المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جـ- عصمته صلى الله عليه وسلم من التعرى - رد شبهات حول عصمة النبى صلى الله عليه وسلم

[عماد السيد محمد إسماعيل الشربينى]

فهرس الكتاب

- ‌هذا الكتاب

- ‌مقدمة من الباحث

- ‌الإهداء

- ‌كلمة شكر وتقدير

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهجى فى البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: التعريف بالعصمة

- ‌أولاً: التعريف بالعصمة لغة وشرعاً

- ‌أ- المعنى اللغوى:

- ‌ب- المعنى الشرعى:

- ‌ج- مواضع العصمة:

- ‌ثانياً: العصمة سبيل حجية القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة:

- ‌ثالثاً: العصمة سبيل الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث الثانى: أهمية السيرة النبوية فى فهم الإسلام

- ‌أولاً: أهمية السيرة العطرة فى فهم القرآن الكريم

- ‌ثانياً: أهمية السيرة العطرة فى فهم السنة الشريفة:

- ‌ثالثا: أهمية السيرة العطرة فى إثبات أن للمسلمين تاريخاً وحضارةً:

- ‌الباب الأول:عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقله وبدنه ودفع الشبهات

- ‌ تمهيد

- ‌الفصل الأول: عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقله وبدنه

- ‌المبحث الأول: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى عقله

- ‌أ- عصمته صلى الله عليه وسلم من كيد إبليس وجنوده:

- ‌ب- عصمته صلى الله عليه وسلم من الجهالات:

- ‌جـ- عصمته صلى الله عليه وسلم من التعرى

- ‌د- عصمته صلى الله عليه وسلم من أكل ما ذبح على النصب

- ‌هـ عصمته صلى الله عليه وسلم من الحلف بأسماء الأصنام

- ‌و عصمته صلى الله عليه وسلم من استلام الأصنام

- ‌ز- من مظاهر عصمته صلى الله عليه وسلم شق صدره الشريف:

- ‌ح- من مظاهر عصمته صلى الله عليه وسلم تكافؤ أخلاقه:

- ‌ط- من مظاهر عصمته صلى الله عليه وسلم كمال عقله:

- ‌المبحث الثانى: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى بدنه

- ‌ المراد بعصمة النبى صلى الله عليه وسلم فى بدنه هنا، عصمته من القتل

- ‌خصوصية عصمة النبى صلى الله عليه وسلم فى بدنه من القتل:

- ‌ نماذج من كفاية الله عز وجل وعصمته لرسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثانى: شبه الطاعنين فى سلامة عقله وبدنه والرد عليها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: شبهاتهم من القرآن الكريم على عدم عصمة النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: شبهتهم حول آيات ورد فيها إسناد "الضلال" و"الغفلة" إلى ضمير خطابه صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثانى: شبهتهم حول آيات ورد فيها إسناد "الذنب" و"الوزر" إلى ضمير خطابه صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: شبهتهم حول آيات ورد فيها مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقوى الله عز وجل

- ‌المطلب الرابع: شبهتهم حول آيات ورد فيها مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الخامس: شبهتهم حول آيات ورد فيها معاتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌{عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين}

- ‌{ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض

- ‌{عبس وتولى. أن جاءه الأعمى

- ‌ وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه

- ‌{يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك

- ‌المبحث الثانى: شبهاتهم من السنة النبوية على عدم عصمة النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ تمهيد

- ‌المطلب الأول: شبهة الطاعنين فى حديث "شق صدره صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثانى: شبهة الطاعنين فى حديث "فترة الوحي

- ‌المطلب الثالث: شبهة الطاعنين فى حديث "نحن أحق بالشك من إبراهيم

- ‌المطلب الرابع: شبهة الطاعنين فى حديث "سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الخامس: شبهة الطاعنين فى حديث "أَهَجَرَ

- ‌الباب الثانى: عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الوحي ودفع الشبهات

