الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منها، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«سبحان الله يا أم الربَيِّع كتاب الله القصاص» ، قالت: لا والله لا يُقتصُّ منها أبدًا، فعفا القوم، وقبلوا الدِّية. فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ مِن عباد الله مَنْ لو أقسم على الله لأبرَّه» .
فصل
في قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن عضّ يدَ رجلٍ فانتزع يدَه من فيه
فسقطت ثنيةُ العاضّ بإهدارها
ثبت في «الصَّحيحين»
(1)
: أنَّ رجلًا عضَّ يدَ رجلٍ، فنزع يده من فيه، فوقعت ثناياه، فاختصموا إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «يَعَضُّ أحدُكم أخاه
(2)
كما يَعَضُّ الفحل؟! لا ديةَ لك».
وقد تضمَّنت هذه الحكومة أنَّ مَن خلَّص نفسَه من يد ظالمٍ له، فتَلِفَت نفسُ الظَّالم، أو شيءٌ من أطرافه أو ماله بذلك، فهو هدرٌ غير مضمونٍ.
فصل
في قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن اطلع في بيت رجل بغير إذنه فخَذَفه بحصاة
أو فقأ عينه فلا شيء عليه
ثبت في «الصَّحيحين»
(3)
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«لو أنَّ امرءًا اطَّلع عليك بغير إذنٍ، فخذفتَه بحصاةٍ، ففقأتَ عينَه، لم يكن عليك جُناحٌ» .
(1)
أخرجه البخاري (6892) ومسلم (1673) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما، وقد سُمِّي المعضوضُ في حديث صفوان بن يعلى عند مسلم (1674) وأنه أجيرٌ ليعلى بن مُنْية رضي الله عنه.
(2)
ب: «يد أخيه» .
(3)
أخرجه البخاري (6902)، ومسلم (2158).
وفي لفظٍ فيهما
(1)
: «مَن اطَّلع في بيت قومٍ بغير إذنهم، ففقأوا عينَه، فلا ديةَ له ولا قصاص» .
وفيهما
(2)
: «أنَّ رجلًا اطَّلع من جُحْرٍ في حُجْرة
(3)
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقام إليه بمشقصٍ، وجعل يخْتله ليطعنه».
فذهب إلى القول بهذه الحكومة وإلى التي قبلها فقهاءُ الحديث، منهم: الإمام أحمد، والشَّافعيُّ، ولم يقل بها أبو حنيفة ومالك
(4)
.
فصل
وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الحامل إذا قَتلَتْ عمدًا لا تُقْتَل حتَّى تضع ما في بطنها، وحتَّى تَكْفُل ولدَها. ذكره ابن ماجه في «سننه»
(5)
.
(1)
هو بهذا اللفظ عند أحمد في «المسند» (8997)، والنسائي (4860)، من طريق قتادة، عن النضر بن أنس، عن بَشير بن نَهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح على شرط البخاري. ولفظ مسلم (2158/ 43):«من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حلّ لهم أن يفقأوا عينه» . ولفظ البخاري سبق آنفًا.
(2)
أخرجه البخاري (6900)، ومسلم (2157) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(3)
كذا في عامة الأصول الخطية، وفي ن:«من جُحْر في حُجَر» ، وفي ط الهندية: «اطلع في حجرة من حُجر
…
»، وغيّرت في ط الفقي والرسالة:«في بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم» وهو لفظ الشيخين.
(4)
ينظر: «الأم» : (7/ 81)، و «نهاية المطلب»:(17/ 375)، و «المغني»:(12/ 539)، و «شرح ابن بطال»:(8/ 546 - 547)، و «حاشية ابن عابدين» (6/ 550)، و «الطرق الحكمية»:(1/ 126 - 131).
(5)
برقم (2694) من طريق أبي صالح عن ابن لهيعةَ عن ابن أَنْعُم عن عبادة بن نُسَيّ عن عبد الرحمن بن غَنْم عن معاذ، وأبي عبيدة، وعبادة، وشداد رضي الله عنهم، وهو ضعيف؛ لضعف أبي صالح كاتب الليث، وابن لهيعة، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي. وقد ضعفه البوصيري في «مصباح الزجاجة»:(3/ 138). لكن يشهد له حديث الغامدية عند مسلم (1695) وغيره، وحديث الجهنية عند مسلم أيضًا (1696).
