الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الوفاء بالعهد لعدُوِّه، وفي رسلهم أن لا يُقتلوا ولا يُحبَسوا، وفي النَّبْذِ إلى مَن عاهده على سواءٍ إذا خاف منه نقض العهد
ثبت عنه أنَّه قال لرسولَي مسيلمةَ الكذَّاب ــ لمَّا قالا: نقول إنَّه رسول اللَّه ــ: «لولا أنَّ الرُّسل لا تُقتل لقتلتكما»
(1)
.
وثبت عنه أنَّه قال لأبي رافع، وقد أرسلَتْه إليه قريشٌ، فأراد المقام عنده، وأن لا يرجع إليهم، فقال: «إنِّي لا أخِيْسُ بالعهد، ولا أحْبِس البُرُد، ولكن ارجع
(2)
، فإن كان في نفسك الذي فيها الآن فارجع»
(3)
.
وثبت عنه أنَّه ردَّ إليهم أبا جندل للعهد الذي كان بينه وبينهم: أن يَرُدَّ إليهم مَن جاءه منهم مسلمًا
(4)
. ولم يردَّ النِّساء، وجاءت سُبيعة الأسلمية مسلمةً، فخرج زوجها في طلبها، فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ
(1)
أخرجه أبو داود (2761) من حديث نعيم بن مسعود رضي الله عنه، وفيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس؛ وثبت تصريحه بالسماع عند أحمد (15989)، والحاكم:(3/ 52) وصححه، ونقل الترمذي في «العلل» (ص 381) تحسين البخاري له. وله شاهد صحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. انظر «البدر المنير»:(9/ 91)، و «مجمع الزوائد»:(5/ 314).
(2)
ط الفقي والرسالة زيادة: «إلى قومك» ولا وجود لها في النسخ.
(3)
أخرجه أحمد (23875)، وأبو داود (2758)، والنسائي في «الكبرى» (8674) من طريق الحسن بن علي بن أبي رافع عن جده سماعًا، وصححه ابن حبان (4877)، والحاكم:(3/ 598). وانظر: «السلسلة الصحيحة» (702).
(4)
سبق تخريجه.
الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الآية [الممتحنة: 10]، فاستحلفها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّه لم يُخرِجْها إلا الرَّغبةُ في الإسلام، وأنَّها لم تخرج لحدَثٍ أحدثَتْه في قومها، ولا بغضًا لزوجها، فحلفت، فأعطى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زوجَها مهرَها، ولم يردَّها عليه
(1)
.
فهذا حكمه الموافق لحكم اللَّه، ولم يجئ شيءٌ ينسخه البتَّة. ومن زعم أنَّه منسوخٌ، فليس بيده إلا الدَّعوى المجرَّدة، وقد تقدَّم بيان ذلك في قصَّة الحديبية
(2)
.
وقال تعالى: {يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا} [الأنفال: 58].
وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن كان بينه وبين قومٍ عهدٌ فلا يحلَّنَّ عقدًا، ولا يشدَّنَّه حتَّى يمضي أمدُه، أو يَنْبِذ إليهم على سواءٍ»
(3)
. قال الترمذي: حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ.
ولمَّا أسرت قريشٌ حذيفةَ بن اليمان وأباه أطلقوهما، وعاهدوهما أن لا
(1)
نقله الحافظ في «الفتح» : (9/ 419) بطوله عن ابن الطلّاع في «أحكامه» ، وعزاه البغوي في «تفسيره» لابن عباس رضي الله عنهما، وأسنده إليه الفاكهي ــ مختصرًا ــ في «أخبار مكة» (2865) من طريق رجلين مبهمين، عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، وسنده تالف، مسلسل بالمجاهيل والمتروكين. وينظر «الإصابة»:(7/ 692).
(2)
(3/ 165 - 168، 365).
(3)
أخرجه أبو داود (2759)، والترمذي (1580)، وكذا ابن حبان (4871) من حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه. وصححه الترمذي كما ذكر المصنف هنا. وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري (369، 3177).