اذهب فخذ جارية" فأخذ صفية بنت حيي فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير ما تصلح إلا لك قال: "ادعوه بها" فجاء بها، فلما نظر إليه صلى الله عليه وسلم قال:"خذ جارية من السبي غيرها" وأن نبي الله صلى الله عليه وسلم أعتقها وتزوجها.
544 -
* روى الطبراني عن ابن شهاب في تسمية من استشهد يوم خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ثم بني حارثة: محمود بن مسلمة فذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمحمد بن مسلمة: "أخوك له أجر شهيدين" ومن بني زريق: مسعود بن سعد بن قيس.
545 -
* روى أبو داود عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، فأصبناها عنوة، فجمع السبي.
542 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 152) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
543 -
النسائي (6/ 131) مطولاً - كتاب النكاح، باب البناء في السفر. وكذا في (1/ 271) كتاب المواقيت - باب التغليس في السفر.
ومسلم (3/ 1426) 32 - كتاب الجهاد والسير - 43 - باب: غزوة خيبر.
عنوة: فتحت البلدة عنوة أي قهراً بغير صلح.
السبي: سبى عدوه سبياً وسباء: أسره. السبي: المأسور.
544 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 155) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
545 -
أبو داود (3/ 159) كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب ما جاء من حكم أرض خيبر.
العنوة: القسر.
السبي: الأسارى. ويطلق على النساء والصبيان خاصة.
546 -
* روى مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: فلان شهيد، فلان شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كلا، إني رأيته في النار في بردة غلها - أو عباءة" - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ابن الخطاب، اذهب فناد في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون" - قال: فخرجت، فناديت: ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.
547 -
* روى أبو داود عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه؛ أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"صلوا على صاحبكم" فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال:"إن صاحبكم غل في سبيل الله" ففتشنا متعه، فوجدنا خرزاً من خرز يهود، لا يساوي درهمين.
فائدة: اعتذر النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه وسمح لهم أن يصلوا عليه زجراً للناس عن فعله.
548 -
* روى الترمذي عن عمير، مولى آبي اللحم قال: شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلموه أني مملوك قال: فأمرني فقلدت سيفاً، فإذا أنا أجره، فأمر لي بشيء من خرتي المتاع، وعرضت عليه رقية كنت أرقي بها المجانين، فأمرني بطرح بعضها، وحبس بعضها.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم لا يسهم للمملوك ولكن يرضخ له بشيء وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
546 - مسلم (1/ 107) 1 - كتاب الإيمان - 48 - باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.
غلها: سرقها وأخفاها.
547 -
أبو داود (3/ 68) كتاب الجهاد، باب في تعظيم الغلول.
غل: خان في المغنم أو في مال الدولة.
548 -
الترمذي (4/ 127) كتاب السير - باب هل يسهم للعبد وأبو داود (3/ 150) إلا أن رواية أبي داود انتهت قوله: المتاع. والحاكم (1/ 327) وسكت عنه وأقره الذهبي.
خرتي: المتاع: أثاث البيت.
549 -
* روى أبو داود عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والأرض، وألجأهم إلى قصرهم، فصالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم، على أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئاً، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد، فغيبوا مسكاً لحيي بن أخطب، وقد كان قتل قبل خيبر، كان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير، فيها حليهم، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعية: "أين مسك حيي بن أخطب؟ " قال: أذهبته الحروب والنفقات، فوجدوا المسك، فقتل ابن الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم، واراد أن يجليهم، فقالوا: يا محمد، دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدا لك، ولكم الشطر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقاً من تمر وعشرين وسقا من شعير.
وفي أخرى لأبي داود (1) قال: إن عمر قال: أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أن يخرجهم إذا شاء، فمن كان له مال فليلحق به، فإني مخرج يهود، فأخرجهم.
550 -
* روى البخاري عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما فدع أهل خيبر عبد الله بن عمر، قام عمر خطيباً، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال:"نقركم ما أقركم الله" وإن عبد الله بن عمر: خرج إلى ماله هناك، فعدي عليه من الليل، ففدعت يداه ورجلاه، وليس له هناك عدو غيرهم، هم عدونا
549 - أبو داود (3/ 157) كتاب الخراج والإمارة والفيء - باب ما جاء في حكم أرض خيبر.
الصفراء والبيضاء: الصفراء: الذهب، والبيضاء: الفضة.