وقضى أن لا يُقتل الوالد بالولد. ذكره النَّسائيُّ وأحمد
(1)
.
وقضى أنَّ المؤمنين تتكافأ دماؤهم، ولا يُقتل مؤمنٌ بكافرٍ
(2)
.
وقضى أنَّ مَن قُتل له قتيلٌ، فأهله بين خيرتين، إمَّا أن يقتلوا أو
(3)
(1)
لم نجده عند النسائي، وهو عند أحمد (147)، والترمذي (1400) وابن ماجه (2662) وغيرهم من طرق ــ لا تخلو من مقال ــ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وأجود طرقه ما أخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (788)، والبيهقي في «الكبرى»:(8/ 38)، من طريق محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب به. وله شواهد من حديث ابن عباس بأسانيد تتقوى بمجموعها، ومن حديث سراقة بن مالك وعبد الله بن عمرو بأسانيد واهية.
(2)
أخرجه أحمد (959)، والنسائي (4745)، وأبو داود (4530)، والحاكم:(2/ 153) من حديث علي رضي الله عنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن عبد الهادي في «التنقيح» : (4/ 460): «إسناده صحيح» ، وحسَّنه الحافظ. وله شواهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عند أحمد وأبي داود وابن ماجه، ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند ابن حبان، ومن حديث معقل بن يسار عند ابن ماجه. ينظر «البدر المنير»:(9/ 158)، و «التلخيص الحبير»:(4/ 217).
وأما قوله: «لا يقتل مؤمن بكافر» فهو ثابت في البخاري (3047) من حديث علي رضي الله عنه.
(3)
س: «وإما أن» .
يأخذوا العقل
(1)
.
وقضى أنَّ في دية الأصابع من اليدين والرِّجلين في كلِّ واحدةٍ عشرًا من الإبل
(2)
.
وقضى في الأسنان في كلِّ سنٍّ بخمسٍ من الإبل، وأنَّها كلَّها سواءٌ
(3)
، وقضى في المواضح بخمسٍ خمسٍ
(4)
.
(1)
الحديث بهذا اللفظ أخرجه أحمد (27160)، وأبو داود (4504)، والترمذي (1406) من حديث أبي شُريح الكعبي رضي الله عنه، قال الترمذي:«حسن صحيح» ، ورواه البخاري (6880)، ومسلم (1354)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ:«من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يودى، وإما أن يقاد» .
(2)
جاءت دية الأصابع عند أحمد في «المسند» (6681)، وأبي داود في «السنن» (4560)، والنسائي (4843) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وإسناده حسن، وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الترمذي (1391)، وقال:«حديث حسن صحيح» ، ومن حديث أبي موسى رضي الله عنه عند أحمد والنسائي بإسناد صحيح. ينظر «البدر المنير»:(8/ 377).
(3)
جاءت دية الأسنان عند الدارمي: (2/ 194)، وأبي داود (4563)، والنسائي (4841)، والبيهقي في «الكبرى»:(8/ 89) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بإسناد حسن، وله شاهد من حديث ابن عباس عند أبي داود (4558) وابن ماجه (2650) بإسناد صحيح، فالحديث صحيح بمجموع طرقه. ينظر:«الإرواء» (2276).
(4)
جاءت دية المواضح (جمع موضحة، وهي التي تبدي وضَحَ العظم) عند ابن ماجه (2655) من طريق مطر بن طهمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومطر صدوق كثير الخطأ، ليس بالقوي؛ لكن تابعه حسين المعلّم عند أبي داود (4566)، والترمذي (1390)، والنسائي (4852)، قال الترمذي:«هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم» .
وقضى في العين السَّادَّة لمكانها إذا طُمِست بثلث ديتها، وفي اليد الشَّلَّاء إذا قُطِعت بثلث ديتها، وفي السِّنِّ السَّوداء إذا نُزِعت بثلث ديتها
(1)
(2)
.
