الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول:عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقله وبدنه ودفع الشبهات
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: عصمته صلى الله عليه وسلم فى عقله وبدنه كما يصورها القرآن الكريم والسنة النبوية ويشتمل على
تمهيد
ومبحثين:
…
المبحث الأول: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى عقله من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية.
…
المبحث الثانى: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى بدنه من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية.
الفصل الثانى: شبه الطاعنين فى سلامة عقله وبدنه والرد عليها ويشتمل على تمهيد ومبحثين:
…
المبحث الأول: شبهاتهم من القرآن الكريم والرد عليها.
…
المبحث الثانى: شبهاتهم من السنة النبوية والرد عليها.
الفصل الأول: عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقله وبدنه
كما يصورها القرآن الكريم والسنة النبوية
…
ويشتمل على تمهيد ومبحثين:
المبحث الأول: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى عقله من خلال القرآن الكريم والسنة المطهرة.
المبحث الثانى: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى بدنه من خلال القرآن الكريم والسنة المطهرة.
تمهيد
…
عصمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فى عقيدتنا أصل من أصول الإيمان والإسلام، وهى عقيدة لا تنفك عن شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. والطعن فى هذه العصمة طعن فى هذه الشهادة، ولم لا وهى دليلنا على حجية الوحي الإلهى (قرآناً وسنةً) وهى دليلنا على الاقتداء الشامل برسول الله صلى الله عليه وسلم على ما سبق تفصيله (1) .
(1) راجع إن شئت ص11 - 21.
.. ومرادى فى هذا الفصل، بيان عصمته صلى الله عليه وسلم فى بدنه من القتل، وفى قلبه، وعقيدته من الكفر والشرك، والضلال، والغفلة، والشك، وعصمته من تسلط الشيطان عليه، مع بيان كمال عقله، وخلقه صلى الله عليه وسلم، وأنه كما قال فيه ربه عز وجل:{والنجم إذا هوى. ما ضل صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى إن هو إلى وحى يوحى} (1) وقال سبحانه: {ما كذب الفؤاد ما رأى} (2) وقال عز وجل: {ما زاغ البصر وما طغى} (3) .
…
إن كمال العقل وعصمته من الكفر والشرك والشك، ومن تسلط الشيطان عليه؛ صفة أساسية فى رسل الله عز وجل، وشرط ضرورى من شروط رسالة جميع الرسل؛ وهى جزء من الكمال البشرى الذى كملهم الله عز وجل به، وهو عامل مهم، وسبب قوى من أسباب تبليغ رسالة ربهم إلى أقوامهم.
…
وإذا كان الكمال العقلى صفة أساسية فى رسل الله عز وجل، فإمامهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. والقارئ لسيرته صلى الله عليه وسلم لا يشك فى أنه صلى الله عليه وسلم كان أعقل الناس وأذكاهم (4) .
…
ولم لا وقد كانت نشأته صلى الله عليه وسلم، منذ ولدته أمه إلى أن بعثه الله عز وجل رحمة للعالمين، أكمل نشأة، تولاه الله تعالى فأدبه ورباه فكمله، ورعاه فحفظه مما كان يشين حياة قومه من وثنية، وعادات مسترذلة، حتى غدا أكمل إنسان فى بشريته، لم يستطع أحد أن يريبه فى حياته، أو يزن شبابه بغميزه أو ريبة على كثرة الخصوم، والأعداء المتربصين، فضلاً من الله ونعمة، والله ذو الفضل العظيم (5) .
(1) الآيات 1 – 4 النجم.
(2)
الآية 11 النجم.
(3)
الآية 17 النجم.
(4)
ينظر: الشفا 1/66.
(5)
ينظر: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفضيلة الشيخ محمد الصادق عرجون 1/195.
.. وبذلك الفضل العظيم تحدث المصطفى صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه عز وجل قائلاً "أدبنى ربى فأحسن تأديبى"(1) .
