المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم بتأخير القصاص من الجرح حتى يندمل - زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم - جـ ٥

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصولٌ(1)في هَدْيه صلى الله عليه وسلم في أقضيته وأحكامه

- ‌فصلٌفي حكمه فيمن قَتَل عبدَه

- ‌فصلفي حُكمه في المحاربين

- ‌فصلفي حُكمه بين القاتل ووليّ المقتول

- ‌فصلفي حُكمه بالقوَد على من قتل جاريةً، وأنه يُفعَل به كما فَعَل

- ‌فصلفي حُكمه صلى الله عليه وسلم فيمن ضرب امرأة حاملًا فطرحها

- ‌فصلفي حُكمه صلى الله عليه وسلم بالقَسَامة(3)فيمن لم يُعرف قاتلُه

- ‌فصلفي حُكمه صلى الله عليه وسلم في أربعة سقطوا في بئر فتعلّق بعضُهم ببعض فهَلَكوا

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم فيمن تزوّج امرأة أبيه

- ‌فصلفي حُكمه صلى الله عليه وسلم بقتل من اتهم بأم ولده فلما ظهرت براءته أمسك عنه

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في القتيل يوجد بين قريتين

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم بتأخير القصاص من الجرح حتى يندمل

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم بالقصاص في كسر السِّنّ

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن عضّ يدَ رجلٍ فانتزع يدَه من فيهفسقطت ثنيةُ العاضّ بإهدارها

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن اطلع في بيت رجل بغير إذنه فخَذَفه بحصاةأو فقأ عينه فلا شيء عليه

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم على من أقرّ بالزنا

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم على أهل الكتاب في الحدود بحكم الإسلام

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في الرجل يزني بجارية امرأته

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في السارق

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم على مَن اتهم رجلًا بسرقة

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن سَبّه مِن مسلم أو ذمِّي أو معاهَد

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيمن سَمَّه

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الساحر

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في أول غنيمة كانت في الإسلام وأوّل قتيل

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الجاسوس

- ‌فصلفي حُكْمه في الأسرى

- ‌فصل في حُكْمه صلى الله عليه وسلم في فتح خيبر

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في فتح مكة

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيما حازه المشركون من أموال المسلمينثم ظَهَر عليه المسلمون أو أَسْلَم عليه المشركون

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيما كان يُهدى إليه

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في قسمة الأموال

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الوفاء بالعهد لعدُوِّه، وفي رسلهم أن لا يُقتلوا ولا يُحبَسوا، وفي النَّبْذِ إلى مَن عاهده على سواءٍ إذا خاف منه نقض العهد

- ‌فصلفي حُكْمه في الأمان الصادر من الرجال والنساء

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الجزية ومقدارها وممن تُقبل

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الهدنة وما ينقضها

- ‌ذِكْر أقضيته وأحكامه في النكاح وتوابعه

- ‌فصلفي حُكْمه في الثَّيِّب والبكر يزوِّجهما أبوهما

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في النكاح بلا وليّ

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في نكاح التفويض

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيمن تزوج امرأةً فوجدها في الحَبَلِ

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الشروط في النكاح

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في نكاح الشِّغار، والمحلِّل والمتعة،ونكاح المُحرِم، ونكاح الزانية

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيمن أسلم على أكثر من أربعة نسوة أو على أختين

- ‌فصلفيما حَكَم الله سبحانه بتحريمه من النساء على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الزوجين يُسلم أحدُهما قبل الآخر

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في العَزْل

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم في الغَيْل، وهو وطء المرضعة

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في قَسْم الابتداء والدوام بين الزوجات

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في تحريم وطء المرأة الحُبْلى من غير الواطئ

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الرجل يُعتق أمته ويجعل عتقها صَداقها

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في صحة النكاح الموقوف على الإجازة

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم بثبوت الخيار للمعتقة تحت العبد

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في الصّداق بما قلّ وكثر، وقضائه بصحة النكاحعلى ما مع الزوج من القرآن

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم وخلفائه في أحد الزوجين يجد بصاحبه بَرَصًاأو جُنونًا أو جُذامًا أو يكون الزوج عنّينًا

- ‌فصلفي حُكْم رسول الله صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها

- ‌حُكْم(1)رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزوجين يقع الشقاق بينهما

- ‌حُكْم النبي صلى الله عليه وسلم في الخُلْع

- ‌ذِكْر أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطَّلاق

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطلاق قبل النكاح

- ‌حُكْم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم طلاق الحائض والنفساءوالموطوءة في طُهرها، وتحريم إيقاع الثلاث جملة