الحلقة: قيل المراد بها السلاح، وقيل المراد بها الدروع؛ لأنها في حلق مسلسلة.
مسكاً: المسك الجلد، والمراد به هنا: ذخيرة من صامت وحلي كانت لحيي بن أخطب وكانت يدعى مسك الجمل، ذكروا: أنها قومت عشرة آلاف دينار، وكانت لا تزف امرأة إلا استعير لها ذلك الحلي، قيل: إنها كانت في مسك جمل ثم في مسك ثور في مسك حمل.
(1)
أبو داود (3/ 158) كتاب الخراج والإمارة والفيء - باب ما جاء في حكم أرض خيبر.
550 -
البخاري (5/ 327) 54 - كتاب الشروط - 14 - باب إذا اشترط في المزارعة "إذا شئت أخرجك".
فدع: رجل أفدع: بين الفدع، وهو المعوج الرسغ من اليد أو الرجل، فيكون منقلب الكف أو القدم إلى ما يلي الإبهام، وذلك الموضع هو الفدعة.
فعدي عليه: عدي عليه، أي: ظلم، والعدوان: الظلم المجاوز للحد.
وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم، فلما أجمع عمر على ذلك، أتاه أحد بني أبي الحقيق، فقال: يا أمير المؤمنين، أتخرجنا وقد أقرنا محمد صلى الله عليه وسلم وعاملنا على الأموال، وشرط ذلك لنا فقال عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف بك إذا أخرجت من خيبر، تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة؟ " فقال: كان ذلك هزيلة من أبي القاسم، فقال: كذبت يا عدو الله فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر: مالاً وإبلاً، وعروضاً من أقتاب، وحبال، وغير ذلك.
551 -
* روى أبو داود عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قيل له: هل كنتم تخمسون - يعني الطعام - في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أصبنا طعاماً يوم خيبر، فكان الرجل يجيء، فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف.
552 -
* روى أبو داود عن عبد الرحمن بن غنم قال: رابطنا مدينة قنسرين مع شرحبيل بن السمط، فلما فتحها أصاب فيها غنماً وبقراً، فقسم فينا طائفة منها، وجعل بقيتها في المغنم، فلقيت معاذ بن جبل، فحدثته فقال معاذ: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فأصبنا فيها غنماً، فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة، وجعل بقيتها في المغنم.
553 -
* روى الترمذي عن أبي موسى الأشعري قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في
= هزيلة: تصغير: هزلة، وهو المرة الواحدة من الهزل ضد الجد.
أجلاهم: الإجلاء: الإخراج من الوطن كرهاً.
قلوصك: القلوص: الناقة الشابة، وقيل: القوية على السير، ولا يسمى الذكر قلوصاً.
أقتاب: جمع قتب وهو الرحل الصغير على قدر سنام البعير.
551 -
أبو داود (3/ 66) كتاب الجهاد - باب في النهي عن النهي إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو.
وأخرجه الحاكم (2/ 126) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، فقد احتج بمحمد وعبد الله ابني أبي المجالد جميعاً ولم يخرجاه، وأقره الذهبي على تصحيحه.
التخميس: أي يرفع الخمس لأصحاب الخمس المعينين ويقسم الباقي على المقاتلين.
552 -
أبو داود (3/ 67) كتاب الجهاد - باب في بيع الطعام إذا فضل عن الناس في أرض العدو.
طائفة: أراد بالطائفة: قدر الحاجة للطعام، وترك الباقي.
قسم فينا: فقسمه بينهم على قدر السهام، لكن ضرورة حاجتهم إلى الطعام والعلف أباحت لهم ذلك.
553 -
الترمذي (4/ 128) كتاب السير - باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
نفر من الأشعريين خيبر، فأسهم لنا مع الذين افتتحوها.
وفي رواية أبي داود (1) قال: قدمنا فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين افتتحوا خيبر، فأسهم لنا - أو قال: فأعطانا منها - وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئاً، إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا: جعفر وأصحابه، فأسهم لهم معهم.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. قال الأوزاعي، من لحق بالمسلمين قبل أن يسهم للجيش أسهم له.
554 -
* روى أبو داود عن سهل بن أبي حثمة قال: قسم رسول الله خيبر نصفين: نصفاً لنوائبه وحاجته ونصفاً بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً.
قال ابن الأثير.