- ‌الفصل الأول: عصمته صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الوحي

- ‌ تمهيد

- ‌المبحث الأول: التعريف بالوحي لغة، وشرعاً، وكيفياته

- ‌أولاً: التعريف بالوحي:

- ‌أ- من حيث اللغة:

- ‌ب- معناه الشرعى:

- ‌المبحث الثانى: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الوحي

- ‌مجالات البلاغ الذى أمر الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌أولاً: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الوحي

- ‌ثانياً: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الوحي

- ‌ثالثاً: من دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الوحي، إجماع الأمة:

- ‌الفصل الثانى: شبه الطاعنين فى الوحي الإلهى والرد عليها

- ‌المبحث الأول: شبهات أعداء الإسلام من المستشرقين حول الوحي الإلهى

- ‌ تمهيد

- ‌المطلب الأول: شبهة الوحي النفسى والرد عليه

- ‌المطلب الثانى: شبهة أن الوحي عبارة عن أمراض نفسية وعقلية

- ‌المطلب الثالث: شبهة أن الوحي مقتبس من اليهودية والنصرانية

- ‌المطلب الرابع: فرية الغرانيق والرد عليها

- ‌أولاً: إن هذه الأقصوصة المختلقة تنافى ما هو مقطوع به

- ‌ثانياً: قيام الأدلة القطعية من القرآن الكريم على بطلانها

- ‌ثالثاً: مخالفة القصة لحقائق تاريخ السيرة العطرة

- ‌رابعاً: ذهب جماهير علماء الأمة من المحدثين

- ‌خامساً: القصة لم يخرجها أصحاب الكتب الصحاح:

- ‌سادساً: سؤال بعضهم:

- ‌سابعاً: الرد على المثبتين للقصة:

- ‌معنى آية التمنى:

- ‌المبحث الثانى: شبهات أعداء السنة المطهرة حول الوحي الإلهى

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: شبهة أن مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصرة على بلاغ القرآن فقط

- ‌المطلب الثانى: شبهة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست له سنة نبوية

- ‌أ- الأدلة من القرآن الكريم على أن السنة وحى من الله تعالى:

- ‌ب- الأدلة من السنة النبوية على أنها وحى من الله تعالى:

- ‌جـ- السلف يؤمنون بأن السنة وحى:

- ‌المطلب الثالث: شبهة أنه لا طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى القرآن فقط

- ‌أولاً: تعسف أعداء رسول الله، فى تأويل كلمة "الرسول

- ‌ثانياً: زعم أدعياء العلم والفتنة؛ بأنه لا طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى القرآن فقط

- ‌ثالثاً: الأدلة من القرآن الكريم على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم:

- ‌رابعاً: الأدلة من السنة المطهرة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم:

- ‌المطلب الرابع: شبهة أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تأليه وشرك

- ‌الباب الثالث: عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده ودفع الشبهات

- ‌الفصل الأول: عصمته صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده

- ‌ المبحث الأول: التعريف بالاجتهاد، وحكمته فى حقه صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: التعريف بالاجتهاد:

- ‌ثانياً: الحكمة فى اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث الثانى: دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده

- ‌أولاً: الأدلة من القرآن الكريم على عصمته صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده:

- ‌ثانياً: الأدلة من السنة النبوية على عصمته صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده:

- ‌ثالثاً: إجماع الأمة على عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده:

- ‌الفصل الثانى: شبهة أن اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤيد أن السنة المطهرة ليست كلها وحى

- ‌ ذهب بعض علماء المسلمين الأجلاء إلى عدم عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده

- ‌الجواب:

- ‌ ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفعال لم تحصل منه على وجه القرب

- ‌استحباب التأسى بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجبلية

- ‌نقض دليل أن السنة المطهرة ليست كلها وحى:

