الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهكذا كانت عصمة المولى عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم من الشياطين حتى مرض وفاته الذى لده فيه (1) بعض الحاضرين عنده بغير إذنه، ولما سألهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك قالوا: خشينا أن يكون بك ذات الجنب (2) فبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذات الجنب من الشيطان وهو معصوم منه. قائلاً: "إنها
من الشيطان، ولم يكن الله عز وجل ليسلطه علىَّ" (3) .
ب- عصمته صلى الله عليه وسلم من الجهالات:
(1) أى جعلوا فى جانب فمه دواه بغير اختياره. ينظر: فتح البارى 7/754 رقم 4458، 10/176 رقم 5712.
(2)
ذات الجنب: تطلق بإزاء مرضين: أحدهما حقيقى: وهو ورم حار يعرض فى الغشاء المستبطن للأضلاع وينفجر إلى الداخل، وقلما يسلم صاحبها. والآخر: ما يعرض فى نواحى الجنب من رياح= =غليظة تحتقن بين الأضلاع التى فى الصدر، فتحدث وجعاً بين القلب والكبد. وهى من سئ الأسقام، والمراد بذات الجنب فى الحديث، التعريف الثانى لها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"إنها من الشيطان، ولم يكن الله ليسلطه على" والضمير فى "إنها" راجع إلى لَدِهم، وأنثه باعتبار صنعتهم، ثم نسبه إلى الشيطان لأنه كان بسبب وسوسته لهم بذلك حتى فعلوا ما لم يأذنهم هناك" ينظر: فتح البارى 7/754 رقم 4458، 10/176، رقم5712 وشرح الشفا للملاعلى 2/217.
(3)
أخرجه الحاكم فى المستدرك 4/449 رقم 8235، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبى، وسكت عنه الحافظ فى فتح البارى 7/755 رقم 4458، 10/ 182 أرقام 5719 - 5721 وأخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) فى عدة أماكن منها كتاب المغازى، باب مرض النبى صلى الله عليه وسلم ووفاته 7/754 رقم 4458، ومسلم (بشرح النووى) كتاب السلام، باب كراهية التداوى باللدود 7/456 رقم 2213.
.. شب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحفظه الله عز وجل، ويعصمه من أقذار الجاهلية ومعائبها، ويتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مظاهر عصمة الله عز وجل له فى صغره، وقبل النبوة قائلاً:
1-
"ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمون بها إلا مرتين الدهر، كلتاهما يعصمنى الله عز وجل منها، قلت ليلة لفتى من قريش بأعلى مكة فى أغنام لأهلنا نرعاها: انظر غنمى حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان، قال: نعم فخرجت، فجئت أدنى دار من دور مكة، سمعت غناء وضرب دفوف وزمراً، فقلت: ما هذا؟ قالوا: فلان تزوج فلانة، لرجل من قريش تزوج امرأة من قريش، فلهوت بذلك الغناء، وبذلك الصوت حتى غلبتنى عينى، فما أيقظنى إلا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبى فقال: ما فعلت؟ فأخبرته، ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، ففعل، فخرجت، فسمعت مثل ذلك، فقيل لى مثل ما قيل لى، فلهوت بما سمعت حتى غلبتنى عينى، فما أيقظنى إلا مس الشمس، ثم رجعت إلى صاحبى، فقال لى! ما فعلت؟ فقلت: ما فعلت شيئاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمنى الله عز وجل بنبوته"(1)
(1) أخرجه ابن حبان فى صحيحه (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) كتاب التاريخ، باب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه قبل أن يوحى إليه 14/ 169 رقم 6272، والحاكم فى المستدرك 4/273 رقم 7619 وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبى، وأخرجه البزار ورجاله ثقات كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 8/226، وصححه جماعة من الأئمة غير من سبق ذكرهم. منهم ابن حزم فى الفصل فى الملل والنحل 2/321، والقارى فى شرح الشفا 1/299 والشهاب الخفاجى فى نسيم الرياض 1/483، وابن حجر فى المطالب العالية 4/178 رقم 4259، وقال: قال البوصيرى: رواه ابن إسحاق بإسناد حسن، وابن حبان فى صحيحه، ووافق= =ابن حجر، السيوطى فى الخصائص الكبرى 1/150، والحديث أخرجه أبو نعيم فى دلائل النبوة 1/186 رقم 128 واللفظ له، وأخرجه البيهقى فى دلائل النبوة 2/33، 34، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية 2/267 من رواية البيهقى، وقال: هذا حديث غريب جداً، وقد يكون عن على بن أبى طالب نفسه، ويكون قوله فى آخره "حتى أكرمنى الله عز وجل بنبوته، مقحماً أهـ قلت: ما قاله الحافظ ابن كثير يرده، إخراج الأئمة للحديث مرفوعاً، وتصحيح بعض الأئمة له.