(لنوائبه) النوائب: جمع نائبة، وهو ما ينوب الإنسان، أي ينزل به من المهمات والحوائج، والظاهر من أمر خيبر: أنها فتحت عنوة، إذا كانت عنوة فهي مغنومة، وحصة النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة خمس الخمس فكيف جعل نصيبه منها النصف حتى يصرفه في حوائجه ومهامه؟ ووجه ذلك عند من تتبع الأخبار المروية في فتح خيبر واضح.
555 -
* روى مسلم عن ابن عمر. قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بشطر ماي خرج من ثمر أو زرع. فكان يعطي أزواجه كل سنة مائة وسق: ثمانين وسقاً من تمر، وعشرين وسقاً من شعير. فلما ولي عمر قسم خيبر. خير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، أن يقطع لهن الأرض والماء، أو يضمن لهن الأوساق كل عام فاختلفن. فمنهن من اختار الأرض والماء. ومنهن من اختار الأوساق كل عام. فكانت عائشة وحفصة ممن اختارتا الأرض والماء.
وفي رواية (2) أبي داود قال: لما: افتتحت خيبر سألت يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يقرهم
(1) أبو داود (3/ 73) كتاب الجهاد - باب فيمن جاء بعد الغنيمة لا سهم له.
554 -
أبو داود (3/ 159) كتاب الخراج والإمارة والفيء - باب ما جاء في حكم أرض خيبر - وإسناده قوي.
555 -
مسلم (3/ 1186) 22 - كتاب المساقاة - 1 - باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع.
الأوساق: جمع وسق، وهي ستون صاعاً.
(2)
أبو داود (3/ 158) كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب ما جاء في حكم أرض خيبر.
على النصف مما خرج منها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقركم فيها على ذلك ما شئنا" فكانوا على ذلك، وكان التمر يقسم على السهمان من نصف خيبر، ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم كل امرأة من أزواجه من الخمس مائة وسق تمراً وعشرين وسقاً شعيراً، فلما أراد عمر إخراج اليهود، أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهن: من أحب منكن أن أقسم لهن نخلاً بخرصها مائة وسق، فيكون لها أصلها وأرضها وماؤها، ومن الزرع مزرعة خرص عشرين وسقاً فعلنا، ومن أحب أن نعزل الذي لها في الخمس كما هو، فعلنا.
وذلك: أن خيبر كانت لها قرى. وضياع خارجة عنها، مثل: الوطيحة، والكتيبة، والشق. والنطاة، والسلاليم، فكان بعضها مغنوماً، وهو ما غلب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس. وسبيل ذلك القسمة، وكان بعضها فيئاً لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب. وذلك خاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يضعه حيث شاء، فنظروا إلى مبلغ ذلك كله، فكان نصفه بقدر ما يخص النبي صلى الله عليه وسلم من الفيء، وسهمه من الغنيمة، فجعل النصف له، والنصف للغانمين، وقد بين ذلك ابن شهاب، قال:"إن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحاً".
556 -
* روى أبو داود عن بشير بن يسار رحمه الله قال: لما أفاء الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً، جمع كل سهم مائة سهم، فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به: من الوطيحة والكتيبة، وما أحيز معهما، وعزل النصف الآخر، فقسمه بين المسلمين: الشق والنطاة، وما أحيز معهما، وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أحيز معهما.
= استدل بهذا الحديث، على جواز المساقاة والمزارعة مجتمعين، وجواز كل واحدة منها منفردة، وهو قول أحمد وابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمد وفقهاء الحديث. قال النووي: وهذا هو الظاهر المختار لحديث خيبر، ولا يقبل دعوى كون المزارعة في خيبر، إنما جازت تبعاً للمساقاة، بل جازت مستقلة ولأن المعنى المجوز للمساقاة موجود في المزارعة قياساً على القراض، فإنه جائز بالإجماع، وهو كالمزارعة في كل شيء، ولأن المسلمين في جميع الأمصار والأعصار، مستمرون على العمل بالمزارعة.
556 -
أبو داود (3/ 159) كتاب الخراج والإمارة والفيء - باب ما جاء في حكم أرض خيبر.
والوطيح: بفتح الواو وكسر الطاء - حصن من حصون خيبر هو أمنعها وأحصنها وآخرها فتحاً.
والكتيبة: بضم الكاف، على صورة مصغرة، وقيل: بفتحها، وهي إحدى قرى خيبر.
والشق: بفتح الشين أو كسرها. والكسر أعرف وأشهر - حصن من حصون خيبر.