وقضى في الأنف إذا جُدِع كلُّه بالدِّية كاملةً، وإذا جُدِعت أرنبته بنصفها
(3)
.
وفي اليد
(4)
بنصف الدِّية، وقضى في المأمومة بثلث الدِّية، وفي الجائفة بثلثها، وفي المنقِّلة بخمس عشرة
(5)
من الإبل. وقضى في اللِّسان بالدِّية، وفي الشَّفتين بالدِّية، وفي البيضتين بالدِّية، وفي الذَّكَر بالدِّية، وفي الصُّلب بالدِّية، وفي العينين بالدِّية
(6)
، وفي إحداهما نصفَها، وفي الرِّجل الواحدة نصفَ الدِّية،
(1)
أخرجه أبو داود (4567) والنسائي (4840) من حديث العلاء بن الحارث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، وهو حديث حسن، والعلاء وإن ذُكِر أنه اختلط إلا أن اختلاطه كان خفيفًا. ينظر «تهذيب التهذيب»:(3/ 341). وللحديث شاهد من قول عمر وابن عباس رضي الله عنهم موقوفًا عليهما بأسانيد صحيحة. ينظر «التنقيح» : (4/ 503).
(2)
دية اليد الشلاء سقطت من د، وسقطت من ب ديتُها ودية السن السوداء.
(3)
جاءت دية الأنف عند أحمد (7033)، وأبي داود (4564) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بإسناد حسن، وقد تقدم، وله شاهد من حديث عمرو بن حزم سيأتي، فالحديث صحيح بمجموع طرقه.
(4)
«بنصفها وفي اليد» أسقطت من ط الفقي والرسالة، وسيأتي ذكرها مرة أخرى بعد أسطر، ولعل حَذْفه من الطبعات لتكرره.
(5)
في المطبوع: «بخمسة عشر» .
(6)
«وفي البيضين
…
» إلى هنا سقط من ب.
وفي اليد نصفَ الدِّية
(1)
، وقضى أنَّ الرَّجل يُقتل بالمرأة
(2)
.
وقضى أنَّ دية الخطأ على العاقلة مئة من الإبل، واختلفت الرِّواية
(3)
عنه في أسنانها، ففي «السُّنن الأربعة»
(4)
من حديث عَمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن
(1)
«وفي اليد
…
» ثابتة في النسخ عدا ب.
(2)
جاءت هذه الديات في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، وهو أصل في هذا الباب. وقد أخرجه مالك (2458) والدارمي (2366) والنسائي (4853 - 4857) وابن حبان (6559) والحاكم (1/ 394 - 397) من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، على اختلافٍ في وصله وإرساله عن أبي بكر؛ والأكثرون على إرساله، فضعف الموصولَ أبو داود في «المراسيل» (ص 211)، والنسائي، وابن حزم في «المحلى»:(6/ 35 - 36).
وصححه الحاكم، وابن حبّان، والبيهقي، وأسند عن أحمد أنه قال:«أرجو أن يكون صحيحًا» . وصححه لشهرته لا لإسناده: الشافعيُّ وابنُ عبد البر، وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز، وإمام عصره الزهريّ لهذا الكتاب بالصحة، ثم ساق ذلك بسنده إليهما. ينظر «التلخيص الحبير»:(4/ 34)، و «نصب الراية»:(2/ 341).
(3)
ب: «الرواة» .
(4)
في المطبوع زيادة: «عنه» . و «الأربعة عنه» ليست في ب.
والحديث بهذا اللفظ عند ابن ماجه (2630)، وأبي داود (4541) و (4564)، والنسائي (4803)، وأحمد (6663) ــ ولم نجده في الترمذي، وانظر «التحفة» (6/ 315) ــ من طريق محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب به، وقد ضعف النسائيُّ والبيهقيُّ الحديثَ، قال النسائي في «الكبرى»:(4/ 234): «هذا حديث منكر، وسليمان بن موسى ليس بالقوي في الحديث، ولا محمد بن راشد» . وخالف النسائيَّ جماعةٌ فوثقوا سليمان بن موسى ومحمد بن راشد والنسائيُّ نفسُه في روايةٍ عنه. انظر ترجمتهما في «تهذيب التهذيب» : (2/ 111) و (3/ 559)، وانظر «البدر المنير»:(8/ 430).