- ‌ هل هذا الاجتهاد فى قصة تأبير النخل معصوم فيه بوحى

- ‌الباب الرابع: عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سلوكه وهديه ودفع الشبهات

- ‌ تمهيد

- ‌الفصل الأول: شبهة اختلاف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتب السنة

- ‌ويجاب عن ما سبق بما يلى:

- ‌الفصل الثاني: شبهة الطاعنين فى حديث "خلوة النبى صلى الله عليه وسلم بامرأة من الأنصار" والرد عليها

- ‌الفصل الثالث: شبهة الطاعنين فى حديثى "نوم النبى صلى الله عليه وسلم عند أم سليم وأم حرام

- ‌الفصل الرابع: شبهة الطاعنين فى حديث "طوافه صلى الله عليه وسلم على نسائه فى ساعة واحدة

- ‌الفصل الخامس: شبهة الطاعنين فى حديث "مباشرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نسائه فى المحيض

- ‌الفصل السادس: شبهة الطاعنين فى حديث "دعوته صلى الله عليه وسلم لعائشة استماع الغناء والضرب بالدف

- ‌الفصل السابع: شبهة الطاعنين فى حديث "اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة

- ‌الخاتمة

- ‌ أقترح وأوصى بما يلى:

- ‌أولاً: فهرس الآيات القرآنية

- ‌ثانياً: فهرس الأحاديث والآثار

- ‌ثالثاً: فهرس الأعلام المترجم لهم

- ‌رابعاً: فهرس الأشعار

- ‌خامساً: فهرس البلدان والقبائل والفرق

- ‌ فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌جـ- عصمته صلى الله عليه وسلم من التعرى

.. وفيما قصه النبى صلى الله عليه وسلم عن نفسه من خبر حفظ الله إياه من كل سوء منذ صغره وصدر شبابه، ما يوضح لنا حقيقتين كل منهما على جانب كبير من الأهمية:

الأولى: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان متمتعاً بخصائص البشرية كلها، وكان يجد فى نفسه ما يجده كل شاب من مختلف الميولات الفطرية التى اقتضت حكمة الله أن يجبل الناس عليها. فكان يحس بمعنى السمر واللهو، ويشعر بما فى ذلك من متعة، وتحدثه نفسه لو تمتع بشئ من ذلك كما يتمتع الآخرون.

الثانية: أن الله عز وجل قد عصمه مع ذلك عن جميع مظاهر الانحراف، وعن كل مالا يتفق مع مقتضيات الدعوة التى هيأه الله لها، فهو حتى عندما لا يجد لديه الوحي أو الشريعة التى تعصمه من الاستجابة لكثير من رغائب النفس، يجد عاصماً آخر خفياً يحول بينه وبين ما قد تتطلع إليه نفسه مما لا يليق بمن هيأته الأقدار لتتميم مكارم الأخلاق، وإرساء شريعة الإسلام (1) .

‌جـ- عصمته صلى الله عليه وسلم من التعرى

ودفع ما يتوهم عكس ذلك:

عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: "لما بنيت الكعبة ذهب النبى صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان حجارة، فقال العباس للنبى صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة. ففعل فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم قام فقال: "إزارى إزارى" فشد عليه إزاره، وفى رواية: فما رؤى بعد ذلك اليوم عرياناً"(2) .

(1) ينظر: فقه السيرة للدكتور محمد البوطى ص50، 51.

(2)

أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الحيض، باب الاعتناء بحفظ العورة 2/268 رقم 340، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها 3/513 رقم 1582.

ص: 91

.. وهذه القصة وما فيها من حفظه صلى الله عليه وسلم من التعرى قبل النبوة، وردت فى غير الصحيح عن ابن إسحاق عن أبيه عمن حدثه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"لقد رأيتنى فى غلمان من قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب به الغلمان، كلنا قد تعرى وأخذ إزاره فجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة، فإنى لأقبل معهم كذلك وأدبر إذ لكمنى لاكم ما أراه، لكمة وجيعة، ثم قال: شد عليك إزارك قال: فأخذته وشددته علىَّ ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتى وإزارى علىَّ من بين أصحابى"(1) .

