الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فجعلها أربعة دنانير على أهل الذَّهب، وأربعين درهمًا على أهل الوَرِق
(1)
. وكلٌّ سُنَّة
(2)
؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم عَلِم ضعف أهل اليمن، وعمر عَلِم غنى أهل الشَّام وقوَّتهم.
فصل
في حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الهدنة وما ينقضها
ثبت عنه أنَّه صالح أهلَ مكَّة على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، ودخل حلفاؤهم من بني بكرٍ معهم، وحلفاؤه من خُزاعة معه، فعدَتْ حلفاءُ قريشٍ على حلفائه فغدروا بهم، فرضيَتْ قريشٌ ولم تنكره، فجعلهم بذلك ناقضين للعهد، واستباح غزوَهم من غير نَبْذ عهدهم إليهم؛ لأنَّهم صاروا محاربين له ناقضين لعهده برضاهم، وإقرارهم لحلفائهم على الغدر بحلفائه، وألْحَق رِدْأهم في ذلك بِمُباشِرِهم.
وثبت عنه أنَّه صالحَ يهودَ وعاهدَهم لمَّا قدم المدينة، فغدروا به ونقضوا عهده مرارًا، وكلُّ ذلك يحاربهم ويظفر بهم، وآخر ما صالَحَ يهودَ خيبر على أنَّ الأرض له، ويقرُّهم فيها عمَّالًا له ما شاء، وكان هذا الحكم فيهم منه حجَّةً
(1)
أخرجه مالك في «الموطأ» (757) من طريق نافع عن أسلم عنه، وسنده صحيح.
(2)
ن، والمطبوع:«في كلِّ سَنَة» وهو تحريف! و د: «وهي سنة» .
على جواز صلح الإمام لعدوِّه ما شاء من المدَّة، فيكون العقد جائزًا له فسخُه متى شاء، وهذا هو الصَّواب، وهو موجَب حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ناسخ له.
فصل
وكان في صلحه لأهل مكَّة أنَّ مَن أحبَّ أن يدخل في عهده
(1)
وعقده دخل، ومَن أحبَّ أن يدخل في عهد قريشٍ وعقدهم دخل، وأنَّ من جاءهم من عنده لا يردُّونه إليه، ومن جاءه منهم ردَّه إليهم، وأنَّه يدخل العامَ القابلَ إلى مكَّة فيُخْلوها
(2)
له ثلاثًا، ولا يدخلها إلا بِجُلُبَّان
(3)
السَّلاح، وقد تقدَّم ذكر هذه القصَّة وفقهها في موضعه
(4)
.
* * * *
(1)
المطبوع: «عهد محمد» خلاف النسخ.
(2)
كذا في النسخ، وفي المطبوع:«يخلونها» .
(3)
الجُلُبَّان: شبه الجراب، يوضع فيه السيف مغمودًا والسوط ونحوه. وفي ضبطه وجهان: جُلُبّان بضمتين وتشديد الباء، وجُلْبَان بضم الجيم وسكون اللام والتخفيف. ينظر «النهاية في غريب الحديث»:(1/ 282)، و «فتح الباري»:(5/ 305).
(4)
(3/ 338 - 375).