جدِّه: «ثلاثون بنت مخاضٍ، وثلاثون بنت لبونٍ، وثلاثون حقَّةً، وعشر بني لبونٍ ذكور
(1)
».
قال الخطابي
(2)
: ولا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بهذا.
وفيها أيضًا من حديث ابن مسعودٍ: أنَّها أخماسٌ: عشرون بنت مخاضٍ، وعشرون بنت لبونٍ، وعشرون ابن مخاضٍ، وعشرون حقَّةً، وعشرون جذعةً
(3)
.
وقضى في العمد إذا رضوا بالدِّية ثلاثين حقَّةً، وثلاثين جذعةً، وأربعين خَلْفةً، وما صولحوا عليه فهو لهم
(4)
.
(1)
س، د، ي:«ذكر» . ط الهندية: «ابن لبون
…
».
(2)
«معالم السنن ــ بهامش أبي داود» : (4/ 678). ويرِدُ عليه أنه قال به طاوس ومجاهد، كما في «المغني»:(12/ 20) و «القرطبي» : (5/ 320).
(3)
أخرجه أبو داود (4545)، والترمذي (1386)، والنسائي (4804)، وابن ماجه (2631) من طريق حجاج بن أرطاه عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك عن ابن مسعود مرفوعًا، وقد أُعِلَّ هذا الحديث بضعف حجاج، وجهالة خِشف، وبالمخالفة في متنه، ولأن فيه «بني مخاض» ، ولا مدخل لبني مخاض في شيء من أسنان الصدقة، قال النسائيُّ في «الكبرى»:(4/ 234): «الحجاج بن أرطاة ضعيف لا يحتج به» . وأطال الدارقطنيُّ القولَ في بيان علل هذا الحديث في «سننه» (3364)، وقال:«هذا حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث» ، وقال الترمذي:«لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوفًا» ، ورجحه البيهقي. ينظر «التنقيح»:(4/ 496)، و «البدر المنير»:(8/ 416).
(4)
أخرجه أحمد (7033)، والترمذي (1387)، وابن ماجه (2626)، والبيهقي:(8/ 53)، بإسناد حسن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الترمذي:«حديث حسن غريب» .
فذهب أحمد وأبو حنيفة إلى القول بحديث ابن مسعودٍ
(1)
، وجعل الشَّافعيُّ ومالك بدل ابن المخاض
(2)
ابن لبونٍ
(3)
، وليس في واحدٍ من الحديثين.
وفرَضَها صلى الله عليه وسلم على أهل الإبل مئةً، وعلى أهل البقر مئتي بقرةٍ، وعلى أهل الشَّاء ألفي شاةٍ، وعلى أهل الحُلَل مئتي حُلَّةٍ
(4)
.
وقال عَمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: إنَّه صلى الله عليه وسلم جعَلَها ثمانمائة دينارٍ، أو ثمانية
(5)
آلاف درهمٍ
(6)
،
وذكر أهل السُّنن الأربعة
(7)
من حديث
(1)
ينظر: «الهداية» (ص 524) لأبي الخطاب، و «المغني»:(12/ 20)، و «بدائع الصنائع»:(7/ 254).
(2)
س وط الهندية: «ابن مخاض» .
(3)
ينظر «الأم» : (7/ 278)، و «البيان»:(11/ 483)، و «الذخيرة»:(12/ 354).
(4)
أخرجه أبو داود (4543)، والبيهقي:(8/ 78) من طرق عن محمد بن إسحاق عن عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وقد أُعلَّ بعنعنة ابن إسحاق وهو مدلس، وبالاختلاف على ابن إسحاق في وصله وإرساله؛ فأرسله عنه حماد بن سلمة وغيره، ووصله عنه أبو تميلة، وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب الآتي.
(5)
ب، والمطبوع خلا الهندية:«أو ثمانمائة» ، خطأ.