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم فيمن طلَّق ثلاثًا بكلمة واحدة

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبد يُطلِّق زوجته تطليقتين ثم يَعْتِق بعد ذلك، هل تَحِلُّ له بدون زوج وإصابة

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنّ الطلاق بيد الزوجِ لا بيد غيرِه

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن طلَّق دون الثلاث،ثم راجعها بعدَ زوج: أنها على بقية الطلاق

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن المطلقة ثلاثًا لا تَحِلُّ للأوّلحتى يطأها الزوج الثاني

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة تُقيم شاهدًا واحدًا على طلاق زوجها والزوج مُنكِر

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخيير أزواجه بين المُقَام معهوبين مفارقتهن له

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بيَّنه عن ربّه تبارك وتعالى فيمن حرَّمَ أمتَه أو زوجتَه أو متاعَه

- ‌فصلالفصل الثَّالث:

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الرجل لأمرته: الْحقي بأهلِكِ

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظِّهاروبيان ما أنزل الله فيه، ومعنى العَوْد الموجب للكفَّارة

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإيلاء

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللعان

- ‌فصلالحكم الثَّاني:

- ‌فصلالحكم الثَّالث:

- ‌فصلالحكم الرَّابع:

- ‌فصلالحكم الخامس:

- ‌فصلالحكم السَّادس:

- ‌فصلالحكم السَّابع:

- ‌فصلالحكم الثَّامن:

- ‌فصلالحكم التَّاسع:

- ‌فصلالحكم العاشر:

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم في لحوق النَّسب بالزَّوج إذا خالف لونُ ولده لونَه

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش، وأن الأمة تكون فراشًا، وفيمن استلحق بعدَ موتِ أبيه

- ‌فصلالثَّالث: البيِّنة

- ‌فصلالرَّابع: القافة

- ‌ذكر حكمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضائه باعتبار القافة وإلحاقِ النَّسب بها

- ‌ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في استلحاق ولد الزِّنا وتوريثه

- ‌ذكر الحكم الذي حكم به علي بن أبي طالب في الجماعةالذين وقعوا على امرأة في طهرٍ واحد، ثم تنازعوا الولدَ،فأقرعَ بينهم فيه، ثم بلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فضحكَ ولم يُنكِره

الفصل: ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم بتأخير القصاص من الجرح حتى يندمل

إسقاطها عنهم بالكلِّيَّة حيث لم يحلفوا، فجُعلت الدِّية نصفين، ووجب نصفها على المدَّعى عليهم لثبوت الشُّبهة في حقِّهم بترك اليمين، ولم يجب عليهم كمالها

(1)

، لأنَّ خصومهم لم يحلفوا، فلمَّا كان اللَّوْث متركِّبًا

(2)

من يمين المدَّعين، ونكول المدَّعى عليهم، ولم يتمَّ، سَقَط ما يقابل أَيمانَ المدَّعين وهو النِّصف، ووجب ما يقابل نكول المدَّعى عليهم وهو النِّصف. وهذا من أحسن الأحكام وأعدلها، وباللَّه التَّوفيق.

‌فصل

في قضائه صلى الله عليه وسلم بتأخير القصاص من الجرح حتى يندمل

ذكر عبد الرزاق في «مصنَّفه» وغيره

(3)

من حديث ابن جُريجٍ، عن عَمرو بن شعيبٍ

(4)

قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجلٍ طعنَ آخرَ بقرنٍ في

(1)

في المطبوع: «تجب عليهم بكمالها» .

(2)

ز: «مركبا» .

(3)

أخرجه عبد الرزاق (17988) و (17991) عن أيوب وابن جريج عن عمرو بن شعيب عن النبي صلى الله عليه وسلم معضلًا، وأخرجه أحمد في «المسند» (11341) عن ابن إسحاق، والدارقطنيُّ في «سننه» (3114)، وعنه البيهقي في «الكبرى»:(16115) عن ابن جريج كلاهما عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسنَدًا، وقد عنعنه ابن إسحاق وابن جريج، وهما مدلسان، لكن تابعهما المثنى بن الصباح، وهو ضعيف، ورجح الدارقطني وأبو زرعة إرساله، ومال إليه الحازمي والزيلعي. ينظر:«سنن الدارقطني» : (4/ 72)، و «العلل»:(1/ 463)، و «الاعتبار» (ص 192)، و «نصب الراية»:(4/ 377). وله شاهدٌ مرفوعٌ سيأتي من حديث جابر رضي الله عنه.

(4)

ز: «من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده» . وفي ط الهندية: «من حديث عمرو بن شعيب رضي الله عنه» .

