الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى عقله
من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية
…
تجلت رعاية الله عز وجل وعصمته لرسوله صلى الله عليه وسلم فى قلبه، وعقيدته من الكفر والشرك، والضلال، والغفلة، والشك، وعصمته من تسلط الشيطان عليه، وهو فى عالم الذر، وتحدث الوحي الإلهى (قرآناً وسنةً) بذلك بياناً لمنَّة الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً} (1) .
…
ووجه الاستدلال بالآية أنه إذا عهد إلى الأنبياء جميعاً وهم فى عالم الذر بتبليغ دينه، وتوحيده. دل ذلك على عصمتهم فى عقولهم وعقيدتهم، فلا يصدر عنهم ما يخالف ذلك لا قبل النبوة ولا بعدها، ولا يقول بغير ذلك إلا من يرد على الله عز وجل كلامه باصطفائهم وعصمتهم!.
…
(1) الآية 7 الأحزاب.
(2)
الآية 81 آل عمران.
.. وهذا غاية التكريم من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم بأخذ الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا به، وينصروه إن ظهر فى زمانهم، وفى ذلك إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم نبى الأنبياء (1) وفى السنة المطهرة ما يؤكد الآية الكريمة، فعن ميسرة الفجر رضى الله عنه (2) قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم متى كنت نبياً؟ قال: "وآدم بين الروح والجسد"(3) .
(1) ينظر: شرح الزرقانى على المواهب اللدنية 1/57.
(2)
صحابى جليل له ترجمة فى: تاريخ الصحابة ص237 رقم 1295، وأسد الغابة 5/272 رقم 5154، وتجريد أسماء الصحابة 2/99، والاستيعاب 4/1488 رقم 2582.
(3)
أخرجه الحاكم فى المستدرك 2/665 رقم4209،وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبى، وأخرجه أحمد فى المسند 5/59،وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد 8/223 رواه أحمد، والطبرانى، ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه البيهقى فى دلائل النبوة 1/85،2/129،وللحديث شاهد من حديث أبى هريرة= =رضى الله عنه أخرجه الترمذى فى سننه كتاب المناقب، باب فضل النبى صلى الله عليه وسلم5/545 رقم 3609 وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبى هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والحاكم فى المستدرك 2/665 رقم 4210، أخرجه شاهداً لحديث ميسرة، وأخرجه أبو نعيم فى دلائل النبوة 1/48 رقم 8، والبيهقى فى دلائل النبوة 2/130.
.. وعن العرباض بن سارية رضى الله عنه (1) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنى عبد الله وخاتم النبين، وأبى منجدل فى طينته، وسأخبركم عن ذلك، أنا دعوة أبى إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمى آمنة التى رأت، وكذلك أمهات المؤمنين يرين، وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته له نوراً أضاءت لها قصور الشام، ثم تلا:{يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا. وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً} (2) .
…
والشاهد مما سبق أن الله عز وجل اصطفى أنبياءه ورسله وهم فى عالم الذر بتبليغ دينه وتوحيده، وفضل بعض النبيين على بعض، فجعل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم إمامهم، وأخذ منهم الميثاق فى عالم الأزل بالإيمان بنبوته ونصرته.
…
وبعيد أن يأخذ منه الميثاق قبل خلقه، ثم يأخذ ميثاق النبيين بالإيمان به ونصره قبل مولده بدهور، ويجوز عليه ما يناقض عصمته فى عقله وعقيدته من الشرك، أو الشك، أو غيره من الذنوب صغائر كانت أم كبائر فهذا مالا يجوزه إلا ملحد (3) .
(1) صحابى جليل له ترجمة فى: تاريخ الصحابة 199 رقم 1062، وأسد الغابة 4/19 رقم 3630، والاستيعاب 3/1238 رقم 2026، والإصابة 2/473 رقم 5501.
(2)
الآيتان 45، 46 الأحزاب، والحديث أخرجه الحاكم فى المستدرك 2/453، 656 رقمى 3566، 4175 وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبى وأحمد فى المسند 4/127،وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد 8/223 رواه أحمد بأسانيد والبزار والطبرانى بنحوه، وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد، وقد وثقه ابن حبان، وأخرجه ابن حبان فى صحيحه "الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان" كتاب التاريخ، باب صفته صلى الله عليه وسلم وإخباره 8/160، وأخرجه أبو نعيم فى دلائل النبوة 1/48 رقم 9، والبيهقى فى دلائل النبوة 2/130.
(3)
الشفا 2/110 بتصرف، وينظر: نسيم الرياض فى شرح الشفا 4/41، 42.