(6)
أخرجه أبو داود (4542) من طريق عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، حدثنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب به، وقد أُعِلَّ هذا الحديث بعبد الرحمن بن عثمان، وهو ضعيف، وتابعه على بعض الحديث قتادةُ عند الدارقطني (3242) بسند ضعيف جدًّا؛ فيه العباس بن الفضل وعمر بن عامر وهما ضعيفان، فلا ينهض للمتابعة.
هذا وقد اختلفت الروايات في تقويم الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلافًا كثيرًا، ينظر «نصب الراية»:(4/ 362)، و «البدر المنير»:(8/ 440).
(7)
أخرجه أبو داود (4546)، والترمذي (1388)، والنسائي (4805)، وابن ماجه (2632) من طرق عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما -، وقد اختلف في هذا الحديث على عمرو، فرواه محمد بن مسلم عنه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا، وخالفه ابنُ عيينة فرواه عن عمرو عن عكرمة مرسلًا، والمحفوظ إرساله، كما قال النسائي وأبو حاتم. قال الترمذي:«ولا نعلم أحدًا يذكر في هذا الحديث «عن ابن عباس» غير محمد بن مسلم»، قال النسائي في الكبرى (7007):«محمد بن مسلم ليس بالقوي، والصواب مرسل» . ينظر «التنقيح» : (4/ 499)، و «البدر المنير»:(8/ 434).
عكرمة عن ابن عبَّاسٍ: «أنَّ رجلًا قُتل، فجعل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ديتَه اثني عشر ألفًا» .
وثبت عن عمر أنَّه خَطَب فقال: إنَّ الإبل قد غلت، ففَرَضَها على أهل الذَّهب ألفَ دينارٍ، وعلى أهل الوَرِق اثني عشر ألفًا، وعلى أهل البقر مئتي بقرةٍ، وعلى أهل الشَّاء ألفي شاةٍ، وعلى أهل الحُلَل مئتي حُلَّةٍ، وترك دية أهل الذِّمَّة، فلم يرفعها فيما رفع من الدِّية
(1)
.
وقد روى أهل السُّنن الأربعة
(2)
عنه صلى الله عليه وسلم: «دِيَة المعاهد نصف دية الحرِّ» .
(1)
أخرجه أبو داود (4542) ومن طريقه البيهقي (16593) من طريق حسين المعلّم عن عمرو بن شعيب بإسناد حسن.
(2)
أخرجه أبو داود (4583)، والترمذي (1413) بلفظ:«دية عقل الكافر نصف عقل المسلم» ، والنسائي (4807) ولفظه:«عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين، وهم اليهود والنصارى» ، وابن ماجه (2644) وسيأتي لفظه، كلهم ــ من طرق متفاوتة في الصحة ــ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد حسَّن الحديثَ الترمذيُّ. وله شاهد من حديث ابن عمر عند الطبراني في «الأوسط» (7582)، وفي إسناده مجهول وضعيف. ينظر «نصب الراية»:(4/ 365).
ولفظ ابن ماجه
(1)
: «قضى أنَّ عَقْلَ أهل الكتابين نصفُ عقل المسلمين، وهم اليهود والنَّصارى» .
واختلف الفقهاء في ذلك، فقال مالك: ديتُهم نصف
(2)
دية المسلمين في
(3)
الخطأ والعمد
(4)
، وقال الشَّافعيُّ: ثلثها في الخطأ والعمد
(5)
. وقال أبو حنيفة: بل كدية المسلم في الخطأ والعمد
(6)
. وقال الإمام أحمد: مثل دية المسلم في العمد. وعنه في الخطأ روايتان، إحداهما: نصف الدِّية، وهي ظاهر مذهبه. والثَّانية: ثلثها
(7)
.