…
وقد أجمعت الأمة على هذا الأدب الربانى، وأن حياة نبيها صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وبعدها أمثل حياة وأكرمها وأشرفها، فلم تعرف له فيها هفوة، ولم تحص عليه فيها زلة، بل إنه امتاز بسمو الخلق، ورجاحة العقل، وعظمة النفس، وحسن الأحدوثة بين الناس، ثم نبأه الله وبعثه، فنمت فيه هذه الفضائل وترعرعت حتى أضحت حياته فريدة فى تاريخ هذه الحياة الدنيا.
…
فمن أين له هذا؟ وهو اليتيم الذى تعرض منذ طفولته لمحنة اليتم، والفقر! وهو الأمى الذى لم يجلس طيلة حياته إلى معلم يثقف عقله! وهو الذى نشأ فى بيئة سيطرت عليها الجاهلية، سيطرة كاملة فى مجال العقيدة والفكر، وفى مجال الأخلاق والسلوك، وطبعت الناس بطابعها البغيض حتى لا تكاد تجد إنساناً يسلم من وراثة البيئة، وعدوى التقاليد الجاهلية الموروثة عن الآباء والأجداد.
(1) أخرجه ابن السمعانى فى أدب الإملاء والاستملاء ص1، بلفظ "إن الله أدبنى وأحسن أدبى، ثم أمرنى بمكارم الأخلاق فقال: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" الآية 199 الأعراف، قال السخاوى فى المقاصد الحسنة ص29 رقم 45 وإسناده منقطع فيه من لم أعرفه عن عبد الله أظنه ابن مسعود رضى الله عنه. وذكر له شواهد، وقال عنه: إسناده ضعيف جداً، وإن اقتصر شيخنا – يعنى الحافظ ابن حجر – على الحكم عليه بالغرابة فى بعض فتاويه، قال: ولكن معناه صحيح، ونقل عن ابن الأثير نحو ذلك فى النهاية فى غريب الحديث 1/8، وذكره السيوطى فى الجامع الصغير ص14، 15 ورمز له بالصحة. ونقل فى الدرر المنتثرة فى الأحاديث المشتهرة ص43 تصحيح أبى الفضل ابن ناصر له، وينظر: فيض القدير للمناوى 1/224، والفتاوى الحديثية للسخاوى ص269 – 271، وكشف الخفاء للعجلونى 1/62 رقم 164.
.. فكيف نجا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك المؤثرات القوية؟
…
إن الإنسان العادى قد يستطيع أن تعاف نفسه شيئاً يكرهه ولا يستسيغه بحكم الفطرة السليمة لكن من المحال عقلاً أن يعيش فى عزلة روحية كاملة، وهجرة نفسية تامة لقومه، فيسلم له عقلة من الخرافات، وتسلم روحه من الجهالات، ويسلم وجدانه من التلون بشئ يغضب الله عزوجل.
…
نعم لقد كان فى المجتمع العربى حنيفيون وحدوا الله ودعوا إلى توحيده، وكان هناك كرماء، وكان هناك أوفياء، وكان هناك أناس عرفوا بالعفة والتنزه عن الفواحش، ولكن كان عزيزاً جداً أن تجد فى هذه البيئة إنساناً جمع الله فيه كل هذه الصفات وغيرها مثل ما جمع الله ذلك فى النبى محمد صلى الله عليه وسلم 0
…
إنك لا تستطيع أن تدرك سر كمال عقله وعقيدته وأخلاقه، وبراءته من كل نقائص ومثالب بيئته التى نشأ فيها إلا أن تقول: إنه الإعداد الإلهى للنبوة و {الله أعلم حيث يجعل رسالته} (1) .
…
إنها العصمة الربانية! تلك التى حفظته صلى الله عليه وسلم، من بيئة الجاهلية أربعين عاماً، لم يصبه أذى من غبارها، فشب أكمل الناس خَلقاً وخُلقاً، ودلائل تلك العصمة الإلهية متوافرة فى كتاب الله عزوجل، وسيرته العطرة، فإلى بيانها فى المبحث التالى:
(1) جزء من الآية 124 الأنعام وينظر: المؤتمر العالمى الرابع للسيرة والسنة 1/686 بتصرف، بحث الدكتور أحمد خليل بعنوان "شخصية محمد صلى الله عليه وسلم البشر الرسول" مقارنة بالسيرة النبوية فى ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة 1/235 - 240، والرسالة المحمدية لسليمان الندوى ص96.