قال الحافظ ابن كثير: "هذه القصة شبيهة بما فى الصحيح عند بناء الكعبة حين كان ينقل هو وعمه العباس، فإن لم تكن فهى متقدمة عليها كالتوطئة"(2) .

وقال الإمام السهيلى: "وهذه القصة إنما وردت فى الحديث الصحيح فى حين بنيان الكعبة، فإن صح أنه كان فى صغره، إذ كان يلعب مع الغلمان: فمحمله على أن هذا الأمر كان مرتين: مره فى صغره، ومره فى أول اكتهاله عند بنيان الكعبة"(3) .

(1) السيرة النبوية لابن هشام 1/239 نص رقم 18، وأخرجه من طريق ابن إسحاق البيهقى فى دلائل النبوة 2/30، 31.

(2)

البداية والنهاية 2/266.

(3)

الروض الأنف 1/318.

ص: 92

.. قلت: هذه القصة فى حالة صغره لم تصح سنداً، وإنما هى نفس قصة بنيان الكعبة، وإلى هذا مال الحافظ فى الفتح، فبعد أن ذكر روايات بنيان الكعبة، وهو صلى الله عليه وسلم فى حالة كبره، والمؤيدة لما فى الصحيحين ذكر رواية الحاكم عن ابن عباس رضى الله عنهما (1) وهو صلى الله عليه وسلم فى حالة صغره، وقال فيها:"النضر أبو عمر الخزاز" ضعيف، وقد خبط فى إسناده، وفى متنه، فإنه جعل القصة فى معالجة زمزم بأمر أبى طالب وهو غلام، وكذا روى ابن إسحاق – إشارة إلى الرواية السابق ذكرها – ثم قال الحافظ: فكأن هذه قصة أخرى، واغتر بذلك الأزرقى فحكى قولاً: أن النبى صلى الله عليه وسلم لما بنيت الكعبة كان غلاماً".

ثم أكد الحافظ أن القصة واحدة فى موضع آخر إذ يقول معقباً على كلام السهيلى السابق على رواية ابن إسحاق قائلاً: "قلت: وقد يطلق على الكبير غلام إذا فعل فعل العلماء، فلا يستحيل اتحاد القصة اعتماداً على التصريح بالأولية فى حديث أبى الطفيل رضى الله عنه قال: "فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل الحجارة معهم إذ انكشفت عورته، فنودى يا محمد غط عورتك، فذلك فى أول ما نودى، فما رؤيت له عورة قبل ولا بعد" (2) .

(1) أخرجه الحاكم فى المستدرك 4/199 رقم 7356، وقال: صحيح الإسناد، وقال الذهبى: فيه النضر أبو عمر الخزاز ضعفوه، وأخرجه الطبرانى فى الكبير، وفيه أيضاً النضر أبو عمر، وقد أجمعوا على ضعفه كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 2/52، وأخرجه ابو نعيم فى دلائل النبوة 1/190 رقم 135 من طريق ابن إسحاق، وفيه أيضاً النضر أبو عمر.

(2)

أخرجه عبد الرزاق فى مصنفه 5/103 رقم 9106، ومن طريقه الحاكم فى المستدرك 4/199 رقم 199 رقم 7357 وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبى، وأحمد فى مسنده 5/454، 455، وينظر: فتح البارى 3/516 رقم 1582، 7/181 رقم 3829.

ص: 93

فرية على عصمته صلى الله عليه وسلم من التعرى والرد عليها:

رغم ما فى هذه القصة الصحيحة من عناية الله عز وجل بحفظ رسوله صلى الله عليه وسلم من التعرى؛ إلا أننا نجد بعض أعداء السيرة العطرة الواردة فى السنة المطهرة من يرى فى إثبات هذا الأمر فى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم: "خرافة، وأكذوبة مفضوحة، وشناعة، ليس الهدف منها إلا الحط من كرامة النبى صلى الله عليه وسلم والإساءة لمقامه الأقدس"(1) .