فأخذ مالكٌ بظاهر حديث عَمرو بن شعيبٍ، وأخذ الشَّافعيُّ بأنَّ عُمر جعل ديته أربعة آلافٍ، وهي ثلث دية المسلم، وأخذ أحمد بحديث عَمرو إلا
(1)
حديث (2644) من طريق عبد الرحمن بن عياش، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وعبد الرحمن هو ابن الحارث بن عبد الله بن عياش؛ قال البوصيري في «مصباح الزجاجة»:(2/ 77): «هذا إسناد فيه مقال؛ عبد الرحمن بن عياش لم أر من ضعفه ولا من وثقه» . قلت: بل تكلم فيه الأئمة، قال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: شيخ، ووثقه ابن حبان وابن سعد والعجلي، وضعّفه أحمد وابن المديني والنسائي، وقال الحافظ: صدوق له أوهام، وقد تابعه هنا سليمان بن موسى، وابن إسحاق، وأسامة بن زيد الليثي؛ وحسَّنه الترمذي.
(2)
سقطت من ب.
(3)
ز، د:«وفي» .
(4)
ينظر «الكافي» : (2/ 1110) لابن عبد البر، و «الذخيرة»:(2/ 356).
(5)
ينظر «الأم» : (9/ 134).
(6)
ينظر «بدائع الصنائع» : (7/ 255).
(7)
ينظر «المغني» : (12/ 51 - 52)، و «الإنصاف»:(10/ 65). وذكروا أن رواية الثلث رجع عنها أحمد.
أنَّه في العمد ضَعَّف الدِّية عقوبةً لأجل سقوط القصاص، وهكذا عنده من سقط عنه القصاص أُضْعِفت عليه الدِّية عقوبةً، نصَّ عليه توقيفًا، وأخذ أبو حنيفة بما أصَّله
(1)
من جَرَيان القصاص بينهما، فتتساوى ديتهما.
وقضى صلى الله عليه وسلم أنَّ عَقْلَ المرأة مثلُ عقل الرَّجل إلى الثُّلث من ديتها. ذكَره النَّسائيُّ
(2)
. فتصير على النِّصف مِن
(3)
ديته، وقضى بالدِّية على العاقلة، وبرَّأ منها الزَّوجَ وولدَ المرأة القاتلة
(4)
.
وقضى في المُكاتَب إذا قُتل أنَّه يودَى بقدر ما أدَّى من كتابته ديةَ الحرِّ، وما بقي فدِية المملوك
(5)
.
(1)
المطبوعات: «بما هو أصله» .
(2)
حديث (4807) من طريق إسماعيل بن عياش الشامي، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وإسناده ضعيف؛ لضعف إسماعيل إذا روى عن غير أهل بلده، كما قال أحمد وابن المديني والبخاري والنسائي وغيرهم. وهنا يروي عن ابن جريج، وهو مكي. ينظر «تهذيب التهذيب»:(1/ 325)، و «التنقيح»:(4/ 518)، و «البدر المنير»:(8/ 443).
(3)
«من ديتها
…
» سقط من ب.
(4)
وذلك في قصة امرأتَيْ حَمَل بن مالك بن النابغة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره، قال:«اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمتْ إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى أن دية المرأة على عاقلتها» . أخرجه البخاري (6910) واللفظ له، ومسلم (1681).
(5)
أخرجه أبو داود (4581)، والترمذي (1259)، والنسائي (4812) من طرق عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال الترمذي:«حديث حسن» ، وقال الحاكم:(2/ 219): «صحيح على شرط البخاري» .
قلت: يعني قيمته.
وقال
(1)
بهذا القضاء عليُّ بن أبي طالبٍ
(2)
، وإبراهيم النَّخعيُّ
(3)
، ويُذكَر روايةً عن أحمد.
وقال عمر: إذا أدَّى شطرَ كتابته كان غريمًا، ولا يرجع رقيقًا
(4)
.
(1)
في المطبوع: «وقضى» .