والنطاة: بفتح النون والطاء وآخره تاء تأنيث - حصن بخيبر، أو عين تسقي بعض نخيل قراها.
وفي رواية (1): أنه سمع نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا فذكر هذا الحديث - قال: فكان النصف سهام المسلمين، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعزل النصف للمسلمين لما ينوبه من الأمور والنوائب.
وفي أخرى (2) عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما ظهر على خيبر، قسمها على ستة وثلاثين سهماً، جمع كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس.
وفي رواية (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاء الله عليه خيبر، قسمها ستة وثلاثين سهماً جمع، فعزل للمسلمين الشطر: ثمانية عشر سهماً، يجمع كل سهم مائة النبي صلى الله عليه وسلم معهم، له سهم كسهم أحدهم، وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهماً، وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين، فكان ذلك: الوطيح، والكتيبة، والسلالم وتوابعها فلما صارت الأموال بيد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود، فعاملهم.
قال ابن حجر: قوله (بشطر ما يخرج منها) هذا الحديث هو عمدة من أجاز المزارعة والمخابرة لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لذلك واستمراره على عهد أبي بكر إلى أن أجلاهم عمر كما سيأتي بعد أبواب. واستدل به على جواز المساقاة في النخل والكرم وجميع الشجر الذي من شأنه أن يثمر بجزء معلوم يجعل للعامل من الثمرة، وبه قال الجمهور. وخصه الشافعي في الجديد بالنخل والكرم، وألحق المقل (4) بالنخل لشبهه به. وخصه داود بالنخل، وقال أبو حنيفة وزفر: لا يجوز بحال لأنها إجارة بثمرة معدومة أو مجهولة، وأجاب من جوزه بأنه عقد على عمل في المال ببعض نمائه فهو كالمضاربة، لأن المضارب يعمل في المال بجزء من نمائه وهو معدوم ومجهول، وقد صح عقد الإجارة مع أن المنافع معدومة فكذلك هنا. وأيضاً فالقياس في
(1) أبو داود (3/ 159) كتاب الخراج والإمارة والفيء - باب ما جاء في حكم أرض خيبر.
(2)
أبو داود (3/ 159) الموضع السابق.
(3)
أبو داود (3/ 160) كتاب الخراج والإمارة والفيء - باب ما جاء في حكم أرض خيبر بإسناد صحيح، وفي الرواية الأولى والأخيرة إرسال.
(4)
المقل: نوع من الشجر يشبه النخل وله ثمر أو هو صمغ شجرة.
إبطال نص أو إجماع مردود. وأجاب بعضهم عن قصة خيبر بأنها فتحت صلحاً، وأقروا على أن الأرض ملكهم بشرط أن يعطوا نصف الثمرة، فكان ذلك يؤخذ بحق الجزية فلا يدل على جواز المساقاة. وتعقب بأن معظم خيبر فتح عنوة كما سيأتي في المغازي، وبأن كثيراً منها قسم بين الغانمين ما سيأتي. وبأن عمر أجلاهم منها. فلو كانت الأرض ملكهم ما أجلاهم عنها. واستدل من أجازه في جميع الثمر بأن في بعض طرق حديث الباب "بشطر ما يخرج منها من نخل وشجر" وفي رواية حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر في حديث الباب "على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشجر" وهو عند البيهقي من هذا الوجه، واستدل بقوله على شطر ما يخرج منها لجواز المساقاة بجزء معلوم لا مجهول، واستدل به على جواز إخراج البذر من العامل أو المالك لعدم تقييده في الحديث بشيء من ذلك، واحتج من منع بأن العامل حينئذ كأنه باع البذر من صاحب الأرض بمجهول من الطعام نسيئة وهو لا يجوز، وأجاب من أجازه بأنه مستثنى من النهي عن بيع الطعام بالطعام نسيئة جمعاً بين الحديثين وهو أولى من إلغاء أحدهما. قوله (فكان يعطي أزواجه مائة وسق: ثمانون وسق تمر وعشرون وسق شعير) كذا للأكثر بالرفع على القطع، والتقدير: منها ثمانون ومنها عشرون. وللكشمهيني "ثمانين وعشرين" على البدل، وإنما كان عمر يعطيهن ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قال:"ما تركت بعد نفقة نسائي فهو صدقة" وسيأتي في بابه.
557 -
* روى النسائي عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقول: ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر للزبير بن العوام أربعة أسهم: سهماً للزبير وسهماً لذي القربى لصفية بنت عبد المطلب أم الزبير وسهمين للفرس.