ص: 28

رجله، فقال: يا رسول اللَّه، أَقِدْني، فقال:«حتَّى تبرأ جراحُك» ، فأبى الرَّجل إلا أن يستقيدَه

(1)

، فأقاده النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فصحَّ المستقادُ منه، وعَرِجَ المستقيدُ، فقال: عرجتُ وبَرَأ صاحبي، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ألم آمرك أن لا تستقيدَ حتَّى تبرأ جراحك فعصيتني، فأبعدك الله وبطل

(2)

عرجك».

ثمَّ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن كان به جرحٌ بعد الرَّجُل الذي عَرِج أن لا يُستقاد منه حتَّى يبرأ جرحُ صاحبه. فالجرح على ما بلغ حتَّى يبرأ، فما كان من شللٍ أو عرجٍ، فلا قَوَد فيه، وهو عقلٌ، ومن استقاد جرحًا فأصيب المستقادُ منه، فعَقْل ما فضل من ديته على جرح صاحبه له.

قلت: الحديث في «مسند الإمام أحمد»

(3)

من حديث عَمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه متَّصلٌ: أنَّ رجلًا طعن رجلًا بقرنٍ في ركبته، فجاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أقِدْني. فقال: «حتَّى تبرأ» ، ثم جاء إليه

(4)

فقال: أقِدْني. فأقاده، ثمَّ جاء إليه، فقال: يا رسول اللَّه! عرجتُ، فقال: «قد نهيتُك فعصيتني، فأبعدَك الله وبطَل عرجُك

(5)

»، ثمَّ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتصَّ من جرحٍ حتَّى يبرأ صاحبه.

(1)

د، ب:«يستقيد» .

(2)

س، ب، ث، ن، وط الهندية:«وبطأ» . ومعنى بَطَل عرجُك أي: ذهب هدرًا.

(3)

حديث (7034)، وفي إسناده ابن إسحاق لم يصرح بالسماع، وهو مدلس، ووثق رجالَه الهيثميُّ في «مجمع الزوائد»:(6/ 295). ويشهد له حديث جابر الآتي.

(4)

«إليه» ليست في ب.

(5)

ط الهندية و «المسند» : «جرحك» ، ط الرسالة:«عرجتك» .

ص: 29

وفي «سنن الدَّارقطنيِّ»

(1)

عن جابر: «أنَّ رجلًا جُرح، فأراد أن يستقيد، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُستقاد من الجارح حتَّى يبرأ المجروح» .

وقد تضمَّنت هذه الحكومة أنَّه لا يجوز الاقتصاص من الجرح حتَّى يستقرَّ أمرُه، إمَّا باندمالٍ، وإمّا

(2)

بسرايةٍ مستقرَّةٍ، وأنَّ سراية الجناية مضمونةٌ بالقَوَد، وجواز القصاص في الضَّربة بالعصا والقَرْن ونحوهما، ولا ناسخ لهذه الحكومة، ولا معارض لها، والذي نسخ بها تعجيل القصاص قبل الاندمال لا نفس القصاص فتأمَّله، وأنَّ المجنيَّ عليه إذا بادر واقتصَّ من الجاني، ثمَّ سرت الجنايةُ إلى عضوٍ من أعضائه، أو إلى نفسه بعد القصاص، فالسِّراية هدرٌ.

وأنَّه يُكتفى بالقصاص وحده دون تعزير الجاني وحبسه، قال عطاء: الجروحُ قصاصٌ، وليس للإمام أن يضربه ولا يسجنه، إنَّما هو القصاص، وما كان ربُّك نسيًّا، ولو شاء لأمر بالضَّرب والسَّجن

(3)

.

(1)

حديث (3115)، وكذا البيهقي في «الكبرى»:(8/ 117)، والطبراني في «الصغير» (377) من طرق عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، وقد رُوي مرسلًا عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، ورجح إرسالَه أبو زرعة كما في «العلل»:(1/ 463)، والحازمى في «الاعتبار» (ص 192)، والزيلعي في «نصب الراية»:(4/ 377)، وقد ضعف الحديث الهيثمي في «مجمع الزوائد»:(6/ 296).

وأَمْثلُ طرقه: ما رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» : (3/ 184) من طريق الشعبي، عن جابر مرفوعًا:«لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ» ، جوَّد سنَده ابنُ التركماني، وقال أبو زرعة:«مرسل مقلوب» . وله طرق أخرى لم تسلم من مقال.

(2)

س، والمطبوع:«أو» .

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة (28505).

ص: 30