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (28440)، والنسائي في «الكبرى» (5003)، والبيهقي في «الكبرى»:(10/ 325) من طريق عكرمة عنه قال: «يودَى المكاتب بقدر ما أدى» . وقد اختلف في رفعه ووقفه، ووصله وإرساله، وفي مسنِده؛ فروي من مسند ابن عباس، وعلي. أما حديث علي فقد أعلَّه البيهقي بالانقطاع، قال أبو زرعة:«عكرمة عن أبي بكر وعن علي مرسل» . انظر: «جامع التحصيل» (ص 239). وصحح رفعَه ابن حزم في «الإحكام» : (7/ 199)، وكذا أحمد شاكر في تعليقه على «المسند» (723). وله طرق أخرى منقطعة، انظرها في «الاستذكار»:(7/ 373). وورد عن علي قول آخر: إذا أدى الشطر فهو غريم، حكاه الحافظ في «الفتح»:(5/ 195). وأما حديث ابن عباس فقد سبق آنفًا.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة (28344) من طريق الحَكَم عنه. وفي سنده أشعث بن سوار، وهو ضعيف. وحكاه عنه ابن المنذر في «الأوسط»:(11/ 555)، وابن عبد البر في «التمهيد»:(22/ 175).
(4)
رواه عبد الرزاق (15482)، وابن أبي شيبة (20960)، والبيهقي في «الكبرى»:(10/ 325) من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن جابر بن سَمُرة عنه، بلفظ:«إذا أدى المكاتَب الشطر، فلا رقّ عليه» ، ومداره على المسعودي، وهو صدوق اختلط قبل موته؛ لكنه عند البيهقي من رواية الثوري عنه، وقد سمع منه قبل الاختلاط. وأعلَّه البيهقي بعلة أخرى فقال:«القاسم لا يثبت سماعُه من جابر» ، لكن ابن المديني أثبت لقاءه به. انظر:«جامع التحصيل» (ص 252).
وبه قضى عبد الملك بن مروان
(1)
.
وقال ابن مسعودٍ
(2)
: إذا أدَّى الثُّلث. وقال عطاء
(3)
: إذا أدَّى ثلاثة أرباع الكتابة فهو غريمٌ.
والمقصود: أنَّ هذا القضاء النَّبويَّ لم تُجمِع
(4)
الأمَّةُ على تركه، ولم يُعلَم نسخُه.
وأمَّا حديث: «المكاتَب عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ»
(5)
فلا معارضة بينه
(1)
ورد عنه روايتان، الأولى: ما أخرجه عبد الرزاق (15738) عن ابن جُريج قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: كتب عبد الملك بن مروان إلى ابن علقمة: «إذا قضى المكاتب شطر كتابته فهو غريم من الغرماء يتبع بالشرط» . الثانية: ما أخرجه ابن أبي شيبة (28441) من طريق يحيى بن أبي كثير: أن عليًّا ومروان كانا يقولان في المكاتب: «يودى منه دية الحر بقدر ما أدى، وما رق منه دية العبد» .
(2)
ورد عن ابن مسعود ثلاث روايات، أولها: إذا أدى الثلث فهو غريم. الثانية: إذا أدى قيمته فهو غريم. الثالثة: إذا أدَّى الرُّبع. أخرجها أبو يوسف في «الآثار» (861)، وعبد الرزاق (15721، 15737)، والبيهقي في «الكبرى»:(10/ 326) من طرق عن الشعبي وإبراهيم النخعي عنه، وروايتهما عنه مرسلة؛ إلا أن جماعة من النقَّاد صححوا مراسيل النخعي، لاسيما ما أرسله عن ابن مسعود. وانظر «المحلى»:(7/ 527).
(3)
ورد عن عطاء روايتان، الأولى: ما أخرجه عبد الرزاق (15743) من طريق ابن جريج عنه: إذا بقي الربع فلا يعود عبدًا. الثانية: ما أخرجه أيضًا (15720) من طريق ابن جريج عنه أيضًا: أنه عبد ما بقي عليه شيء، إذا اشتُرِط ذلك عليه. انظر «الفتح»:(5/ 195).
(4)
ز، د، ب:«تجتمع» .
(5)
أخرجه أبو داود (3926) من طريق أبي بدر، عن إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سليم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وإسناده حسن؛ أبو بدر شجاع بن الوليد، صدوق له أوهام، وإسماعيل بن عياش؛ شامي، صدوق في أهل بلده، وقد روى هنا عن سليمان بن سليم، وهو شامي ثقة، والحديثُ حسنه النووي. ينظر «نصب الراية»:(4/ 143)، و «البدر المنير»:(9/ 742).