558 -
* روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قسم لمائتي فرس يوم خيبر سهمين سهمين.
559 -
* روى الطبراني عن زينب امرأة عبد الله الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها بخيبر خمسين وسقاً تمراً وعشرين وسقاً شعيراً بالمدينة.
557 - النسائي (6/ 228) كتاب الخيل، باب سهمان الخيل. بإسناد حسن.
558 -
الحاكم (2/ 138) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وقد احتج البخاري بيحيى بن أيوب وكثير المخزومي.
559 -
الطبراني (24/ 287) في مسند زينب امرأة عبد الله بن مسعود الثقفية.
560 -
* روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر عن بيع المغانم حتى تقسم.
561 -
* روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن النساء الحبالى أن يوطئن حتى يضعن ما في بطونهن، وعن كل ذي ناب من السباع، وعن بيع الخمس حتى يقسم.
562 -
* روى البخاري عن أسلم مولى عمر رضي الله عنه أنه سمع عمر يقول: أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس بباناً، ليس لهم شيء، ما فتحت علي قرية إلا قسمتها، كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها.
وفي رواية أخرى (1): قال عمر: لولا آخر المسلمين، ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر.
563 -
* روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ما شبعنا حتى فتحنا خيبر.
564 -
* روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما فتحت خيبر، قلنا: الآن نشبع من التمر.
560 - المستدرك (2/ 137) وقال: وقد روي بعض هذا المتن بإسناد صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي.
561 -
المستدرك (2/ 137) وصححه الذهبي.
النساء الحبالى: المقصود اللواتي وقعن في السبي، فبعد القسمة لا يوطئن حتى يضعن حملهن.
562 -
البخاري (7/ 490) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر. وأحمد في مسنده (1/ 40).
بباناً: بباناً: واحداً: أي شيئاً واحداً، مثل قوله: باجاً واحداً، ومعنى الحديث: أنه قال: لولا أن أترك آخر الناس - وهم يجيئون بعده - شيئاً واحداً متساويين في الفقر. وليس لهم شيء، لكنت كلما فتحت على المسلمين قرية قسمتها، كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وذلك: أنه قسمها على الغانمين، فصار لكل واحد منهم حصة مفردة من أرض خيبر، يتصرف فيها. فقال عمر: لو قسمتها كقسمة خيبر، جاء آخر الناس وليس لهم حصة في البلاد المفتتحة، فيكون بياناً واحداً، ليس لهم شيء، فلذلك جعل عرم البلاد في أيدي المسلمين يتولونها لبيت المال، ولم يقسم على الغانمين إلا الغنائم وحدها دون البلاد.
(1)
البخاري (7/ 490) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر.
563 -
البخاري (7/ 495) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر.
564 -
البخاري (7/ 495) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر.
565 -
* روى مالك عن سعيد بن المسبب رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليهود خيبر - يوم افتتح خيبر - أقركم فيها ما أقركم الله عز وجل على أن الثمر بيننا وبينكم قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبينهم، ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه.
566 -
* روى مالك عن سليمان بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه إلى خيبر، فيخرص بينه وبين يهود خيبر قال: فجمعوا له حلياً من حلي نسائهم، فقالوا: هذا لك، وخفف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر اليهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذلك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.
567 -
* روى مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية، فانتحرناها. فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أكفئوا القدور، ولا تأكلوا من لحم الحمر شيئاً فقال ناس: إنما نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهالم تخمس، وقال آخرون: نهى عنها ألبتة.
وفي رواية النسائي (1) قال: أصبنا يوم خيبر حمراً خارجاً من القرية، فطبخناها،
565 - مالك (2/ 703) 33 - كتاب القسامة - 1 - باب ما جاء في المساقاة بإسناد صحيح، وهو مرسل.
فيخرص: خرص الرطب: حزر ما فيه تخميناً وتقديراً.
566 -
مالك (2/ 703) 33 - كتاب القسامة - 1 - باب ما جاء في المساقاة. وهو حديث حسن.
يخرص: خرص النخل: حزر ما عليه من الرطب والتمر، ومن العنب زبيباً.
حيف: الحيف: الظلم.
الرشوة: البرطيل.
سحت: السحت: الحرام.
567 -
مسلم (3/ 1539) 34 - كتاب الصيد والذبائح - 5 - باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية.