ولست أدرى أى خرافة، أو كذب، أو شناعة أو

الخ فى عصمة الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم من التعرى عند بناء الكعبة المشرفة؟

إن الشناعة فى نظر الرافضى هى فى تعرى رسول الله صلى الله عليه وسلم! دون التفات منه لكيفية تعرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعصمة الله عز وجل منه! إنه يتكلم عن تعرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرواية، وكأنه صلى الله عليه وسلم تعمد ذلك أمام الناس.

إذ يقول بعد أن ذكر بعض النصوص فى حياء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان مصوناً من رؤية عورته، حتى بالنسبة لأزواجه، وأن المشركين كانوا يستقبحون التعرى أمام الناس.

يقول متسائلاً: "فكيف إذن يكشف النبى الأعظم عورته أمام الناس يا تُرى؟ "(2) وأقول له: من أين لك من روايات عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التعرى عند بناء الكعبة، أنه صلى الله عليه وسلم تعمد التعرى أمام الناس (وحاشاه من ذلك) من أين لك هذا التعمد حتى ولو فى رواية ضعيفة؟!! وأنى لك هذا، وفى الصحيح ما يبطل افتراءك.

(1) الصحيح من سيرة النبى الأعظم لجعفر مرتضى العاملى 2/167، وينظر: الخطوط الطويلة أو دفاع عن السنة لمحمد بن على الهاشمى ص13.

(2)

الصحيح من سيرة النبى الأعظم 2/170 – 172، وينظر: دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين لصالح الوردانى ص269، 270.

ص: 94

.. فعن أبى الطفيل رضى الله عنه قال: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل حجارة من أَجْياد (1) ، وعليه نمرة فضاقت عليه النمرة، فذهب يضع النمرة على عاتقه، فيرى عورته من صغر النمرة، فنودى يا محمد خمر عورتك، فلم ير عرياناً بعد ذلك" (2) .

فواضح من هذه الرواية، وما فيها معناها من الروايات التى فى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يحمل الحجارة كان يستر عورته بنمرة، ولكنه وهو يحاول أن يتقى أذى الحجارة على عاتقه، حاول أن يضع طرفاً من النمرة على عاتقه، سواء من قبل نفسه أو بنصح عمه العباس له كما جاء فى الصحيح، لا تعارض. إذ النتيجة واحدة وهى: لصغر النمرة، بدت عورته، فسقط مغشياً عليه، وفى الصحيح أيضاً فخر إلى الأرض، وكلها بمعنى واحد، ولا تعارض ولا تناقض كما زعم الرافضى مستدلاً بذلك على وضع الحديث (3) .

وفى هذا الغشيان أو السقوط على الأرض، عصمة من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم إذ الجلوس أستر للعورة، ومعه أى هذا (السقوط) تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم من شد إزاره على عورته التى انكشفت بلا تعمد منه، ومع كل ذلك كانت عناية وعصمة ربه عز وجل له إذ نودى:"يا محمد خمر عورتك، فلم ير عرياناً بعد ذلك" وكل الروايات فى الصحيح وغيره على هذا المعنى!.

(1) بفتح الهمزة وسكون الجيم. جبل بمكة، النهاية فى غريب الحديث 1/31.

(2)

أخرجه أحمد فى مسنده 5/455، وعبد الرزاق فى مصنفه 5/103 رقم 9106 وفيه عبد الله بن عثمان بن خيثم – صدوق كما قال الحافظ فى التقريب 1/513 رقم 3477 وبقية رجاله ثقات – فالإسناد حسن.

(3)

ينظر: الصحيح من سيرة النبى الأعظم 2/69، ودفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين ص269، 270.

ص: 95