الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسقاطها عنهم بالكلِّيَّة حيث لم يحلفوا، فجُعلت الدِّية نصفين، ووجب نصفها على المدَّعى عليهم لثبوت الشُّبهة في حقِّهم بترك اليمين، ولم يجب عليهم كمالها
(1)
، لأنَّ خصومهم لم يحلفوا، فلمَّا كان اللَّوْث متركِّبًا
(2)
من يمين المدَّعين، ونكول المدَّعى عليهم، ولم يتمَّ، سَقَط ما يقابل أَيمانَ المدَّعين وهو النِّصف، ووجب ما يقابل نكول المدَّعى عليهم وهو النِّصف. وهذا من أحسن الأحكام وأعدلها، وباللَّه التَّوفيق.
فصل
في قضائه صلى الله عليه وسلم بتأخير القصاص من الجرح حتى يندمل
ذكر عبد الرزاق في «مصنَّفه» وغيره
(3)
من حديث ابن جُريجٍ، عن عَمرو بن شعيبٍ
(4)
قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجلٍ طعنَ آخرَ بقرنٍ في
(1)
في المطبوع: «تجب عليهم بكمالها» .
(2)
ز: «مركبا» .
(3)
أخرجه عبد الرزاق (17988) و (17991) عن أيوب وابن جريج عن عمرو بن شعيب عن النبي صلى الله عليه وسلم معضلًا، وأخرجه أحمد في «المسند» (11341) عن ابن إسحاق، والدارقطنيُّ في «سننه» (3114)، وعنه البيهقي في «الكبرى»:(16115) عن ابن جريج كلاهما عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسنَدًا، وقد عنعنه ابن إسحاق وابن جريج، وهما مدلسان، لكن تابعهما المثنى بن الصباح، وهو ضعيف، ورجح الدارقطني وأبو زرعة إرساله، ومال إليه الحازمي والزيلعي. ينظر:«سنن الدارقطني» : (4/ 72)، و «العلل»:(1/ 463)، و «الاعتبار» (ص 192)، و «نصب الراية»:(4/ 377). وله شاهدٌ مرفوعٌ سيأتي من حديث جابر رضي الله عنه.
(4)
ز: «من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده» . وفي ط الهندية: «من حديث عمرو بن شعيب رضي الله عنه» .
رجله، فقال: يا رسول اللَّه، أَقِدْني، فقال:«حتَّى تبرأ جراحُك» ، فأبى الرَّجل إلا أن يستقيدَه
(1)
، فأقاده النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فصحَّ المستقادُ منه، وعَرِجَ المستقيدُ، فقال: عرجتُ وبَرَأ صاحبي، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ألم آمرك أن لا تستقيدَ حتَّى تبرأ جراحك فعصيتني، فأبعدك الله وبطل
(2)
عرجك».
ثمَّ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن كان به جرحٌ بعد الرَّجُل الذي عَرِج أن لا يُستقاد منه حتَّى يبرأ جرحُ صاحبه. فالجرح على ما بلغ حتَّى يبرأ، فما كان من شللٍ أو عرجٍ، فلا قَوَد فيه، وهو عقلٌ، ومن استقاد جرحًا فأصيب المستقادُ منه، فعَقْل ما فضل من ديته على جرح صاحبه له.
قلت: الحديث في «مسند الإمام أحمد»
(3)
من حديث عَمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه متَّصلٌ: أنَّ رجلًا طعن رجلًا بقرنٍ في ركبته، فجاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أقِدْني. فقال: «حتَّى تبرأ» ، ثم جاء إليه
(4)
فقال: أقِدْني. فأقاده، ثمَّ جاء إليه، فقال: يا رسول اللَّه! عرجتُ، فقال: «قد نهيتُك فعصيتني، فأبعدَك الله وبطَل عرجُك
(5)
»، ثمَّ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتصَّ من جرحٍ حتَّى يبرأ صاحبه.
(1)
د، ب:«يستقيد» .
(2)
س، ب، ث، ن، وط الهندية:«وبطأ» . ومعنى بَطَل عرجُك أي: ذهب هدرًا.
(3)
حديث (7034)، وفي إسناده ابن إسحاق لم يصرح بالسماع، وهو مدلس، ووثق رجالَه الهيثميُّ في «مجمع الزوائد»:(6/ 295). ويشهد له حديث جابر الآتي.
(4)
«إليه» ليست في ب.
(5)
ط الهندية و «المسند» : «جرحك» ، ط الرسالة:«عرجتك» .
وفي «سنن الدَّارقطنيِّ»
(1)
وقد تضمَّنت هذه الحكومة أنَّه لا يجوز الاقتصاص من الجرح حتَّى يستقرَّ أمرُه، إمَّا باندمالٍ، وإمّا
(2)
بسرايةٍ مستقرَّةٍ، وأنَّ سراية الجناية مضمونةٌ بالقَوَد، وجواز القصاص في الضَّربة بالعصا والقَرْن ونحوهما، ولا ناسخ لهذه الحكومة، ولا معارض لها، والذي نسخ بها تعجيل القصاص قبل الاندمال لا نفس القصاص فتأمَّله، وأنَّ المجنيَّ عليه إذا بادر واقتصَّ من الجاني، ثمَّ سرت الجنايةُ إلى عضوٍ من أعضائه، أو إلى نفسه بعد القصاص، فالسِّراية هدرٌ.
وأنَّه يُكتفى بالقصاص وحده دون تعزير الجاني وحبسه، قال عطاء: الجروحُ قصاصٌ، وليس للإمام أن يضربه ولا يسجنه، إنَّما هو القصاص، وما كان ربُّك نسيًّا، ولو شاء لأمر بالضَّرب والسَّجن
(3)
.
(1)
حديث (3115)، وكذا البيهقي في «الكبرى»:(8/ 117)، والطبراني في «الصغير» (377) من طرق عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، وقد رُوي مرسلًا عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، ورجح إرسالَه أبو زرعة كما في «العلل»:(1/ 463)، والحازمى في «الاعتبار» (ص 192)، والزيلعي في «نصب الراية»:(4/ 377)، وقد ضعف الحديث الهيثمي في «مجمع الزوائد»:(6/ 296).
وأَمْثلُ طرقه: ما رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» : (3/ 184) من طريق الشعبي، عن جابر مرفوعًا:«لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ» ، جوَّد سنَده ابنُ التركماني، وقال أبو زرعة:«مرسل مقلوب» . وله طرق أخرى لم تسلم من مقال.
(2)
س، والمطبوع:«أو» .
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة (28505).