والبخاري (7/ 481) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر.
اكفئوا القدور: كفأت القدر: إذا قلبتها وكببتها، وكذلك أكفأتها.
تخمس: الخمس: ما يجب إخراجه من الغنيمة، وتخميس الغنيمة أخذ خمسها.
ألبتة: تجوز بهمز الألف وبدونه.
(1)
النسائي (7/ 203) كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية.
فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم لحوم الحمر، فأكفئوا القدور بما فيها، فأكفأناها.
568 -
* روى الحاكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه رضي الله عنه قال: شهدت فتح خيبر مع رسول الله عليه وآله وسلم فلما انهزم القوم وقعنا في رحالهم فأخذ الناس ما وجدوا من جزر قال زيد: وهي المواشي فلم يكن بأسرع من أن فارت القدور فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالقدور فأكفئت ثم قسم بيننا فجعل لكل عشرة شاة.
569 -
* روى الطبراني عن الشعبي قال: لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح خيبر قيل له: قد قدم جعفر من عند النجاشي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا أدري بأيهما أنا أشد فرحاً بقدوم جعفر أو فتح خيبر" فأتاه فقبل ما بين عينيه فقط.
570 -
عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "للناس هجرة، ولكم هجرتان".
571 -
* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ففتح الله علينا فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً غنمنا المتاع والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي - يعني: وادي القرى - ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له، وهبه له رجل من جذام يدعى رفاعة بن زيد، من بني الضبيب، فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحله، فرمي بسهم، فكان فيه حتنه، فقلنا: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلا، والذي نفس محمد بيده، إن الشملة لتلتهب عليه ناراً، أخذها
568 - المستدرك (2/ 134) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
الجزر: ما يصلح أن يذبح من الشياه.
569 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 272) وقال: رواه الطبراني مرسلاً، ورجاله رجال الصحيح.
570 -
الحاكم في المستدرك: وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
571 -
مسلم (1/ 108) 1 - كتاب الإيمان - 48 - باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون والبخاري (7/ 487) كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر.
الشملة: إزار يتشح به.
بشراك: الشراك: سير من سيور النعل التي على وجهها.
من الغنائم يوم خيبر، لم تصبها المقاسم" قال: ففزع الناس، فجاء رجل بشراك، أو شراكين، فقال: أصبته يوم خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شراك من نار، أو شراكان من نار".
وفي رواية (1) نحوه، وفيه: ومعه عبد يقال له: مدعم، أهداه له أحد بني الضباب، إذ جاءه سهم عائر.
572 -
* روى الإمام أحمد عن عقبة بن سويد الأنصاري أنه سمع أباه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قفلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر فلما بدا له أحد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر جبل يحبنا ونحبه".
573 -
* روى أبو داود عن العرباض بن سارية السلمي رضي الله عنه قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر - ومعه من معه من أصحابه - وكان صاحب خيبر رجلاً مارداً منكراً، فأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، ألكم أن تذبحوا حمرنا، وتأكلوا ثمرنا، وتضربوا نساءنا؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"يا ابن عوف، اركب فرسك، ثم ناد ألا إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن وأن اجتمعوا للصلاة" قال: فاجتمعوا، ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام فقال:"أيحسب أحدكم - متكئاً على أريكته - قد يظن أن الله لم يحرم شيئاً إلا ما في هذا القرآن؟ ألا وإني والله، قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء، إنها لمثل القرآن أو أكثر، وإن الله عز وجل لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن، ولا ضرب نسائهم، ولا أكل ثمارهم، إذا أعطوكم الذي عليهم".
* * *
(1) البخاري (7/ 487) 64 - كتاب المغازي - 38 - باب غزوة خيبر.
سهم عائر: إذا لم يدر من أين جاء.
572 -
أحمد في مسنده (3/ 443) وعقبة ذكره ابن أبي حاتم، وقال: روى عنه عبد العزيز ولم يجرحه وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 155) وقال: وروى عنه الزهري عند أحمد، وبقية رجاله رجال الصحيح. قال ابن حجر عن عقبة: مجهول، وصحح ابن عبد البر حديثه.
573 -
أبو داود (3/ 170) كتاب الخراج - باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات، وفي سنده لين، لكن لبعضه شاهد بسند صحيح.
مارداً: المارد من الرجال: العاتي الشديد.
…
أريكته: السرير في الحجلة. والحجلة ساتر كالقبة.